ورد في صحف أمس خبر يحمل نوعاً من الطرافة ومضمونه أن هنالك لصاً تم القبض عليه لارتكابه جريمة سرقة أموال وعند عرض اللص أمام القاضي ووجود صاحب المال المسروق، طلب اللص من القاضي أن يتحلل طالما أنه أعاد المال إلى صاحبه وهو موجود الآن وأن يتركه للذهاب إلى حال سبيله وهنا ضجت قاعة المحكمة بالضحك ومن ثم استمرت الإجراءات لمحاسبته وإن دل هذا يدل على أن مفهوم التحلل من المال الحرام بدأ يأخذ مفهوماً واسعاً بين أواسط وقطاعات الشعب وخاصة الذين يعتدون على أموال الناس بالباطل من اللصوص والحرامية وحديث اللص في المحكمة يفسر بكل بساطة بأن التحلل من المال الحرام أو الثراء الحرام أصبح ظاهرة خطيرة تمهد لكل من تسول له نفسه السرقة بأن يسرق وأن ينهب واضعاً في حساباته واعتقاده أن خطاه لا يرقي للحساب أو العقاب، وقد يترك ليذهب في سبيل حاله بعد أن يتحلل وهذا المفهوم انتشر بصورة واسعة على إثر قضية المعتدين على المال العام في مكتب والي الخرطوم والتي ما زالت في المحكمة قيد التحريات، وحادثة اللص الظريف ومفهومه عن التحلل من المال الحرام نخشي أن تصبح نهجاً لبقية المعتدين على المال العام ليمثل التحلل مخرجاً من كبرى الجرائم والسرقات بحسب مفهومهم ففي حال تم القبض على المجرم فيمكنه التحلل وإذا لم يتم كشف أمره ومرت المسألة بسلام (الله ستر علي) يقولها في نفسه ويحتفظ بالأموال والممتلكات التي سرقها ليستمتع بها بعيداً عن يد العدالة والقانون ولكن مع ذلك تظل القوانين والعقوبات والإجراءات لا بد أن تتخذ ضد كل معتدي حتى لا نُسهم في انتشار الجريمة المالية والتعدي على المال العام، وقد أصبح التحلل الذي ورد ضمن قانون الثراء الحرام مدخلاً للكثيرين يتمسكون به في قرارة أنفسهم ليجدوا الشجاعة للقيام بأعمالهم من السرقات والتعدي والنهب تحت سمع ونظر القانون. قانون الثراء الحرام بعد تسليط الأضواء عليه في الوسائل الإعلامية مؤخراً أعلنت وزارة العدل عن اتجاه لاتخاذ تعديلات مهمة في القانون تفادياً للثغرات ونقاط الضعف ونأمل أن يتم التعديل في أسرع وقت ممكن لسد الثغرات فعلياً وقطع الطريق على المعتدين (فكفى تحلل). مفهوم التحلل لا نريد له أن يصبح ديدن وعادة ومخرج لأزماتنا المالية وظروفنا المادية الحرجة وأن يتم استغلاله وتوظيفه لارتكاب المزيد من الجرائم مستقبلاً لأن هنالك من يضع في حساباته أن العقاب ليس كبيرًا أو يوقع ضرراً بالغاً ويتخذ ساتراً لارتكاب جرائم تضر بالاقتصاد والبلاد والعباد. رغم قيام المتهمين بالتعدي على المال العام بالتحلل من الأموال التي اكتسبوها بإعادة جزء كبير منها إلا أن هنالك ما زال في الحلق غصة وفي القلب ألم وحسرة على خيانة الأمانة وانعدام الضمير والبعد عن مخافة الله التحلل من المال العام أو الثراء الحرام لم يعد حصرياً على المعتدين من المسؤولين وكبار الموظفين ونخشى أن يطالب به كافة (اللصوص) و(الحرامية) الذين يتم القاء القبض عليهم متلبسين بجرائمهم بوصفه حق أصيل من حقوقهم؟ وأن يعاملوا بالمثل أسوة بما حدث لغيرهم. بتنا نخشي أن تصيب لعنة التحلل المجتمع السوداني في كل شرائحه وطبقاته ومستوياته. ونحن وأنتم في انتظار مزيد من التحلل مستقبلاً. انتشرت في الواتساب صورة لأحدث موضة في الثياب النسائية والذي اشتهر اسمه في الأسواق لدى التجار (أسرقني واتحلل). الانتباهة