سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
شتاء الغضب العربى الذى بدأ فى تونس ولن ينتهى فى القاهرة.. البشير قال إنه سوف يترك الحكم طوعاً إذا تأكد أن الشعب يرفض استمراره فى الحكم، ومن دون أن يرى كل علامات الرفض الواضحة.
عاصفة الحرية التى بدأت فى العالم منذ عشرين سنة بسقوط جدار برلين وصلت إلى العالم العربى، وكان لابد أن تصل بعد أن أصبح العالم قرية صغيرة بفضل الثورة التكنولوجية، خاصة فى مجال الاتصالات، وفى التعبير بالصوت والصورة عبر الكاميرات، ومن خلال البث الفضائى المباشر. إنها عاصفة تلف الدنيا، ومن يرفع رأسه، ويحاول التصدى لها فلن يجد رأسه. وقد بدأت العاصفة فى تونس فى منتصف ديسمبر، وتوجت فى منتصف يناير بهروب ديكتاتور تونس، وامتدت فى العالم العربى من موريتانيا إلى اليمن، ووصلت القاهرة ومصر كلها يوم الثلاثاء الماضى قبل نهاية يناير، فاستحق هذا الشتاء أن يوصف بشتاء الغضب العربى، أو ثورة الشباب الذين يمثلون ثلثى العرب من أجل الحرية، وهى ثورة لا علاقة لها بأى حزب أو تيار سياسى، وتعلن سقوط كل الأيديولوجيات. أدرك العرب فداحة الثمن الذى دفعه ويدفعه العراق عندما قهر الديكتاتور صدام حسين الشعب، وجعل البلاد نموذجاً لدرس التاريخ القاسى «الطغاة يجلبون الغزاة»، وبدلاً من أن ينتهى ديكتاتور تونس فى حفرة ويقبض عليه الغزاة، كما حدث مع صدام، دفعه الشعب التونسى للهروب إلى خارج البلاد، ولا شبيه للشعوب العربية فى شتاء غضبها إلا شعوب شرق أوروبا وهى تسقط الأنظمة الشيوعية منذ عقدين. وإذا كانت صورة خروج ديكتاتور العراق من الحفرة قد أسقطت بعض الخوف والهيبة لأن نهايته كانت على أيدى الغزاة الأجانب، فإن خطاب ديكتاتور تونس بعد 23 عاماً من الحكم «الآن فهمتكم، وأعطونى فرصة أخرى»، ثم هروبه، أسقط كل الخوف وكل الهيبة عن كل ديكتاتور، وبينما أعلن القذافى الذى يحكم ليبيا منذ 42 سنة تأييده ديكتاتور تونس، قال «صالح» الذى يحكم اليمن منذ 33 سنة «أطلب العفو إذا كنت قد أخطأت أو قصرت فى واجبى»، وقال «البشير» الذى يحكم السودان منذ 21 سنة إنه سوف يترك الحكم طوعاً إذا تأكد أن الشعب يرفض استمراره فى الحكم، ومن دون أن يرى كل علامات الرفض الواضحة. ومن البدهى أن لكل بلد ظروفه الخاصة، لكن هناك ما يجمع بين كل الجمهوريات العربية الفريدة من نوعها فى التاريخ التى شهدها العالم العربى، وهو أنها جمهوريات ملكية، الرئيس فيها يحكم مدى حياته، بل يرثه ابنه أيضاً، سمير فريد