امستردام - - تعج وسائل الإعلام الهولندية بأخبار السياسيين والفنانين والرياضيين والإعلاميين الذين أصبحوا لا يجدون حرجا في الكشف عن علاقات مزدوجة تربطهم بطرف ثان إلى جانب شريك حياتهم. ولا تني تطالعنا في كل يوم حكاية جديدة في هذا الصدد، ولا يقتصر الأمر على الرجال فقط، بل أن العدوى وصلت أيضا إلى النساء الهولنديات. يبدو أن هناك أسلوب حياة جديداً بدأ يأخذ مجراه داخل أوساط المجتمع الهولندي، بترحيب ودعم من عدد من الكتاب والمفكرين الهولنديين، الذين أصدروا كتبا تنظر لفلسفة تعدد العلاقات على غرار فكتوريا كوبلنكو وأغيث فينمانس وأدجيدج باكاس وغيرهم من الكتاب. علما بأن الإحصاءات تؤكد أن واحداً من كل ثلاثة هولنديين (رجالا ونساء) يقيم علاقة خارج إطار الزواج. في بداية هذا العام أصدرت فكتوريا كوبلنكو وهي كاتبة عمود في صحيفة تراو اليومية المعروفة كتابا بعنوان "مستقبل الحب" خصصت فصلا منه للحديث عن مفهومها لعلاقات الحب والزواج. وقالت الكاتبة إنها تعتقد أن مرحلة الشريك الواحد أصبحت من الماضي وأن الهولنديين يتوجهون نحو تعدد العلاقات وهو ما سيميز مستقبل الحب والعلاقات في هولندا. وجاء في كتابها "أظن أننا جميعا بدأنا نعي أن العيش في ظرف علاقة واحدة لم يعد أمرا ممكنا، وأننا نحتاج إلى أكثر من علاقة لتلبية احتياجاتنا المختلفة". كما جاء في كتابها " أنا جد متشوقة لمعرفة ما ستكون عليه العلاقات في المستقبل في هولندا، أعتقد أن المجتمع الهولندي أصبح جاهزا للانتقال من مرحلة الشريك الواحد إلى مرحلة التعدد ". في فبراير- شباط 2007 ظهر كتاب بعنوان "أنا أحب رجلين" لعالمة الاقتصاد الهولندية أغيث فينمانس التي تخلت عن الاقتصاد لتنشئ موقعا على الانترنت تنظّر فيه لتعدد العلاقات. وتقول على موقعها "أنا زوجة وأم لثلاثة أطفال وعشيقة ثابتة، تخليت عن وظيفتي في مجال الاقتصاد للتفرغ للتنظير والتعريف بفلسفة تعدد العلاقات". في كتابها "أنا أحب رجلين" تقول الكاتبة "عندما اكتشفت تعدد العلاقات، عرفت من الوهلة الأولى أن هذا ما كان ينقصني"، كما جاء في الكتاب الذي يضم 280 صفحة "أنا متأكدة أن تعدد العلاقات هو الحل بالنسبة للكثير من الأشخاص، وهو أنسب وسيلة لإنقاذ زواجهم من الفشل". وتتحدث الكاتبة عن نظرية تعدد العلاقات بوصفها أسلوب حياة حداثياً يتماشى مع التوجهات الفكرية للفرد المعاصر. وتدعم فكرتها بتحليلات علمية لعدد من الباحثين النفسيين أكدوا فيها أن الاكتفاء بشريك واحد يتعارض مع الطبيعة البشرية وأن العيش في ظل علاقة زوجية فاشلة يعيق تقدم ونمو الشخص ويؤثر على طريقة تفكيره وإنتاجه. وتقول الكاتبة في مقدمة كتابها "أحب زوجي إلى درجة اسمح له فيها بالتمتع بامرأة غيري، وهو يحبني بنفس القدر". يبرر المروجون لهذه الفلسفة بقولهم أن معدل حياة الإنسان في الماضي كان 40 سنة فقط، وإذا ما تزوج في سن العشرين فان الفترة التي يقضيها مع شريك حياته هي عشرون عاما على أقصى حد. لكن مؤشر الحياة لدى الإنسان المعاصر مرتفع جدا ويصل إلى ما فوق 80 عاما ومن غير المعقول أن يقضي هذا الإنسان 60 سنة أو أكثر مع نفس الشريك. المدافعون عن هذه الفلسفة يرون أيضا أن تعدد العلاقات يمكن أن يحمي الأسرة من الانهيار ويشكل بديلا عن الطلاق الذي يعتبر عملية معقدة ومكلفة و"دامية" في أحيان كثيرة. في المقابل هناك باحثون ومتابعون يرون في هذه الأفكار مجرد صرعة عابرة، ولا تعبر إلا عن توجهات فئة محدودة العدد من الهولنديين. في حديث لإذاعة هولندا العالمية تقول أخصائية علم الاجتماع الدكتورة تماضر حسون رئيسة المنتدى الثقافي للمرأة العربية والهولندية معقبة على هذا الموضوع إنها شخصيا لا تؤمن بفلسفة تعدد العلاقات وتضيف: "هؤلاء الذين ينادون بتعدد العلاقات يفعلون ذلك لدواع شخصية، ولا أظن أن هناك دراسة علمية واحدة تستطيع أن تبرهن على أن اكتفاء الإنسان بشريك واحد يتعارض مع الطبيعة الإنسانية". وقالت الدكتورة تماضر حسون "القول بأن اكتفاء الفرد بشريك واحد معيق لنموه وتطوره قول مغلوط ولا ينبني على أسس علمية، فالإنسان قادر على الإنتاج بشكل أفضل كلما شعر بانتمائه إلى أسرة ضيقة تمنحه الإحساس بالثقة والأمان". ووفقا للدكتورة تماضر حسون فان انتشار العلاقات خارج إطار الزوجية لا يعتبر علامة اجتماعية صحية بل هي ظاهرة مقصورة على فئة معينة من المجتمع الهولندي مثل المشاهير والفنانين ومن حذا حذوهم. لمياء المقدم-