أظهرت أحداث الانتفاضة الليبية والتعامل العنيف معها من قبل الأجهزة العسكرية والأمنية لنظام القذافي، مصطلح المرتزقة الأفارقة إلى حيز الوجود. وقد تضاربت الأقوال حول هذه الفئة. فقد قيل مثلاً إن طيارين أفارقة تلقوا تدريبهم بليبيا أغراهم القذافي بالبقاء في ليبيا، لاستخدامهم في ظرف مثل هذا وهم الذين قاموا بقصف المتظاهرين من المدنيين العزل. وحسب رواية أخرى فإن هناك فئة أخرى من المهاجرين الأفارقة الفقراء تم تجنيدهم للقتال إلى جانب القذافي مقابل آلاف الدولارات. ومنذ بداية الأحداث أصدرت وزارة الخارجية السودانية بيانا تؤكد فيه ضلوع عناصر من حركة العدل والمساواة (المتمردة في دارفور) في القتال إلى جانب القوات الموالية للعقيد معمر القذافي، لإخماد الثورة الليبية وإعادة السيطرة على الوضع هناك. من ناحية عملية يمكن لهذا التصريح أن يعرض حياة مئات الآلاف من السودانيين المنتشرين في أنحاء ليبيا للخطر، في وقت تسعى فيه جميع الدول إلى إخلاء رعاياها من ليبيا. وتشير مجريات الأحداث إلى احتمال حدوث حرب أهلية حقيقية مما يزيد من خطورة الوضع بالنسبة للمهاجرين من أصول سودانية ومعظمهم من إقليم دارفور. أكد مبعوث إذاعة هولندا العالمية في ليبيا محمد عبد الحميد عبد الرحمن المتواجد الآن في بنغازي أن الوضع هادئ ومستقر في هذه المدينة وأن السودانيين هناك من أبناء إقليم دارفور وأقاليم السودان الأخرى يعيشون حياتهم العادية ولم يتعرض أحد منهم لاعتداء أو مضايقة من قبل المواطنين الليبيين. مضيفا أن تصريحات الخارجية السودانية المؤكدة لضلوع عناصر من حركة العدل والمساواة الدارفورية في المشاركة في قمع التظاهرات قد أحدثت الكثير من الهلع والجزع في أوساط المهاجرين السودانيين بليبيا الذين وصفوا تصريحات حكومتهم بأنها غير مسؤولة ويمكن أن تؤدي إلي مذبحة وسط المهاجرين الأبرياء. في اتصال هاتفي لإذاعتنا مع سليمان عبد الله احد المنتسبين لحركة العدل والمساواة في مدينة طرابلس، نفى أن يكون للحركة أي وجود عسكري في ليبيا، وأنهم ضيوف على الأراضي الليبية. مؤكدا عدم تدخلهم في شأن يعتبرونه داخليا ويخص الشعب الليبي. أما عن أوضاع السودانيين في هذه اللحظة فيقول إن طرابلس هادئة نسبيا، وأنهم يتحركون بمنتهى الحرية ولا يحسون بالخوف ولم يتعرضوا لأي تحرش حتى الآن من قبل المواطنين الليبيين. أما سعاد السودانية المنحدرة من إقليم دارفور والمقيمة منذ ما يقارب الثلاثين عاما في ليبيا فقد تحدثت معنا وهي في الطريق إلى البيت، وتقول إن الحالة مستقرة في مدينة طرابلس وأنها لا تحس بالخوف. أما عن السودانيين في بنغازي فتقول سعاد إنها سمعت بأنهم يلزمون بيوتهم ولا يخرجون للشارع توخيا للحيطة والحذر من تعرضهم لعمليات انتقامية من قبل الثوار. وسعاد على اتصال بالسفارة السودانية التي تقول أنها حاولت حصر أسماء المقيمين هناك وأخبرتهم بالجهود الجارية لتوفير طائرات لإخلاء المهاجرين، إلا أن ذلك لم يحدث حتى الآن وأنهم قيد الانتظار. وسط كل هذا أوردت أنباء متفرقة اختفاء ما يزيد على المائة من أبناء دارفور في ليبيا، وأخبار أخرى عن حالات اعتداء اغتصاب وسط الجالية السودانية، دون أن نستطيع التأكد من صحة هذه الأنباء. من ناحية أخرى لا تخفي حركة العدل والمساواة قلقها من الأوضاع الحالية في ليبيا حيث دعت الأممالمتحدة إلى إنقاذ زعيمها خليل إبراهيم بإخراجه من ليبيا. في وقت يتوقع فيه الكثيرون أن الأمور ستسير في اتجاه الأسوأ، خاصة بعد محاولات القذافي تنظيم قواته وكتائبة الأمنية لاستعادة بعض المدن في الشرق. ومحاولاته أيضا لتجنيد شباب الطوارق في دولة مالى وبعض الدول الأفريقية المجاورة للقتال ضد الثوار حسبما ورد في آخر الأخبار. إذاعة هولندا العالمية