مع منتصف ليلة 31 ديسمبر تنتهي الحقبة الأولى من القرن العشرين. ومن ينظر خلفه يجد أنها كانت حافلة بالأحداث والكوارث. فقد تعرض العالم إلى أسوأ أزمة مالية أدت إلى إفلاس عدد من البنوك وانهيار البورصات وخراب ملايين المودعين وزيادة عدد العاطلين. وقد قدر أن خسائر هذه الأزمة نحو خمسة تريليونات دولار (التريليون مليون مليون). وعلى مستوى العالم ساد الذعر ملايين البشر، بسبب أوبئة جنون البقر، وإنفلونزا الطيور، وإنفلونزا الخنازير، كما كانت الطبيعة قاسية في المحيط الهندي، عندما تعرض قاع المحيط في ديسمبر 2004 لزلزال من قوة 9 درجات ريختر، أثارت موجاً بلغ ارتفاعه تسعة أمتار اجتاح البلاد ودمر وشرد وقتل 230 ألفاً. وفي أميركا اجتاح الإعصار كاترينا سواحل نيوأورليانز في سبتمبر 2005، وسجل أسوأ كارثة في تاريخ الولاياتالمتحدة. ونالت روسيا في ديسمبر 2010 نصيبها من قسوة الطبيعة، من خلال سلسلة من أعنف الحرائق، التي شهدتها منذ أربعة عقود تعرضت إليها مساحات ضخمة من الغابات. وقبل ذلك في بداية الصيف الماضي ثار أحد براكين أيسلندا، وأطلق بلايين الذرات التي هددت حركة الطيران في أوروبا وعطلته. وإذا كان صدام حسين شيطان الحقبة الأخيرة من القرن العشرين التي خربت الأمة العربية، فقد كان أسامة بن لادن رسول الشيطان في الحقبة الأولى من القرن ال 21، فبفضله غزت أميركا أفغانستان، وبعدها العراق، وساد شعور الملايين تجاه المسلمين وأصبح كل مسلم في نظر الغرب متهماً بحمل جينات بن لادن الإرهابية، وظهر من يحاول السخرية بالرسوم الكاريكاتيرية من الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام، وواجه ملايين الركاب في المطارات عناء التفتيش والتدقيق الذي وصل إلى درجة تعرية الركاب إشعاعياً، ونشرت الدول آلاف الكاميرات في الشوارع والميادين والمحطات لمراقبة تحركات البشر! وخلال الحقبة الأولى انشطرت الدويلة الفلسطينية إلى رقعتين أصغر، واستقلت حماس بغزة كمشروع تجاري يحقق الربح لحكامه عن طريق مساعدات إيران، وأوضحت وثائق ويكيليكس أن إسرائيل كانت تتمنى من فترة أن تستقل حماس بغزة، حتى تعاملها كعدو، وتستخدمها حجة لتعطيل أي مفاوضات. وتحقق المراد من حماس، ودخلت القضية الفلسطينية نفق الكلام الذي لا يثمر، خصوصاً بعد أن انطفأت جذوة حماس الرئيس الأميركي، باراك أوباما، الذي كان في حد ذاته أهم تغيير شهدته أميركا خلال هذه الحقبة. جاء الرئيس الجديد متحمساً، لكنه أخيراً أعلن شعوره باليأس تجاه القضية الفلسطينية، وأنه لم يكن يعرف أنها بهذا التعقيد! وعربياً تعاني المنطقة من عدم الاستقرار، فهناك رئيس في السودان مطلوب ضبطه وإحضاره للمثول أمام المحكمة الدولية الجنائية، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وإبادة في دارفور، وهناك شهيد في لبنان الرئيس رفيق الحريري، الذي اغتيل في فبراير 2005، وهناك محكمة دولية تحاول البحث عن المتهم وتقديمه إلى المحاكمة. وإذا كانت فلسطين قد انقسمت إلى دولتين بقرار من الأممالمتحدة في نوفمبر 1947، فهناك السودان الذي سينفصل عنه جنوبه بالاستفتاء الذي يجري في التاسع من يناير 2011. وليس كل هذا إلا سطوراً فى كشف حساب الحقبة الأولى من القرن ال 21! صلاح منتصر [email protected] القبس