" إلي شعب السودان .. نيابة عن الشعب الأمريكي نهنئكم بمناسبة الذكري 59 لإستقلال السودان ..ألخ " في رسالة قصيرة وجه الرئيس الأمريكي باراك أوباما التهنئة إلي الشعب السوداني متجاوزاً الحكومة السودانية وحظيت الرسالة ( القصيرة) بكثير من النقاشات والحوارات وأبدت جهات محسوبة علي الحكومة السودانية سخطها وتبرمها من الرسالة ، رسالة أوباما توضح فقط بعض المعالم الصغيرة في مسيرة العلاقة الطويلة بين (حكومة الإنقاذ) والولاياتالمتحدة – ربع قرن من المقاطعة والتعاون والأهداف المشتركة والمظهر الذي يختلف عن الجوهر في السياسة الأمريكية في السودان. (1) وكانت بعض الدراسات الطريفة والغير رسمية قد ذكرت أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قد " أعرب عن قلقه 140 مرة في العام 2014 ". وفي ملف العلاقة بين الانقاذ وأمريكا لو أجريت دراسة مشابهة لذهل ( الشعب السوداني ) من عدد المرات التي أعربت فيها الولاياتالمتحدة عن قلقها تجاه كل الأحداث الكبيرة والخطيرة في السودان طوال ربع قرن أو يزيد قليلاً. دون أن تكون لها أي خطوات عملية ملموسة في الواقع السوداني المأزوم . (2) و نجحت الحكومة السودانية من خلال خبرات السنوات المتطاولة في التعامل مع دول الغرب والولاياتالمتحدة في إدارة الملف بطريقة تضمن لها البقاء السلطة بكلفة عالية تخصم من رصيد الشعب السوداني ولأن المهم والأهم بالنسبة لها " البقاء في السلطة" .. صحيح ظلت الولاياتالمتحدة تفرض حصاراً اقتصادياً ألحق أبلغ الأضرار بالاقتصاد السوداني وقدرت بعض الجهات الرسمية في السودان حجم الخسائر التي تعرض لها السودان جراء العقوبات الاقتصادية المفروضة عليه من الولاياتالمتحدةالأمريكية، تجاوزت ال40 مليارا و 531 مليون دولار. (3) ورغم الكلفة الاقتصادية العالية للحصار الأمريكي علي الحكومة السودانية تظل العقوبات الأمريكية بعيدة عن سلطة الإنقاذ ولاتشكل أي تهديد حقيقي لها وبل تري كثير من الجهات أن الواجهة الموجودة في ملف العلاقات السودانية الأمريكية تخفي كثير من الملامح الحقيقية لطبيعة العلاقة بين الانقاذ وأمريكا ، بالنسبة للولايات المتحدة تمثل حكومة الانقاذ المعزولة دولياً والمحاصرة أفضل خيار فهو نظام أقل كلفة للولايات المتحدة وبأقل ضغط يمكن أن يلبي كل الرغبات الأمريكية وبدون مقابل و بالتالي هي ضد النظام في التصريحات والإعراب عن القلق والأسف ولكن عملياً تري أنها بلا بديل مناسب ، والانقاذ تفهم هذه الجزئية وتلعب علي الرؤية الأمريكية الانقاذية المشتركة. (4) وتظل النقطة الخلافية والمربكة لقيادات التنظيم الإسلامي الحاكم في السودان هي كيفية التطبيع مع الولاياتالمتحدة ورفع الحصار العقوبات الاقتصادية ، بينما تري قيادات استحالة التطبيع تعمل قيادات أخري من أجل " حلم التطبيع" مهما تطاولت ليالي المقاطعة والحصار ، وفي نتيجة السعي نحو " حلم التطبيع" يختلفون – ولكن مسيرة البحث عن " الود الأمريكي " لاتفارق مخيلة الإسلاميين .. وفي منتدي عقد في مركز السودان لداراسات التنمية والهجرة والسكان بجهاز تنظيم شئون السودانيين العاملين بالخارج عن مستقبل العلاقة مع أمريكا وكان البند رقم (1) في توصيات المنتدي : " الاعتراف بأن الولاياتالمتحدة دولة عظمي وأن علاقتها مع السودان يفيد البلاد أكثر مما يضره فليس هناك مانع ديني أو أخلاقي يحول دون بناء علاقة راسخة مع الولاياتالمتحدة ". (5) ومع إكتفاء الولاياتالمتحدة بالإعراب عن القلق والأسف تمضي مسيرة " الانقاذ" في ملف العلاقة مع أمريكا بذات النسق القديم - لاتوجد تهديدات حقيقية للسلطة وتقديم المعلومات وكل ماهو ممكن للولايات المتحدة في حالة " الضغوط الشديدة " والعمل من أجل حلم التطبيع ما أمكن ذلك .. وفي حلم التطبيع تأتي الاختلافات والمفارقات بين قيادات الحزب الحاكم ، وتحفظ الذاكرة والأرشيف لوزير الخارجية الأسبق مصطفي عثمان اسماعيل الكثير من التصريحات المربكة والمتناقضة في ملف العلاقة مع الولاياتالمتحدة ومنها " العداء مع الولاياتالمتحدة ألحق بالسودان الكثير من الأذي والضرر " وقال مرة أخري "لابنخاف من العصا ولاطمعانين في الجذرة". (6) وتظل الكثير من التناقضات في القيادات الحالية والسابقة لحكومة المؤتمر الوطني محفورة في الذاكرة وتؤشر لبوضوح للتنقاضات المربكة في مسيرة " حلم التطبيع" وهنا نقف عند القيادي السابق غازي صلاح الدين والذي قال في موضوع واحد وفي أوقات مختلفة .." الأولي في جلسة للمجلس الوطني لمناقشة موضوع العلاقة مع أمريكا وكان هو رئيس الكتلة البرلمانية لنواب المؤتمر الوطني وطالب بمراجعة عائد التعاون مع الولاياتالمتحدةالأمريكية في المجالات الأمنية والسياسية والإنسانية وتطبيق مبدأ التعامل بالمثل " وعاد غازي وقال في مؤتمر صحفي عقب عودته من الولاياتالمتحدة .." مجرد المقدرة على إيصال الصوت في داخل المجتمع الأمريكي في حد ذاته يعتبر نجاح حتى ونشر لي مقال بصحيفة الواشنطون تايميز وما كان هذا متوقع أن يحدث في الشهور الماضية وأتيحت أيضاً فرصة غير مسبوقة للحديث مع مؤسسات صناعة القرار في الكونغرس الأمريكي". (7) وتمضي مسيرة الإعراب عن القلق والأسف والبحث عن (حلم التطبيع) والشعب السوداني يواجه كل المعضلات والنكبات لوحدة و أمريكا مع الإستقرارو الديموقراطية وفي نفس الوقت تقف مع صاحب الشوكة والغلبة و تنتهج سياسة المحاصصة القبلية والجهوية وتجزئة الحلول و هي مع الؤتمر الوطني ورغم ذلك ضده ومع المعارضة وتتفهم مخاوفها وتتخلي عنها في أول منعطف ومع الشعب السوداني " بالأسف والقلق " ..! ** نقلاً عن (الجريدة) [email protected]