نواصل استطلاع آراء المغتربين بشأن التغيرات التي أصابت العلاقات الاجتماعية بالفتور في الآونة الأخيرة، حيث ارجع البعض هذه الحالة الى التواصل الالكتروني وثورة الاتصالات التي سيطرت على التواصل بشكل شبه تام، فيما يرى فريق آخر أن تقلبات وتغيرات واقع الغربة هو الذي ادى الى الفتور في العلاقات الاجتماعية في أوساط المغتربين. وقال مأمون إدريس «محاسب»: وضح جليا ان سبب تدهور التواصل الاجتماعي يرجع الى التواصل الالكتروني الذي سيطر بصورة شبة كاملة على الربط بين الجماعات الاسرية، المهنية، الطلابية الخ ... واستحوذ على كل المساحات الزمنية المخصصة لأغراض أخرى غير العمل النوم. وذلك لسهولة التوا صل مع كل الشرائح في كل الأوقات والحصول على الكثير من المعلومات والترفيه. وأضاف: لا اخفي سرا اذا قلت ان التواصل داخل البيت الواحد فقد الكثير من توهجه للانغماس التام في التواصل الالكتروني. والدور المهم على الاسر هو تهيئة وصقل ابنائها بالمعينات اللازمة التي توفر الإبحار الآمن والمفيد في شبكات التواصل الالكتروني. وقال أنور خليل: لعل أهم ما كان يميز الشعب السوداني عن سائر شعوب العالم في المهاجر هو هذا الترابط الاجتماعي الفريد الذي لا مثيل له، حتى أن هذا التميز في كثير من الأحيان أصبح موضع حسد من الشعوب الأخرى، ولكن الشاهد إن هذه العلاقات الاجتماعية وهذه القيم السمحة في علاقات ذوي القربى لم تعد كما كانت في سابقها. وبين خليل أن العلاقات الآن اقتصرت على المشاركات الاجتماعية التي تتم في واجب العزاء ومناسبات الفرح، وغالبا ما تنتهي بالمراسم، ولهذا الانقطاع الاجتماعي أسباب عديدة. وفي رأيي الشخصي أن أهمها يتمثل في الآتي: ازدياد تكاليف المعيشة أي العامل الاقتصادي، وازدياد التكاليف التي تفرض على عاتق الفرد في تحمل كثير من مشكلات الآخرين، والامتداد الأسري الكبير في الاغتراب نتيجة هجرة معظم الأهل، ومع سرعة إيقاع الحياة انعدمت قيم المحبة والحنية، وتلاشت ثقافة الاعتذار والتسامح ما بين الأهل. وأوضح سامي بكري وهو موظف إداري بإحدى الشركات السعودية بالرياض، أن البرود والجمود الذي أصاب حرارة العلاقات الاجتماعية بين السودانيين خاصة المغتربين منهم، شيء محزن ومؤسف جدا، لأنه يرى فيها فقدانا لأهم ميزة اتسم بها الشعب السوداني، وجرت في دمه لأن ذلك نتاج طبيعي للموروث الديني والعاطفي والحضاري الذي ورثه عبر القرون. وأضاف: أن أن هذه الميزة هي التي شكلت شخصية الإنسان السوداني المغايرة لغيرها من الأجناس الأخرى، في طريقها إلى الاختفاء كلية بين مجتمع المغتربين من السودانيين، وذلك بسبب حزمة من الأسباب التي مرّ بها، بدءاً من ظروف الحياة القاسية ومتطلباتها المزعجة في نفس الوقت. أما عماد إدريس فهو يعتقد أن تغيير سلوك بعض السودانيين في الخارج وليس الكثيرين منهم، نتج عن تصرفات مؤسفة لا تشبه السودانيين في شيء، مثل ممارسة النصب والسرقات وارتكاب الجرائم صغيرها وكبيرها مع عدم المبالاة بعواقب الأمور، الأمر الذي أفقد المروءة لدى بعض الناس الذين يكونون قد تعرضوا لواحدة من هذه الحيل المشينة، وبعدها أصبح يفقد الثقة في السودانيين ويبتعد عن التعامل معهم، ويحاول قدر الإمكان أن يكون باردا وفاترا في إقامة أي نوع من العلاقات الاجتماعية. ولكن عماد استدرك قائلاً إن هذا الأمر لا يمكن تعميمه على كل المغتربين، موضحا أن هنالك بعض الخيرين منهم مازالوا يحافظون على السجايا والمزايا السودانية السمحة، ومازالوا يعضون عليها بالنواجذ، مضيفا سببا آخر وهو أن عالم الانفتاح وسهولة السفر من بلد لآخر مع سهولة الاتصال والتواصل مع الأهل، جعل من مهمة الحنين الدفين مجرد دفق عابر، ولكنه مسكون أيضاً في وجدان الناس. ويرى محمد عبد الشافي «معلم» أن سهولة الاتصالات خلقت نوعاً من الفتور في العلاقات، فمن السهل الآن أن تحدث جميع معارفك وليس اهلك فقط في السودان او أي مكان آخر في العالم، دون أن تخسر الكثير من المال او الجهد، مشيراً إلى أنه في السنوات الماضية لم تكن الاتصالات بهذه السهولة، فكان المغترب يجد تعويضا عن ذلك في كثرة اللقاءات الاجتماعية. واضاف: رغم حالة الفتور إلا أن الواجبات الحتمية لن يتأخر عن القيام بها أي من المغتربين، ولن يقبل منه ذلك، فمثلاً عند حالات العزاء تجد كل من تعرفه وربما لا تعرفه موجود ا في العزاء رجالاً ونساءً، وهذه سنة حميدة لم تسقط من حسابات المغتربين. الصحافة