لم تمر ساعات على ختام انعقاد اجتماعات الهيئة المركزية لحزب الأمة القومي حتى اشتعلت النيران داخل الحزب على خلفية غضبة الأمين العام المعزول د. إبراهيم الأمين، ولعل اللعنات تلاحق الحزب عند كل اجتماع هيئة مركزية، فالمحفل السابق اختتم بصراعات مع تيار د. آدم مادبو.. ثم تسارعت الأحداث في الحزب عقب عودة القيادي المثير للجدل مبارك الفاضل وتكهنات بتغييره لمجريات الأحداث داخل الحزب العريق.. آخر لحظة أجرت هذا الحوار مع نائب رئيس الحزب اللواء «م» فضل الله برمة ناصر والذي كان لقاءً أقرب ما يكون لجرد حساب لاجتماعات الهيئة المركزية وما تلاها من أحداث.. برمة أجاب على تساؤلات الصحيفة وكان صريحاً في إجاباته أو هكذا اعتقدنا. كيف تنظر لطعن أمين الحزب السابق د. إبراهيم الأمين في اختيار خليفته سارة؟ - د. إبراهيم الأمين أخ وصديق وزميل وقيادي من قيادات الحزب وله تاريخه ونضاله واجتهاداته الفكرية وإن اختلف مع حزبه والرؤية السياسية، فهذه ليست نهاية المطاف، بل هنالك الكثير الذى يربط بينه ومؤسسات الحزب، الأمر الذي يحتم على الجميع المحافظة على هذه العلاقات، وإلى هنا لا أود أن أخوض في هذا الأمر. لكن د. إبراهيم الأمين وصف ما تم بالإخراج الساذج؟ - قطعاً لم تكن كذلك، فما حدث كان عملاً سياسياً ديمقراطياً قال فيه الناس كلمتهم بكل حرية، وتم الانتخاب كذلك بكل ديمقراطية وليس بإيعاز من أحد وأقول بالأمانة كلها إن هذا الحزب هو بذرة العبقرية السودانية التي جمعت بين القطاعات الحديثة والتقليدية. موقف إبراهيم تطابق مع رأي شباب الحزب في بيان لهم اعتبروا ما جرى في الهيئة المركزية لم يكن ديمقراطياً؟ - هذا غير صحيح وأقول إن الأمة القومي حزب يعشق الديمقراطية ويمارسها بشفافية ومسؤولية واضعاً نصب عينيه أنها نور ونار، ومن أراد نورها فليكتوِ بنارها.. والكل يعرف أن حزب الأمة رغم ما يقال عنه هنا وهناك، يقول تاريخه الحديث ناهيك عن تاريخ سلفه الصالح إنه من أكثر الأحزاب تصدياً للدكتاتوريات التي جثمت على صدر الشعب السوداني سنين عددا، وفي عهد الإنقاذ بصفة خاصة تمسك الحزب بموقفه بعدم المشاركة إلا في حكومة ديمقراطية أو إجماع وطني، وظل ينادي منذ البداية بأن الحوار الوطني هو السبيل الأمثل لحل قضايا الوطن سلمياً وأن خياراته الأخرى مفتوحة إذا وصل أمر الحوار لطريق مسدود، وأوضح الحزب في إستراتيجيته الشاملة خطه السياسي وأهدافه السياسية التي يجاهد لتحقيقها وهي تحقيق السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي الكامل، كما حدد وسائله لتحقيق هذه الأهداف في خيارين لا ثالث لهما، الخيار الأول هو الجلوس حول طاولة المفاوضات أسوة بكوديسا جنوب أفريقيا أو التعبئة الشاملة واستخدام كل الوسائل المتاحة سلمياً، أكرر سلمياً كما حدد إليه تنفيذ برنامجه السياسي المتفق عليه مع بقية القوى السياسية لقيام حكومة قومية انتقالية لا تعزل أحداً ولا يهيمن عليها أحد. إذن ما رأيك في اختيار سارة نقد الله كأمين مركزية الحزب؟ - سارة نقد الله سياسية ومناضلة من الدرجة الأولى وديمقراطية من الدرجة الأولى ومن بيت أنصاري وبيت نضال وفيها القيادة بصفات مكتسبة وصفات موروثة، إذن هي تستحق المنصب بجدارتها وكفاءتها وبترشيح ديمقراطي... يقولون إن اختيارها بتلميح من الصادق المهدي؟ - دعني أقول لك مجدداً إن الاختيار كان ديمقراطياً، وثانياً الرئيس الصادق المهدي هو رئيس الحزب وإذا أشار أو ألمح فهذا دوره والسؤال لماذا إذاً هو في القيادة والرئاسة أليس لاتخاذ القرارات، وهذه هي وظيفته التوجيه، والإرشاد هي وظيفة القائد وما يخرج من حديث هو مماحكات سياسية. كيف تنظر للمؤتمر العام للحزب؟ - هو مؤتمرنا السابع في الترتيب ولعلمك هنالك أحزاب حتى الآن لم تعقد مؤتمرها الأول ناهيك عن السابع أو أي ترتيب، وهذا المؤتمر العام للحزب هو صاحب الكلمة الأولى الذي يختار رئيس الحزب والهيئة المركزية والخط العام للحزب،، ويلي المؤتمر العام مؤسسة الرئاسة ثم الهيئة المركزية التي تختار الأمين العام والمكتب السياسي وهناك بعض المؤسسات الأفقية والرئاسية لمساعدة الرئيس لأداء مهامه المختلفة وكل هذا بطريقة ديمقراطية، وعن ذات الديمقراطية أقول إن جميع أعضاء المؤتمر العام مصعدون من قواعدهم من القرى والفرقان حوالي أربعة آلاف وكذلك جميع أعضاء الهيئة المركزية منتخبون من المؤتمر العام، وجميع أعضاء المكتب السياسي منتخبون من الهيئة المركزية والأمين العام منتخب من الهيئة المركزية بالإضافة لنسبة 5% هي لرئيس الحزب لخلق التوازنات الفنية من الشباب والمرأة. هل تتوقع في المؤتمر القادم رئيساً غير المهدي؟ - كل الأمر متروك للانتخابات وللديمقراطية والممارسة الحزبية والمنصب متاح للجميع وكل مجتهد يرشح نفسه. رغم هذا التسلسل والتنظيم هناك ملاحظة أن تجاذبات وتقاطعات كثيفة داخل الحزب أدت لخروج تيارات وقيادات ما السبب؟ - أقول لك كل فرد داخل مؤسسات الحزب يمارس حقه الديمقراطي والتعبير عن رأيه بكل شفافية ولكن رأي الأغلبية هو الذي يحسم الموقف عند التصويت إذا تطلب الأمر ذلك، كما أن من حق أي عضو أن يثير ما يشاء من المواضيع وأن يضيف لأجندة الاجتماع ما يرى ولكن الشرط الوحيد المطلوب الالتزام به من الجميع هو أن تناقش قضايا الحزب داخل مؤسساته وعدم نقلها لوسائل الإعلام... ü هل تقصد مؤتمر د. إبراهيم الأمين الأخير؟ - أنا أتحدث إليك عن الشرط وهو يوضح كل ما جرى ويجري بشأن الإلتزام بالمؤسسية، وأقصد أيضاً أي شخص ينقل ما يجري داخل مؤسسات الحزب لوسائل الإعلام، وأشير إلى أن للحزب ناطقاً رسمياً وإذا تطلب الأمر في أي موضوع، فيتم عبر مؤتمر صحفي عبر المؤسسات وليسوا الأفراد. ü ماذا عن الهيئة المركزية وصراعات التيارات بين أعضاء الحزب، وهل انتهت بتعيين سارة نقد الله؟ - هذا سؤال جيد في توقيته عن انتقاد ما جرى في الهيئة المركزية، أقول أولاً إن الحزب هو الأول بدون منازع في عقد مؤتمراته العامة وهيئاته المركزية حرصاً منه لأن يقول لأصحاب الشرعية الحقيقية المنتشرين من قواعد الحزب في كل أنحاء السودان، أن يقولوا كلمتهم ويجددوا العهد في قيادتهم ويقولوا آراءهم في السلبيات والإيجابيات، بل إن بعضهم طالب الصادق المهدي بحل كل المؤسسات، وما يحدث من صراعات الآن لا معنى له وسط هذه الديمقراطية، وأقول «إن رأي الجماعة لا تشقى البلاد به ورأي الفرد يشقيها». رغم ذلك متهمون بأنكم حزب تقليدي عقائدي ويسيطر عليه آل المهدي؟ - أقول لك هذه مكايدة سياسية ليس إلا، فحزب الأمة كما قلت بذرة العبقرية السودانية التي جمعت بين القطاعات التقليدية والحديثة ويضم قطاعات كبيرة من الشعب. أما بالنسبة لأبناء الرئيس فثلاثتهم «مريم ورباح والصديق»، جاءوا بالانتخاب، وثانياً لديهم عطاء واضح من مريم وجهدها السياسي إلى كتابات رباح الصحفية وتنويرها للرأي العام، إلى الصديق وحراكه في الحزب، وجميعهم فاعلون في الحزب. يتردد أن الحزب تناسى قطاعات مهمة بالولايات، وأصوات في كردفان تتساءل عن دوركم في قضية أبيي وتلك المناطق دوائر كانت مقفولة للأمة والأنصار؟ - كل القضايا بالنسبة إلينا وطنية لا تتجزأ ولا تتقسم من كردفان إلى دارفور إلى جبال النوبة إلى النيل الأزرق، الهم واحد والهدف الوطن وقضية أبيي نقول إنها شمالية منذ أن تم الانفصال وقلنا سابقاً إن تضمينها في بروتكول ضمن اتفاقية نيفاشا كان خطأ إستراتيجياً خطيراً كلفنا الآن منطقة ملتهبة، ونعتقد أن أصحاب المصلحة الحقيقية هم المسيرية والدينكا نقوك يجب أن لا يكونوا خارج القرار. كيف تقرأ عودة مبارك الفاضل في ظل الاستقطابات الحادة الآن بين تيارات الحزب وتلويح الأمين السابق بتكوين جبهة جديدة؟ - أقول إن مبارك الفاضل كان في الحزب وانشق منه وانضم للحكومة وخرج منها وانضم للجبهة الثورية والآن عاد هذا هو مبارك الفاضل وما يحدث يوصف الحال الذي عليه، واعتقد أنه ما عمل شيئاً أو سوف يعمل أي شيء وحتى الذين انشقوا عن الحزب أقول أين هم الآن، فقد ذهبوا لكن الحزب باقٍ وماضٍ بذات مبادئه وطريقته مؤمن بدستوره ولوائحه. إذن هل نقول إن أزمة حزب الأمة انتهت أم بدأت الآن بعودة مبارك الفاضل وخروج دكتور إبراهيم الأمين؟ - حزب الأمة أقوى من كل أزمة ونحن الآن في مرحلة جديدة لبناء تنظيم الحزب على أسس ديمقراطية ونجدد فيه الدماء ولا ننظر للوراء سواء عاد مبارك الفاضل أو خرج إبراهيم الأمين، فالحزب مسيرته ماضية بمبادئه كما قلت لك سابقاً. لديك تصريح صحفي بأن حزب الأمة القومي يقترح أن تكون آلية الحوار 10+10، ماذا تقصدون؟ - أولاً نحن نادينا بالحوار منذ يوم 19 مايو 2013م، وطرحنا ميثاق النظام الجديد وكنا سباقين على الكل، وما طرحه المؤتمر الوطني عن الحوار هو فكرتنا التي طرحناها قبله ولكن على كل نحن هدفنا إصلاح البلاد والوطن والوفاق على صيغة واحدة وحددنا فيها خيارين، أولهما الجلوس في طاولة مفاوضات أسوة ب «الكوديسا» الجنوب أفريقية، إذا توافق الناس عليها كفى الله المؤمنين شر القتال، وإذا لم يتفق فالخيارات مفتوحة، وفي هذا السياق لا ننسى الحركات المسلحة ودعوتهم للحوار واقترحنا أيضاً ما يسمى بالمجلس الأعلى للسلام... مقاطعاً: لكن يا سيادة اللواء الملاحظ أن كل حزب متمسك برؤيته ويقول هذه هي فكرتي، وهذه هي أطروحاتي ويجب أن يؤخذ بها، بينما يضيع الوطن في انتظار توافق الجميع؟ - أنا أقول واسأل من في الأحزاب التي تتحدث عن مبادرة لديها الآن مبادرة مكتوبة وواضحة وتم تقديمها.. لا أحد غير حزب الأمة القومي، الجميع يتحدث ولكن ليست لديه مبادرة مفعلة، نحن مبادرتنا مكتوبة، بل دخلنا بها حيز الفعل والنقاش ولدينا لجنة سميناها «نداء المصير الوطني»، ومررت أنا شخصياً على كل القوى السياسية، لكن أقول هناك فرق ما بين الفعل الإيجابي والتنظير والجلوس في مربع واحد والتخندق خلف الأقوال لدى البعض من الأحزاب، نحن الوحيدون الذين تحركنا وقابلنا كل القوى السياسية وكلهم قالوا إنهم سيردون علينا وأكدوا على أن الحوار مبدأ ويريدون حواراً شاملاً وقدمنا كل طلباتهم للرئاسة. ً لكن هنالك صوتاً معارضاً للشباب داخل الحزب ضد السياسات والقرارات التي يعتبرونها فوقية وغير ديمقراطية؟ - كما قلت لك لهم كافة الحق في الاعتراض لكن وفق اللوائح والنظم ولهم حرية الممارسة داخل الحزب، وأقول لك أي شخص يخرج عن المؤسسة ودائرة البيت الكبير لن يحقق شيئاً من مطالبه... مقاطعاً: ماذا تقصد بالبيت الكبير، هل هو بيت آل المهدي؟ - ضحك وقال طبعاً أنت توقعت أنني أقصد بيت آل المهدى للإثارة، لكن أقول لك أنا أقصد البيت الكبير وهو بيت حزب الأمة القومي وهو البيت المفتوح للجميع بأن يتناقشوا داخله لا من خارجه تجسيداً لمعنى الأمة والقومية. إذن السؤال الآن ما هي الخطوة القادمة بعد تعيين الأمين العام للهيئة المركزية؟ - هذا سؤال جيد، أولاً الخطوة الأولى هي إعادة بناء التنظيم لحزب الأمة القومي وتم إعطاء التعليمات لكل القيادات والرؤساء الذين حضروا بإعادة تنظيم عضويتهم والابتداء بالتصعيد لها، وكذلك تنظيم الخمسة قطاعات من الشباب والفئات والمرأة والمغتربين بالمهجر والطلاب، وثانياً أقول إن قضيتنا هي قضية الوطن التي لن تحل إلا بتوحيد الكلمة، ولذا فلنتحمل مسؤوليتنا الوطنية لأن بلدنا في خطر حقيقي ولنتجاوز تطلعاتنا الشخصية من أجل الوطن وآن الأوان لذلك. اخر لحظة