في ظل التحولات والتطورات الراهنة التي تمر بها حكومة السودان درجت إلى قيام ما يسمى بالحوار الوطني أو «المائدة المستديرة» الذي أقيم مؤخراً بقاعة الصداقة وبمشاركة كافة قوى الإجماع الوطني بما فيهم الحزب الشيوعي الذي أعلن رفضه التام للمشاركة في الحوار، لأنه وحسب رؤيته السياسية يعلم أن حواراً بدون ديمقراطية لا جديد فيه وإيمانهم بأن إيقاف الحرب هو من الأساسيات لأي حوار يبدأون فيه وإن كانت تلك مبرراتهم فهم في نهاية الأمر حزب له تاريخه العريض، وبالتالي له الحق في أن يبدي آراءه فيما يخصه ويخص الشعب السوداني وأن تكون له المشاركة الفاعلة في الحوار إذا ما توصل إلى قناعات في سبيل تحول ديمقراطي حقيقي. ü لماذا رفضتم المشاركة في الحوار الذي أقيم مؤخراً بقاعة الصداقة؟ - رؤيتنا في أنه يجب أن تكون هنالك ظروف ومناخ مهيأ لإجراء الحوار فيه خاصة وأن القضايا المطروحة للحوار وأسباب الأزمة هي أولاً وأخيراً مربوطة بالديمقراطية وقضايا خاصة بالحريات الديمقراطية سياسياً حول توزيع الثروة والسلطة وحول كيفية توزيع التنمية والخدمات كذلك مربوط بكيفية أن ندير هذا التنوع الموجود في السودان، وكل هذه الأزمات التي يعيشها الشعب السوداني وكذلك الاستقرار السياسي في البلد هو نتاج لغياب الديمقراطية في ظل الأنظمة الشمولية وفي ظل قيام الديمقراطية لا يمكن أن يكون هنالك حل حقيقي لقضية السودان بشكل عام وفي فترة الديمقراطية كان توجهنا في اتجاه الحل، ففي العام 1965 كانت هنالك المائدة المستديرة وفي الأعوام ما بين 88 إلى 1989 كانت هنالك اتفاقية لعقد مؤتمر قومي دستوري تتم فيه حل قضية الجنوب، وفي إطار هذا الحل يتم حل قضية القوميات في السودان وكيفية رد المظالم للجهات والأقاليم التي وقع عليها ظلم تنموي وخدمي، فانقلاب 1989 كان السبب في اجهاض قيام المؤتمر الدستوري القومي لأنه لا يتفق مع رؤيتها ولا يتفق مع المرجعية الفكرية ولا طبيعة الفئات التي يمثلونها والتي هي الرأسمالية الطفيلية وفي توزيع الثروة والسلطة يعني أن توظف الثروة لصالح الشعب لكنهم أرادوا أن يستأثروا بالثروة لمصلحتهم لذلك عمدوا على تمكين أنفسهم وتدمير كل المنظمات التي يراقب بها الشعب الحكومة والنظام الحاكم. كل أجهزة الدولة تمكنوا منها وحولوها من أجهزة قومية إلى أجهزة تخدم حزبهم والخدمة المدنية لخدمة عسكرية أو أمنية وكذلك الأجهزة العدلية وسيطروا على التجارة الخارجية واحتكروها وطرحوا التحويل الاقتصادي الذي لا يتفق مع بلد نامية كلياً ولا يتفق مع قيام ديمقراطية وهذا ما أوصل السودان إلى أزمة واقعة هو انفصال الجنوب، وكذلك استئناف الحرب في منطقة دارفور وتجديد الحرب في جنوب كردفان والنيل الأزرق، يبقى من الضرورة عندما تمت اتفاقيات ما بين هذا النظام وفي نيفاشا وكذلك في اتفاقية القاهرة وفى الاتفاقيات الللاحقة مع حملة السلاح كان الأساس على استعادة الديمقراطية والحريات ولكن هذا النظام التف حول هذه الاتفاقيات، بل التف النظام حول الدستور الذي وضعه لنفسه، النظام الآن يحكمه حقيقة جهاز الأمن والمخابرات لا طريق إلى الوصول إلى الحل إلا من خلال تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، لذلك الحريات والديمقراطية ضرورة وبدونها لا يمكن أن نصل إلى حلول حقيقية ولهذا نقول إنها مستحقات مغتصبة من الشعب السوداني وليست شروطاً. ثانياً هنالك حرب ملايين من الناس في محكمة اللجوء والنزوح وحرب شرسة ضربت الآمنين في منتجعاتهم ومساكنهم وفي معسكرات اللاجئين وبالتالي لا يمكن أن يكون حواراً حقيقياً إلا إذا شارك فيه كل أهل السودان، لذلك نطالب بإيقاف الحرب وقضية الحريات وقضية إيقاف الحرب هي أساسيات أي حوار نبدأ فيه وليس هنالك من يساوم على حريته. الجانب الآخر وما دمنا متأكدين من أن هذه السياسات تتبع للنظام وهي التي أدت إلى هذه الأزمة، لا يمكن أن نحد منه في إطار هذه السياسات مهما عملنا فيها من إصلاحات، لأن الوجهة غلط وبالتالي لا يمكن أن نصل إلى الغايات التي نرجوها. بالضرورة يجب أن نتخذ سياسات جديدة تؤدي إلى حل الأزمة وهذا يعني ليس في ظل النظام أن يكون الحل، لأنها من منطلقات ذهنية فكرية وفي نفس الوقت هي سياسات مبنية على أساس مصالح الرأسمالية الطفيلية التي ليست لها مصالح في العمل الإنتاجي ولذلك تدمر الوضع الذي نعيشه والمأساة التي يعيشها الشعب السوداني هي نتاج سياسة التحرير الاقتصادي التي تبناها، يجب أن تكون هنالك حكومة انتقالية لبرنامج بديل ديمقراطي حقيقي يعمل على استقرار الوضع السياسي في السودان، وكذلك على استعادة كل الأجهزة القومية وتفكيك النظام بشكل عام وبالتالي يحصل استقرار مادي واقتصادي واجتماعي وإيقاف الحرب بشكل عام ورد جزء من المظالم على أساس أن تكون هنالك ثقة بين أهل السودان، ويعقد مؤتمر دستوري قومي وهذا المؤتمر الدستوري القومي الأداة الأساسية في سبيل أن يجلس كل أهل السودان في طاولة ونتفاكرحول الأزمة ونعمل على حلها ونتوافق حول حقيقة أهل السودان وكيف يتم توزيع السلطة والثروة والتنمية وكيف نجعل التنمية متوازنة وكيف ندير التنوع الموجود في سبيل أن تقوم حكومة ديمقراطية مدنية، الحقوق والواجبات تنبني على المواطنة نتفاكر حول مباديء الدستور ثم نصنع الدستور من قبل الشعب، وعلى هذا الدستور تتم انتخابات نزيهة حرة فعلاً مراقبة من الشعب والقوة الدولية وبالتالي يختار الشعب من يحكمه. ü برأيك إلى ماذا سيفضي هذا الحوار؟ - حوار بدون ديمقراطية وبدون مشاركة الشعب السوداني فيه لا يفضي إلى شيء، بل استمرار نفس السياسات ومهما تم فيها من تعديلات وإصلاحات ستؤدى إلى دمار السودان، لذلك نحن متمسكون بقوة وبشدة على أساس أن يتم الحوار بعد تحقيق متطلباته بصورة صحيحة. ü ظل الحزب الشيوعي وطيلة كل هذه الفترة ينادي بضرورة إسقاط النظام وإن لم نكن نرى شيئاً ملموساً على أرض الواقع؟ - نحن نعمل من خلال الجماهير وقد تم تسجيل كامل للأزمة في كل مرحلة وإن كانت متصاعدة، النظام كان يعمل على أن يضيق على كل القوى السياسية أو عامة الشعب واستمر النظام يخضع لهذه الموازين ويعمل على عمل اتفاقيات على اتجاه أن يحدث تحول ديمقراطي حقيقي مثل إيقاف الحرب وانتخابات حرة ونزيهة. ü هنالك من يرى أن الحزب الشيوعي لديه من الحريات ما يتعارض مع الدين الإسلامي ما تعليقك؟ - نحن ضد استغلال الدين والإسلام وهذا النظام قام بنظام شمولي وهم يتحدثون بأنهم يحكمون بشرع إسلامي، والإسلام عندنا فيه مسلمون ونحن موقفنا أن تكون هنالك وحدة وطنية تحترم كل الأديان وتعمل على رعاية هذه الأديان وكل متدين أو كل المجموعات المتدينة لديها الحق في أن تقيم شعائرها كما لديها الحق أن تدعوا إلى دينها. برأيك لماذا رفض مجلس الأحزاب تسجيل الحزب الجمهوري؟ - أليس هذا مؤسفاً ما خرج به مجلس الأحزاب ورفضه لتسجيل الحزب الجمهوري، هذا في اعتقادي مشكلة في وقت يتحدثون فيه عن الحوار وعن التنوع في السودان وقد يكون هذا الحزب مدرسة جديدة في الإسلام، أليس من المستغرب في هذا النظام الذي غرق في كل هذا الفساد وأدى إلى انهيار السودان بهذا الشكل، والنظام الذي وصل مستوى الفقر عنده إلى 95% من شعبه وأصبح العلاج فيه كسلعة وأكبر معدل وفيات أطفال وهم يتحدثون عن الشريعة، القضية الأساسية هي كيف تستطيع أن تدير هذا السودان في سبيل توزيع السلطة والثروة والخدمات والتنمية، وبالتالي تكون هنالك قيم إنسانية حقيقية مستمدة من الأديان ولكن لا يمكن في إطار الفقر والظلم، فالفقر عندما يحل تتبعه الرذيلة، والشيء الذي نرفضه هو استغلال الدين. لماذا فشلتم في إقامة ندوات خارج العاصمة؟ - نحن لم نفشل في إقامة أي ندوات في أي مكان وكنا حقيقة ممنوعين من إقامة ندوات في المياديين وبالتالي فرضوا علينا أن تكون الندوات وأن نخاطب جماهيرنا داخل الدور، وبعد أن استطاع الشعب السوداني أن يفرض حق الحريات خرجنا إلى الشارع وعملنا ندوة في ميدان الجامعة الأهلية وجاءت الندوة حول متطلبات الحوار وماذا تهدف من إقامة هذا الحوار ووجدنا تجاوباً كبيراً وعدد الحضور أيضاً كان كبيراً وتناولته عدد من وسائل الإعلام والصحف. كيف تنظرون إلى حل أزمة جنوب كردفان والنيل الأزرق والمساعي التي تقوم بها الحكومة في هذا الاتجاه؟ - أولاً أزمة جنوب كردفان والنيل الأزرق وأزمة السودانيين في الشمال هي أزمات مترابطة مع بعض نتيجة لأنها بقيادة السياسة الديمقراطية والتي هي مربوطة بسوء توزيع الثروة والسلطة واحتكار النظام الشمولي لكل موارد البلد، وبالتالي لا تحل هذه الأزمة كشكل جزئي وثنائي، لأن التجارب دلت على أن الثنائية والجزئية لا توصل إلى حل حقيقي للقضايا، بل تكون هنالك هدنة وفي اعتقادي أن حل هذه القضايا يتم كحل شامل جامع يحضره كل السودانيين ونحن نعتقد أن هنالك لقاء ما بين الحركة الشعبية قطاع الشمال والحكومة في سبيل اتفاق وتوصيل المعونات الإنسانية للمستحقين في مناطق الحرب. ياسر عرمان يود المجيء إلى السودان لكنه يطالب بضمان ما تعليقك؟ - المشكلة ليست في أن يأتي عرمان أو أن لا يأتي، نحن محتاجون لأن تكون هنالك ضمانات لكل شعب السودان يشعر من خلالها أنه آمن، وعرمان في ظل تقديمه إلى محاكمة وهو محكوم عليه بالإعدام يحتاج فعلاً إلى ضمانات حقيقية وياسر عرمان وحده لن يحل الأزمة، وإن كان الحل يكمن في دفع المستحقات لعقد مؤتمر دستوري ناجح إلى قيام حكومة انتقالية على أساس أن يقوم مؤتمر دستوري لحل قضية أزمة السودان حتى يشعر الشعب السوداني أنه آمن وليست القضية في حضور عرمان أو عدمه. ما هي رؤيتكم كحزب في الفترة المقبلة لحل القضايا العالقة؟ - رؤيتنا كانت واضحة بعد الانتخابات كنا نعتقد في أن الانتخابات والدستور سيعمل على إيقاف الحرب وسيكون هنالك تحول ديمقراطي حقيقي وبالتالي تأتي الانتخابات حرة نزيهة يختار الشعب من يحكمه فلم يتحقق هذا وكان تزوير الانتخابات ولذلك توصلنا إلى أن يكون الحل في إسقاط النظام، لأن وجود هذا النظام لن يحل الأزمة وما زلنا عند موقفنا لإسقاط النظام، وإذا طلب أن يكون هنالك حوار من الضرورة أن نصل إلى ما كنا نرجوه من إسقاط النظام وتفكيكه وإحداث تحول ديمقراطي حقيقي ونعقد فيه مؤتمر قومي دستوري، إذا استجاب النظام لمستحقات الحوار مرحباً واعترف بأن سياساته هي التي أدت إلى هذه الأزمة ومن ثم ضرورة تغيير هذه السياسات وبيان ضرورة حكومة انتقالية نحن نرحب بهذا ومستعدون لنجلس في حوار أو مائدة في سبيل أن يحدث حل حقيقي أو تفكيك النظام، غير هذا نحن ماضون في طريقنا في سبيل إسقاط هذا النظام. الأحزاب المعارضة وإن تضافرت أثبتت فشلاً ذريعاً فى سبيل الوصول إلى ما تريده؟ - هل النظام هو الفاشل أم الأحزاب هى الفاشلة، الشارع كله يستعد للخروج ويرفض هذا النظام ليس فقط في العاصمة والأقاليم، بل فى مهجر السودان، والنظام «حيطة ومالت» أو آيلة للسقوط في هذا الوقت والأفق انسد أمامه، وهذا الشيء هو ما جعله يدعو للحوار وهم حقيقة يريدون أن يقودوا المعارضة والشعب السوداني إلى انتخابات أخرى مضروبة يجددوا فيها نفس التجربة، لذلك لا يمكن أن تقام انتخابات في ظل هذه القوانين الموجودة، ولا يمكن أن تقوم انتخابات وهم مسيطرون على كل أجهزة الدولة والتي هي أساساً تشارك في الانتخابات منها الخدمة المدنية والأجهزة الأمنية والعرقية والقضاة ويسيطرون على البنوك، وأي قوة سياسية تريد خوض الانتخابات تبدأ من مكان غير متكافيء وبالتالي يأتي إلى الحكم في إطار شعبي. الفساد الذي يتحدثون عنه فيما يخص نهب أموال هذا الشعب، لماذا ظهرت بوادره العلنية في هذا الوقت تحديداً؟ - الفساد الذي ظهر في الفترة الأخيرة من خلال المراجع العام وإن لم نكن نسمع بأنه تمت محاكمة أي فاسد في هذا البلد، الشعب والجماهير كانت تتحدث أن هنالك فساداً في مرافق الدولة وخصخصتها وبيع أراضي وقد منعوا الشعب السوداني من الحريات ومنعوا الصحافة والتي هي الأداة الحقيقية التي تكشف الفساد وتحاربه تحت ظل الظروف الجديدة، وعندما ظهر الحواروتفتحت الحريات تحت ضغط الجماهير والمعارضة انفجرت الأوضاع، وهذا قليل من كثير وكلما أتيحت حريات تتكشف الأمور وبذلك تحدث محاسبات ومحاكمات لذلك هم يرفضون إطلاق الحريات بصورة صريحة والغاء القوانين التي تبيح الحريات، لكي لا ينكشف كل ما هو مستور، والفساد لم يبدأ الآن فهو منذ أيام طريق الإنقاذ الغربي إلى أن وصلنا إلى هذه المرحلة. هنالك من يرى أن الحزب الشيوعي حزب كهل ليست لديه مشاركات شبابية؟ - ليس حقيقة ويمكن آخر ليلة سياسية أقيمت كان عدد الحضور الشبابي كبيراً جداً وعدد كبير من مكونات الشعب السودان، وفي الجانب الآخر الذي أود أن أشير إليه وفي خلال الأربعين عاماً الماضية كنا نعمل في مجالات سرية لذلك لم تتمكن الأجيال من أن تتعارف مع بعضها، فالثورة لا تقاس بالعمر، بل بالعطاء الثوري لذلك لا أعتقد أن البديل أن نأتي بشباب فقط ولكن أن نأتي بشباب ثوريين مقتدرين ليكونوا مشاركين فى المؤتمرات القادمة. خلال الفترة الطويلة التي تقلد فيها نقد سكرتارية الحزب بكل خبراته فشل في إسقاط النظام فما الجديد الذي سيأتي به الخطيب؟ - عمل الحزب ليس منقطعاً سواء أن كان عبد الخالق أو نقد أو الخطيب، هو عمل متواصل وكل مرحلة تتغير الأفكار السياسية منذ العام 56 يسير في اتجاه خاطيء لا يؤدى إلى حل الأزمة السودانية ورثنا كل ما هو من الاستعمار وسلكنا دربه ونحن ما زلنا دولة ترسل مواداً خاماً والمواد الأولية للآخرين في الخارج ثم نستورد أشياء من الخارج ما عدا تغييرات بسيطة، ونحن نحتاج إلى تغيير كامل شامل على أساس أن تحدث نهضة زراعية وصناعية على أساس زيادة الفائض الاقتصادي في السودان لنهضة السودان والشعب السوداني قوة اليمين والرأسمالية في البلد والقوة التي ليست لديها مصلحة يضعون العراقيل في طريق السودان ثم بعد ذلك تأتي الأنظمة الشمولية التي تسير على نفس الطريق ولذلك نحن فعلاً محتاجون لعمل مؤتمر دستوري قومي لحل الأزمة السودانية، ثانياً نحن نعمل في إطار أن تكون هنالك ديمقراطية حقيقية ليست على مستوى أن تقوم انتخابات والحرية الأساسية هي التي تسود في قاع المجتمع وفي النقابات والتعاونيات والأندية والروابط وفي كل الجبهات التي ينبغي أن يكون هنالك تفاعل جماهيري في حل الأزمة السودانية لكي تذهب إلى الأمام. اخر لحظة