في الأسبوع الماضي كانت الأخبار ترشح عن اتجاه تحالف قوى نداء السودان بالتراجع والتخلي عن وثيقة برلين والبحث عن خيارات جديدة أو مسار جديد للحوار برافعة دولية أو الاتجاه نحو تعبئة الجماهير بعد ما أسموه فشل المؤتمر التحضيري الذي كان من المقرر قيامه بالعاصمة الاثيوبية أديس أبابا الاسبوع الماضي ،وأرجعت قوى نداء السودان فشل المؤتمر التحضيري لتخلف المؤتمر الوطني الأمر الذي اعتبره "نداء السودان" عودة المؤتمر الوطني إلى مربع المراوغة وعدم جديته في الحوار في وقت ردد فيه خبراء أن "المعارضة" لا طريق لها سوى خيار الحوار والتسوية السياسية وأن "نداء السودان" يبحث عن تسوية وحوار بشروط جديدة تتجاوز قرار مجلس الامن والسلم الافريقي 456 والذي من أهم بنوده إجراء الحوار بالداخل قرار جديد وكان عدد من منسوبي تحالف قوى الاجماع الوطني قد قالوا بانتهاء صلاحية وثيقة برلين وبشكل مباشر. يقول كمال بولاد، الأمين السياسي للبعث القومي، إن "وثيقة برلين" قد انتهت لعدم حضور الوطني للتحضيري ويرى بولاد أن نهاية "برلين" يعني عمليا نهاية مسار التسوية أو الحل السلمي، ويكشف بولاد عن أن البعض في قوى الإجماع الوطني الآن هم بصدد العمل في اتجاه التعبئة الجماهيرية بديلا للخط الذي طرح في خطوات برلين المستندة على قرار مجلس الامن 456 الصادر عن مجلس السلم الأفريقي ، ويقول إن ذلك القرار قد انتهت فعاليته ولم يتبق خيار أمام المعارضة غير العمل للتعبئة الجماهيرية ومواجهة النظام بعد انكشاف مناوراته بعدم الذهاب إلى أديس أبابا فيما يرى مراقبون أن "المعارضة" تعمل على تغيير الآلية الافريقية بآلية جديدة أو استصدار قرار من المجتمع الدولي يتضمن الفصل السابع ويبدو أن المعارضة في كل الاحوال تعتمد في خيارها الجديد على المجتمع الدولي وليس العمل الجماهيري فحتى الآن المعارضة لم تصدر بيانا أو قرارا بايقاف الحوار أو رفضه لو جد سعيهم نحو العمل الجماهيري ، غير أن كل دفوعاتهم قائمة على كون ان الحكومة ليست جادة في عملية الحوار لكونها لم تأت إلى أديس أبابا حيث المؤتمر التحضيري أو لقاء ما قبل الحوار ، وبحسب مراقبين فإن المعارضة تسعى إلى نقل الحوار إلى الخارج لأن القرار 456 الصادر عن مجلس السلم الافريقي يدعو الى الحوار بالداخل ، وجوهر وثيقة برلين هو الالتزام بالقرار 456 وليس المؤتمر التحضيري لأن التحضيري هو لقاء قبل الحوار ، وهذا يبين أن وجهة المعارضة هي نقل الحوار إلى الخارج ، والحوار الوطني بمفهوم المجتمع الدولي هو إشراك كل القوى السياسية ويبدو أن المعارضة جهة "نداء السودان" ، غير راغبة في ، ذلك ويبحثون عن آلية جديدة للحوار والتسوية السياسية بشكل جديد فالمعارضة ،مما سبق، لا طريق لها إلا اتخاذ الحوار سبيلا، باعتبار صعوبة قرار الانتفاضة الشعبية ، باعتبار أن المعارضة تعمل في مسار ضيق جدا ، خاصة أن خيار الانتفاضة من المتوقع أن يحدث انقساما اجتماعيا كبيرا تبعا للانقسام الجماهيري بحسب مواقف الاحزاب الكبيرة ،وبالتالي سيكون لخيار الانتفاضة تبعات سيئة على مستقبل البلاد ، ناهيك عن انشغال المعارضة عن العمل الجماهيري الفصل السابع وبالامس دفع الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي ببيان يؤكد سعي المعارضة أو "قوى المستقبل" إلى استصدار قرار يتضمن الفصل السابع عندما قال المهدي في بيانه "في 13 نيسان (أبريل) الجاري، دعتني الخارجية الألمانية لتسأل عن فرص الحوار الوطني بعد الانتخابات. قلت لهم: مشروع الحوار الوطني الذي قتله النظام في أديس أبابا بغيابه، قد مات وقلت لهم إن إحياء الحوار في الإطار الذي قوّضه النظام السوداني، غير مجدٍ. إذا أردتم المبادرة بعملية سلام مجدية في السودان، فالواجب اتخاذ الخطوات الآتية: 1- أن يتخذ النظام من جانب واحد إجراءات بناء الثقة – مثل – إطلاق السجناء كافة، وكفالة الحريات العامة، ووقف إطلاق النار، وتنفيذ اتفاقية العون الإنساني الثلاثية 2- الاستعداد لإعلان مبادئ للحوار، أهمها السلام العادل الشامل، والتحول الديموقراطي، عبر ملتقى قومي دستوري يضع أسس دستور المستقبل، وقيام حكومة قومية انتقالية لا تعزل أحداً ولا يهيمن عليها أحد، تستمر حتى إجراء انتخابات عامة حرة 3- تقوية آلية الوساطة الأفريقية بشركاء لهم موقع مؤسسيّ معها 4- اجتماع مجلس الأمن والسلم الأفريقي لتشخيص أسباب إخفاق اتفاقات السلام في السودان، المبرمة والتي ما زالت في طور التفاوض، وأهمها طابعها الثنائي وانحصارها في المحاصصة من دون مخاطبة أسباب النزاع الحقيقية 5- أن يضع المجلس توصية بعملية سلام شاملة تشرك كل أصحاب المصلحة الوطنية، وتتبنى الأهداف الوطنية السودانية المشروعة، وتضع حلاً سياسياً عادلاً لمسألة المحكمة الجنائية الدولية، وأساساً متفقاً مع حقوق السودان في إعفاء ديون البلدان الفقيرة 6- أن يجتمع مجلس الأمن الدولي لمناقشة توصية مجلس الأمن والسلم الأفريقي، ويصدر بها بعد التداول قراراً دولياً جديداً بموجب الفصل السابع" ويبدو جليا من بيان المهدي صدق تنبؤات سبقت بأن المعارضة جهة "نداء السودان" تتجه للعمل وسط المجتمع الدولي لاستصدار قرار جديد وأن هذا هو خيار هذا الجزء من المعارضة وليس العمل وسط الجماهير كما نقلت بعض التصريحات من أجل الانتفاضة الشعبية الوقوف مع الحوار القيادي بقوى الإجماع وأحد الموقعين على إعلان برلين محمد علي جادين، قال ل(التيار) إن تحالفهم ظل يقف إلى جانب الحوار مع النظام وقال إن تحالف المعارضة ومنذ خطاب الوثبة في يناير الماضي وافق على الحوار بشروط مسبقة وكان جوهر الخلاف بين مكونات التحالف في هذه الشروط ، ففي الوقت الذي تمسكت فيه معظم القوى السياسية بتنفيذ الشروط الخمسة رأت أحزاب الامه القومي والمؤتمر الشعبي الجلوس مع النظام في طاولة الحوار دون شروط مسبقة . بيد أن قوى أخرى اكثر تشدداً يقودها حزب البعث القومي الذي اتهم رفقاءه بالتسويق لتسوية سياسية مع النظام وقال الأمين السياسي للحزب كمال بولاد في حوار سابق مع (التيار)إن تلك القوى طالبت علناً بتفكيك تحالف قوى الاجماع الوطني لصالح التسوية السياسية ضغوط دولية وأبدى تحالف الاجماع مرونة في مواقفه للتعاطي مع الموقف الدولي والأقليمي الاخير تجاه الحوار في السودان ،وحسبما يرجح مراقبون عن تعرض قيادات التحالف لضغوط خارجية جعلتها تقدم تنازلات وترضخ للجلوس والتفاوض مع النظام ،لكن جادين نفى وبشدة تعرضهم لأي ضغوط خارجية وأضاف ( فيما يبدو أن الحكومة هي التي تعرضت لتلك الضغوطات بعد تعثر المفاوضات مع قطاع الشمال والحوار الوطني عبر آلية( 7+7) واستدل بأن الحكومة الالمانية أرسلت وفداً للسودان يحمل مخرجات مؤتمر برلين ،عقب تسليمنا بنود الاعلان للخارجية الألمانية ) ويبدو جليا في المشهد الحالي أن الأحزاب جهة المعارضة وتحديدا التي كانت ترفع شعار المعارضة للحوار مع الحكومة والتي تدعو إلى إسقاط الحكومة عبر الانتفاضة يبدو جليا أنها ترفع من ذلك الشعار الانتفاضة الشعبية كموقف تكتيكي فكل الأحزاب فمعظم الاحزاب في تحالف قوى الاجماع الوطني أو في "نداء السودان" تتجه فعليا نحو التسوية السياسية أو ما يطلق عليه البعض الحل السياسي الشامل، والذي تسلك اليه تلك الأحزاب الطرق التفاوضية، كما هو واضح في جميع المواثيق والاتفاقات التي وقعتها والتي تدعو للحوار المباشر مع الحكومة بالرعاية الدولية ، على نحو ما حدث في اتفاق نيفاشا للمصالحة الوطنية عام 2005م بين الحكومة والحركة الشعبية ، وبدعم وتأييد من الاتحاد الأفريقي ويبدو أن توازن الضعف الذي تحدث عنه عدد من المراقبين السياسين يدفع الحكومة هي الأخرى نحو تبني الحوار، وفي تصريحات متوفرة قال أقطاب في الحكومة إن الحركات الحاملة للسلاح وافقت على الحوار معها ، فليس صحيحا ما تدفع به قوى المعارضة من أن تحالف "عاصفة الحزم" تشكل عاصما للحكومة تترفع به عن الحوار فمآلات "عاصفة الحزم" غير مأمونة العواقب بالنسبة للحكومة والتي ليس أمامها هي الاخرى غير الاستجابة للحوار عبر الرافعة الدولية وإن طال السفر . التيار