كشفت الدراسات عن أن النحافة المفرطة أشد خطرا من السمنة، لا سيما إذا تم اعتماد حمية غذائية سريعة النسق تفقد الجسم الكثير من وزنه دون تدرج وقد تتسبب في الكثير من أمراض القلب والشرايين، نتيجة الحاجة إلى الفيتامينات والبروتينات الأساسية. العرب لندن - يرى الباحثون أن خطر النحافة الشديدة قد يصل إلى الوفاة، بسبب سوء التغذية وفقدان الشهية، حيث أظهرت دراسة حديثة استغرقت 20 عاما في الولاياتالمتحدة أن نسبة الوفيات في الأشخاص الذين يقل وزنهم بنسبة 10 إلى 20 بالمئة عن الوزن الطبيعي أعلى مما هي عليه عند البدينين. وأثبت باحثون أن خطر الوفاة جراء الإصابة بأمراض القلب والشرايين التاجية، يتضاعف مرتين ونصف المرة عن المعدل الطبيعي لدى الرجال شديدي النحافة، في حين يكون بمعدل مرة ونص المرة لدى البدناء. وجدير بالذكر، أن هذه النتيجة هي حصيلة دراسة أجريت على 50 ألف شخص تتراوح أعمارهم بين 30 و54 عاما، ومن الطريف أن هذه الدراسة أظهرت أن النساء غير معرضات لأخطار الوفاة المتعلقة بالوزن كما هو الحال لدى الرجال. وتعرّف دراسة أميركية صادرة عن "مركز بحوث السمنة والتغذية"، في جامعة "كارولينا الشمالية"، النحافة ب"نقص وزن الجسم عن المعدّل الطبيعي، بنسبة تتراوح ما بين 25 و35 بالمئة". ويشار إلى أن طريقة حساب المعدّل الطبيعي للوزن، تتمّ عبر قسمة الوزن (بالكيلوغرامات) على مربع الطول (بالمتر)، فإذا ما جاءت النتيجة أقل من 18.5، فهذا يعني أن المرء يعاني من النحافة. وتعود الإصابة بالنحافة المفرطة إلى عدة أسباب: الوراثة: هناك بعض العائلات التي يعاني كثير من أفرادها من النحافة. و هؤلاء الأشخاص لديهم معدلات أيض غذائي سريعة وشهية ضعيفة للطعام ومن الوارد وراثة هذه الصفات منهم. النشاط الزائد: كلما زاد النشاط والحركة، كلما زاد استهلاك السعرات الحرارية. فالعديد من الرياضيين الشباب أوزانهم منخفضة بسبب عدم تناول كميات طعام متناسبة مع نشاطهم. وليس بالضرورة أن يكون المرء رياضيا، فقد يكون شخصا نشيطا بسبب طبيعة العمل أو الدراسة. المرض: العديد من الأمراض تسبب فقدان الشهية وتقلل من قدرة الجسم على استخدام الطعام وتخزينه. فالفقدان المتسارع للوزن بشكل غير تدريجي قد يكون مؤشرا للإصابة بالأمراض مثل الغدة الدرقية أو السكري أو حتى السرطان والإيدز. الأدوية: بعض الأدوية تسبب الإعياء وفقدان الشهية، مثل العلاج الكيميائي للسرطان. أسباب نفسية: هناك أسباب نفسية عديدة مثل التوتر والاكتئاب قد تؤثر على الشهية والقدرة على تناول الطعام. وبعض الأمراض النفسية المرتبطة بنظرة الشخص إلى جسمه قد تسبب فقدان الشهية ومن أشهرها: الانروكسيا والبوليميا، لكن أغلب المصابين بهذه الأمراض من النساء. الحساسية من الطعام: بعض الأشخاص لديهم الحساسية من الغلوتين أو اللاكتوز أو أنواع أخرى من الطعام وهذه الحساسية تسبب لهم عسر هضم وصعوبة في امتصاص الطعام. وتجدر الإشارة إلى أن الأشخاص المصابين بالنحافة يعانون من سوء التغذية بسبب عدم تناولهم الفيتامينات والمعادن والسعرات الحرارية بشكل كافي. وهذا يعرض للعديد من المشاكل مثل، مرض هشاشة العظام بسبب عدم تناول الكالسيوم والتأخر في النمو وزيادة الطول بسبب عدم تناول الطعام الضروري والبروتين والأنيميا بسبب نقص الحديد والفوليت وفيتامين بي 12، بالإضافة إلى سقوط الشعر وجفاف البشرة ومشاكل بالأسنان. ويسبب عدم تناول الطعام اللازم ضعف المناعة ومشاكل بالدورة الشهرية وبالخصوبة للسيدات. وأكدت دراسات قام بها مجموعة من الباحثين من جامعة هارفرد، أن استخدام الأنظمة الغذائية ذات المحتوى المنخفض من الدهون خوفا من السمنة قد يسبب ارتفاع احتمال الإصابة بأمراض القلب. وأرجعت الدراسة هذا الأمر إلى أن انخفاض الدهون في الوجبة قد يؤدي إلى انخفاض مستوى الكوليسترول الجيد في الدم. وأشارت الدراسة إلى أن استبدال الدهون المشبعة بالنشويات في الوجبات قد يؤدي إلى افتقارها للدهون المهمة لتكوين هذا النوع من الكوليسترول، لذلك فالحل هو استبدال الدهون الحيوانية المشبعة بدهون نباتية، خاصة الدهون المحتوية على الأحماض الدهنية أحادية التشبع، مثل تلك الموجودة في زيت الزيتون. وهذا الاقتراح قد يخفض نسبة الكوليسترول الضار، ويحسّن مستوى الجيد منه إلى جانب أنه يساعد على تخفيض الوزن عند وضعه في إطار نظام السعرات الحرارية المنخفضة. ويضع الخبراء دليلا غذائيا لا ينبغي الحياد عنه لضمان الحد الأدنى لاحتياجات الجسم، حيث يحتاج النحيف، يوميا، إلى نحو 100 غرام من البروتين الغذائي المتوافر في اللحوم، والأسماك والدجاج، والبقول، والبيض، والألبان، ومنتجاتها، وذلك لأهميّته في بناء الأنسجة والخلايا و"هيموغلوبين" الدم. كما أن البروتين يعدّ المصدر الرئيس للهرمونات، و"الأنزيمات" الهاضمة بالجسم. ويحتاج إلى 400 غرام من "الكربوهيدرات" يوميا، لأنها تشكّل المصدر الأساس للطاقة في الجسم، وهي تتوافر في: الحلويات، والأرز، والمعكرونة، والفاكهة، وسكر الطعام. ويوصون بأن يتراوح كمّ الدهون ما بين 70 و90 غراما يوميا، في لائحة طعام النحيف. وتتوافر الدهون في: الزبدة، والألبان، والقشدة، وصفار البيض، والزيوت. وينصح اختصاصيو التغذية بتناول فيتاميني "بي 1" و"بي 2"، بمعدّل 1.5 ملليغراما، يوميا، نظرا إلى دورهما في زيادة الشهيّة، وسلامة الجهاز العصبي، وعملية التمثيل الغذائي، بالإضافة إلى ضرورة تناول 4 ميكروغرامات من فيتامين "بي 12" يوميا، لأهميّته في تكوين خلايا الدم بصورة طبيعية والتخلّص من "الأنيميا". ويتوافر بي 12 في مصادر طبيعية متمثّلة، في: اللحوم، والكبد، والأسماك، والبيض، فضلا عن فيتامين "بي 6" بمعدّل 2.5 ملليغرامات، ما يساعد على تكوين "الأنزيمات" اللازمة للجهاز العصبي، كما أنّه يفتح الشهيّة. تجدر الإشارة إلى أنه إضافة للأكل، تساعد الرياضة في محاربة النحافة وزيادة الكتلة العضلية في الجسم.