الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي مؤسسة عربية مالية اتخذت من الخرطوم مقرا لها في نهايات السبعينيات بموجب اتفاقية وقعت عليها مجموعة الدول العربية الأعضاء بما فيها السودان، ونحمد أن توقيع هذه الاتفاقية كان في تلك الفترة التي كان يقوم على أمر السودان فيها وطنيين وشرفاء، وإن كان من بينهم غير ذلك إلا أن ثمة ثوابت كانت تحكمهم ولديهم بعضا من الاحترام والحرص على السودان وأهله، فكان أن حفظوا حقوقه وراعوا مصلحته وعزته وكرامته وهيبته.. وبقدر ما أتاحت الاتفاقية مزايا وتسهيلات عديدة للهيئة لتمارس عملها بنحو جيد يقود لتحقيق أهدافها أو أغلبها، فقد حرصت على ضبط هذه المزايا بوضع ضوابط تحفظ للسودان حقه وكرامته وتضمن حقوق ابنائه سواء العاملين في الهيئة أو المتعاملين معها أو مع شركاتها. وبالفعل انطلقت الهيئة منذ بداياتها في تحقيق النجاحات واحدا تلو الآخر من السودان – سواء قبلت الإمارات أم لم تقبل – وتوسعت مشروعاتها منذ ذاك الأوان إلى الآن، ومن السودان انتشرت استثمارات السودان في بقية الدول الأعضاء بل في ضوء ما تحقق من ناجاحات لمشروعات الهيئة في السودان انضمت بقية الدول لهذه الهيئة بعدما كانت فقط 12 دولة عربية، وهي بالأساس تم اختيار السودان مقرا لها للاستفادة من إمكانياته الزراعية التي لا تتوفر في أي دولة عربية أخرى مهما تطاولوا في البنيان أو التمدن، والذي ساهم فيه أيضا أبناء السودان الذين يجدون الآن أسوأ معاملة من مواطني الإمارات الذين تمت تسميتهم لرئاسة هذه الهيئة، وللأسف على مرأى ومسمع الدولة ومن يطلقون على أنفسهم رعاة الأمر! فمنذ عام 2008، وهي السنة التي استلم فيها المدعو علي الشرهان رئاسة هذه الهيئة (وهو إماراتي الجنسية) والهيئة تشهد تراجعا واضحا في أدائها بل منذ ذاك العام وحتى الآن لم تدخل الهيئة في مشروع واحد جديد رغم احتواء الهيئة على إدارات متخصصة في المشروعات والاستثمار والقروض وجيش جرار ممن يطلقون عليهم خبراء أفضلهم لديه شهادة زمالة محاسبين وهي شهادات مهنية بحتة وليست أكاديمية، وليس في الهيئة ولا متخصص واحد في الاقتصاد أو التخطيط أو الإدارة وهي التخصصات المطلوب تواجدها فيها بكثافة من واقع طبيعة عملها.. وليت الأمر وقف على هذا، بل هذه الشهادات نفسها – رغم تدنيها – غالبيتها مزورة ومشكوك في أمرها، وعلى رأسها شهادات شخص أنا شخصيا تحققت من عدم صحتها وتواصلت بشكل شخصي مع الدكتور/سمية أبو كشوة نائب مدير جامعة الخرطوم آنذاك ووزير التعليم العالي (الحالية) وهي تعرف تماما أنها غير سليمة ولدي رسائلي معها ولم تفعل شيئا..! وتركيزنا على هذا الشخص لأكثر من سبب أولها تكليفه بأمور حساسة منذ عهد ذلك الشرهان إلى عهد رئيس الهيئة الحالي الذي اعتقدنا – مخطئين – بأنه أتى لإصلاح دمار الشرهان وتنظيف الهيئة وتطهيرها أدرانها التي علقها بها الشرهان ولكنه واصل في ذات المسار، حيث لا يزال يكلف المدعو عبد الناصر – رغم الشكوك الواضحة بل الأكيدة – بشأن قدراته المهنية والأكاديمية والأخلاقية، بملفات كبيرة كاستراتيجية الهيئة وشئون موظفيها، وكان أن ساهم في إفراغ الهيئة من أفضل كوادرها البشرية وأصبحت متوقفة تماما كل أوجه النشاط إلا من السفر والزيارات التي تستهلك من مواردها وأموالها التي تآكلت واصبحت اقل من 500 مليون دولار بعدما كانت تمتلك 29 مشروعا قائما. إذا كانت الدول الأعضاء بما فيها السودان لا يهمها الهيئة ومقدراتها وصمتوا على كل التجاوزات والمخالفات التي ارتكبها رئيسيها الإماراتيين – السابق والحالي – فلا بأس في هذا، ولكن ما يثير التساؤل هو صمت السودان على ما يجري في اراضيه بل وإسهام الدولة في إلحاق الضرر بالمواطنيين السودانيين العاملين في الهيئة، ليس فقط على بصمتهم على مظاهر الظلم الذي حاق بهم على أيدي إدارتي الهيئة ولكن بتعميق هذا الظلم. فالهيئة وعلى مدار عملها الذي فاق أربعين عاما عمل بها نخبة من السودانيين كمأمون سنادة وبروفيسور طيفور وبروفيسور أحمد وداعة والقانوني الضليع الطيب عبد المجيد، لم نسمع في أي حقبة من هذه الحقب بمثل ما يجري الآن لأنهم كانوا مؤهلين ومهنيين ويعلمون تماما متطلبات العمل في مثل هذه المؤسسة، ولم يقم على أمرها أقل من تلك المستويات، وانظروا الآن نوعية ومستويات العاملين فيها وهذا ليس موضوع المقال. والإحلال والتجديد مطلوب ليس فقط في الآليات وطرق واساليب العمل، بل حتى في البشر، مواكبة للتطور والتغير دوليا وأقليميا ومحليا، ولكن الإحلال والتجديد هذا يجري في إطار من المؤسسية والمهنية وله قواعد واصول. والناظر لما تم في الهيئة في عهد الشرهان بصفة خاصة أنه تخلص من أفضل الموارد البشرية التي كانت بالهيئة وحرمها حقوقها، وعاملها بنحو متعسف دون احترام للوائح الهيئة أو قوانين العمل بل وحتى الدولة ومسئوليها، رغم وجود ما يلزم الهيئة وغيرها من المؤسسات الديبلوماسية بالانصياع لهذه القوانين وتجدون مع هذا المقال ما يفيد بهذا صراحة من الجهة المنوط بها منح المتيازات والحصانات وهي وزارة الخارجية التي وقفت تتفرج على كل تجاوزات الهيئة بحق السودانيين (تحديدا ودون غيرهم من الجنسيات الأخرى العاملة بالهيئة)، وحينما العاملون من استحصال حقوقهم لجأوا للقضاء بحثا عن هذه الحقوق وتصديقا لتعميم وزارة الخارجية. وبدأت رحلتهم خلف المحاكم منذ عام 2009 وإلى الآن، مع تسويف المحاكم وتلاعبات الهيئة التي قودها المدعو عبد الناصر صاحب الشهادات المزورة والذي بالطبع لا يجيد إلا كل ما هو مخالف للأخلاق والقوانين على نسق ما نشرته العديد من المواقع الأسفيرية ومن ضمنها صحيفتكم العامرة الراكوبة. الدولة بأكملها وقفت موقف المتفرج وبعضها شارك كلاعب محوري في هذا الظلم والانحطاط، وفوجئنا بالخارجية بشكل سافر وغير أخلاقي أو قانوني ومتناقض لما ذكرته سابقا لإيقاف حكم نهائي صدر لأحد السودانيين المفصولين من الهيئة، دون مراعاة لحاله وحاجته وما تكبده من مصاريف تقاضي امتدت لأعوام بناء على ضوء أخضر من الخارجية نفسها.. والخارجية لم تراع حتى لهيبة الدولة أو القوانين، أي هيبتها وكرامتها، ودونكم خطابيها المرفقين بهذا المقال، وما كتب بشأنهما في أكثر من موقع. الحديث نوجهه لرئيس السودان مباشرة ومعه رئيس القضاء، كيف يجري هذا يا سادة؟ من المسئول عن حقوق العباد وحمياتها؟ ولماذا يتجاوز موظف باي وزارة كانت ليخاطب قاضي محكمة متخصصة مخالفا كل القوانين والأعراف؟ ومن سيمنح أولئك حقوقهم؟ ولماذا يتدخل أصلا طالما اصدر تعميما سابقا يبيح لهم التقاضي، بل واتفاقية الهيئة التي وقع عليها شرفاء من أبناء السودان آنذاك تجيز صراحة تقاضي الهيئة ومقاضاتها؟ ثم أين أنت أيها الرئيس من تجاوزات جامعة الخرطوم وصمت إدارتها على هذا التزوير الذي لم ولن يكون الأخير؟ أهي المكافأة ليتم ترقية نائب مدير الجامعة لوزير تعليم عالي بعدما تغاضت عن هذه الجريمة التي تعلمها تماما من واقع تعاملي الشخصي معها بشكل مباشر واقتناعها بعدم صحة هذه الشهادات؟ كما فعلتم من قبل مع ابو قناية الذي ساهم مع الشرهان في فضائحه وقمتم بترقيته مفوضا للفساد وهو الفساد بعينه؟ إذا لم يكن الأمر كذلك، وتحججتم يا سيادة الرئيس ويا رئيس القضاء بعدم معرفة الحقيقة فها هي ذي أمامكم الشهادات المزورة والخطابات المتضاربة فماذا أنتم فاعلون في إطار ما تنادون به من إصلاح والأمر لا يحتاج سوى فتح تحقيق فقط في هاتين الحالتين والبقية ستأتي دون جهد.. نحن ننتظر التحقيق في أمر هذه الوثائق وإخضاع أي متجاوز للعدالة.. ولنا عودة قريبة جدا د. رشاد علي يوسف [email protected] أدناه مجموعة من الوصلات ذات العلاقة: http://www.alrakoba.net/news-action-show-id-137051.htm http://www.alrakoba.net/news-action-show-id-81946.htm http://www.hurriyatsudan.com/?p=71777 http://www.hurriyatsudan.com/?p=143368