لجان مقاومة النهود : مليشيا الدعم السريع استباحت المدينة وارتكبت جرائم قتل بدم بارد بحق مواطنين    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    جامعة ابن سينا تصدم الطلاب.. جامعات السوق الأسود والسمسرة    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    بحضور عقار.. رئيس مجلس السيادة يعتمد نتيجة امتحانات الشهادة السودانية للدفعة المؤجلة للعام 2023م    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    احتجز معتقلين في حاويات.. تقرير أممي يدين "انتهاكات مروعة" للجيش السوداني    هجوم المليشيا علي النهود هدفه نهب وسرقة خيرات هذه المنطقة الغنية    عبد العاطي يؤكد على دعم مصر الكامل لأمن واستقرار ووحدة السودان وسلامة أراضيه    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حمص مدينة أشباح.. بعد ليلة دامية قتل فيها 4 أشخاص برصاص قوات الأمن
نشر في الراكوبة يوم 20 - 04 - 2011

تحولت مدينة حمص، أمس، إلى مدينة أشباح بعد ليلة دامية، أول من أمس، استمرت حتى الساعات الأولى من فجر أمس، حين تدخلت قوات الأمن لفض اعتصام آلاف المحتجين في ساحة الساعة الجديدة (ساحة جمال عبد الناصر) التي أطلق عليها المحتجون اسم «ساحة الحرية»، والتي تعتبر كبرى ساحات مدينة حمص.
ووردت أنباء، غير مؤكدة، أمس، عن وصول الفرقة 11 من الجيش السوري إلى مدينة حمص، وانتشار كثيف لقوى الأمن والجيش عند ساحة الساعة القديمة في وسط حمص التجاري، لمنع متظاهرين يقدر عددهم ب10 آلاف، من الوصول لساحة الحرية، بعد عودتهم من تشييع 4 قتلى، إلى مقبرة باب الكثيب. كما وردت أنباء أخرى عن محاصرة مدينة تلكلخ التابعة لمحافظة حمص، والقريبة من الحدود الشمالية للبنان.
ووصف أحد أبناء المدينة المشهد ظهر أمس، وقال إن هناك سيارات محترقة وواجهات محلات محطمة في شارع الدبلان، وهو من أكثر الأسواق حيوية وعراقة في المدينة. وقال: إن واجهات المصارف الخاصة والصرافات الآلية لم تسلم، وإن هناك حطاما وتكسيرا عند الساعة الجديدة. وعاشت المدينة، أمس، حالة أقرب إلى حظر تجول؛ حيث لم تسجل حركة لسيارات النقل العام أو لسائقي سيارات التاكسي.
وهناك روايات عدَّة ومتضاربة حول حقيقة ما جرى في المدينة تحت جنح الليل، وتتجاذب الناس مشاعر متناقضة تتراوح بين السخط على السلطة والذعر من العنف الشديد والفوضى التي حصلت. وبحسب رواية شاهد عيان، لبى آلاف الأهالي دعوة علماء ورجال دين حمص للاعتصام السلمي عند الساعة الجديدة إثر تشييع 9 من أبناء المدينة، أول من أمس، الذين سقطوا في اشتباكات يوم الأحد. وقد صلوا صلاة المغرب في الساحة، ونصبوا الخيام ووضعوا إذاعة في المكان. ووُجد في الساحة جمع غفير من الرجال والشباب والنساء والأطفال، وكانت الأمور تسير على ما يرام، وبشكل سلمي؛ حيث بقي عناصر الأمن ورجال الشرطة بعيدا عن المعتصمين ولم يحصل أي احتكاك، إلى أن حلت الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل.
فحضر حينها رجال الأمن بكثافة على جانبي الساحة التي وُجد فيها في تلك الساعة من الليل نحو ألفي شخص. وطلب رجال الأمن من الموجودين أن يخلوا المكان خلال ساعة. وقال شهود عيان إنه جرى افتعال مشادات، إلا أن المعتصمين رفضوا المغادرة. وبعد أقل من ساعة بدأ الأمن بإطلاق كثيف للنار لتفريقهم. وتعددت الروايات حول ما حدث؛ إذ قال شهود إن مسلحين ظهروا وحصلت اشتباكات، بينما قال شاهد آخر فر من المكان مع بدء إطلاق النار: إن فوضى كبيرة حصلت، وراحت المساجد في بعض المناطق تدعو للجهاد، وسمع إطلاق الرصاص في أحياء متفرقة من المدينة مع تفرق الجموع والملاحقات التي استمرت ساعات. وأسفرت الاشتباكات، التي وقعت فجر أمس، عن سقوط 4 قتلى على الأقل وعشرات الجرحى. وذكر شاهد عيان لقناة «الجزيرة» لحظة وقوع الحدث أن «المنطقة محاصرة والقناصة والشبيحة على المباني الحكومية المحيطة يطلقون الرصاص على الناس في الشوارع»، مشيرا إلى وجود إطلاق نار كثيف قرب مركز قيادة الشرطة بالمدينة. وقال: إن إطلاق الرصاص مثل «زخ المطر»، كما أشار إلى انطلاق نداءات عبر مكبرات صوت من المساجد قرب ساحة الساعة وحي باب سباع تقول: «حي على الجهاد» وتدعو لنجدة المعتصمين.
وفي رواية شبه رسمية، فإن عمليات تمشيط جرت للمساجد وتم اعتقال عدد من المحتجين وعلماء الدين بشبهة الإرهاب وبث الفتنة. وجرت أحاديث عن ضبط كميات من السلاح، وفي تلبيسة قيل إنه تم القضاء على «التمرد المسلح» وإزالة الحواجز التي وضعها المحتجون، وجرى ضرب طوق أمني حول القرية.
وشيع مئات الآلاف في حمص القتلى الذين تعرضوا لإطلاق نار خلال الاحتجاجات، كما شيعت قرية تلبيسة القريبة 8 من ضحاياها، وبينهم العميد عبده خضر التلاوي وولداه وابن شقيقه الذين سقطوا برصاص قناصة.
وقبل ذلك كانت وزارة الداخلية قد أصدرت تعميما في محافظة حمص بمنع دخول الدراجات النارية إلى المدينة؛ وذلك «نظرا لقيام بعض المجموعات المسلحة في المحافظة بتنفيذ مخططاتهم الإجرامية باستخدام الدراجات الآلية». وفي ساعة متأخرة من مساء الاثنين وقبل نحو 3 ساعات من فض الاعتصام في حمص، أصدرت وزارة الداخلية بيانا اعتبرت فيه أن ما شهدته حمص وبانياس هو «تمرد مسلح». وقال البيان: «مجريات الأحداث الأخيرة كشفت عن أن ما شهدته أكثر من محافظة سورية من قتل لعناصر الجيش والشرطة والمدنيين والتمثيل بأجسادهم والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة وإطلاق النار لترويع الأهالي وقطع الطرقات العامة والدولية، إنما هو تمرد مسلح تقوم به مجموعات مسلحة لتنظيمات سلفية، لا سيما في مدينتي حمص وبانياس؛ حيث دعا بعضهم علنا إلى التمرد المسلح تحت شعار الجهاد، مطالبين بإقامة إمارات سلفية».
واعتبرت الوزارة أن ما قامت به هذه «المجموعات المسلحة جريمة بشعة يعاقب عليها القانون بأشد العقوبات». وقالت: إن الهدف من ذلك «نشر إرهابها في ربوع سورية، والتخريب والقتل وبث الفوضى بين الأهالي وترويعهم، مستغلين مسيرة الحرية والإصلاح التي انطلقت عجلتها في برنامج شامل ضمن جداول زمنية محددة أعلن عنها السيد الرئيس بشار الأسد في كلمته التوجيهية للحكومة الجديدة». وأكدت وزارة الداخلية أنها «لن تتساهل مع النشاطات الإرهابية لهذه المجموعات المسلحة التي تعبث بأمن الوطن وتنشر الإرهاب والرعب بين المواطنين؛ لذلك ستعمل، بكل حزم، لفرض استتباب الأمن والاستقرار على جميع أرجاء الوطن وملاحقة الإرهابيين أينما وجدوا لتقديمهم للعدالة وإنهاء أي شكل من أشكال التمرد المسلح».
وأهابت الوزارة، في ختام بيانها، بالمواطنين السوريين «ضرورة الإبلاغ عن أوكار الإرهابيين والمشبوهين وعدم السماح لهم بالاندساس بين صفوفهم واستغلال مناخ الحرية لسفك الدماء وتخريب الممتلكات العامة والخاصة».
وفي تلك الأثناء أكدت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) مقتل عنصرين من الجيش أحدهما ضابط برتبة عقيد برصاص مجموعات مسلحة في حمص. ونقلت الوكالة عن مصدر مسؤول قوله: «إن مجموعات الغدر والإجرام المسلحة في حمص أقدمت اليوم على ارتكاب جريمة جديدة بإطلاق النار على العقيد الركن محمد عبده خضر وإصابته في الرأس والصدر وهو متوجه إلى عمله، مما أدى إلى استشهاده». وأضاف المصدر أن «عصابة الغدر والإجرام لم تكتف بالقتل، بل عمدت إلى تشويه الوجه، وأن المساعد الأول غسان محرز تعرض إلى طلق ناري وهو يقوم بواجبه، مما أدى إلى استشهاده أيضا». وتابع أن «الدم السخي الذي تمت إراقته على قارعة الطريق كان مأمولا منه أن يراق لأجل الدفاع عن حرية الوطن، إلا أن مجموعات الغدر والإجرام المسلحة المرتهنة لأسيادها في الخارج أبت إلا تنفيذ المخطط الإجرامي».
وحول ما جرى في حمص، اتهمت السلطات السورية مجموعات أطلقت عليها اسم «مجموعات الغدر والإجرام المسلحة» بمواصلة «الاعتداء على أمن الوطن والمواطن»، وقالت إنها استهدفت فجر أمس «قسمي الشرطة في منطقتي الحميدية والبياضة بحمص، مما أدى إلى إصابة 6 من عناصر الشرطة بجروح ومقتل 2 من عناصر المجموعة المسلحة وإصابة 5 آخرين». ونقلت «سانا» عن قائد شرطة حمص، العميد حميد أسعد مرعي، قوله: «إن عناصر المجموعات الإجرامية المسلحة حاولوا إحراق قسم شرطة البياضة بعد محاصرته وقاموا بإطلاق النار على عناصره وأصابوا عددا منهم»، كما نقلت تصريحا لمدير المشفى الوطني في حمص، الدكتور غسان طنوس، قال فيه: «أسعف إلى المشفى فجر اليوم 6 من عناصر قوى الأمن الداخلي تعرضوا لإصابات متنوعة بإطلاق النار والاعتداء الجسدي بأدوات حادة وعصي أثناء مناوبتهم في قسمي البياضة والحميدية». وأضاف مدير المستشفى: «إن الجرحى أكدوا أن نحو 50 مسلحا هاجموا، نحو الساعة الثالثة فجرا، قسم شرطة البياضة وأطلقوا النار على عناصر الحراسة واعتدوا بالضرب بالعصي والأدوات الحادة على أحدهم، موضحين أن المشهد ذاته تكرر في قسم الحميدية».
إلى ذلك، استعرض الأمين القطري المساعد لحزب البعث العربي الاشتراكي، محمد سعيد بخيتان، في اجتماع للقيادة القطرية لحزب البعث الحاكم مع أمناء وقيادات فروع الحزب في المحافظات والجامعات المنتخبة حديثا، مجريات الأحداث التي تشهدها بعض المحافظات. وقال: «إن أعمال التخريب والقتل العشوائي التي تمارسها المجموعات الإجرامية المسلحة المتمردة على النظام والقانون» تهدف إلى «ترويع الناس والاعتداء على الأملاك العامة والخاصة». وأشار إلى أن التحقيقات الجارية مع «خلاياها الإرهابية» بينت أنها «تنظيمات مسلحة إرهابية تكفيرية تنفذ أجندة خارجية لا علاقة لها بالإصلاح ولا بتطوير المجتمع». وأكد بخيتان: «العزم على التعامل بكل حزم وقوة مع هذه المجموعات الإجرامية لفرض الأمن وحماية المواطن».
وتحدث عن أهمية «دور الحزب وفاعليته وقدرته التنظيمية والسياسية وإسهامه في فرض الأمن وحماية المواطن والممتلكات العامة والخاصة». وقال: «لن يتم التساهل مع الإرهابيين بعد اليوم بعد أن أثبتت الأحداث أن التسامح أو المسامحة وسعة الصدر لا تجدي نفعا مع أعداء الوطن والمتربصين بالأمن والاستقرار اللذين تنعم بهما سورية».
يُشار إلى أن محمد سعيد بخيتان يقوم بدور أساسي في إدارة الأزمة، برز من خلال مساعيه لترتيب لقاءات بين الرئيس الأسد ووفود من الأهالي في بعض المدن التي شهدت أعمال قمع عنيفة للمتظاهرين، كما أن الحزب، منذ بداية الأحداث، يعيش حالة من الاستنفار؛ حيث ينخرط أعضاؤه فيما سمي «لجانا شعبية» تقوم بضبط الأحياء وحراسة الأماكن الحكومية، وتوجد إلى جانب عناصر الأمن وقوات الشرطة أثناء قمع الاحتجاجات.
ورأى المحتجون والناشطون، على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، في هذا الخطاب التصعيدي للسلطة السورية، تبريرا لاستخدام العنف المفرط للقضاء على الحراك الاحتجاجي الذي تشهده مدن سورية عدة منذ 18 مارس (آذار) الماضي.
سورية ترفع حالة الطوارئ وتمنع التظاهر إلا بإذن مسبق.. ومظاهرات في بانياس بعيد القرار
أعلنت السلطات السورية أمس رفع حالة الطوارئ عن البلاد، بعد 48 عاما على فرضها، إلا أن القرار لا يبدو أنه لوقي بترحيب شعبي، على الأقل في بانياس، حيث خرج الأهالي يطالبون بالحرية رغم إصدار وزارة الداخلية تعميما يمنع التظاهر إلا بعد الحصول على تصريح.
وأقر مجلس الوزراء السوري أمس مشروع مرسوم تشريعي يقضي بإنهاء حالة الطوارئ في البلاد، كما أقر أيضا إلغاء محاكم أمن الدولة، وإقرار مشروع حق التظاهر السلمي وتنظيمه. وذكرت الوكالة العربية السورية للأنباء «سانا» أمس أن سورية أصدرت قانونا يلزم المحتجين بالحصول على تصريح من وزارة الداخلية قبل الخروج في مظاهرات.
ودعت وزارة الداخلية السوريين إلى الامتناع عن القيام بأي مسيرات أو اعتصامات أو مظاهرات «تحت أي عنوان كان»، مؤكدة أنها ستطبق «القوانين المرعية» من أجل استقرار البلاد. وأضافت أنها تطلب ذلك من أجل «المساهمة الفاعلة في إرساء الاستقرار والأمن ومساعدة السلطات المختصة في مهامها على تحقيق ذلك»، مؤكدة أن «القوانين المرعية في سورية ستطبق خدمة لأمن المواطنين واستقرار الوطن»، إلا أن الرد الأول جاء في مظاهرة في بانياس، إذ قالت وكالة رويترز نقلا عن نشطاء حقوقيين إن مظاهرة مؤيدة للديمقراطية اندلعت في مدينة بانياس السورية المضطربة أمس بعدما وافقت الحكومة على مشاريع قوانين لرفع حالة الطوارئ. وهتف مئات المتظاهرين «لا إخوانجية (إخوان مسلمين) ولا سلفية.. إحنا طلاب حرية». وتشير الهتافات إلى اتهامات من السلطات بأن جماعات إسلامية مسلحة تعمل انطلاقا من بانياس «وتنشر الإرهاب» في سورية.
وشارك أكثر من ألفي شخص في مظاهرة احتجاج ضد النظام السوري في مدينة بانياس الساحلية، ونظمت المظاهرة تعبيرا عن رفض سكان المدينة لرواية السلطات السورية مساء الاثنين عن قيام «تنظيمات سلفية» ب«تمرد مسلح» في بانياس، وكذلك في مدينة حمص اللتين شهدتا في الأيام الأخيرة مظاهرات عدة طالبت بإسقاط النظام السوري.
وألقى الشيخ أنس العيروط، أحد أبرز وجوه الحركة الاحتجاجية في بانياس، كلمة أمام المتظاهرين الذين تجمعوا في إحدى ساحات المدينة، بعد ساعات على دعوة وزارة الداخلية السورية المواطنين إلى الامتناع عن القيام «بأي مسيرات أو اعتصامات أو مظاهرات تحت أي عنوان كان». وقال الشيخ أنس العيروط لوكالة الصحافة الفرنسية في نيقوسيا عبر الهاتف إنه خاطب في كلمته أمام المتظاهرين وزير الداخلية السوري قائلا له «كما كنت جريئا في وصمنا بالإرهاب السلفي، كن جريئا بالإقرار أن في القرداحة (مسقط رأس عائلة الأسد) عصابة مسلحة وأسلحة بالأطنان لا يملك الجيش السوري مثلها». وأضاف: «كن جريئا بالإقرار أن الشبيحة تابعون لأجهزة النظام الأمنية الاستخباراتية ويعملون تحت غطائها». وأكد العيروط أن المظاهرات في بانياس «ستستمر للمطالبة بالحرية».
وكانت صحيفة «الوطن» السورية، شبه الرسمية، قد ذكرت في عددها الصادر أمس أن «لقاءات تجري بين فعاليات ووجهاء مدينة بانياس والجهات المختصة في محافظة طرطوس (بانياس منطقة تابعة لمحافظة طرطوس) لاحتواء الأزمة التي تعيشها المدينة بعد الكمين المسلح الذي تعرضت له وحدة من الجيش عند جسر القوز في المدينة من قبل جماعات مسلحة».
وكشفت الصحيفة أنه «خلال هذه اللقاءات يتم الاستماع إلى مطالب الأهالي بغية رفعها للجهات المسؤولة وضمن هذا الإطار يتم التحضير للقاء الذي سيتم بين وجهاء وفعاليات مدينة بانياس والرئيس (بشار) الأسد حيث يقوم الأهالي بالاتفاق على أسماء الوفد الذي سيمثل المدينة في هذا اللقاء الذي لم يحدد موعده حتى الآن».
كذلك شهدت كلية الطب في دمشق اعتصاما صباح أمس، قبل صدور مرسوم رفع قانون الطوارئ، احتجاجا على قرار فصل نحو 12 طالبا من كلية العلوم على خلفية مشاركتهم في اعتصام كلية العلوم الأسبوع الماضي. وتم تفريق الاعتصام بواسطة هجوم من قبل «اللجان الشعبية» المؤلفة من منتسبي اتحاد الطلبة المؤيدين للسلطة، الذين هاجموا المعتصمين بالهراوات.
وأفاد ناشط حقوقي لوكالة الصحافة الفرنسية بأن نحو مائة طالب من كلية الطب في جامعة دمشق قاموا باعتصام سلمي من أجل «حقن الدماء» في سورية. وأضاف الناشط «الطلاب اعتصموا لنحو ربع ساعة صباحا قبل أن يتم تفريقهم من قبل أعضاء في اتحاد طلبة سورية» الموالي للسلطة. وطالب المعتصمون «بحقن الدماء» في سورية، بحسب الناشط. وبث موقع الفيديو «يوتيوب» شريطا قصيرا قال إنه اعتصام لطلاب في كلية الطب في جامعة دمشق ظهر فيه عشرات الطلاب وهم يرتدون الرداء الأبيض ويحمل بعضهم ورودا. وكان عشرات الطلاب تجمعوا أمام كلية العلوم في جامعة دمشق في 11 أبريل (نيسان) للتضامن مع من قضوا في مظاهرات الاحتجاج التي تشهدها سورية منذ 15 مارس (آذار) إلا أن قوات الأمن فرقتهم واعتقلت بعضهم.
وكان مجلس الوزراء أقر في جلسته التي عقدها أمس برئاسة عادل سفر مشروع مرسوم تشريعي يقضي بإنهاء حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد المعلنة منذ عام 1963. كما أقر المجلس مشروع مرسوم تشريعي يقضي بإلغاء محكمة أمن الدولة العليا المحدثة بالمرسوم التشريعي رقم 47 لعام 1968 وتعديلاته وإحالة الدعاوى المنظورة أمامها إلى مرجعها القضائي المختص، إضافة إلى إقرار مشروع مرسوم تشريعي يقضي بتنظيم حق التظاهر السلمي للمواطنين بوصفه «حقا من حقوق الإنسان الأساسية التي كفلها دستور الجمهورية العربية السورية وفق نواظم إجرائية تقتضي حصول من يرغب في تنظيم مظاهرة على موافقة وزارة الداخلية للترخيص بتنظيمها» بحسب ما جاء في بيان رسمي صدر بعد ظهر يوم أمس، والذي قال أيضا إن مجلس الوزراء طلب من الوزارات المعنية «الإسراع بإعداد مشروع قانون الأحزاب ومشروع قانون الإعلام والإدارة المحلية وعرضها على المجلس للمناقشة في أقرب وقت ممكن».
كما «ناقش المجلس مشروع قانون إحداث برنامج يسمى برنامج تشغيل الشباب في الجهات العامة الذي يقضي بتوفير 10 آلاف فرصة عمل سنويا لحملة الشهادة الجامعية والمعاهد المتوسطة وتشغيلهم في الجهات العامة وذلك من خارج الملاكات العددية المحددة لها خلال سنوات الخطة الخمسية 11» حيث تم تكليف وزارتي الشؤون الاجتماعية والعمل والعدل والأمانة العامة لرئاسة مجلس الوزراء إعداد «الصيغة النهائية القانونية اللازمة لتنفيذ هذا البرنامج». كما تم «إلغاء شرط الحصول على معدل 60% للخريجين للتعيين لدى الجهات العامة».
وبحث المجلس محضر اجتماع اللجنة المكلفة بوضع آلية التعليمات اللازمة التي تجيز «تثبيت المتعاقدين على الشواغر المتوفرة لدى الجهات العامة وذلك لجميع الفئات حيث تم تكليف وزارتي الشؤون الاجتماعية والعمل والمالية والأمانة العامة لرئاسة مجلس الوزراء إعداد الصيغة النهائية لإجراءات ونواظم التثبيت وعرضها على المجلس لاستكمال مناقشتها وإقرارها».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.