تنطبق حيثيات وتداعيات الطريقة التي الوحشية التي تعامل بها النظام السوداني الأخواني الفاشي مع حالة المناضل الوطني الجسور ابراهيم الشيخ تماماً مع مضامين بيت الشعر الخالد"نهتف ونحن في أسرك وترجف وانت في قصرك". فهاهو نظام الإنقاذ يرتبك ويرتجف مواصلاً الانتهاك الصارخ للقوانين الدولية ومواثيق حقوق الإنسان التي تنص جميعها على التعامل الإنساني والأخلاقي مع المعتقلين أصحاء كانوا أو مرضى. وابراهيم الشيخ الذي يناضل من أجل حرية الوطن وتخليصه من حكم الإنقاذ الفاشل وتصحيح الأوضاع البشعة التي وصل إليها حال البلد يقبع اليوم في سجن لا تتوافر فيه أبسط المقومات المتفق عليها دولياً حيث تضم المبادئ الأساسية لمعاملة المعتقلين، الصادرة في 14 ديسمبر 1990 أحد عشرة مبدأً، في مجال معاملة المعتقلين بإنسانية واحترام ووفق قواعد ومبادئ القانون الدولي الإنساني، وأشار المبدأ الأول منها إلى أن " يعامل كل معتقل بما يلزم من الاحترام لكرامتهم المتأصلة وقيمتهم كبشر". كما تنص المادة 85 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان المعتمد من الجمعية العامة للأمم المتحدة والصادر في العاشر من ديسمبر 1948 على أن من واجب الدولة الحاجزة أن تتخذ جميع التدابير اللازمة والممكنة لضمان إيواء الأشخاص المحميين منذ بدء اعتقالهم في مبان أو أماكن تتوفر فيها كل الشروط الصحية وضمانات السلامة وتكفل الحماية الفعالة من قسوة المناخ و آثار الحرب. ولا يجوز بأية حال وضع أماكن الاعتقال الدائم في مناطق غير صحية أو أن يكون مناخها ضارا بالمعتقلين. وفي جميع الحالات التي يعتقل فيها أشخاص محميون بصورة مؤقتة في منطقة غير صحية أو يكون مناخها ضارا بالصحة، يتعين نقلهم بأسرع ما تسمح به الظروف إلى معتقل لا يخشى فيه من المخاطر. ويجب أن تكون المباني محمية تماما من الرطوبة، وكافية التدفئة والإضاءة. وتطالب المادة 91 بتوفير عيادة مناسبة للمعتقل، يشرف عليها طبيب مؤهل ويحصل فيها المعتقلون على ما يحتاجونه من رعاية طبية وكذلك على نظام غذائي مناسب. ولا يجوز منع المعتقلين من عرض أنفسهم على السلطات الطبية للفحص. وتصرف السلطات الطبية بالدولة الحاجزة لكل شخص معتقل، بناء على طلبه، شهادة رسمية تبين فيها طبيعة مرضه أو إصابته، ومدة العلاج والرعاية التي قدمت له. وخالفت قوات أمن النظام القانون الدولي صراحة عبر الطريقة التي نقل بها ابراهيم الشيخ من سجن النهود ولساعات طويلة وعلى سيارات غيرمجهزة طبياً الأمر الذي يعتبر إمعاناً في التعذيب الجسدي والنفسي الذي يتعرض له ابراهيم الشيخ. وفي هذا الإطار تنص الفقرة الأولى من إعلان حماية جميع الأشخاص من التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية ،والصادر في التاسع من ديسمبر 1975على أن" أي عمل ينتج عنه ألم أو عناء شديد، جسدياً كان أو عقلياً، يتم إلحاقه عمداً بشخص ما يعتبر تعذيباً"، فيما نصت الفقرة 2 على: "يمثل التعذيب شكلاً متفاقماً ومتعمداً من أشكال المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة". وأكدت المادة 2 على أن:ّ أعمال التعذيب هي امتهان للكرامة الإنسانية ولحقوق الإنسان والحريات الأساسية المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان . أما المادة 3 فلم تجز لأية دولة السماح بالتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة أو أن تتسامح فيه، كما أشارت إلى عدم التذرع بالظروف الاستثنائية كالحرب أو عدم الاستقرار السياسي لتبرير التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. ونصت المادة 4 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، الصادرة في السادس والعشريثن من يونيو 1987على أن: " تضمن كل دولة أن تكون جميع أعمال التعذيب جرائم بموجب قانونها الجنائي، وينطبق الأمر ذاته على قيام أي شخص بأية محاولة لممارسة التعذيب وعلى قيامه بأي عمل آخر يشكّل تواطؤاً ومشاركة في التعذيب". إننا أمام حادثة تعكس هيمنة قانون الغاب على سلوكيات الأخوان المتأسلمين، فإبراهيم الشيخ منع من حقه القانوني المتعارف عليه في أي ركن من العالم وهو الحق في معرفة اسم الطبيب الذي سيجري له الجراحة في مستشفى الشرطة الذي وصل إليه بعد 15 ساعة من السفر المضني في صحبة حراس الأمن. وتعكس الطريقة التي تم بها ترحيل ابراهيم الشيخ في اليوم التالي إلى سجن الفولة رغم الرهق الذي أصابه خلال الرحلة من النهود إلى الخرطوم وحالته الصحية المتدهورة مدى تجرد هذا النظام من إنسانيته ومن كل القيم الدينية التي تدعو لاحترام آدمية الإنسان. وفي حين أن حكومة البشير درجت وبشكل يومي وممنهج على ممارسة التعذيب وانتهاك القانون الدولي فإن الغريب في الأمر هو غياب الرادع الدولي والصمت المريب من منظمات حقوق الإنسان والجهات المعنية بمتابعة تنفيذ القانون الدولي حيال تلك الممارسات الإجرامية الصارخة من قبل حكومة الأخوان المسلمين في السودان. المؤكد ان التاريخ لن ينسى هذه الحقبة الحالكة من تاريخ السودان والتي أراد لها الإنقاذيون أن تكون شاذه كشذوذ فكرهم وخاوية من كل نقطة بيضاء لتعكس سواد ظلامهم وممارساتهم الا إنسانية والتي يقشعر لها البدن. وسيضاف ملف الانتهاكات الصارخة التي تمارس اليوم إلى ملفات سوداء كثيرة تعبر عن سوك حزب المؤتمر الوطني منذ سطوه على السلطة قبل أكثرمن ربع قرن من الزمان. [email protected]