بعد مرورأكثر من شهر علي خطاب البشير(الوثبة) حول الوفاق الوطني ، والحوار بين مكونات الساحة السياسية ، تراجعت فرص نجاح الحوار بصورة كبيرة ، وظلت الكثير من القوي السياسية تتشكك من جدية الحزب الحاكم في الحوار وبإستثناء أحزاب القبلة - ( الشعبي والأمة والأتحادي) رفضت كل القوي السياسية دعوة الوطني للحوار وقدمت جملة من الشروط قبل الدخول في أي حوار. وفي ويوم الخميس الماضي وضع البشير الأحزاب التي كانت تدافع عن الحوار مع الوطني " من غير شروط) في موقف غاية في الصعوبة عندما قال في خطاب جماهيري بمدينة بورتسودان .." الذين يتحدثون عن تصفية (إنهاء حكم) حزب المؤتمر الوطني الحاكم، نقول لهم ما في تصفية، وما في تشكيل حكومة انتقالية، ومافي تأجيل للانتخابات". ويعتقد علي نطاق واسع أن فرص الحوار السياسي بين الحكومة والمعارضة تبدو بعيدة المنال مع التطورات المتلاحقة في الساحة ومنها بالطبع خطاب البشير الأخير والذي هو برأي بعض المراقبين بمثابة نعي مبكر للخطاب الأول حول الوفاق والحوار. وكان الفشل الذي لازم مفاوضات الحكومة السودانية والحركة الشعبية - شمال وتعليق الوساطة الأفريقية الرفيعة المستوي للمفاوضات إلي أجل غير مسمي يؤشر بوضوح للتعقيدات التي طرأت علي المعلب السياسي السوداني وكانت الحركة الشعبية – شمال قد قالت أنها لن تدخل في تفاهمات ثنائية مع المؤتمر الوطني وأن المطلوب هو حل سياسي شامل وبمشاركة الجميع والحل الشامل رفض من قبل الوطني أكثر من مرة. ومع فجر كل يوم تتكاثر التحديات والضغوط علي الحزب الحاكم ( المؤتمرالوطني ) وفي ظل الوضع الاقتصادي المتردي وحالة العزلة المفروضة علي السودان وتمدد الصراعات والحروب الأهلية في نصف مساحة الوطن تقريباً ، وكان الأسبوع المنصرم به جملة من التطورات الغيرسارة – للوطني – أعلنت إسرئيل أنها أوقفت سفينة ايرانية تحمل أسلحة يالقرب من المياه الاقليمية السودانية ونفت الحكومة السودانية أي علاقة لها بالسفينة المذكورة وأعلنت المملكة العربية السعودية جملة من التدابير منها تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية والحزب الحاكم هنا بخلفيته الإسلامية والإخوانية يعي تماماً خطورة القرار السعودي، وذات الإطار أعلنت الكثير من المصارف العربية وقف التعامل مع المصارف السودانية وأعلنت اكثر من شركة طيران وقف رحلاتها إلي الخرطوم وجملة هذه التطورات تشكل ضغوط إضافية علي الحكومة السودانية وترفع من سقف مطالب المعارضة. و شهدت ولايات دافور تصاعداً ملوحظاً في وتيرة العنف وقال رئيس السلطة الانتقالية التجاني السيسي في تصريحات صحفية " الأوضاع متدهورة واتفاقية الدوحة مهددة ". وكان والي شمال دارفور محمد يوسف كبر قد أقر هو الآخر بتدهور الأوضاع وفشل الدولة في توفير الحماية لمواطني الولاية بعد تمدد الحركات المسلحة في معظم مناطق الولاية ، وشهدت مناطق واسعة في دارفور إشتباكات واسعة بين الحكومة والحركات المسلحة والتي أعلنت سيطرتها على عدد من المناطق الإستراتيجية في شمال دارفور من بينها الطويشة مسقط رأس الوالي عثمان كبر واللعيت جار النبي وكلمندو، وقدرت الأممالمتحدة عدد الفارين من الصراع في مناطق أم قونجا والقرى المجاورة في جنوب دارفور بأكثر من أربعين ألف شخص فيما قالت إن موجة النزوح التي شهدها العام 2013 تعد الأسوأ منذ العام2004 ..كل تلك التطورات بحسب كثير من المراقبين تدعم خيار الحل السلمي الشامل ويبعد خيار الحلول الحزئية ممايعني عملياً أن المؤتمر الوطني مطالب بتقديم كثير من التنازلات الكبيرة والتي تجد الممانعة والرفض من قبل مراكز القوي في السلطة والحزب. و علي صعيد العلاقات الخارجية ظلت حالة العزلة المفروضة علي الحكومة السودانية كماهي وبل ذادت العزلة وذاد الحصار وألقي بظلال مباشرة علي الوضع الاقتصادي الذي تدهور بصورة غير مسبوقة وتراجعت العملة الوطنية ( الجنيه) أمام الدولار والعملات الأخري ، وفي موجة الضغوط الدولية علي الحكومة السودانية ندد مسؤول الشؤون الإفريقية بوزارة الخارجية البريطانية مارك سيموندز في بيان له بما وصفه بالهجمات الممنهجة التي استخدمت ضد المدنيين في عدد من القرى بجنوب دارفور.. وسارت الولاياتالمتحدةالأمريكية علي( الدرب) وجهت وزراة الخارجية الأمريكية في تقرير عن حالة حقوق الانسان جملة من الإنتقادات الحادة للحكومة السودانية المر الذي أثار غضب الأخيرة. ومضت الولاياتالمتحدةالأمريكية أكثر من ذلك وشككت في مشروعية سلطة المؤتمر الوطني والانتخابات التي أجريت قبل عام من انفصال جنوب السودان ويري البروفيسور صلاح الدومة أستاذ العلاقات الدولية أن الموقف الأمريكي الأخير يعتبر بمثابة تحول لايستهان به ويجب قراءة الموقف مع جملة التطورات في المنطقة العربية والجوار الافريقي وأضاف الدومة أعتقد أن القادم أسوأ فيما يتعلق بالضغوط الدولية علي نظام الحكم في السودان .. ومن معطيات ماسبق ستواجه دعوات الحوار التي يطلقها المؤتمر الوطني بمزيد من الرفض والشروط المسبقة ولذلك المطلوب الآن إجراءات عملية تعيد الثقة وتمهد لحوار حقيقي ينقل البلاد إلي مربع جديد ولايكون مجرد ترميم لقواعد حكم المؤتمر الوطني. [email protected]