في مشهد أعاد إلى الأذهان حادثتين مماثلتين لاحتراق معسكرات العودة الطوعية لمواطني جنوب السودان بالخرطوم، اندلع حريق هائل الأسبوع الماضي في أحد هذه المعسكرات بضاحية الحاج يوسف، والذي يضم خمسة آلاف مواطن جنوبي. ونتيجة للحريق، تعرض ثلاثة أطفال لإصابات بالغة نقلوا على إثرها للمستشفى، ولم تشهد الواقعة خسائر بالأرواح، غير أن الخسائر المادية كانت كبيرة جدا وفقا ما أورده بعض المتضررين للجزيرة نت. وتروي حياة -وهي إحدى المتضررات- ما عاشته بالقول "فقدنا كل شيء للأسف ولم نعد نملك غير الملابس التي نرتديها، هذا العام هو الثالث على إقامتنا في هذا المعسكر، تركنا منازلنا تلبية لنداء حكومتنا التي أعلنت عن برامج العودة الطوعية، غير أن الأيام تمضي وتتمدد معاناة في هذه البيئة غير الكريمة، وما من أمل لترحيلنا". حياة قالت إن إقامتهم في المعسكر كانت من أجل الحفاظ على ممتلكاتهم، ولكن وبعد أن التهمتها النيران فإنهم لا يرون سببا لاستمرار إقامتهم في ذلك المعسكر الذي وصفته ب "المهين"، لكنها تقول إنه لا مأوى آخر لهم، وطالبت حكومتها بضرورة الإسراع في ترحيلهم منه. فعل فاعل ومع تزايد التساؤلات عن الأسباب الحقيقية لتكرار اندلاع الحرائق في معسكرات الجنوبيينبالخرطوم، ينفي جابريال خميس (وهو أحد أعيان معسكر حي التكامل الذي احترق مؤخرا) فرضية اندلاع الحريق بفعل فاعل، مشيرا إلى أن المعسكر مشيد من مواد محلية تساعد على انتشار النار وأن أسباب الحريق ما زالت مجهولة، غير أنه أوضح أن تأخر وصول عربة الإطفاء لقرابة الساعة من الإخطار بالحريق فاقم من الوضع بينما كان يمكن تداركه. ويشير مسؤول المعسكرات في مفوضية العودة الطوعية بجنوب السودان جوزيف تور إلى أن الحريق الضخم -الذي التهم أكثر من ألف خيمة بمعسكر العودة الطوعية بضاحية سوبا بالخرطوم في أبريل/نيسان الماضي- كان بسبب خلاف نشب بين مواطن سوداني وزوجته الجنوبية. ويواصل جوزيف للجزيرة نت قائلا "كانت حادثة سوبا ظهر الجمعة، ولم يكد الليل يسدل ستاره حتى شب حريق هائل بعد منتصف الليل في معسكر آخر بضاحية الحاج، ولقي اثنان حتفهما حرقا بجانب بعض الإصابات، بالإضافة للخسائر المادية". وأكد جوزيف أن أسباب الحريق مازالت مجهولة. ومن جهته، أكد المدير التنفيذي لمفوضية العمل الطوعي والإنساني بولاية الخرطوم خالد عبد الرحيم أحمد -في حديثه للجزيرة نت- أن كلا من حريقي ضاحية الحاج يوسف وحي التكامل مؤخرا لم يكن بفعل فاعل، بل كانت مجرد حرائق عادية على حد وصفه، على العكس من حريق معسكر سوبا الذي اتفق في رواية أسبابها مع رواية مسؤول المعسكرات. تصفيات إثنية وأوضح أحمد بأن قاطني المعسكرات على مختلف قبائلهم يعيشون في تواد وتراحم، ولم يتأثروا بالأحداث التي تشهدها بلادهم، نافيا وجود تصنيفات إثنية أو نفور فيما بينهم، مستبعدا أن يكون لأي جهة مصلحة من وراء إحراق المعسكرات، كما قال. رئيس الملحق الإنساني بسفارة جنوب السودان بالخرطوم كيبى جرمايا وصف -في حديث للجزيرة نت- اندلاع تلك الحرائق بالأمر المحيّر والمؤسف بالنظر إلى الأوضاع الإنسانية المزرية بالمعسكرات. وبين بأنهم على تنسيق مع الأممالمتحدة والشؤون الإنسانية بولاية الخرطوم لتوفير المعونات، مؤكدا بحديثه للجزيرة نت تحقيق الغاية من المساعي ولكنه وصفها بالبطيئة. تجدر الإشارة إلى أن عدد معسكرات العودة الطوعية الخاصة بمواطني دولة جنوب السودان بجمهورية السودان يبلغ 38 معسكرا تحوي 43 ألف جنوبي وفقا لإحصاء وزارة الشؤون الإنسانية بجوبا.