كشف الرئيس عمر البشير أن ثلاثة من قيادات حزب الأمة القومي وقتها وهم "أحمد بابكر نهار" رئيس حزب الأمة الفيدرالي و"عبد الله مسار" رئيس حزب الأمة الوطني والراحل "محمد بشير جماع"، زاروه في الأسبوع الأول من مجيء الإنقاذ مهنئين. وقالوا له (كتر خيركم انتو جيتو لإنقاذ السودان بل إنقاذ حزب الأمة لأنو نحنا في الحزب ما عارفين نعمل شنو). وقطع "البشير" أن هؤلاء القيادات حينما جاءوه ليس لطلب مناصب وإنما لقول الحق، ولذلك كان تقديرنا لهم." انتهى حديث الرئيس . رحم الله الراحل جماع فقد نأى بنفسه حتى توفاه الله أما بالنسبة للرجلين الآخرين نهار ومسار فأن الأمر يختلف . لذا جاء تقدير البشير ونظامه لهما بمكافأتهما على الدور الذي يلعبانه اليوم والذي من اهمه انشاء فروع وهمية لحزب الأمة تحت مسميات مختلفة بإضافة كلمة اخر عبارة اسم الحزب القانوني على شاكلة " الفيدرالي – المتحد – التنمية إلى آخره لكن قول الرئيس البشير بأنهما لم يأتيا لطلب مناصب ليس صحيحا بدليل المناصب التي يتقلدانها والمكافات التي حصلا عليها والأوضاع التي يتمتعان بها تحت حماية الحزب الحاكم. هنا ثمة حقائق لابد من الاشارة اليها وهي ان الرجال الثلاثة ينتميان إلى معاقل قبائل واسر انصارية دارفورية إلآ أن ذلك لايعني أنهم من القيادات المؤثرة في حزب الأمة ولم يكن لهم أي دور في رسم سياسات الحزب أو التأثير على قواعده حتى في دارفور نفسها وعلى سبيل المثال لا احد من قادة الحزب كان يعلم بقيادي فيه اسمه مسار حتى تأسيس السيد مبارك المهدي لحزب الامة الإصلاح والتجديد الذي انضم اليه مسار.مع ملاحظة ان مسار بقي تحت مظلة المؤتمر الوطني بعد انسحاب السيد مبارك المهدي وحزبه من الحكومة لاسباب جوهرية. اما الدكتور احمد بابكر نهار فقد كان رئيسا لحزب الأمة في الفاشر لاعتبارات عشائرية وقبلية وليس لاسهاماته السياسية في الحزب بدليل انه ليس له أي بصمة في حزب الامة في تلك الفترة على المستويين السياسي او التنظيمي ولم يكن معلوما على المستوى المركزي للحزب الا في اوخر أيام الديمقراطية التي بارك الانقلاب عليها حسب قول الرئيس . اما بالنسبة للسيد عبدالله مسار فلم يكن أصلا عضوا في الحزب حتى في ادنى مستوياته بل كان قياديا في الاتحاد الاشتراكي السوداني على عهد الرئيس الراحل جعفر نميري في دارفور . إلا انه من اسرة انصارية مرموقة في دارفور مثله مثل الراحل محمود جماع الذي كان امينا للاتحاد الاشتراكي أيضا في عهد نميري والتحق بحزب الامة تنظيميا بعد الانتفاضة . علاقة الرجال الثلاثة بحزب الأمة لم تكن علاقة عضوية بالمعني التنظيمي والسياسي او مؤثرة سواء في داخله او خارجه مثلما ان خروجهم على حزب الأمة باستثناء الراحل جماع الذي آثر تجميد نشاطه بعد الانقلاب لم تكن خصما على الحزب وليست ذات تأثير بالمعنى السياسي الذي يمكن ان يضيف جديدا للمؤتمر الوطني . بهذا الفهم كان سهلا على الإنقاذ تجنيدهما وتوظيفهما للعب دور التشويش على حزب الأمة وانهما أيضا استفادا من الحظر غير المعلن لنشاط حزب الامة القومي في دارفور من قبل الجهات الأمنية وهو الفراغ الذي اوجد الحركات المسلحة وذوي الطموحات الذاتية . . ولعل الرئيس أراد ان يقول من خلال شهادته ان المؤتمر الوطني استخدم الرجلين في احداث انشقاقات داخل حزب الأمة لكنهما فشلا في ذلك رغم انهما حصلا على المكافأة السياسية . غير ان ما أشار إليه الرئيس في خطابه في نظر العقلاء او السياسيين في حق الرجلين مدح في مقام الذم لا ادري كيف وقع عليهما ذلك . والحقيقة انه في موجة صعود القبلية والجهوية التي هيأت لها سياسات الإنقاذ في دارفور قد يجمع الرجلان بعض المناصرين على أسس قبلية وهي في النهاية تكوينات لن تفيد المؤتمر الوطني ولن تضيف جديدا للحركة السياسية السودانية وتطورها .ولقد اثبتت التجربة ان سياسة احداث انشقاقات داخل الأحزاب التي انتهجتها الإنقاذ في فترة ما قد انقلبت عليها وشربت منها وهي سياسة اثبتت فشلها فخير للانقاذ ان تشاركها او تعارضها أحزاب لها وزنها ووحدتها وتماسكها من أحزاب تصنعها كصنم العجوة تأكلها انا شاءت . اما هذه المؤتمرات والعروض السياسية المصنوعة كمؤتمر نهار ومسار والدقير التي لا يعرف منها الا أسماء رؤساءها فالمطلوب منها فقط الجانب المرئي الذي تساهم فيه وسائل الاعلام الرسمية لتبرير المقاعد التي سيمنحها الحزب الحاكم لمناصريه من هذه الأحزاب ممانسمع ولانرى. فقد تم سلفا حسب العديد من التصريحات والتسريبات منح حصص من المقاعد لهذه الأحزاب الوهمية بغض النظر عن العملية الانتخابية التي يجرى الاعداد لها . فليس عيبا ان ينتمي الرجلان إذن إلى المؤتمر الوطني صراحة وهو وليد الانقلاب الذي رحبا به في أيامه الأولى على حد قول الرئيس . ولكن يبدو عصيا على العقول تقبل ان لهما أحزاب تنافس في الانتخابات حتى بشكلها الراهن ولو اتخذت من اسم الأمة شعارا على طريقة ان يكتب صاحب متجر يافطة على متجره بعنوان محلات الشانزلزييه او ان يكتب صاحب بوتيك على بابه محلات هارودز فهذا لايعني بالضرورة ان العنوان يعبر عن المحتوى الأصلي معنى ومبنى. [email protected]