شهدت الآونة الأخيرة موجة فتور في العلاقات الاجتماعية بين المغتربين، الذين كانوا يتواصلون بصورة منتظمة حتى لايكاد اسبوع يمر حتى تكون الأسرة قد استقبلت عدة زيارات من أفراد او اسر، غير انه الآونة الأخيرة شهدت انكماشا واضحا في مستوى هذه العلاقات.. ترى ما هي الأسباب التي أدت الى ذلك .. نتعرف على الأسباب من خلال هذا الاستطلاع: يقول د. محمد سعيد عبد الرحمن/ خبير زراعي: ان العلاقات الاجتماعية بين السودانيين مازالت بخير، ولكن في ديار الغربة يكون الناس دائما وخاصة رب الأسرة في حالة عمل وانشغال دائم، كما نعلم أن نظام العمل في السعودية، خاصة القطاع الخاص على فترتين، لذلك نجد أن الزيارات العائلية تقل كثيرا في دول الاغتراب بين الأسر، ونادرا ما تلتقي العائلات مع بعضها البعض، إلا في بعض المناسبات. ويضيف: لا أعقتد أن هناك فتورا في العلاقات الاجتماعية بين السودانيين، ولكن الظروف تفرض علينا احيانا أشياء لا نكون راغبين فيها، ونسأل الله أن يرد غربة الجميع وأن نعود لوطننا سالمين غانمين. ويرى حامد حسن انه خلال السنوات الماضية لم يكن الاغتراب قد توسع بهذه الصورة التي هو عليها الآن. ولعل الدوافع قد اختلفت الآن، أولاً كانت هناك فئات معينة من السودانيين الذين يوجدون في الرياض وفي الاغتراب عموماً، فهي فئات تستطيع أن تقول إنها فئة مستنيرة، فمعظمهم افندية واطباء ومعلمون وغيرهم من الفئات التي كان يعتمد عليها في تصريف امور الشركات وبعض الدوائر الحكومية، ثانياً لقلة العدد نكاد نعرف بعضنا فرداً فرداً وأسرة أسرة، فكانت العلاقات آنذاك قوية، فما من مناسبة سودانية الا ويشارك فيها اغلب الموجودين في الرياض. وهذا الرعيل والذي قبله قد بنى مجداً للسودانيين من حيث السمعة الطيبة والصفات الحميدة، رغم كل ما حدث الآن من توسع الهجرة للرياض وكثرة عدد السودانيين واختلاف فئاتهم من العمالية والخدمية الاخرى الى كل المهن تقريباً، فرغم ذلك ظل السودانيون يتفيأون ظلال تلك الشجرة الوارفة من السمعة التي غرزها السودانيون الاوائل بممارساتهم الجميلة وصفاتهم الحميدة التي أصبح معظم السعوديين يتداولونها قائلين «الزول ما عليه زود» أي لا يعلو عليه، كما أن حال السودانيين الآن ليس كالأمس، فقد جدت أمور وحدثت احداث أصابت العلاقات الاجتماعية بشيء من الفتور والانكماش، وقد كانت الروابط بالأمس تنتمي لكل السودان بمختلف طوائفه، ولكن الروابط الآن اختلفت فاصبحت الجمعية هي محور نشاط مختلف مناطق السودانيين. اما عماد الدين محمد، فيرى ان الاجتماعيات والمقصودة بها غالبا الزيارات قد تأثرت بسبب المناسبات الكبيرة التي توسعت بشدة، وهذا التوسع ادى الى تنوع في المحتوى والمضمون، فالآن اذا ذهبت الى غبيرة تشعر كأنك في السودان، فكل أطياف السودانيين موجودة هناك، واي حاجة سودانية تحتاجها تجدها هناك متوفرة، كذلك جميع الأنشطة السودانية من المقاهي والمطاعم الى الرياضة، فيمارس السودانيون سودانيتهم بطريقة تنسيك انك في السعودية، اما سابقاً فقد كنت اعيش في شبه عزلة لانه اولا السودانيون كانوا قليلين، ثانياً كانت الفئات المغتربة فئات رافعة نخرتها لأنهم كانوا فقط يمثلون الطبقة الراقية في السودان وهنا، وما كان الواحد لاقي معاهم نفس، ولكن الآن اذهب الى الاستراحات او أي مكان فيه مناسبة تجد الجو الذي ترغب فيه بدون حجر او احتكار، وانا والله لو لا هذا الجو السوداني والمعايشة السودانية التي تنسيك الاغتراب ما كان أمضيت «15» عاما لم اذهب خلالها للسودان. ويعزو هشام تاج السر أسباب ضعف التواصل الاجتماعي بين السودانيين في الرياض، لتنوع وتعدد المسؤوليات والواجبات العملية والأسرية، وضغط برنامج العمل اليومي وطول ساعات الدوام، وزيادة الأسعار بشكل عام مما ترتب عليه نفقات وتكاليف إضافية تقتضيها المجاملات والواجبات الاجتماعية، بالإضافة إلى ازدحام حركة السير بالطرقات طوال أوقات اليوم، مشيراً إلى أن الأسر التي بها أبناء صغار بالمدارس، أصبحت ذات برنامج مضغوط جداً يتعذر معه القيام بالحد الأدنى من الواجبات والمجاملات الاجتماعية، دعك من الزيارات الترويحية والترفيهية. وأكد المقيم الجيلي علي عبد الماجد، أن الزيارات والمجاملات الاجتماعية العديدة تتسبب في زيادة الاحتكاكات وتولد الاختلافات وبروز النفور الاجتماعي، لذلك فهو يفضل تقليل الزيارات والمجاملات الأسرية والاجتماعية إلى الحد الأدنى، مع وجوب تلبية الواجبات الاجتماعية الملحة مثل الوفيات والحوادث لا قدر الله. وأبدى عبد الماجد تحفظه على كثير من التفاصيل والمظاهر الاحتفالية في العديد من المناسبات الاجتماعية السعيدة، مثل حفلات الأعراس والخطبة وحفلات التخرج والنجاح وأعياد الميلاد، التي تأتي غالباً على حساب العلاقات العائلية.