معارك ضارية ب (بابنوسة) والدعم السريع تقترب من تحرير الفرقة 22    "وثائقي" صادم يكشف تورط الجيش في استخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين (فيديو)    السودان.. وفد يصل استاد الهلال في أمدرمان    مسؤول بهيئة النظافة يصدم مواطني الخرطوم    اللواء الركن (م) أسامة محمد أحمد عبد السلام يكتب: التقديم الالكتروني (الموحّد) للتشكيل الوزاري    السودان.. كامل إدريس يعلن عن 22 وزارة    هل ستتأثر مصر في حال ضرب المفاعلات النووية؟    إيران تغرق إسرائيل بالصواريخ من الشمال إلى الجنوب    كامل إدريس وبيع "الحبال بلا بقر"    إنريكي: بوتافوجو يستحق الفوز بسبب ما فعله    "كاف" يعلن عن موعد جديد لانطلاق بطولتي دوري أبطال إفريقيا وكأس الاتحاد الإفريقي    عندَما جَعلنَا الحَضَرِي (في عَدّاد المَجغُومِين)    حكومة أبو نوبة.. ولادة قاتلة ومسمار آخر في نعش "تأسيس"    نص خطاب رئيس مجلس الوزراء "كامل ادريس" للأمة السودانية    السفير عدوي يشيد بدراسة إنشاء منطقة لوجستية على الحدود السودانية    الاهلي المصري نمر من ورق    الجمعية العمومية الانتخابية لنادي الرابطة كوستي    السجن والغرامة على متعاون مع القوات المتمردة بالأبيض    ميسي يقود إنتر ميامي لقلب الطاولة على بورتو والفوز بهدفين لهدف    فقدان عشرات المهاجرين السودانيين في عرض البحر الأبيض المتوسط    عودة الخبراء الأتراك إلى بورتسودان لتشغيل طائرات "أنقرة" المسيّرة    6 دول في الجنوب الأفريقي تخرج من قائمة بؤر الجوع العالمية    30أم 45 دقيقة.. ما المدة المثالية للمشي يومياً؟    الإدارة العامة للمباحث الجنائية المركزية تتمكن من ضبط منزل لتزييف العملات ومخازن لتخزين منهوبات المواطنين    بين 9 دول نووية.. من يملك السلاح الأقوى في العالم؟    لماذا ارتفعت أسعار النفط بعد المواجهة بين إيران وإسرائيل؟    وزارة الصحة تتسلّم (3) ملايين جرعة من لقاح الكوليرا    "أنت ما تتناوله"، ما الأشياء التي يجب تناولها أو تجنبها لصحة الأمعاء؟    ماذا قالت الصحف العالمية عن تعادل الهلال مع ريال مدريد؟    نظرية "بيتزا البنتاغون" تفضح الضربة الإسرائيلية لإيران    السودان والحرب    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية فائقة الجمال تبهر المتابعين وتخطف الأنظار بتفاعلها مع "عابرة" ملك الطمبور ود النصري    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل زفاف بالقاهرة.. العازف عوض أحمودي يدخل في وصلة رقص هستيرية مع الفنانة هدى عربي على أنغام (ضرب السلاح)    شاهد بالصورة والفيديو.. مطربة أثيوبية تشعل حفل غنائي في أديس أبابا بأغنية الفنانة السودانية منال البدري (راجل التهريب) والجمهور يتساءل: (ليه أغانينا لمن يغنوها الحبش بتطلع رائعة كدة؟)    هل هناك احتمال لحدوث تسرب إشعاع نووي في مصر حال قصف ديمونة؟    ماذا يفعل كبت الدموع بالرجال؟    الإدارة العامة للمباحث الجنائية المركزية تتمكن من الإيقاع بشبكة إجرامية تخصصت فى نهب مصانع العطور بمعاونة المليشيا المتمردة    الصحفية والشاعرة داليا الياس: (عندي حاجز نفسي مع صبغة الشعر عند الرجال!! ولو بقيت منقطها وأرهب من الرهابة ذاتا مابتخش راسي ده!!)    كيم كارداشيان تنتقد "قسوة" إدارة الهجرة الأمريكية    "دم على نهد".. مسلسل جريء يواجه شبح المنع قبل عرضه    التهديد بإغلاق مضيق هرمز يضع الاقتصاد العالمي على "حافة الهاوية"    السلطات السودانية تضع النهاية لمسلسل منزل الكمير    المباحث الجنائية المركزية ولاية الجزيرة تنفذ حملة أمنية كبري بالسوق العمومي وتضبط معتادي إجرام    مباحث شرطة الولاية الشمالية تتمكن من إماطة اللثام عن جريمة قتل غامضة وتوقف المتورطين    المملكة تستعرض إستراتيجية الأمن الغذائي لدول مجلس التعاون الخليجي    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف استطاعت واشنطن تجميد 30 مليار دولار من ثروة القذافي خلال 72 ساعة؟..كلينتون تطمئن الأميركيين: لن نخوض حربا ثالثة ضد المسلمين
نشر في الراكوبة يوم 26 - 03 - 2011

يعمل فريق وزارة الخزانة الأميركية دون توقف على خطة لتجميد الأصول الليبية في المصارف الأميركية أملا في العثور على ما يقدر بمائة مليون دولار أو يزيد ومنع القذافي من الحصول عليها، فيما يشن هجمات مميتة على المحتجين الذي يطالبونه بالرحيل.
وفي الثانية واثنتين وعشرين دقيقة من مساء يوم الجمعة وصلت رسالة بالبريد الإلكتروني من مسؤول بوزارة الخزانة تحمل أنباء مذهلة عن خطأ التقديرات ب100 مليون دولار، حيث ورد بالرسالة أن الأصول تقدر ب29.7 مليار دولار. والجزء الأكبر من هذا المبلغ يوجد في مصرف واحد فقط. لقد كان هذا من حسن حظ إدارة أوباما في لحظة حرجة من المحاولات الرامية إلى معالجة الأحداث الغريبة التي تشهدها ليبيا. ولم يفرض المسؤولون الأميركيون من قبل عقوبات اقتصادية على هذا القدر الكبير من أصول أي دولة بهذه السرعة. توضح الاثنتا والسبعون ساعة التي سبقت إصدار الأمر الرئاسي التنفيذي رقم 13566 كيف أصبحت عملية تحديد الأصول وتجميدها وهي التي تستغرق في الأحوال العادية فترة قد تمتد إلى أسابيع أو شهور من الوسائل المرحلية التي تستخدم وقت الأزمات التي تندلع سريعا. كذلك توضح أن مسؤولي الحكومة تعلموا من المحاولات السابقة الأخيرة الخاصة بفرض العقوبات الاقتصادية ومنها التي فرضت ضد إيران وكوريا الشمالية. وعوضا عن أن تكون العقوبات الاقتصادية وسيلة ثانوية كما كانت في الماضي، أصبحت جزءا أصيلا من سياسة الأمن القومي. ويمكن أن يتم توظيف الشبكات الإلكترونية العالمية التي يستخدمها الديكتاتوريون لتحويل مليارات الدولارات إلى أصول مملوكة للدولة ضدهم عندما تتوفر الإرادة لدى الحكومة والمسؤولين في المجال المالي. ويتوقف نجاح فرض العقوبات على الأصول الليبية على مدى التعاون مع الشركات المالية في الولايات المتحدة بما فيها المصرف الذي يضم الجزء الأكبر من الأصول الليبية التي رفض مسؤولو وزارة الخزانة الأميركية تحديدها.
كذلك لن يكشف المسؤولون عن معلومات تفصيلية عن تفكيك الأصول التي تشمل ممتلكات خاصة بأفراد وصناديق الثروة السيادية الخاصة بليبيا. من المتوقع أن يركز المحققون على معرفة ما إذا كان تم انتهاك أي قانون في التعامل مع الأموال. ويمثل مبلغ ال32 مليار دولار الذي جمدته الولايات المتحدة حتى هذه اللحظة جزءا كبيرا من ثروة ليبيا. ففي عام 2009 وصل إجمالي الناتج المحلي لليبيا 62 مليار دولار وكانت صناديق الثروة السيادية تقدر ب40 مليار دولار ويقدر احتياطي المصرف المركزي ب110 مليارات دولار.
وقد أضاف الاتحاد الأوروبي المصرف المركزي وصناديق الثروة السيادية وثلاث مؤسسات ليبية أخرى ضمن قائمة العقوبات بعد أسبوعين من الخطوة التي اتخذتها الولايات المتحدة. وحتى هذه اللحظة استحوذ المسؤولون البريطانيون على أصول ليبية تقدر بأكثر من 19 مليار دولار. وقال مسؤولون في وزارة الخزانة الأميركية إنهم ينظرون إلى العقوبات باعتبارها خطوة ضمن حملة كبيرة لعزل القذافي. وقال ديفيد كوهين، وكيل وزارة الخزانة بالإنابة لشؤون مكافحة الإرهاب والاستخبارات المالية: «ما زال القذافي هناك وما زال يرتكب أعمالا وحشية ضد شعبه، ويجب القيام بالمزيد. لم نكن نتوقع أن ذلك كاف لإقناع القذافي بالتخلي عن السلطة». وأضاف أن القذافي لا يزال يستأجر مرتزقة ويدفع الأموال لقواته. إنه في عمل يحتاج إلى الكثير من النقود وعدم قدرته على الحصول على أصول هيئة الاستثمار الليبية أو المصرف المركزي للأصول الليبية والأصول الأخرى التي يمتلكها هو وأبناؤه في الخارج يمثل له مشكلة.
* تكثيف العمل بأفضل طريقة:
بدأت خطة العثور على الأصول الليبية وتجميدها تتبلور في 23 فبراير (شباط) الماضي أثناء اجتماع لكبار المسؤولين في غرفة بحث الأزمات بالبيت الأبيض في الساعة الثامنة والنصف صباحا. كان الوضع في ليبيا يتدهور سريعا، فقد قصفت القوات الجوية الليبية المتظاهرين المدنيين. وقد حمل القذافي في حديث غير متسق على شاشة تلفزيون الدولة «الجرذان الأجانب» المسؤولية عن الفوضى. كذلك تعهد بالاستمرار في القتال «حتى آخر قطرة من دمه». وتم التوصل إلى إمكانية اتخاذ رد عسكري أو فرض منطقة حظر جوي على ليبيا في تلك الغرفة ذلك الصباح، لكن لم تكن تلك الخطوة ممكنة في ذلك الوقت. وساور المسؤولون القلق من أن تؤدي أي خطوة عدائية إلى عمل انتقامي ضد المواطنين الأميركيين الذين لم يتمكنوا من مغادرة البلاد.
وقال ستيوارت ليفي، أحد المسؤولين في وزارة الخزانة الأميركية والذي قاد عملية صياغة الأمر الرئاسي التنفيذي: «لم يكن يرغب أحد ومنهم الرئيس في القيام بأي شيء من شأنه تعريض هؤلاء المواطنين للخطر».
وطلب توماس دونيلون، مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض، من وزارة الخزانة إعداد خيارات خاصة بفرض عقوبات اقتصادية وهو الأمر الذي عادة ما يستغرق أسابيع أو شهورا من العمل. لكن اندفع ليفي وآخرون في وزارة الخزانة نحو العمل الدءوب على مدار اليومين التاليين. وكان من مسؤولي وزارة الخزانة المشاركين في العملية من ساعدوا من قبل في فرض عقوبات اقتصادية على ليبيا منذ نحو عشر سنوات.
وقال آدم شوبين، مدير مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة في مقابلة: «كانت المصارف تسأل أقسام مراقبة تنفيذ اللوائح عما يوجد من أصول». وأضاف شوبين أن هذه الجهود «كانت مكثفة للغاية، لكنها كانت أفضل طريقة. لهذا نحن هنا من أجل لحظات الأزمات. لا أدري ما الذي يمكنك أن تطلبه كموظف في الدولة أكثر من أن يقول لك البيت الأبيض إنه بحاجة إليك وبحاجة إلى أن تتصرف سريعا ويسألونك متى يمكنك الانتهاء من هذا».
كانت هذه الجهود المبذولة تحت رعاية ليفي، الذي كان آنذاك وكيل أول وزارة الخزانة لشؤون مكافحة الإرهاب والاستخبارات المالية أثناء إدارة بوش وإدارة أوباما.
وفي الصباح التالي لتكليف ليفي بهذه المهمة، سلم صيغة مبدئية مدعومة بمستندات من 30 صفحة أسرع مما كان متوقعا. وقال أحد الذين حضروا الاجتماع، رافضا الكشف عن اسمه لعدم السماح له بالتحدث عن هذا الأمر: «إنها عمليات معقدة ومرهقة وتتطلب بذل الكثير من الجهد». ورغم رغبة أعضاء الفريق في اتخاذ موقف كان عليهم انتظار الموافقة بالإجماع. وعلقت عبارة استأجرتها الحكومة لإعادة الأميركيين الموجودين في ليبيا في الميناء بسبب سوء الأحوال الجوية وارتفاع مستوى الأمواج في البحر الأبيض المتوسط إلى 15 قدما.
في صباح يوم الجمعة الموافق 25 فبراير كانت أنظار الجميع على العبارة. فحتى مع تحسن الأحوال الجوية، كان الوضع في ليبيا يتجه نحو الأسوأ. وحتى الرئيس كان يهتم بمتابعة أخبار وصول العبارة. ورغم انغماس ليفي في تفاصيل المهمة المكلف بها، كان يغادر عمله الحكومي لساعات ليباشر عمله في القطاع الخاص. وعندما عاد ليفي البالغ من العمر 47 عاما من اجتماع كبار موظفي البيت الأبيض يوم الجمعة جلس هو وكبار أعضاء فريقه حول مائدة الاجتماعات العامرة بالشطائر والمشروبات من «كوزي» والتي قدمتها والدته لأعضاء فريق العمل كهدية بمناسبة آخر يوم عمل له في الحكومة.
وبعد أن تناول ليفي سلطة التونة، جاء نائبه بخبر مذهل عن قيمة الأصول الليبية المحتملة في الولايات المتحدة. فقد قيل لمسؤولي وزارة الخزانة في محادثات مع أحد المصارف، إن الأصول الليبية تقدر بمليارات وتشمل نقودا واستثمارات مثل الأوراق المالية. وأخبر ليفي البيت الأبيض بهذا الرقم مصحوبا بتنبيه. فبعد قضاء ست سنوات ونصف السنة في وزارة الخزانة تعلم أن التقارير الأولية عادة ما تكون خاطئة. وقال ليفي: «اعتقدت أن هذا سيكون هاما، لكنني غير متأكد من صحته». وقال كوهين الذي كان نائبا لليفي وتم ترشيحه ليحل محله كوكيل لوزارة الخزانة: «لقد حفزنا الخبر على إنجاز العمل».
وبعد أيام من التأخير نتيجة شدة الرياح وارتفاع مستوى أمواج البحر، أبحرت العبارة التي تحمل اسم «ماريا دولورس» من الميناء مبتعدة عن الفوضى التي تشهدها ليبيا متجهة إلى مالطا. وكان من بين الثلاثمائة مسافر على متن العبارة أكثر من 150 مواطنا أميركيا.
وأغلقت الحكومة الأميركية السفارة الأميركية في طرابلس وحملت طائرة مستأجرة باقي العاملين في السفارة الأميركية من العاصمة الليبية طرابلس. وقال تومي فييتور، المتحدث الرسمي باسم مجلس الأمن القومي: «لقد تنفسنا الصعداء عندما أقلعت الطائرة». وسرعان ما حمل مسؤولو الإدارة الأمر التنفيذي إلى مقر الرئيس الخاص في الطابق الثاني من البيت الأبيض ليوقع عليه. وفي الساعة الثامنة مساء يوم 25 فبراير دخل الأمر حيز التنفيذ.
وفي غضون دقائق، اندفع عدد كبير من الموظفين في أكبر المصارف، الذين لم يغادروا مكاتبهم تلك الليلة انتظارا للإشارة، إلى العمل. وبدأوا في تجميد ما يزيد على 30 مليار دولار في محاولة لتعجيز ديكتاتور عنيف يفصل بينه وبينهم نصف الكرة الأرضية. وقال ليفي في مكالمة جماعية مع صحافيين ذلك المساء وخلال الساعات الأخيرة له في المنصب: «لدينا أسباب قوية تدفعنا إلى الاعتقاد أن هذا الإجراء حافظ على مبالغ مالية ضخمة من أجل الشعب الليبي ومنع النظام الليبي من نهبها». وقال إن العقوبات سوف ترسل «رسالة قوية إلى أي شخص يمتلك السلطة في أي مكان مفادها أنه إذا تورط في أي عمل قمعي مثل الذي رأيناه في ليبيا خلال الأيام القليلة الماضية، ستقوم الولايات المتحدة بكل ما في وسعها للعثور على الأصول ومنع التصرف فيها».
* خدمة «واشنطن بوست» خاص ب«الشرق الأوسط»
كلينتون تطمئن الأميركيين: لن نخوض حربا ثالثة ضد المسلمين
واشنطن: محمد علي صالح
في الوقت الذي أعلن فيه متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) انخفاض العمليات العسكرية الأميركية فوق ليبيا، كانت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، تخاطب الأميركيين، وتطمئنهم بأنهم لن يتورطوا في حرب أخرى ضد المسلمين.
وكانت كلينتون تتحدث في وزارة الخارجية في أعقاب اتفاق دول حلف الأطلسي على إدارة منطقة حظر الطيران فوق ليبيا. وقالت إنه أمكن تفادي كارثة إنسانية في بنغازي معقل الثوار وإن القوات الجوية والدفاعات الجوية للقذافي أصبحت الآن غير فعالة إلى حد كبير. وأقرت كلينتون بالدور الرئيسي للولايات المتحدة في الأيام الأولى للعملية العسكرية، لكنها قالت إنه حدث تراجع كبير في عدد الطائرات الأميركية التي تقوم بطلعات مع زيادة الطلعات التي تقوم بها البلدان الأخرى. وأضافت: «اليوم سنتخذ الخطوة التالية. وقد اتفقنا مع حلفائنا في حلف شمال الأطلسي على نقل القيادة والسيطرة لمنطقة الطيران المحظور إلى حلف الأطلسي». وأشارت إلى أن «كل الحلفاء الثمانية والعشرين (في الحلف) الآن فوضوا السلطات العسكرية وضع خطة عمليات لحلف الأطلسي للقيام بمهمة أوسع لحماية المدنيين. وحلف الأطلسي في وضع جيد لتنسيق هذه الجهود الدولية».
وقال مصدر في الخارجية الأميركية ل«الشرق الأوسط» إن المؤتمر الصحافي لكلينتون في الخارجية ليلة أول من أمس «كان مثل خطاب إلى الشعب الأميركي بأن الولايات المتحدة لا تريد التدخل العسكري وقتل مدنيين في دولة إسلامية ثالثة بعد أفغانستان والعراق». وأشار إلى أن المؤتمر الذي نقلته محطات تلفزيونية كثيرة مباشرة، وسبقته إعلانات تلفزيونية للدعاية له، كان مخططا له. وأن «الخطة هي أن تخاطب هيلاري الأميركيين، وتطمئنهم بأنهم لن يتورطوا في حرب أخرى مع المسلمين».
وقال المصدر إن عدم طلب الرئيس باراك أوباما من الكونغرس التصديق على العمليات العسكرية فوق ليبيا «صار مثل جبهة داخلية لنا، بالإضافة إلى الجبهة الليبية». وإن الهدف هو تخفيض الدور الأميركي في ليبيا، حتى لا يستغل ضد إدارة أوباما. وأشار مراقبون في واشنطن إلى أن عددا من قادة الحزب الجمهوري أيدوا التخلص من القذافي، لكن آخرين قالوا إنهم غير مرتاحين للتدخل العسكري. وإن انقساما مشابها يوجد وسط قادة الحزب الديمقراطي. وهناك قادة في الجناح الليبرالي للحزب الديمقراطي عارضوا العملية العسكرية الليبية ووصفوها بأنها «مغامرة».
واتهم المرشح المحتمل للترشيح باسم الجمهوريين للرئاسة في سنة 2012، السيناتور السابق من بنسلفانيا، ريك سانتوروم، تحركات أوباما بأنها «بطيئة للغاية»، وخلقت استراتيجية مشوشة. وأضاف: «ليس لدينا أي فكرة عن أي التزام حقيقي من قواتنا العسكرية، وعن السبب الحقيقي لوجودنا هناك». وقال الأميركيون في استطلاع أجرته مؤسسة «غالوب» إنهم، بصورة عامة، يدعمون العملية الليبية. وإن خمسين في المائة تقريبا وافقوا على عملية الأمم المتحدة. ويعارضها أربعون في المائة تقريبا. وإن الجمهوريين أكثر من الديمقراطيين (57 إلى 51 في التأييد. ولكن النسبة وسط المستقلين 38 في المائة فقط). وأشار مراقبون في واشنطن إلى أن نسبة التأييد قليلة بالمقارنة مع بداية الحرب في العراق سنة 2003، حيث كانت ثمانين في المائة تقريبا، وأفغانستان سنة 2001، حيث كانت النسبة تسعين في المائة تقريبا.
وفي مؤتمر صحافي آخر قال نائب الأدميرال ويليام غورتني: «نحو 75 في المائة من دورياتنا الجوية دعما لمنطقة حظر الطيران، صار يتم تنفيذها من قبل شركائنا في التحالف». وقال إن مساهمات بلدان أخرى، خارج التحالف، هي أقل من 10 في المائة من هذه العمليات العسكرية. وقال غورتني إن الولايات المتحدة ستستمر في تنفيذ عمليات قتالية «حسب الحاجة». لكن هذا الدور سيكون أساسا «عمليات دعم». وعندما سئل ماذا يقصد، أشار إلى عمليات مثل تزويد الوقود لطائرات القوات المتحالفة، وتوفير المراقبة الجوية لليبيا.
وأوضح غورتني أن قوات الائتلاف التي تنفذ منطقة حظر الطيران فوق ليبيا دكت قوات معمر القذافي بصواريخ توماهوك وضربات جوية لمواصلة الضغط على أنصاره لكف القتال والهجمات على المدنيين.
وأشار إلى أن الائتلاف أطلق 14 من صواريخ توماهوك ونفذ 130 طلعة جوية. وأضاف أنه بالإضافة إلى الإشراف على منطقة الطيران المحظور فإنهم استهدفوا مواقع الدفاع الجوي قرب طرابلس وموقعا لصواريخ سكود في الجنوب وقوات القذافي التي تقوم بمناورات بالقرب من مصراتة وإجدابيا.
وأوضح أن الحملة شارك فيها 350 طائرة و38 سفينة في البحر وآلاف من العسكريين. ونفذت طائرات غير أميركية نحو 75 في المائة من طلعات مراقبة الحظر الجوي. وقال للصحافيين «من الإنصاف القول إن الائتلاف ينمو في الحجم والقدرات كل يوم».
وحذر غورتني بقوله، إن قوات الائتلاف «سوف تستمر في شن هجمات منسقة على القوات البرية للنظام الذي يعرض للخطر حياة الشعب الليبي». وقال: «رسالتنا إلى قوات النظام بسيطة ومفادها كفوا عن القتال. كفوا عن قتل أبناء شعبكم. كفوا عن الإذعان لأوامر العقيد القذافي». وقال: «إنه إلى الدرجة التي تقاومون فيها هذه المطالب سنستمر في ضربكم ونزيد من صعوبة بقائكم».
وفي مؤتمرها الصحافي، قالت كلينتون إن الإمارات العربية المتحدة سترسل 12 طائرة لدعم جهود التحالف. وشكرت كلينتون الإمارات، كما شكرت قطر، الدولة العربية الأولى التي أرسلت طائرات عسكرية للمشاركة في تنفيذ حظر الطيران. والتي من المتوقع أن تبدأ دوريات جوية فوق ليبيا في نهاية هذا الأسبوع.
إلى ذلك، قال مسؤول استخباراتي أميركي ردا على مشاهد في التلفزيون الليبي لجثث قال إنها لمدنيين قتلتهم قوات التحالف، إن «هذا الادعاء ليس سهلا إثباته». وأضاف: «صار التلفزيون الحكومي للقذافي جهاز دعايات ليست صحيحة بهدف إثارة المشاعر. إذن يريد تلفزيون القذافي نشر الحقيقة، لينشر صور ضحايا عمليات القذافي ضد شعبه». وقال مصدر في لجنة معارضة ليبية في واشنطن ل«الشرق الأوسط» إن قوات القذافي «أخذت الجثث من المشرحة»، وقالت إنها تصور الضحايا المدنيين. وأضاف المصدر أنه في يوم الاثنين، عندما هاجمت صواريخ قوات التحالف مجمع القذافي في حي باب العزيزية في طرابلس، أمر مساعد للقذافي القوات العسكرية بنقل جثث من المشرحة ووضعها في مكان القصف العسكري. ثم رتبت وزارة الإعلام الليبية جولة لصحافيين غربيين مع كاميراتهم، زارت المكان وصورت الجثث على أنها لضحايا قصف قوات التحالف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.