تعتقد حياة جون أن الوقت الآن مناسب تماماً للطرق علي الأبواب وأخذ حقوق النوبة وأن إقامة مهرجان خاص بتراث جبال النوبة أمر طبيعي طالما أن المهرجان محاولة لتذكير وتنبيه كل الشعوب المحبة للسلام بالمأسي التي لحقت بالنوبة عبر قرون متطاولة ، في العاصمة السودانية الخرطوم وفي ميدان البحيرة بمنطقة أمبدة أقامت شعوب وقبائل منطقة جبال النوبة المهرجان الثقافي الثاني لتراث جبال النوبة في إطار الاحتفال باليوم العالمي للشعوب الأصلية. وبالموسيقي والرقصات الشعبية والفلكور والمصارعة كانت فقرات المهرجان بمثابة رسالة لأكثر من جهة في الداخل والخارج حول تراث ولغة وثقافة جبال النوبة وضرورة الحفاظ علي تراث انساني وسوداني تعرض لكثير من عوامل التعرية والإهمال الرسمي ، وكانت قبائل وشعوب النوبة تاريخياً تواجه الموت والحرب وتقلبات الطبيعة بالرقص والغناء وتصنف قبائل النوبة في جبال النوبة بولاية جنوب كردفان والنوبيون في أقصي الشمال ضمن الشعوب الأصلية في السودان حسب تصنيف اليونسكو وبرنامج الأممالمتحدة الخاص بالشعوب الأصلية والذي أعتمد ونشر بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 61295 المؤرخ في 13 أيلول – سبتمبر 2007 ويقول البند الأول " إن الجمعية العامة للأمم المتحدة تؤكد مساواة الشعوب الأصلية مع جميع الشعوب الأخري وإذ تسلم في الوقت نفسه بحق جميع الشعوب في أن تكون مختلفة وفي أن تعتبر نفسها مختلفة وفي أن تحترم بصفتها هذه". والشعوب الأصلية حسب تعريف الأممالمتحدة هي " الشعوب الأصلية التي أقامت علي الأرض قبل يتم السيطرة عليها بالقوة يعتبرون أنفسهم متميزين عن القطاعات الأخري من المجتمعات السائدة الآن ". و أثار مهرجان تراث جبال النوبة في اليوم العالمي للشعوب الأصلية جدلاً كثيفاً ونظر بعض الصحفيين والمثقفيين السودانيين بعين الريبة والشك لمرامي ومقاصد المهرجان وبل ذهب البعض منهم أكثر من ذلك وبدت الكثير من الأسئلة ذات طابع تجريمي وظلت الأسئلة المصوبة لمنظمي ومؤيدي المهرجان الثقافي لتراث جبال النوبة تتناسل ولاتتوقف ، وفي مواجهة تلك الأسئلة وغيرها يقول البروفيسر جمعة كنده الأستاذ بجامعة جوبا وأحد منظمي المهرجان " مصطلح الشعوب الأصلية ليس مصطلحاً سودانياً حتي يحصل فيه جدل سوداني ..الجدل حول وجود شعوب اصلية وأخري غير اصلية جدل محسوم ولكن المهم هذا الجدل لاعلاقة له بالمواطنة وبالحقوق، في أمريكا الهنود الحمر شعوب أصلية في المغرب الأمازيغ شعوب أصلية ". ويزيد جمعة كنده قائلاً " مانشاهده الآن في هذا المهرجان من رقص وغناء وفلكور لن نجده في التلفزيون الرسمي للدولة وهذا خطأ ولذلك الشعوب تتمسك بتراثها وثقافتها ولغتها وكمثال أنا نوبي وسوداني أصلي وهذا لايعني أن إنتقص من حقوق شعوب السودان الأخري"ويضيف كنده " في السودان الشعوب العربية لاتعتز بأن جذورها في افريقيا وفي السودان بل تعتز بأن جذورها في الجزيرة العربية هذا من حقهم". يري الصحفي السوداني عادل كلر المهتم بتراث وثقافة الأقليات الدينية والثقافية والعرقية في السودان أن احتفال شعوب جبال النوبة باليوم العالمي للسكان الأصليين أو الشعوب الأصلية له رسالة ذات مغزي عميق ورد فعل مباشر وصريح علي الخطاب الرسمي للدولة السودانية الذي يدعو إلي سودان عربي إسلامي مع نفي الثقافات الأخري. ويزيد كلر قائلاً " المطلوب الآن هو إفساح المجال أمام الثقافات الأخري ومنها ثقافة وتراث جبال النوبة لتطويرها من داخل هياكل وبرامج الدولة من خلال برنامج تطوير اللغات القومية ". ويسخر كلر من تهم العنصرية التي وجهتها بعض الصحف لبرنامج الاحتفال بتراث جبال النوبة ويضيف " من فرط أسف مايفوت علي فطنة الكثير من المراقبين ولاسيما الصحفيين تهمة عنصرية الاحتفال وهو منظور يعكس إغتراب وجهل الإعلام السوداني بأهمية ودور التعددية الدينية والثقافية وغفلة بالغة منهم تجاه الدور الذي يمكن أن تتطلع به ". تقول حياة جون رئيسة اللجنة الإعلامية لمهرجان تراث جبال النوبة " مطالب قبائل جبال النوبة مطالب انسانية قبل أن تكون سياسية نحن نطالب بالإعتراف الرسمي بحقوق شعب جبال النوبة وتضيف حياة : حقوقنا تتمثل في الحفاظ علي لغة وثقافة جبال النوبة ونريد كتابة هذه الحق في الدستورالسوداني حتي نحفظ هذه الحقوق". ويركز المهرجان الثقافي لتراث جبال النوبة بصورة أساسية علي الجوانب الثقافية والإجتماعية والرقصات الشعبية والمصارعة وغيرها مع عدم الإقتراب بصورة أساسية لتناول المواضيع ذات الطابع السياسي لتجنب بروز خلافات سياسية تفسد أجواء المهرجان الثقافي ، ويقول الصحفي حسين سعد والذي تنحدر أصوله من جبال النوبة " فكرة المهرجان الثقافي جيدة ولها مضامين عميقة وإحياء لتراث شعوب عانت من ويلات الحرب والتهميش والإضطهاد وواجهت شعوب جبال النوبة طوال تاريخ السودان كل أشكال القمع والتمييز الممنهج" ويزيد حسين قائلاً " النظام الحالي يحاول طمس هوية شعوب جبال النوبة والنوبة من الشعوب المحبة للسلام والمتسامحة مع الاختلافات الدينية والعرقية والثقافية وعلي أجهزة الإعلام الرسمية في السودان أن تعطي مساحات لثقافات ولغات جبال النوبة وغيرها من ثقافات السودان المختلفة ". ويعود جمعة كنده مرة أخري في محاولة مستميتة لتوضيح معاني ودلالات مصطلح ( الشعوب الأصلية) ونفي وجود أي عنصرية في فكرة الاحتفال بتراث جبال النوبة وفي الاحتفال بيوم الشعوب الأصلية ويقول كنده " معيار الشعوب الأصلية : أن تكون لها ثقافة وفن وعرق مرتبط بالارض التي تسكن فيها ويكون هناك اضطهاد من المؤوسسة الرسمية نحن كشعب جبال النوبة تاريخياً تعرضنا لكثير من المظالم وللرق والإقصاء الثقافي ". تقع منطقة جبال النوبة في جنوب غرب السودان في خطي طول29 و13 درجة شرقاً وخطي 12 و30 درجة شمالاًوتقدر مساحة جبال النوبة بحوالي 30000 (ثلاثين ألف ميل مربع) وبها حوالي عشرة مجموعات سكانية من النوبة وبها عشرة لغات محلية من لغات النوبة. [email protected]