دمشق - أثار وقوف عدد كبير من الفنانين السوريين إلى جانب النظام جدلا كبيرا في الشارع السوري، في وقت يواجه فيه الرئيس السوري بشار الأسد أعنف موجة احتجاجات منذ توليه الحكم قبل أكثر من عقد. وكان 34 فنانا سوريا أبرزهم دريد لحام وبسام كوسا وعباس النوري ورشيد عساف ومنى واصف وأمل عرفة وغيرهم أصدروا بيانا عبروا فيه عن تأييدهم لأي "حراكٍ سلمي" يحقق كرامةَ وحرية ورفع مستوى معيشة المواطن السوري. كما قدموا العزاء للشهداء الذين سقطوا خلال الأحداث الأخيرة، داعين إلى إعلان حداد وطني لمدة ثلاثة أيام في جميع المدن السورية، ومحاسبة كل من تسبب بإراقة الدماء في البلاد. لكن هؤلاء الفنانين عادوا ليصدروا بيانا توضيحا لبيانهم السابق حمل عنوان "تحت سقف الوطن"، بعد أن قامت "بعض الجهات والمواقع الالكترونية غير المعروفة بتفسير البيان بطريقة سيئة". وقال الفنانون في بيانهم -حسب موقع "سيريا نيوز": "لقد أردنا من بياننا أن يصب في النقاش الوطني الايجابي الذي يدور الآن في سورية وفي مرحلة حساسة من تاريخها". وأضاف البيان "الشعب السوري فهم البيان الأول بطريقة عدائية تظهر الفنانين السوريين وكأنهم يعيشون في حالة خصام مع السلطة وكأننا لم نحظ بالتقدير والتكريم من قبل القيادة السياسية وعلى رأسها السيد الرئيس الدكتور بشار الأسد". وأثار موقف الفنانين السوريين جدلا كبيرا لدى عدد كبير من السوريين، حيث اتهمهم البعض ب"النفاق ومحاباة النظام والوقوف في صفه ضد الشعب"، فيما أسس شباب سوريون "قائمة عار" على موقع فيسبوك تحت عنوان "سوريون ضد الثورة السورية" تتضمن أسماء بعض الفنانين الذين اتخذوا موقفا محايدا أو 'منحازا للسلطة' في سوريا. لكن البعض وصف المواقف الأخيرة لأغلب الفنانين السوريين ب"الوطنية"، مشيرا إلى أن "اكثر المتضررين من وصول متطرفين للحكم هم النخبة المثقفة وخصوصا الفنانين، ولذلك من الطبيعي أن يتّخد الفنانون وبعض المثقفين السوريين موفقا 'مواليا للنظام' في وقت لا يعرف فيه أحد مصير البلاد مع استمرار الاحتجاجات و'عمليات التخريب". ويخشى بعض الفنانين أن تؤدي الاحتجاجات المستمرة في سوريا منذ حوالي شهر إلى سقوط النظام العلماني ومجيء نظام ديني متطرف يعطل الحركة الثقافية والفنية المزدهرة في البلاد. ويؤكد هؤلاء إننا "قد نرى في المستقبل مشهدا لممثلة تتحدث إلى زوجها أو أخيها وهي ترتدي حجابا كاملا كما فرضت الرقابة الإيرانية على المخرجين السينمائيين في إيران أو كما حاول الأخوان المسلمون التأثير على الفنانات المحجبات في مصر". ويقول فنان سوري مخضرم آثر عدم الكشف عن اسمه "سوريا العلمانية عليها أن تتذكر ان من تتحالف معهم من الإيرانيين وحزب الله وأخوان فلسطين (وليس أخوان سوريا)، إنما هم وصفة كارثية لكل ما حاول النظام السوري أن يرسخه في البلاد عبر عقود". ويضيف "ها هم أخوان سوريا يعودون كالأشباح التي تسكن البيوت. خالد مشعل في دمشق يعني حماس وتشددها. الأخوان السوريون سعداء بمشعل وهنية وأحمدي نجاد لأن تحالفهم مع النظام يكشف تناقضات الحكم في سوريا". وكان فنان الكاريكاتير السوري علي فرزات قال في حديث تلفزيوني إنه بصدد وضع "قائمة للعار تضم أسماء مثقفين وفنانين التزموا الصمت تجاه ما يحدث في سوريا بانتظار ما ستؤول إليه الأمور ليركبوا بعد ذلك الموجة". فيما شهدت أغنية الفنان السوري سميح شقير "يا حيف" مشاهدات كبيرة على المواقع الإلكترونية، وتم تداولها بشكل كبير حسبما ذكرت تقارير إعلامية مختلفة. وتعتبر هذه الأغنية الأولى من نوعها التي تناولت الأحداث في سوريا، وظهر فيها تعاطف شديد من أهالي درعا، وحملت كلماتها الكثير من الجرأة. ويقول شقير في مقدمة الأغنية "يا حيف... أخ ويا حيف زخ رصاص على الناس العزّل يا حيف، وأطفال بعمر الورد تعتقلن كيف، وإنت ابن بلادي تقتل بولادي، وظهرك للعادي وعليي هاجم بالسيف". وتشهد سوريا للأسبوع الخامس على التوالي موجة من الاحتجاجات الشعبية تطالب السماح بمزيد من الحرية في البلاد وإلغاء قانون الطوارئ وتحسين مستوى المعيشة وغيرها.