التوجيهات التى اعلنها رئيس الجمهورية امس حول الحريات السياسية والصحفية ستظل بلا جدوى ان لم يتبعها قرار مهم وأساسى هو الغاء كل القوانين المقيدة للحريات, لان الحريات التى تحدث عنها جاءت مقيدة بقوانين مخالفة للدستور مما اكسبها قوة اعلى من سلطة دستور 2005 , ترسانة القوانين تلك والتى تبلغ (60) قانونا هى السارية والمتحكمة فى الحياة السياسية , بدليل ان الاجهزة الامنية هى من يمنع ويمنح الحريات الصحفية وحرية التنظيم , كما تجاهل رئيس الجمهورية القضية الاساسية وهى الحروب الدائرة فى (7) من ولايات السودان فلم يصدر قرارا بوقف الحرب , رغم ان رئيس الجمهورية هو المسئول عن (شن الحرب ). كما تجاهلت حزمة (التوجيهات) تلك اى اشارة للازمة الاقتصادية الخانقة التى ادخلت اغلبية المواطنين فى دائرة الفقر والجوع . قضايا الوطن لاتحُل بالتوجيهات من المنابر العامة انما بقرارات مستوفية الشروط ومستندة على نصوص الدستور الانتقالى الذى كفل الحريات العامة دون لبس , وجاء حديث رئيس الجمهورية عن مشاركة الحركات المسلحة فى الحوار من باب (التوجيهات واستعداد الحكومة لضمان مشاركتهم ) ليست تلك هى القضية وحدها هناك حرب مشتعلة ومدنيين تحت مرمى القذائق ومنظمات انسانية تحول بينها عوائق تضعها الحكومة دون الوصول اليهم لتقديم المساعدات الانسانية , لايمكن لرئيس الجمهورية ان يكون موقفه تجاه تلك القضايا الاساسية بالتوجيهات انما بالقرارات الواضحة والحاسمة والملزمة لكل الجهات المتصارعة والتى تعمل وفقا لصلاحياتها دون اى احترام لدستور او حق من الحقوق . السودان يواجه ازمة شاملة والوضع لايتحمل اى نوع من المناورة بقصد شراء الوقت او كسب حلفاء , انه امر يتصل باستقرار السودان وبقائه متماسكا وبمصالح المواطنين وحقهم الاصيل فى الحياة والعدالة , تهيئة الاجواء للحوار الجاد تكون بالقرارات الملزمة والجادة وليس بالتوجيهات . القضايا واضحة (واليات) حلها كذلك , وهى قضايا لن تجد طريقها للحل دون حكومة انتقالية تعمل وفق اولويات ملحة تفتح الطريق نحو الديمقراطية ومشاركة كل المكونات السياسية والمدنية فى شأن ادارة امر البلاد .