* تنقو : الحديث عن الانتهاكات عاطفي وهذه حقيقة الشكاوي المقدمة ضد جهاز الأمن * قانوني: التعتيم من أبرز المشكلات التي نواجهها ألف شكوى تقدم بها المواطنون خلال العام ضد عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة خلال العام المنصرف 2013م. إنها قضية تتراقص فوقها كم هائل من علامات الاستفهام تبدأ بالأسباب التي تدفع المواطنين لتقديم هذا الكم الهائل من الشكاوي وتلامس بعض هذه الاستفهامات قضايا كأوضاع حقوق الإنسان في البلاد وعقبة الحصانات التي اشتكى منها حتى المسئولون الحكوميون ومدى تفاعل السلطات مع هذه الشكاوي وغيرها من الأسئلة التي نحاول الإجابة عليها تالياً. الخرطوم :زينب بُدل سابقة في سابقة قد تعد الأولى من نوعها خرجت صحف الخرطوم في الفترة التى خلت تحمل خبراً مفاده أن وزارة العدل السودانية قد كشفت عن تلقيها حوالي 1000 شكوى في عام 2013 من المواطنين ضد أجهزة الدولة المختلفة. وأكد مقرر لجنة الشكاوى بالمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بالوزارة د. معاذ أحمد تنقو في تصريح للمركز السوداني للخدمات الصحافية، أن معظم الشكاوى تأتي ضد جهاز الأمن الوطني والأراضي والشرطة، مطالباً أجهزة الدولة بتقليص الحصانات التي تمثل أكبر التحديات التي تواجه المجلس الاستشاري بالبلاد. وقال تنقو إن المجلس شكّل لجنة لتلقي البلاغات والشكاوى التي يتعرض لها المواطنون، مشيراً إلى أنه تم الفصل في عدد كبير من الشكاوى، ودعا مقرر لجنة الشكاوى منظمات المجتمع المدني لعدم تسييس حقوق الإنسان بالبلاد، وأن يكون هدفها خدمة الأهداف الإنسانية، مطالباً الدولة ومنظمات المجتمع المدني بالعمل لإنهاء هذه الانتهاكات ونشر الوعي بالمجتمع السوداني بحقوق الإنسان حتى يتم تقليص هذه الانتهاكات، وقال إن اللجنة تتلقى الشكاوى عن طريق الإبلاغ المباشر عنها أو عن طريق موقع المجلس الاستشاري على الشبكة العنكبوتية، مؤكداً أن اللجنة تخاطب جميع مؤسسات الدولة للتعاون معها وتجاوز هذه الانتهاكات، مضيفاً أن هناك تعاوناً كبيراً بينهم وبين هذه الأجهزة. مع المفوضية وفي وقت سابق كانت المفوضية القومية لحقوق الإنسان قد أقرت بوجود انتهاكات لحقوق الإنسان بالسودان، وحددت المفوضية الانتهاكات بأنها تشمل التضييق على الحريات ومسائل تتصل بالحقوق المدنية والسياسية وقال مسعود بدرين الخبير السوداني المستقل في مجال حقوق الإنسان في بيان سابق له إن حالة حقوق الإنسان في السودان مازالت غير مستقرة، فيما يحرم المواطنون من التمتع الكامل بالحقوق المدنية والسياسية الأساسية، وأشار بدرين إلى أنه رغم قبول الحكومة باتخاذ خطوات إيجابية في اعتماد السياسات ذات الصلة من أجل تحسين حالة حقوق الإنسان في البلاد، إلا أن التنفيذ الفعال والتحقيق العملي لهذه السياسات على أرض الواقع لا يزال بطيئا بوجه عام. النشأة والتكوين: بدأ المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان كلجنة للتنسيق بين أجهزة الدولة في مجال حقوق الإنسان أنشئت في العام 1992م ومن ثم تم ترفيع اللجنة الى مجلس استشاري لحقوق الإنسان في العام 1994م برئاسة وزير العدل. تكون المجلس في بدايته من 13 جهة ضمت الوزارات ذات الصلة بملف حقوق الإنسان بالإضافة الى بعض المؤسسات الحكومية وعدد من المنظمات غير الحكومية. تمثل اختصاص المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان في بدايته في: تقديم النصح والمشورة للدولة فى مجال حقوق الإنسان، إعداد البحوث والدراسات اللازمة فى مجال حقوق الإنسان والرد على التساؤلات التى ترد إليه، والتعليق فى هذا الصدد عند اللزوم، طلب المعلومات والبيانات اللازمة من أي من أجهزة الدولة أو أي أجهزة أخرى، المشاركة في المؤتمرات واللجان المحلية والاقليمية والعالمية ذات الصلة، تنظيم زيارات الأفراد والمنظمات ذات الصلة للسودان والتجهيز لذلك، ولكن بعد ذلك تطور اختصاص المجلس الاستشاري ليشمل تلقي الشكاوى الخاصة بانتهاكات حقوق الإنسان من الأفراد والمنظمات محلياً ودولياًَ وذلك عبر إنشاء لجنة للشكاوى داخل المجلس كما أصبح المجلس الجهة الحكومية الرئيسة المعنية بمسائل حقوق الإنسان بما في ذلك تشكيل مواقف السودان في المحافل الدولية والإقليمية الخاصة بحقوق الإنسان في الأممالمتحدة والاتحاد الافريقي والجامعة العربية عبر مناقشة القرارات والرد على التقارير التي تصدر عن أوضاع حقوق الإنسان بالسودان وتقديم التقارير الدورية للآليات المنشأة بموجب اتفاقيات حقوق الإنسان الدولية والإقليمية. كذلك أصبح المجلس الاستشاري هو الجهة الوطنية المعنية بالتنسيق في مسائل حقوق الإنسان مع بعثة الأممالمتحدةبالخرطوم والبعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الافريقي بدارفور وكذلك بعثة الاتحاد الافريقي عبر المنابر واللجان المشتركة. حقائق وعواطف مقرر لجنة الشكاوى بالمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بالوزارة د. معاذ أحمد تنقو قال في حديثه ل(السوداني) إنه في كل دولة في العالم لا بد من وجود انتهاكات لحقوق الإنسان ولكن المهم أن تقوم الإجراءات التى تقوم بها الدولة لأجل معالجة هذه الانتهاكات وأيضاً توفير مجالات للإنصاف الداخلي، كما أشار الى أن المعلومات التى وردت على أن أغلب الشكاوى ضد جهاز الأمن هي معلومات غير صحيحة حيث إن الشكاوى التى قدمت ضد جهاز الأمن لا تتعدى العشر شكاوى، وأن ما يثار حول وجود انتهاكات كثيرة لحقوق الإنسان في السودان هو كلام غير صحيح وهو كلام عاطفي فقط، وغير ذلك فإن عدد الشكاوى المقدمة من قبل المواطنين لدى المجلس الاستشاري اكثر من ألفين مواطن قد تم حل جزء منها، وأوضح أن بعض المعلومات التى تأتي من الأشخاص بسيطة وأن أجهزة الدولة تتطلب معلومات أكثر من ذلك، كما ذكر أن المجلس الاستشاري يسعى للقيام بدوره على أكمل وجه حسب إمكانياته واختصاصه كما أنه قائم بمهامه محلياً ودولياً ويدافع عن السودان خارج السودان ويحمي المواطن السوداني، بالإضافة الى أنه يقوم بسد الثغرة الكبيرة فيما يتعلق بحقوق الإنسان في المحافل الدولية، وداخلياً يقوم بنشر الوعي بالنسبة لحقوق الإنسان، وأيضاً توعية أجهزة الدولة بما يجب عليها لأن كل حقوق لابد أن يقابلها واجبات، كما أن الدولة قامت بعمل أجهزة رقابية تقوم على رفع المعاناة عن كاهل المواطن وهذا كله يصب في مصلحة المواطن السوداني. تعتيم حماد محمد صالح (قانوني) ذكر في مستهل حديثه ل(السوداني) أن أي مواطن سوداني تقع عليه جريمة متعلقة بالقانون الجنائي له حق عام يجب أن تمارسه لأجله وزارة العدل وهو حق عام تقوم عليه الوزارة حسب التقسيمات الاختصاصية وفيما يتعلق بالحق العام فهو حق مكفول بموجب الدستور، كما أوضح أنه لابد من وجود آلية تتعامل بها وزارة العدل تجاه أصحاب الحقوق هذا من جهة ومن ناحية أخرى إذا حدث أي تقاعس من الدولة عن القيام بدورها فهناك حق خاص بالمواطن ويمارسه عبر النيابات المختلفة، أما فيما يتعلق بالشكاوى المقدمة ضد حكومة السودان فمن حق وزير العدل التدخل فيها ووضع الحلول اللازمة في مدة أقصاها شهرين . من جانب آخر فإن الدولة أحياناً تضع عراقيل أمام الكشف عن الحقيقة وهذه عقبات يواجهها الكثير من المحامين المهتمين بمسألة الحريات والحقوق ، أما فيما يتعلق بالقضاء السوداني فهو مناط به الفصل في القضايا المقدمة له ولكنه لا يسعى للبحث عنها، أما فيما يختص بقضايا الحق العام فإنه يضعها في نصاب الأولويات إلا أن المعالجات والأحكام أحياناً تكون غير مرضية للشارع العام فيما يتعلق ببعض القضايا. يرى حماد في تقديره الخاص أن قضايا وحقوق الإنسان والحريات غير مفعلة بشكل تام في السودان ويأتي ذلك في إطار التعقيدات السياسية القائمة والتنازع على السلطة بين الحكومة والمعارضة ، أضف الى ذلك عدم وجود آلية تتحدث عن إصلاح الدولة من ناحية الحقوق والحريات ومسائل العدل ، كما أشار الى أنه لابد من وجود نزاهة وشفافية بين كل الأطراف حتى تكون هناك معالجات عدلية أكثر صرامة، ايضاً لابد ان تكون المؤسسات مستقلة عن الدولة لأن ذلك يساعد في مسألة المعالجات القانونية، أما وجود تداخل وتشابك بين مؤسسات الدولة والحكومة يؤدي الى حدوث تعتيم للرؤية لذلك يجب فك الارتباط والفصل بين الطرفين وأن تسعى الدولة لتوطين المعالجات الصحيحة التى تؤدي الى تحقيق العدالة الكاملة.