* حكومتنا المبجلة (راح ليها الدرب) علي ما يبدو، وباتت تبحث عن المخارجة من حصار المشاكل المتراكمة بأي شكل وبأي ثمن، لا يهم إن كان علي حساب المبادئ والقيم وحتي لو كانت علي حساب أقرب الأقربين والحكومة معروف انها (لا عدو دائم ولا صليح دائم)، ولعل مواقفها الأخيرة من (الحليف الإستراتيجي) إيران أكبر دليل، وها هو التقارب مع (العدو الإستراتيجي) يدخل من (الأبواب الأمامية) وليس الخلفية كما هو متبع في سياستهم الدائمة. * ومن الخبر التالي يتضح نوايا حكومتنا (الفاقدة للذاكرة)حيث يقول الخبر: * أكدت الحكومة رغبتها في إقامة علاقات ثنائية مع الإدارة الأمريكية وصولاً الى مرحلة التطبيع وليس الاكتفاء بمناقشة قضايا رفع العقوبات عن السودان، وقال وزير الدولة بالخارجية د. عبيد الله محمد عبيد الله في تصريحات صحافية أمس إن الحكومة ترغب في إقامة علاقات ثنائية مع نظيرتها الأمريكية، ولفت لتغير نظرة واشنطون تجاه السودان مؤخراً باعتبار أنها ترغب في إقامة علاقات مختلفة وأضاف (هذا ما يؤكد أن السودان يعني الكثير للإدارة الأمريكية). * إنتهي الخبر ويبقي ما وراء الخبر، وهو أن صراع المصالح في المنطقة قد بدأ مسقطا خلفه الكثير من المواقف التي بدأت مع مجئ الأنقاذ وخاصة بعد إسقاطات حرب الخليج التي تخلي فيها الحظ عن قادتنا السياسيين وجعلهم يصطدمون بشكل غير مباشر لالنظام الامريكي وقتها، بعد أن فضل نظامنا(المستجد) الوقوف مع النظام العراقي في غزو الكويت ضاربا التحالف الامريكي الخليجي عرض الحائط وبالتالي بداية العداء الكبير بين السودان وواشنطن، ما جعل حكومتنا ترفع شعارات خالدة في الأذهان الي يومنا هذا مثل: (الطاغية الامريكان ليكم تدربنا )، و( لن نزل ولن ولن نُهان ولن نطيع الامريكان)، وهناك الشعار الشهير (أمريكاروسيا قد دنا عذابها) وغيرها من الشعارات يصفها الغرب بالمتطرفة، وتجلت ملامح هذا التطرف، عندما استضافت السودان أكبر العناصر المناهضة للولايات المتحدة في العالم، أمير تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، ما دفع أمريكا لوضع السودان على قائمة الدول الراعية للإرهاب منذ العام 1993 وحتي يومنا هذا، قبل أن يستجد في الأمر جديد. * أمريكيا التي لم تتوان عن دعم العديد من الكيانات السياسية والعسكرية المناهضة لنظام الخرطوم، عززت كروت الضغط على البشير، بتحريك المحكمة الجنائية الدولية التي أضافت عزلة سياسية، على العزلة الاقتصادية الموجودة أصلا فضلا عن الضغوط الإقليمية التي تمارسها واشنطن عبر حلفائها الذين أصبحت أراضيهم مرتعا للحركات المتمردة على الخرطوم. * وهو ما يؤكد أن اعتراف السودان بانفصال الجنوب كان جذءا من صفقة بين الخرطوموواشنطن، في مقابل تمرير الانتخابات الرئاسية السابقة. * كل هذا يعتبر في قاموس الدولتين(باعتبار ما كان) وتحت شعار عفا الله عما سلف، سيبدأ فصل جديد من المساومة السياسية بين الخرطوموواشنطن. * وسبق أن حذر خبراء من هذا التقارب الذي إذا وصل لمرحلة الاتفاق بين البلدين، سيكون له ثمن لن يدفعه سوي المواطن السوداني، والايام كفيلة بإثبات توقعاتنا من عدمها. الجريدة [email protected]