جمال مبارك، أو جمال الدين محمد حسني سيد مبارك، هو الابن الأصغر للرئيس المصري الذي تخلى عن الحكم تحت الضغط الشعبي، الأمين العام المساعد أمين لجنة السياسات في الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم السابق.. ولد في القاهرة عام 1963، والدته هي سوزان ثابت، ومتزوج من خديجة الجمال وله ابنة اسمها فريدة. درس جمال في المرحلة الابتدائية بمدرسة «مسز وودلي» بضاحية مصر الجديدة شرق القاهرة، ثم انتقل إلى مدرسة سان جورج الإعدادية والثانوية، وحصل على شهادة الثانوية الإنجليزية عام 1980.. ثم تخرج في الجامعة الأميركية بالقاهرة في مجال الأعمال، وحصل على الماجستير في إدارة الأعمال من نفس الجامعة. بدأ عمله في «بنك أوف أميركا» فرع القاهرة، ثم انتقل إلى فرع لندن، حتى وصل إلى منصب مدير الفرع، ويعمل بصفة عامة في مجال الاستثمار البنكي، وحاصل على عضوية الروتاري الفخرية في مايو (أيار) 2001. انضم جمال إلى الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم عام 2000، حيث تولى لجنة الشباب، وكون جمعية «جيل المستقبل»، التي يتم عن طريقها تدريب الشباب وتقديم فرص العمل المناسبة لهم. وشهد عام 2002 صعودا قويا لجمال في «سلم الحزب»، بتوليه منصب أمين لجنة السياسات.. التي تتولى رسم السياسات للحكومة ومراجعة مشاريع القوانين التي تقترحها حكومة الحزب، قبل إحالتها إلى البرلمان المصري بغرفته الأولى. شرع جمال منذ سنواته الأولى داخل الحزب الحاكم في استقطاب مجموعات من المثقفين الليبراليين الذي يقترب هواهم من فكرة (الإصلاح من الداخل)، وشرع في إقامة مشروع الحزب المستقل أو ما سمّي بحزب المستقبل، ليكون قناة لصعود جمال مبارك سياسيا. وفي المؤتمر السنوي الذي عقد في 1995، تعرف جمال مبارك على أحمد عز (51 عاما)، وبفضل العلاقة الجديدة تحول عز إلى عضو في لجنة السياسات، وفي نادي الأعمال المصري - الأميركي ولجان جمعية جيل المستقبل، وبعد ذلك تم تعيينه كرئيس للجنة التنظيم في الحزب الحاكم. وبفضل علاقته بابن الرئيس، حصل عز عام 1997 على قرض من ملياردير إيطالي تصل قيمته إلى 600 مليون دولار بضمانة من الحكومة المصرية، وكان هذا القرض هو الأساس في الثروة الكبيرة التي حققها عز خلال سنوات قليلة. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2007، وخلال المؤتمر السنوي التاسع للحزب، تولى منصب الأمين العام المساعد في الحزب الحاكم، الذي لم يكن يوما أكثر من مجرد امتداد لمؤسسة الرئيس في عصر حسني مبارك.. وتحوّل في ما بعد إلى حزب «للابن» داخل حزب «الأب»، ونادٍ للمحظوظين وأصحاب الفرص في التقرب من السلطة. ومع صعوده السريع وظهوره القوي على الساحة السياسية، أصبح اسم جمال متداولا كخليفة محتمل لوالده على رأس الحزب ومرشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة خريف هذا العام كخطوة نحو «التوريث»، لكن هذه الخطوة لم تقده إلى كرسي الرئاسة.. إنما إلى سجن طرة على ذمة التحقيقات في قضايا تحريض على القتل واستغلال النفوذ. نهايات رؤساء مصر سيناريو مفتوح للرثاء مبارك أصعبها.. السادات أعنفها.. وعبد الناصر أشدها مأساوية القاهرة: محمود محسن على مدى ستة عقود هي عمر الجمهورية في مصر، سطر رؤساؤها بأيديهم سيناريو حكاياتهم مع السلطة، ورسم كل منهم الملامح والرتوش الخاصة به، إلا أنهم اختلفوا جميعا في سيناريو النهاية الذي يبدو كارثيا وموجعا بكل المقاييس. تبدأ قصص نهايات رؤساء مصر الحزينة مع السلطة في نوفمبر (تشرين الثاني) 1954 عندما فوجئ الرئيس محمد نجيب وهو يدخل قصر عابدين بضباط البوليس الحربي، الذين اقتادوه إلى فيللا المرج التي ظل حبيسا بها حتى عام 1982، حيث نقل إلى شقة أخرى ظل بها حتى وفاته عام 1984. أما الرئيس جمال عبد الناصر الذي أثار الكثير من الجدل حول عهده، واستحوذ على محبة خصومه ومؤيديه معا، فلا يزال مشهد نهاية حكمه أحد أشد المشاهد مأساوية في تاريخ مصر الحديث، فقد توفي وهو يلم شتات الانقسام العربي، بعد جرح سبتمبر (أيلول) الأسود الذي تفجر في معركة دامية بين الفلسطينيين والعاهل الأردني الملك حسين في عام 1970، في أعقاب قمة عربية طارئة دعا إليها عبد الناصر لمعالجة المشكلة، وسقط ضحية الإجهاد والتعب، وهو يودع الرؤساء العرب بمطار القاهرة، ونزل خبر موته كالصاعقة على قلوب وأفئدة المصريين والعرب، وكل القوى الوطنية في العالم. ولم تكن نهاية السادات الذي أعلن من ميكرفون الإذاعة نبأ وفاة جمال عبد الناصر، ونعاه بقوله «فقدت مصر والأمة العربية والعام أجمع رجلا من خيرة الرجال وأعظم الرجال» نهاية حزينة فحسب، لكنها كانت أشد حزنا وعنفا وإيلاما، فالسادات الذي حقق انتصار أكتوبر (تشرين الأول) وتبعه بمعاهدة سلام مع إسرائيل أثارت عليه الداخل والخارج، لقي حتفه برصاصات مباغتة يوم احتفاله بذكرى النصر في 6 أكتوبر 1981. والمفارقة أن «الإسلاميين» الذين ساعدهم ليقفوا بقوة أمام صعود التيار اليساري هم أنفسهم الذين أنهوا حياته وأطلقوا عليه هذه الرصاصات وهو يستعرض بزيه العسكري مراسم الاحتفال الذي أعدته القوات المسلحة التي طالما افتخر السادات بانتمائه إليها. وكما نعى السادات عبد الناصر وحل مكانه، نعى محمد حسني مبارك، السادات وحل أيضا مكانه، لتشهد مصر رابع عسكري يتولى منصب رئيس البلاد، ولكن نهاية مبارك تظل الأكثر صخبا، لأنها الوحيدة التي تمت على يد ثورة شعب، فمبارك سطر سيناريو مختلفا في نهايات الرؤساء المصريين، وعلى الرغم من محاولته تجنب نهايات سابقيه، فنحى الجيش بعيدا عن السياسة وتجنب المواجهة مع إسرائيل، ووضع الإسلاميين في السجون، فإن نهاية مبارك كانت على يد الشعب لأنه وإن تعلم من سابقيه لم يعر الشعب انتباهه فأجبره الشعب على التنحي. وبين نهايات الرؤساء الأربعة تظل نهاية مبارك هي الأصعب في ذمة التاريخ، لأنها تأتي مصحوبة بقضايا فساد طالته هو وأفراد أسرته.