أحياناً يدندن بأغاني الحقيبة وتسمعه بصوت خفيف عندما يحرك قطعة من الشطرنج وبأداء جيد به تقليد المؤدي: يا سمسم القضارف.. الزول سغير ما عارف .. كش ملك ! أو يرمي من ورق الكوتشينة الدو ويقول : "الحرفا مابدو" أو ينزل مضطرًا خوفاً من الهزيمة مردداً قول القائل: الأصل في الكونكان ألا تنزلا وجوزوا النزول إذ لا أملا أو يسبح في نهر النيل كأحسن ما يكون الغوص وكأنه تمساح الدميرة النزل، فقد غرق أخاه حسن في النهر وكان يتحدى الموت بالسباحة.. تفوت عليه أحياناً الصلاة في لندن ويهم من فواتها إذ الضباب وعدم معرفة الوقت يحول دونها ويقول: الصلاة في كاردف معظمها ضائع... وتراه يركب الباخرة من بور سعيد إلى لندن وفي القمرة أو مكان الطعام بعض من التفرقة العنصرية يظهر هذا من المعاملة ولا تعجبه فيعود إلى مكانه بين الأفارقة "يامان".. من ينكر صلاح الشيخ ويحلف عند الضريح وهو كاذب "موسى العزب" أو "عيسى ود قنديل" وأولاد الميدوب كلهم مشايخ وقد فعلها أحدهم وقد خرج وهو يصيح باع .. باع .. باع وصار خروفاً .. أو كالخروف.. ليدز ... في ليدز وهو يراقب حركة الناس فيه وهو الفندق الشامخ والفتاة التي تشبه البانوس ولا يعير اللون بالاً .. والكأس التي تحطمت وما ارتعشت يداه .. ده شنو.. الجامع الكبير بأم درمان – أظنه ذاك – يخطب بلا وجل ولم يبلغ الثامنة عشرة بعد أمام النفر الكثير ورجع مريضاً.. قال: سحروني وأدوني عين... في بلاد المغرب .. فاس الماوراها ناس وبعد لأي ما كتب كلماته من فاس عن أبي تمام وغيره والمجلس الحسني قال: كنا قايلين ما وراها ناس "بأسلوب ساخر" لكن وراها ناس وناس كتار يريد بذلك اكتشافات كولمبوس... بالله يادكتور رأيك شنو في اللآتي: - الشعر الحر الحديث "حنبريت". - الشعراء المعاصرون "ما في غير فراج". - الروايات العاطفية والبوليسية "ما فيها فايدة" - الجوائز والوشاحات "دلاقين وخشب" - المداحون والخطأ في اللغة "ديل مرفوع منهم القلم يا مولانا" - الألقاب والكنى "ما بتعجبني" بعجبك لقب شنو ..؟! عبدالله أفندي .. أفندي لد ... أفندي لد بضبانتين في الخلوة .. يا أبوي الشيخ .. ياسيدنا .. شوف الأولاد بياكلوا ليهم فوق عفنه.. ده شنو ...؟! فسيخ يا أولاد الكلب.. وفي المحاضرات.. يقلب لسانه في كل علم وثقافة وأدب ودين وشعر.. و.. طيب محاضرتك دي سميتها شنو ؟! محاضرتي دي زي محاضرة الشريف الهندي .. سميتها سلق سلق قدر الله ماخلق .. وحكاية المعاش دي شنو والناس بتتكلم والطلبة وجعفر نميري وجامعة جوبا حتى الإنجليز بدو يتكلموا وقالت الإنجليزية بدافع عنك بلغة عربية مكسر.. "...أرادوا به .. عشان كده رفدوا !" ويبتسم ساخرًا إذا قلبت الإنجليز به الكلمة بلغة الشوارع: "أصابت بنت سكسوينا من حيث أخطأت.. وفي بلاد شنقيط والمغرب وما جاورها من بلاد المغرب العربي يعرفون كلمة تمزيق اللحم وتجفيفه وتخزينه الدهر الطويل وهو ما يعرف بالشرموط وبعضهم يزيدها ... في بعض البلاد راجع حقيبة الذكريات.. يا دكتور أقصد عبد الله أفندي الطيب .. ! دكتور دي زهدت فيها منذ حصولي عليها في عام 1952 م متوجها الى ملكال وقصة الجنوبية المريضة ونادوا في البنطون ولم أكن طبيباً.. للأسف .. ماتت سمبله.. المتنبئ .. لم يلق التقدير المستحق والحفاوة الطيبة والتخليد الأبدي كما لم يهتم بشعره ونثره وحياته وأدبه وكتبه ... الخ أما قوله: وما مقامي بأرض نخلة إلا كمقام المسيح بين اليهود ونقرأ الآية: "ولا ينبئك مثل خبير" .. اقبض الرجل يقصد نفسه .. كان ذلك في عام 1945 م عندما ركبنا القطار متوجهاً بنا الى مدينة القاهرة .. أو قل .. الآخرة إن شئت ومنها الى بورسعيد ثم لندن ثم الى الجنة ... تقول وقد أرسلت دمعاً همولا أحقا أنت أزمعت الرحيلا أما تنفك حلا وارتحالا فديتك لو أبهت لنا قليلا ألم تر أنني أجمعت أمري فألفى مزمعاً سفراً طويلا وداعا أيها الرجل المفدى روابيك المنيفة والسهولا وكان ذلك في وداع الخرطوم من عام 2003 م يونيو أو .. كل أيام السنة ولم يقم على أمره أي من الناس "يامان"... مهندس بدر الدين العتاق