أعلن وزراء الخارجية والموارد المائية في مصر والسودان وإثيوبيا التوصل إلى وثيقة توافق بين الدول الثلاث، تضم مبادئ تحكم التعاون في ما بينهم للاستفادة من مياه حوض النيل الشرقي، بعد مفاوضات صعبة في الخرطوم. وسترفع الوثيقة إلى رؤساء الدول الثلاث لاعتمادها. وقال وزير الخارجية السوداني علي كرتي في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيريه المصري سامح شكري والأثيوبي تيدروس أدهانوم بعد اجتماع في الخرطوم انتهى في الساعات الأولى من صباح أمس، إن «هناك توافقاً تاماً بين الدول الثلاث على اتفاق مبادئ للتعاون والاستفادة من حوض النيل الشرقي وسد النهضة». وأشار إلى أن هذه الوثيقة «سترفع للرؤساء لدراستها والموافقة عليها». ووصف الاتفاق بأنه «فتح جديد في العلاقات بين الدول الثلاث»، لكنه لم يقدم أي تفاصيل أخرى. وأعرب عن أمله في أن يؤدي «هذا التوافق على الوثيقة وتجاوز الصعاب التي أثرت على مسيرة العلاقات، إلى تحقيق التواصل المطلوب بين الدول الثلاث التي تربطها الحياة بهذا النيل العظيم»، مشيراً إلى «ضرورة العمل على تجاوز فترة التباعد الماضية بيننا لتحقيق الاستفادة القصوى من هذا المورد الهام». وأشار إلى أن «قادة الدول الثلاث قرروا إعطاء التفاوض في شأن سد النهضة دفعة جديدة من خلال إضافة العنصر السياسي إلى هذا التفاوض بقيادة وزراء خارجية الدول الثلاث»، مؤكداً أن «دخول وزراء الخارجية في هذا الملف ساعد كثيراً في تجاوز الكثير من التفاصيل، وأعان في تحريك ملف سد النهضة بسرعة أحدثت هذا التوافق الذي نعيشه اليوم». ولفت إلى أن ذلك «يأتي استكمالاً للتوافق الذي حدث قبل أسبوعين في أديس أبابا حيث تم إنجاز جزء كبير من هذه الوثيقة وتم استكمال ما تبقى في مفاوضات الخرطوم على مدى الأيام الثلاثة الماضية». وقال سامح شكري إن «هذه المبادئ بداية لمزيد من التعاون في المسار السياسي والمسار الفني، وهذا الاتفاق يجيب على شواغل دولتي المصب في السودان ومصر». وأشار إلى أن «الخبراء من الدول الثلاث يجتمعون في الخرطوم لثلاثة أيام ويعلنون في 9 آذار (مارس) اسم المكتب الاستشاري الذي سيجري الدراستين المقترحتين». وأضاف أن المبادئ المتفق عليها «تمثل البداية لتعاون أوسع بين الدول الثلاث»، مشيراً الى أنها «تزيل مخاوف السودان ومصر». أما وزير الخارجية الإثيوبي فأعرب عن «رضا إثيوبيا عن النتائج التي تحققت»، مؤكداً التزام بلاده بهذه المبادئ. ورأى أن الاتفاق «فصل جديد ينقل شراكة الدول الثلاث إلى مستوى أعلى». ولم يقدم أي من الوزراء الثلاث تفاصيل في شأن الاتفاق. وقال وزير الري المصري حسام مغازي: «تم التوصل إلى اتفاق لتنظيم آلية التشغيل والتعاون في مشروع السد على المسار السياسي، وتم التوافق على الشواغل المصرية والسودانية في ما يخص السد». وأوضح أن «المبادئ التي تم الاتفاق عليها تختص بنظم وآلية تشغيل سد النهضة وآلية التعاون في هذا السد». وتتألف لجنة الخبراء من 6 أعضاء من الدول الثلاث بالتساوي، و4 خبراء دوليين في مجالات هندسة السدود وتخطيط الموارد المائية والأعمال الهيدرولوجية والبيئة والتأثيرات الاجتماعية والاقتصادية للسدود. وكشفت وكالة «فرانس برس» جانباً من تفاصيل المفاوضات الوزارية التي استمرت ثلاثة أيام في الخرطون. وقالت إن الوفد الإثيوبي تأخر في الحضور إلى قاعة التفاوض خلال الجلسة الافتتاحية، رغم أن الوفدين المصري والسوداني كانا جلسا في مقاعدهما. وبعد ذلك، خرج كرتي من القاعة ليعود مصطحباً الوفد الإثيوبي الذي اختار عدم الجلوس في المقاعد المخصصة له. وانتحى وزراء خارجية الدول الثلاث جانباً، وطُلب من الصحافيين عدم التصوير ومن ثم مغادرة القاعة. وبعد 15 دقيقة، دُعي الصحافيون إلى العودة مجدداً، وكان كل وفد عاد إلى المقاعد المخصصة له. أما في اليوم الثاني، فغادر الوفد المصري القاعة مرتين ولساعتين من الزمن رغم بقاء الوفدين الأثيوبي والسوداني. ومن ثم لحق وزير الخارجية السوداني بالوفد وعاد برفقته إلى الجلسة. ومساء اليوم الثالث، امتد النقاش بين وزيري الخارجية السوداني والإثيوبي في شأن مسودة الاتفاق إلى خارج قاعة التفاوض. وغادر بعدها الوفد الإثيوبي الفندق الذي تجري فيه المفاوضات لمدة ثلاث ساعات. وعند عودته دخل وزراء الخارجية الثلاثة في مشاورات جانبية ليتم بعدها إعلان التوصل إلى الاتفاق المبدئي. ونقلت الوكالة عن مصدر سوداني مشارك في المفاوضات أنها «مرت بصعوبات حقيقية بين الإثيوبيين والمصريين، ونحن لم تكن لدينا مشكلة». وأضاف أنه «عند تقديم أي اقتراحات كان كل من الوفدين يخرج للتشاور مع قيادته، وكان يحمل مقترحات جديدة لدى عودته الى القاعة». واختتم بالقول إن «التفاوض مر بلحظات توتر، لكن في النهاية تم الاتفاق». دار الحياة