على ثلاثة محاور كانت اسئلتنا وأجوبة الاستاذ الزبير أحمد الحسن مسؤول الامانة الاقتصادية بالمؤتمر الوطني. الاول عن التصرف في المؤسسات الحكومية، والثاني حول شركات المؤتمر الوطني كحزب حاكم، والثالث ذو علاقة بالاثنين وهو التساؤلات عن الفساد..وكالتالي كان الحوار: * كمسؤول للامانة الاقتصادية للحزب الحاكم، هل انت منزعج لتعالي الحديث عن الفساد في الفترة الاخيرة؟. - ابدا، انا اعتقد ان ممارسة الصحافة لدورها الرقابي في كشف الفساد، هذا امر مطلوب، اي شخص في موقع ما يخاف ان يتلبس بالفساد اذا كان هناك رقيب، ولكن ما يزعجني هو الاتهام والحديث بغير دليل. * الآن اتجهت الحكومة الى تصفية عدد من شركاتها، كيف تنظر الى هذه الخطوة؟. - طبعا سياسة خصخصة الشركات الحكومية او تصفيتها او.. مقاطعة * عفوا هل هي خصخصة ام تصفية؟. -(كلو موجود) طبعا الاسم الشامل هو التصرف في مرافق القطاع العام، هذا التصرف جزء منه بالتصفية وجزء منه بالخصخصة وجزء بطرحه عبر شركة مساهمة عامة تظل الحكومة موجودة فيه، وهي سياسة مقرة كجزء من برنامج الاصلاح الاقتصادي. * ما هو الضابط الذي تقرر بموجبه الحكومة اما خصخصة او تصفية الشركة او طرحها للمساهمة العامة؟ هل هي الربحية ام حساسية القطاع الذي تعمل فيه الشركة الحكومية؟. - والله هي عدة ضوابط..طبعا هناك لجنة عليا للتصرف في مرافق القطاع العام يرأسها وزير المالية وعندها امانة عامة تابعة لوزارة المالية وعندها ادارات متخصصة في هذا المجال. * هذا جسم كبير؟. - ليس جسما كبيرا، يمكن ان تقول انه جسم منفصل، يعني يضم حوالي عشرين موظفاً. * هذا يشير الى ان هناك ترهلاً في الجسم المنوط به التصرف؟. - لا تقفز الى الاثارة، هي ادارة منفصلة عندها لجنة وزارية يرأسها وزير المالية، وبها عدد من الوزراء وتعمل وفق موجهات مجلس الوزراء، وهناك قرارات صادرة من مجلس الوزراء بتصنيف الشركات الحكومية، وهذا التصنيف موجود. * البعض يقول إن اسراع الحكومة في تصفية شركاتها باطنه الخوف من ثورة الجماهير على الفساد وهي ظاهرة انتظمت كل العالم العربي؟. - أنا اقول إن مبدأ التصرف في القطاع العام ليس بالامر الجديد بل هي سياسة حكومية مقرة منذ زمان، ثم ما هو العيب اذا كانت الاحداث نبّهت الحكومة الى ان تفِّعل قراراتها!. لا أرى عيبا في هذا. * العيب هو انك اضطررت الى هذا، ولم يكن المبدأ اصيلا؟. - المبدأ أصيل كما قلت لك، ويمكن الآن ان اقول لك ما هي الشركات التي خصخصناها وصفيناها، انت تعرف اننا خصخصنا سوداتل والنقل النهري وشركات النقل البري الحكومية. الناس الآن ينسون الحاجات الحصلت من 1991 الى2006 و2007 في الخصخصة. * الناس لم تنس، لكنهم ربطوا بين ثورة التغيير وتصفية الشركات؟. - يا اخي سياسة الخصخصة وخروج الحكومة من مجالات يقوم بها القطاع الخاص سياسة مقرة وتمت فيها اجراءات..لكن كون الاجراءات ما كافية او ان الدولة شغالة خصخصة وهناك جهات اخرى شغالة في انشاء هيئات جديدة ومؤسسات جديدة وكون الدولة تنتبه الى هذه الجزئية في هذا الظرف السياسي فهذه شفافية من الدولة. * هذه شفافية متأخرة؟. - أفضل من ألا تكون هناك شفافية أصلاً. * موضوع تصفية الشركات يخشى البعض ان يتعرض الى التفاف من المؤتمر الوطني على القرار بتحويل الشركات الى ملكيته، او ملكية بعض الاسلاميين؟. - انا عاوز اقول ليك حاجة، الخصخصة والتحويل الى شركات مساهمة عامة ليست اجراء فوريا مثل القاء القبض على شخص او فصله من العمل وانما هي اجراء مالي واقتصادي. * يعني انه ليس اجراء ناجزا؟. - نعم،انت قبل ان تبدأ في التصفية بتكون لجاناً لحصر الاصول، ومراجعة الحسابات، اما اذا كانت خصخصة فإن التوسع فيها في ظروف السوق الحالية يؤدي الى بوار اصول الحكومة، يعني انا لو قلت عاوز اخصخص السكة الحديد والطيران المدني وشركة النصر وشواهق وغيرها فسيحدث واحد من اثنين: اما ان تبور لأن القطاع الخاص المحلي لن يكون لديه قدرة على شرائها، او ان تأتي عليها هجمة من قطاع اجنبي، كما حدث في قطاع المقاولات الآن الذي يتعرض لهجمة من الشركات الصينية والتركية، فالاجراء الاقتصادي والمالي في اجراءات الخصخصة والتصفية والتحول الى شركات مساهمة عامة ينبغي ان يأخذ اجراءاته. * سؤالي عن احتمال الالتفاف على هذه الاجراءات؟. - انا اقول ان المحك فيها ان وزارتي المالية والعدل والجهات القائمة على هذا الموضوع لا بد أن تعمل هذه الاشياء بطريقة واضحة كما حدث في حالات سابقة. * مثل ماذا؟. - حاجات كثيرة، سودانير مثلا اعلنا عن خصخصتها في الصحف، وتقدمت لنا اربع شركات ولم نجد شركة مؤهلة ، وبدأنا اتصالاً بالقطاع الخاص السوداني وكل البيوتات التجارية الكبيرة التي تعرفونها فاوضها الاخ كمال عبداللطيف (كان رئيس مجلس ادارتها)، وبعد ذلك يأتي من يقول لك ان خصخصة سودانير تمت دون علم الناس، وكذلك النقل النهري وسوداتل التي طرحناها كشركة مساهمة عامة، وبالمناسبة طرح المؤسسة كشركة مساهمة عامة هو في حد ذاته نوع من الشفافية لأنك بتقول لي الناس انا عندي شركة اصولها كدا ووضعها المالي كدا، وهذه احسن الطرق. * ما فيها اي (دغمسة)؟. - ابدا، وبتخلي الجمهور يمتلكها، ويمكن ان تعطي الجمهور معاملة تفضيلية ولكن شفافة. * يبدو انك لم تختر المثال الجيّد عندما تحدثت عن خصخصة سودانير؟. - لماذا؟. * لأن سودانير بعد خصخصتها اتضح لاحقا ان هناك عيوباً في العقد؟. أجاب بسرعة: - ما في اي عيب في العقد، انا اتحدى اي زول يتكلم عن عيب في عقد سودانير. * كان هناك التفاف؟. - مافي اي التفاف..نحن كحكومة عجزنا ان نجد سودانيين قادرين على المساهمة فيها ، فاذا وجدنا شركة سودانية يملكها شخص غير سوداني فليس في هذا اي التفاف، التفاف في شنو!. * الدليل على ما اقوله ان سودانير الآن رجعت للدولة مرة اخرى؟. - والله ياخي انا شخصيا بقول حقو سودانير ما ترجع للدولة، بل يجب على الدولة ان تستمر في سياسة الخصخصة. * هل انت ضد رجوع سودانير للدولة؟ - أنا بفتكر انو حتى لو خرج هذا الشريك من سودانير فلا بد من البحث عن شريك استراتيجي ، لأن الحكومة لا تستطيع ان تنهض بسودانير. * لكن سودانير لديها اصول ثابتة بملايين الدولارات؟. - ما عندها اي اصول، سودانير خسرانة وعبء على الدولة منذ فترات طويلة جدا ولو رحعت الآن للحكومة ستتحمل خسارات واعباء ولن تستطيع ان تنهض بها لوحدها. *لماذا؟. - لأن هناك حاجة اسمها المقاطعة الامريكية، الدولة لا تستطيع شراء اسبيرات او طائرات او عمل صيانة، والشريك الحالي كان يراهن على ان المقاطعة اوشكت على الانتهاء، ولكن لأن المقاطعة استمرت فلم يستطع ولن يستطيع، ولن يستطيع شخص غيره ان ينهض باسم سودانير ويجيب ليها اسبير واحد من امريكا او اوروبا. * طيب لماذا ارجعتها الدولة؟. - والله اذا الشريك فشل بسبب ظروف داخلية او خارجية فالدولة تتحمل مسؤوليتها، ويبدو ان الشريك لم يعد راغباً فيها، وما أتوقعه هو ان الحكومة ستبحث عن شركاء استراتيجيين آخرين. * حتى ولو تم الغاء الاسم؟. - لا، كناقل وطني الاسم عنده قيمة برضو. * بالنسبة للشركات الحكومية الخاسرة هل ستتم مساءلة للاشخاص الذين كانوا قائمين على أمرها؟. - أين هذه الخسائر؟!. * أليست هناك شركات حكومية خسراتة؟. - ما كل الشركات الحكومية خسرانة، بالمناسبة شركة النصر مثلا ربحانة، واذا تمت خصخصتها فستأتي منها قروش للدولة زيادة، والشركات الحكومية اذا دعت الضرورة لوجودها فهناك طرق لضبطها ولتحقيق ربحيتها. *ما هي الضرورة التي تحتم وجود الشركات الحكومية؟. - سودانير كمثال، هذا ناقل وطني، لابد ان تكون الحكومة موجودة فيه، والتصنيع الحربي لابد ان تكون الحكومة موجودة فيه، والاتصالات ثبت ان وجود الحكومة فيها كان مهما جدا. * وكذلك الدقيق؟. - ابدا..الدقيق والزيت والآيسكريم والحلويات والحديد ليست كذلك. * أليست شركة سين التي تعمل في مجال الدقيق هي شركة حكومية؟. - لا ليست حكومية. * هل هي شركة تابعة للمؤتمر الوطني؟. - ما بعرفها. * يقال ان هناك تحفظاً من بعض القيادات العسكرية على خصخصة شركة النصر؟. - أمش اسألهم هم. * يقال ان بعض الشركات التي صدر قرار بالتصرف فيها هي اصلا غير موجودة على الواقع، وانما كاسم لدى المسجل التجاري؟. - واحد من المقصود بهذا القرار، هو المسارعة بتكملة اجراءات الشركات التي انتهت، لأن وجودها على الورق مشكلة، فمن الممكن ان تقوم اية جهة حكومية باحيائها مرة اخرى او تفاجأ الحكومة بأن هناك رسوماً تتحصل باسمها او هناك جهات شغالة تحت لائحة هذه الشركات او اي شكل من اشكال المخالفات المالية. * هذا فساد واضح؟. - لا تجرني الى الاثارة، انا حديثي معك عن ان تصفية الشركات الميتة ليس ذرا للرماد على العيون، ولكن اظل اقول لك ان الشركات التي ستتم خصخصتها كثيرة جدا ولن يتم الاعلان عنها كدفعة واحدة لأن السوق لن يحتملها وقدرة الدولة على الخصخصة ليست كافية، المهم استمرار هذه السياسة وعدم التكاسل عنها مرة اخرى. * أين سيذهب موظفو الشركات التي سيتم التصرف فيها؟. أجاب بنبرة عميقة: - (ايواااا..دا السؤال، فعلا والله دي مشكلة)، لأنك عندما تتخذ بعض السياسات الاقتصادية يكون هناك تعارض بينها وبين سياسات اخرى اجتماعية او اقتصادية اخرى. * ماذا ستفعل حينها؟. - لا بد ان تعرف أيهما اولى، هل اتراجع عن السياسة التي اريد ان انفذها؟ ام امضي فيها؟. اذا كان هناك الف عامل في شركة خسرانة يتحمل عبئها دافع الضرائب، هل افصل ثمانمائة موظف عشان اشيل الضرائب عن كاهل المواطن؟ ام ادعهم ويتكفل بذلك دافع الضرائب؟.. عند تعارض السياسات يجب على الدولة ان تمضي في السياسة التي لها الاولوية وتعمل على معالجة الآثار ببعض الاجراءات، يمكن ان تؤول الشركة لقطاع خاص ببعض الشروط التي تراعي العاملين فيها. * هل ما زالت الحكومة تملك الشجاعة لاتخاذ قرارات تؤثر على العاملين في ظل ثورة الجماهير التي ضربت المنطقة؟. - اجيبك على هذا السؤال بأننا قد نفذنا هذه السياسة من قبل. * الظروف الآن تغيرت، واصبحت الحكومة تخاف من المواطن؟. - لا مش تخاف، من المفترض ان تحترم الحكومة المواطن وتراعيه، لأنها تنوب عنه. * هل نتوقع موجة اخرى من موجات الاحالة للصالح العام؟. سكت برهة: - والله دوركم انتم كصحفيين، في عدم التعامل مع هذا الموضوع بثنائية. * كيف؟. - أنتم تريدون من الحكومة ان تخرج من النشاط التجاري، وفي نفس الوقت تريدون من الحكومة ان تحافظ على موظفي هذه الشركات(والاتنين ما ببقوا)، لا يمكن ان تأكل الكيكة وتحتفظ بها في نفس الوقت. * كم عدد الشركات التي سيتم التصرف فيها؟. - لا يحضرني رقم. * هل لشركات المؤتمر الوطني اية علاقة بهذه الشركات الحكومية التي تتعامل في المجالات الحيوية؟. - المؤتمر الوطني حزب من الاحزاب، كون ان يكون له شركة او شركات انا لا ارى في ذلك مشكلة، ولكن الشيء المهم بالنسبة لي ان تراعى قواعد اللعبة الاقتصادية والتجارية، ولا يكون لها اية ميزة او محاباة. * وهل هذا الجانب تتم مراعاته من قبل شركات المؤتمر الوطني؟. - نعم تتم مراعاته، لِمَ لا. * هل تدخل شركاته في منافسة عادلة في السوق؟. - طبعا. * في مصر تم حل الحزب الوطني ومصادرة ممتلكاته لصالح الدولة، هل في ذهنك امكانية ان يحدث هذا للمؤتمر الوطني؟. - أنا ليس في ذهني أحلام الذين يرون ما حدث في بلدان اخرى ويحلمون ان يحدث الشيء ذاته في السودان، أنا أقول إن المؤتمر الوطني حزب فاز في انتخابات ديمقراطية مراقبة دولياً، اية محاولة لاسقاطه بطريقة غير ديمقراطية فهو خروج على قواعد اللعبة، ففي ظل هذه الحقيقة أقول إن المؤتمر الوطني ملتزم باجراء الانتخابات القادمة في مواعيدها، و بذات الرقابة الدولية والشفافية، فإذا فشل في الانتخابات فحينها يصبح حزباً معارضاً، ولن يقدم احد على مصادرته. * تقصد مصادرة شركاته وممتلكاته؟. - نعم، واذا استمر في الحكم فهو ذات الوضع الحالي، ثم ان المؤتمر الوطني حاليا وفي ظل انه حزب حاكم يمكن لاي شخص لديه دليل على ان احدى شركاته استفادت من الوضع الحكومي فيمكنه ان يلجأ للقانون. * هل أنتم بمنجاة مما حدث في تونس ومصر؟. - أن يكون هناك نسخ لما حدث في تونس ومصر، هذا حلم شخص معارض لا سبيل له الا ان يحلم. * هل ستظل الحكومة موجودة كشركات في مجال الانشاءات الى ان يأتي قطاع خاص له القدرة على ذلك؟. - الحمد لله الآن هناك شركات خاصة قويت جدا خلال السنوات الماضية، ولديها قدرة تنافسية، ولديها ايضا مشاكل تستلزم من الدولة معالجتها. الرأي العام