هناك أصوات كثيرة تنادي بتنمية موارد نهر الكونغو، كبديل عن الاعتماد على مياه النيل الأزرق. ويقدّم أصحابها حجّة مفادها أن موارد هذا النهر العظيم تزيد على ألف بليون متر مُكعّب، يضيع معظمها في مياه المحيط. الأرجح أن هذا الاقتراح غير عملي ومكلف جداً. وفي عام 2010، اتّفقت دول حوض النيل في «عنتيبي» (أوغندا) على عدم الاعتراف بحقوق مصر التاريخية في النيل، واستبدالها بالاستخدام العادل والمُنصِف. فكيف يمكن توقع أن توافق هذه الدول على مشروعات تزيد حصة مصر من المياه؟ ربما يكون مجدياً التفكير في تنفيذ مشروع «قناة جونجلي» في السودا، وتنمية موارد المياه في «بحر البقر» و «بحر الغزال» في جنوب السودان. في كل الأحوال، تظل الحوافز الاقتصادية والعسكرية والسياسية ودعم أميركا وإسرائيل والدول العربية عناصر جوهرية في هذه المشروعات. لنلاحظ أيضاً أن العالم لا يمكنه تحمّل فشل دولة بحجم مصر. خيار القوّة هناك من ينادي باستخدام القوّة في التعامل مع أزمة «سدّ النهضة». لكن اعتماد القوة أو حتى التلويح بها، ربما يبعث رسالة للإثيوبيين مفادها أن مياه النيل خطٌ أحمر، وأن الوضع السياسي المضطرب لن يثني الجيش عن تأمين منابع النيل. من المستطاع التلويح بالقوة من طريق إرسال سرب من الطائرات المصرية المقاتلة لتصوير السدّ. لكن هذا الخيار صعب في ظل دعم السودان للسدّ. لكن، من الممكن جذب السودان لمساندة مصر من طريق عقد اتفاقية للدفاع المشترك معها، وإجراء مناورات مشتركة، وإنشاء قاعدة عسكرية مصرية قرب الحدود مع إثيوبيا، ومساعدة السودان في تخفيف الحظر الدولي عليها، وكبح جماح المتمردين. ومن الممكن تعزيز هذا الخيار بمنع السفن الإثيوبية من المرور في قناة السويس، إلى أن يحصل اتفاق حول «سدّ النهضة». كما يمكن التلويح بمنع سفن الدول الداعمة للسدّ من المرور في قناة السويس أيضاً. وما يعزّز هذا الخيار أن دولاً كأميركا وإسرائيل تبرر استخدامها الضربات الاستباقية، بحجة حماية أمنها القومي. ومع ملاحظة أنه لا يمكن ضرب السدّ بعد اكتماله وامتلاء خزّانه، لا بد لمصر أن تحسم خياراتها بسرعة، في شأن التعامل الاستراتيجي العميق مع أزمة «سدّ النهضة».