على شرف الاحتفال بيوم الاستقلال الأميركي الذي يصاف الرابع من يوليو كشف مدير الدائرة الأمريكية بوزارة الخارجية دفع الحاج علي عثمان، عن زيارة للمبعوث الأمريكي للسودان دونالد بوث للخرطوم في الأسبوع الأخير من الشهر الحالي وقال إنه لن يذيع سرا إذا قال إن السودان قدم دعوة للمبعوث الأميركي عبر الخارجية لزيارة السودان . وجدد مدير الدائرة الأمريكية موقف الخرطوم الساعي للتطبيع مع الولاياتالمتحدةالأمريكية وتطوير العلاقات معه. واشنطن من جانبها تحرص تماما حسب الخارجية الأميركية على الفصل بين موقفها من الحكومة وموقفها من الشعب السوداني كما تحرص على تأكيد موقفها الداعي للحوار ووقف العنف ودائما ما تكون الأكثر دقة في استخدام تعبيراتها تجاه السودان لذا قال القائم بالأعمال الأميركي في الخرطوم جيري لانيير إن بلاده تسعى لتقوية العلاقات بين الشعب الأمريكي والشعب السوداني وكل منظماته، وكشف أن الولاياتالمتحدة دعمت المتأثرين بالنزاع بأكثر من (300) مليون دولار، وأشار الى أن الولاياتالمتحدةالأمريكية قدمت دعماً للمحتاجين بأكثر من مليار دولار خلال السنوات الخمس الماضية، وقال: (نريد دعم التنمية بدلاً عن دعم النازحين ودعا لانيير الأطراف السودانية لوضع السلاح وبدء الحوار باعتبار أن التصعيد العسكري لا يؤدي الى أية حلول. الولاياتالمتحدة تربط التطبيع مع الخرطوم بمستحقات لابد للحكومة ان تلبيها لصالح الشعب السوداني من أهمها وقف الحرب والاهتمام بالقضايا الإنسانية وبسط الحريات الأساسية وإجراء حوار وطني حقيقي يجمع الأطراف السودانية لايجاد معادلة سياسية مشتركة تؤسس لتحول ديمقراطي شامل. إلا الحكومة تريد ابرام صفقة مباشرة مع واشنطن ولامانع لديها أن تقوم بخدمات مقابل التطبيع وقد سبق وأن كشفت صحيفة لوس انجلوس تايمز عن تفاصيل الخدمات الأمنية الني قدمها السودان إلى السي أي اية وكمية المعلومات التي شملت اكثر من مئة وثمانين ملفا أمنيا عن شخصيات إسلامية ومتطرفة في المنطقة حسب الصحيفة . مالم تفهمه الحكومة أيضا أن صناعة اتخاذ القرار في الولاياتالمتحدة يختلف تماما عن كيفية صناعة القرار في السودان خاصة فيما يتعلق بالسياسة الخارجية لأن أميركا دولة مؤسسات لذا كان طبيعيا أن لاتأبه واشنطن للحديث المتصل حول رغبة الخرطوم في التطبيع وزيارات المسؤولين السودانيين إلى واشنطن ( كرتي – غندور – ووفد زعماء القبائل ) ليأتي بعد كل هذا الجهد قرار واشنطن بتجديد اسم السودان ضمن قائمة الدول الداعمة للإرهاب وأن تدعو ممثلة واشنطن في مجلس الأمن إلأ تمديد بعثة يوناميد رغم دعوات الخرطوم لإنهاء مهمتها بل أن تؤيد ماورد في تقرير مدعية محكمة الجنايات الدولية فاتو بن سودة التي تدعو الدول الأعضاء للتعاون لتمكين المحكمة من تحقيق العدالة وتعزيز الياتها . في ضوء كل هذا يصبح الحديث عن التطبيع لا معنى له مالم يتم تصحيح كافة المآخذ التي تدمغ بها واشنطن ممارسات الحكومة السودانية والتي تتمثل في عنوانين رئيسيين هما تحقيق السلام والتحول الديمقراطي عبر حوار حقيقي يقوم على أسس واضحة لامجال فيها للمراوغة والإلتفاف . وذلك لأن قرار التطبيع مع السودان ورفع اسم السودان من قائمة الإرهاب ورفع العقوبات الاقتصادية والمالية وغيرها يمر عبر المؤسسات الأميركية بكل ملحقاتها مثلما حدث حيال قرار تطبيع العلاقات مع كوبا وهوليس قرار يتخذه الرئيس بمفرده. إن تطبيع العلاقات مع واشنطن يبدأ بتطبيع النظام والحكومة السودانية تطبيع علاقاته السياسية مع مكونات البلاد السياسية والاجتماعية من خلال تحقيق الوفاق الشامل وتحقيق السلام وتأسيس واقع سياسي جديد يقوم على التداول السلمي للسلطة دون هيمنة أو تمكين لأي طرف على حساب الآخر وعلى الحكومة بدلا أن تجهد نفسها في مغازلة واشنطن المتمنعة أن تعمل على حل الأزمة السياسية السودانية وإزالة الاحتقان السياسي وبناء الثقة مع معارضيها والعمل على درء المخاطر المحدقة بالبلاد من داخلها وخارجها حينها ستسعى واشنطن للتطبيع مع السودان وليس العكس. يبدو أيضا أن ضعفا لايزال يلازم قدرات المستشارين والمسؤولين عن ملفات السياسة الخارجية وضعفا آخر في المعالجات الإعلامية والاخبارية لمثل هذه القضايا والتي تبدو ساذجة وأقل من مستوى الوعي السائد للرأي العام تارة تسمع التنديد بواشنطن وتارة أخرى تسمع عبارات التغزل فيها على طريقة وسائل وأدوات اعلام النظم الشمولية التي عفا عليها الزمن. في ضوء كل هذا وذاك لن تطبع واشنطن علاقاتها مع الحكومة السودانية مالم تطبع الأخيرة علاقاتها مع شعبها سياسيا واقتصاديا وامنيا ومالم تتصالح مع شعبها بكل مكوناته السياسية والاجتماعية ومالم تؤسس لتحول ديمقراطي حقيقي ينقل البلاد إلى واقع جديد. [email protected]