*تم اختراق سجل الاراضى واصبحت حيازة خرط كاملة معروضة للزبائن ومهد ذلك الطريق لمافيا الاراضى بقلم/كمال عوض* فى مقال سابق تعرضنا الى الارض فى السودان وماتمثله من قيمة اقتصادية وعرضنا الى النظام الذى اسسه المستعمر للاستفادة من الموارد الاقتصادية للسودان ونواصل فى هذا المقال الى الخلل الذى لازم تسجيلات الاراضى فى ظل نظام الانقاذ كيف نشأ نظام تسجيلات الأراضي؟ بدخول الإستعمار المصري الإنجليزي السودان غازياً وقبيل أن تهدأ الأحوال وتجف الجراح شرع الإنجليز بمجرد استلام السلطة وبداية من مدينة دنقلا شرعوا في تأسيس مكاتب للمساحة ومكاتب تسجيلات للأراضي وكيف لا وهم قدموا بلادنا لإنشاء مشروعاتهم بداية بالزراعة وزراعة محاصيل محددة..زراعة القطن لمصانعهم في لانكشير فلاحظوا أن الزراعة في دنقلا محازية لمجرى النهر ونظام الري كان عن طريق السواقي فأنشأوا مكب مساحة ومتب تسجيلات وبشروط المواطنين بالخير الوفير وتعديل الحال وكان ذلك في عام 1901 بالتقريب.ثم واصلوا تقدمهم نحو أراضي الجزيرة الطينية والمنسبطة مد البصر وأنشأوا مكاتب للمساحة وتسجيلات وذلك أعتباراً من عام 1903 وعمموا هذا النظام تباعاً على كل البلاد وقاموا منذ عام 1901 بتعميم قانون الأراضي وتسجيلاتها سمى بقانون 1903 إلى نهايته في 1925 وهو القانون الذي لازال سارياً حتى اليوم ولا تنجح أي محاولة لتخطيه أو تعديله والويل والوبال لمن يحاول ذلك. بنى القانون 1903-1925 على العرف السوداني من البيئة والقانون الهندي ونظام المساحة الإنجليزية والقانون الهندي مبني على العرف المقارب لأعراف السودان.ولقد نظرنا إلى القوانين التي لجأ إليها الإنجليز فيما يختص بمشروع الجزيرة والأخر تجد أن الإنجليز وضعوا هذا القانون لتجريد الأهالي من أراضيهم التي لم تكن تزرع بواسطة هؤلاء المواطنين بل كانت مراعي وكانوا يزرعون قطع صغيرة قرب منازلهم لتوفير كميات المأوونة الزهيده من الذرة والدخن وكانوا يشيعون بأن الحكومة سوف تعوض الأهالي نقداً بنظام التأجير السنوي إلى أن اضمحلت الدعوى فصار الإنجليز يوظفون المزارعين وأسرهم موسمياً في أعمال هامشية كاللقيط أو مراقبة المياه. ولتهدئة الأحوال وتطمين الأهالي بدأ نظام التسجيل بعمل لجان للتسوية لإثبات حقوق المواطنين وهي لجان مكونة برئاسة المفتشين المصريين ومن الإداريين الإنجليز ومشايخ القرى والعمد لإثبات أقوال المدعين ولحسم المشاكل التي تظهر أثناء إجراءات التسوية خاصة وأن الجزيرة هي موطن الشهيد البطل المقاوم لأعز الشهيد عبد القادر ود حبوبة ورفاقه ود أزرق ومارس الإنجليز سياسة ناعمة جداً مع الأهالي حتى تمكنوا من زراعة الفلوات حتى طفح كيل القطن وزاد إمداد لمصانع لانكشير ويورك شير.ولقد تبحر قانون التسجيلات حتى شمل تخطيط المدن وإعادة تخطيط المدن ومشاريع التعدين والمواصلات والمواني وتوسعت وأنتشرت مع تفعيلاته مكاتب المساحة الأداة الأولى في التخطيط والاستثمار.(فأين مصلحة المساحة السودانية الآن مجرد مكتب غرب النيل بالقرب من كبري أنشأه الاتراك قطعت أرباً أرباً وآل مرفق طبق فيه هول الرفت للصالح العام كانت مصلحة المساحة وهي المصلحة التي خططت وأسكنت كل الشعب السوداني في منازل ومدارس وكل عمران..أجرينا احصاء لكل العاملين بها وكانت النتيجة أن عدد الأفراد الذين يسكنون منازلاً يملكونها لم يتعدى 3% وكان ذلك في أول وآخر مؤتمر للمساحة ورفض طلب نقابة العاملين وكان قرار الرفض من لسان جعفر النميري الذي اعلنه بدون أدنى عذر..هذه كانت الحقيقة. كيف ظهرت مافيا الأراضي؟ يبدأ بناء التسجيلات بإعلان قرار جمهوري صادر من رئاسة الجمهورية وبنى على قرار صادر من رئاسة مجلس الوزراء بعمل تسوية ولأغراض قومية لإقامة مشروع ما للصالح العام.يصدر هذا الإعلان في جريدة الدولة (الغازيتا) ويصدر في كل الصحف السيارة ووسائل الإعلام الأخر يعلن ولفترة زمنية كافية لإنتشار الخبر.وتبدأ وزارة العدل في تزويد رئيس التسجيلات العام والذي بدوره يحول القرار إلى مكتب التسجيلات الخاص بمنطقة التسوية وتقوم وزارة العدل بتعيين قاضي من الدرجة الأولى للقيام بمهام إجراءات التسوية في الميدان . يعين القاضي المكلف مساعدين له لإنجاز العمل الميداني للتسوية وإجراء التحقيقات مع الأشخاص المدعين والمدعي عليهم وإصدار حكمه.وتشمل المساعدين: (1)مهندس مساحة وهو يختار معاونيه من المهندسين المختصين في مجال المساحة.(2)أثنين من الإداريين من وزارة العدل وتنحصر مهمتهم في تحديد وتثبيت حدود أرض المدعي على الطبيعة وذلك بزرع وتثبيت علامات ظاهرة للعيان وارشاد لجنة التسوية (القاضي+المدعي والمدعي عليه والمشايخ والعمد المحليين للتعريف.(3) وبوجود اللجنة يقوم مهندس المساحة بإجراء القياسات اللازمة ورسم كروكي بالابعاد وربط القطعة المعنية بنقاط معلومة الإحداثيات والهدف هو تجميع كل الأراضي في خارطة دقيقة والقطع يتم ترقيمها ويحضر لها كشفاً حسابياً.بمساحاتها ودفاتر كروكيات تسمى دفاتر الحقل وتسلم جميعها بإنتهاء عمل التسوية لمدير عام مصلحة المصاحة.بإنتهاء العمل الميداني يقوم قاضي التسوية الميدانية يعلن القاضي عن فترة الطعون وبإنتهاء فترة الطعون تسلم الأحكام إلى وزير العدل الذي يقوم بدوره لتسليمها لمكتب التسجيلات المختص لفتح سجل المنطقة قدي البحث.ولا يجوز مطلقاً إجراء أي مسوحات ميدانية أو تعديل أي قياسات أو تزويد كائن من كان إلا بصدور حكم قضائي من محكمة عليا في الإطار الزمني للاستئنافات ولا يجوز قانوناً وشرعاً فتح السجل للاضطلاع عليه من أي شخص سوى رئيس مكتب التسجيلات.كما لا يجوز مطلقاً أن يكون موقع الأرض في مكان وتستخرج الشهادات والكروكيات من مكان آخر . وحيث أن السجل يتكون من جناحين.فالتسجيلات ترأس أعمالها بحفظ القرارات القانونية؛خلاصة قاضي التسوية بتفاصيلها وهذا أول جناح.أما الجناح الثاني فهو فني بحق ويتمثل في الخرط ودفاتر الحقل وكشوفات المساحة وارنيك (10) والكروكيات وهذه تذهب رأساً لمدير مصلحة المساحة والذي يحولها لمكتب المساحة المختص يعمل التعديلات اللازمة لقطع الأراضي (فصل وضم وتضريب مساحات وتعديل أرقام حسب مقتضيات العمل لاداء التسجيلات.والسجل هو تدوين لتأريخ تداول ملكية الأرض من شخص لآخر.الخرط الميدانية ترسم بمقاس رسم وتشمل كل القطع السكنية والزراعية بأرقامها وقياساتها وتفاصيل أبعاد الأضلاع والأوتار وهذه تدون على الشكل الخاص بالخرطة وتحبّر بخط واضح وتوضح الأطوال والمساحة بالمتر المربع في القطع السكنية وبالفدان وكسوره في الأراضي الزراعية يوضع رسم اتجاه الشمال في أعلى الخرطة.في دفاتر الحقل الزراعية فيتم رفع مساحي تفصيلي شاملاً للترع والقنوات الرئيسية والآبار الارتوازيه الموجوده والمخازن وأشجار الفواكه والنخيل من الأشجار الثوابت ولا ترسم الأشياء القابلة للإزالة والترحيل كطلمبات المياه ومواسيرها وطواحين المياه الهوائية.كما يتحمل مدير الأرض إزالة وترحيل المقابر والزرائب والسلك الشائك والبرك التي أحدثها كحفر وبرك كمائن الطوب والترع يكلف بردمها أو تسطيحها..المهم تدور كل الأشياء حتى نهاية مرحلة العقد الموقع مع الحكومة لو كانت الأرض مؤجره بعقد حكومي أخيراً يتم ارفاق أورنيك (10) للقطع السكنية أورنيك لكل قطعة وأورنيك (11) لكل قطعة زراعية واخيراً يقوم المهندس بكتابة خطاب شامل لمدير المساحة مع كل الأوراق المذكورة أعلاه وتفاصيلها التي يوجه المدير لتحويلها لمكتب المراجعة العام بالمصلحة ثم تعود إليه بعد المراجعة ليقوم المدير بإرسالها لمكتب المساحة الفرعي المختص لحفظها لديه حيث يستطع العمل بهذه الوثائق لتسيير مع مكتب التسجيلات . وقد جرى اختراق السجل من قبل صغار الموظفين واشباه الإداريين وسماسرة الأراضي الذي وصل تعديهم إلى حيازة خرط كاملة توجد معروضه للزبائن في مكاتبهم وهذا ما خلق ما يسمى بمافيا الأراضي وهي الآن سيدة الموقف والأب الذي أدى إلى فوضى الأراضي وهي دوامة لن نخرج منها . *مهندس مساحة بالمعاش