تفسير مثير لمبارك الفاضل بشأن تصريحات مساعد قائد الجيش    مستشار رئيس الوزراء السوداني يفجّر المفاجأة الكبرى    عثمان ميرغني يكتب: إيقاف الحرب.. الآن..    البرهان بين الطيب صالح (ولا تصالح)..!!    دار العوضة والكفاح يتعادلان سلبيا في دوري الاولي بارقو    مان سيتي يجتاز ليفربول    التحرير الشنداوي يواصل إعداده المكثف للموسم الجديد    كلهم حلا و أبولولو..!!    السودان لا يركع .. والعدالة قادمة    البرهان يطلع على أداء ديوان المراجع العام ويعد بتنفيذ توصياته    لقاء بين البرهان والمراجع العام والكشف عن مراجعة 18 بنكا    شاهد بالفيديو.. لدى لقاء جمعهما بالجنود.. "مناوي" يلقب ياسر العطا بزعيم "البلابسة" والأخير يرد على اللقب بهتاف: (بل بس)    السودان الافتراضي ... كلنا بيادق .. وعبد الوهاب وردي    شاهد بالصورة والفيديو.. ضابطة الدعم السريع "شيراز" تعبر عن إنبهارها بمقابلة المذيعة تسابيح خاطر بالفاشر وتخاطبها (منورة بلدنا) والأخيرة ترد عليها: (بلدنا نحنا ذاتنا معاكم)    شاهد بالصور.. المذيعة المغضوب عليها داخل مواقع التواصل السودانية "تسابيح خاطر" تصل الفاشر    جمهور مواقع التواصل بالسودان يسخر من المذيعة تسابيح خاطر بعد زيارتها للفاشر ويلقبها بأنجلينا جولي المليشيا.. تعرف على أشهر التعليقات الساخرة    المالية توقع عقد خدمة إيصالي مع مصرف التنمية الصناعية    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    وزير الطاقة يتفقد المستودعات الاستراتيجية الجديدة بشركة النيل للبترول    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالصورة والفيديو.. "البرهان" يظهر متأثراً ويحبس دموعه لحظة مواساته سيدة بأحد معسكرات النازحين بالشمالية والجمهور: (لقطة تجسّد هيبة القائد وحنوّ الأب، وصلابة الجندي ودمعة الوطن التي تأبى السقوط)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    الترتيب الجديد لأفضل 10 هدافين للدوري السعودي    «حافظ القرآن كله وعايشين ببركته».. كيف تحدث محمد رمضان عن والده قبل رحيله؟    محمد رمضان يودع والده لمثواه الأخير وسط أجواء من الحزن والانكسار    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    أول جائزة سلام من الفيفا.. من المرشح الأوفر حظا؟    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    برشلونة ينجو من فخ كلوب بروج.. والسيتي يقسو على دورتموند    "واتساب" يطلق تطبيقه المنتظر لساعات "أبل"    بنك السودان .. فك حظر تصدير الذهب    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    رونالدو يفاجئ جمهوره: سأعتزل كرة القدم "قريبا"    صفعة البرهان    حرب الأكاذيب في الفاشر: حين فضح التحقيق أكاذيب الكيزان    دائرة مرور ولاية الخرطوم تدشن برنامج الدفع الإلكتروني للمعاملات المرورية بمركز ترخيص شهداء معركة الكرامة    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    الحُزن الذي يَشبه (أعِد) في الإملاء    السجن 15 عام لمستنفر مع التمرد بالكلاكلة    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف تنجح الثورة..(2)الظروف مقابل المهارات
نشر في الراكوبة يوم 09 - 10 - 2015

مرًة أخرى..ما الذي يجعل حركات المقاومة المدنية اللاعنفيًة فعالة أكثر من العسكريًة؟ إذا نظرنا إلى التاريخ، سنجد الكثير من التفسيرات المختلفة...، معظمها تركز على الأوضاع الهيكلية و العوامل المكانيًة و الزًمانيًة و ظروفها المختلفة ، يركز المحللون عادةً على (1) في معسكر الخصم: مدى استعداده و جاهزيًته لاستخدام آلة القمع و العوامل المؤثرة في قوًته كالموارد المادية و البشرية و المعلومات ....، (2) ظروف معسكر المقاومة مثل مستويات التعليم و الدخل، واستخدام التكنولوجيا، ومجموعة عوامل متنوعة متعلقة بالسكان من النواحي الثقافية والاجتماعيًة و الدينيًة...و (3) الارتباطات التاريخية و الاقتصادية للمجتمع ، والنظام الاقتصادي، ومستوى الفساد، .. و(4) الظروف الدولية، ودور القوى الخارجية في التأثير على الطرفين.
كل هذه العوامل تركز على ظروف فرضت نفسها يمكننا أن ننظر إليها و نحللها.. ،لكن هنالك مجموعة من العوامل الأهم غالبا ما يتم التركيز عليها بصورة أقل تتمثل في المهارات و الإستراتيجية لحركة المقاومة..فبدلا من النظر إلى ما لا يمكن التحكم فيه يجب على المقاومة النظر إلى ما يمكنها التحكم به من خلال المهارات والخيارات، و هذه نقاط قوًة حاسمة .. ، دراسات الحالة (تجارب النجاح في مناطق أخرى) و البحث يساعدان في التغلب على الظروف الصعبة الهيكلية، وأيضا استغلال و الاستفادة من الفرص المتاحة في بيئة الصراع... ، فبدراستنا تجارب حركات المقاومة الناجحة يمكننا أن نقف على الاستراتيجيات التي استخدموها، والتكتيكات التي اختاروها..، وكيفية تسلسلها.. ، وأنواع الرسائل والاتصالات التي انتهجوها لتوحيد الناس معا، والتواصل مع الجهات الدولية الفاعلة و الأطراف المحايدة، وحتى على مستوى أنصار النظام....، لذلك منذ المقال السابق خصصنا جانباً كبيراً لدراسة الحالات..، ستلاحظون أنً حركات المقاومة المدنيًة التي نجحت في بلوغ أهدافها كثيرة ، و إن أردنا دراستها جميعاً سنجد أنًنا نحتاج لدراسة أكثر من 60 حالة مختلفة....، لذلك و بدءاً من المقال السابق نرفق حالتان على الأقل للدراسة حيث نكون قد درسنا قرابة ال10 حالات عندما ننتهي من هذا المبحث، و لتبسيط المسألة نظراً لضعف الانترنت في السودان، و حتى يستفيد الجميع سيكون تركيزنا على ثلاثة عوامل مشتركة ستلاحظونها بوضوح في جميع الحركات الناجحة و هى (1)الاتحاد (2) التخطيط و(3) الانضباط اللاعنفي.
الاتحاد:
بلوغ الوحدة يمثل أكبر التحديات التي تواجهنا و هي العقبة الكأداء التي أقعدتنا طويلاً..و ستكون التحدي الرئيسي الذي يواجهنا لذلك من المهم التحسب له ووضع إستراتيجية للعمل عليه..، نعترف للنظام بأنًه بارع جدا في التقسيم و التفتيت و شراء الذمم ، و تغذية الانقسامات بصورة مباشرة، أو عن طريق خلق أسباب الانقسامات بين الناس في محاولة لمنعهم من التوحد... ومع ذلك، حركات المقاومة المدنية النًاجحة تغلبت على هذه المشكلة ، كان سر نجاحها في تنويع المشاركة بالاعتماد على أنواع مختلفة من الناس... واستطاعت الاعتماد في بلوغ أهدافها على جلب فئات متنوعة من الناس معاً... الناس الذين تطغى عليهم الخلافات و تتعارض أولوياتهم..و لم يتم التواصل بينهم لفترات طويلة لأنه قد تم تقسيمهم ..هم أنفسهم من غيروا و أسقطوا أسوأ الديكتاتوريًات على مرً التًاريخ منها على سبيل المثال نظام مليسوفيتش في صربيا ، نظام بينوشيه في تشيلي و نظام الشًاه في إيران.
أحد الجوانب الرئيسية لبناء الوحدة يكون بالاستماع.. الأمر قد يبدو بسيطا، ولكن من المهم أن نتذكر .. في حركة المقاومة المدنية اللاعنفية تكون المشاركة طوعية... الناس يخرجون و يشاركون ليس لأننا نطالبهم أن يفعلوا ..، ولكن لأنهم يعتقدون أن مشاركتهم في حركة مهما كانت صغيرة تمثلهم، وهذا يعكس ما يحتاجون إليه و ما يؤمنون به...، لذلك الاستماع لما يهمً النًاس يجب أن يكون أولويًة في الصدارة...، تعلم مهارة الاستماع لمختلف الفئات لا بد منه للقيادات و الناشطين ...، فأنت تحتاج أن تستمع إلى وجهة نظر مختلف الفئات داخل المجتمع لمعرفة تطلعاتهم... مظالمهم على وجه الخصوص و بصفة عامًة..،ما الذي يمكنهم الاستغناء أو التنازل عنه؟ ماذا يأملون ؟ ما هي قيمهم؟.. إن علمنا الإجابة الصحيحة عندها يمكن أن نخطط لحملاتنا بناءاً على الواقع و نضمن أكبر مشاركة ممكنة ..(سأعود لذلك في مقال مخصص لمهارات الاستماع والتفاوض)....بعد الإدراك يمكننا أن نصيغ خطاب المقاومة و حملاتها التي تعبر عن تطلعاتهم و آمالهم و الجوانب الأساسية من حياتهم اليوميًة وقضاياهم الجوهريًة التي تمسهم و تكون أكثر إلحاحاً بالنسبة لهم من وجهة نظرهم الشخصيًة لا وجهة نظر فوقيُة أو نخبويًة قاصرة عن معرفة ما يحرك النًاس، و بالمناسبة هذا هو السبب الرئيسي و الإجابة على السؤال لماذا ظل النظام موجوداً رغم ضعفه البائن.. ، فالشارع يحتاج قيادة تعبر عنه فعلاً نابعة من معاناته و مشاكله..لذلك تحتاج الحركة أن تجمع المصالح المتنوعة، والمظالم، والتطلعات، والقيم، و تنسج الرؤى و التوجهات و التطلعات(vision, mission, and core value) ..و هذه ببساطة لا تتم إلا من خلال الاستماع لجميع أصحاب المصلحة على اختلافهم و فهم اهتمامات كل منهم و ما يعبر عنهم..
جانب آخر من جوانب بناء والحفاظ على الوحدة يكمن في ضرورة وجود هيكل القيادة داخل إطار صنع القرار حتًى يكتسب المشروعيًة.. لأن المقاومة حركة طوعيًة ( ومرة أخرى يخرج الناس لأنهم يعتقدون أن الحركة تستمع إليهم وتمثلهم و تعبر عنهم... ) عندما تكبر الحركة و تتنوع وتبدأ العمل على أساس قومي..، ستواجه بتحدي كيفية اتخاذ القرارات ، عندما يكون لدينا مجموعات محلية ، إقليمية ، و مجموعات أقليًات..و قوميًة... كيف تتفاعل؟ كيف تنفذ القرارات؟ من الذي يقرر ماذا؟ ..اتخاذ القرارات في هذه الحالة سيكون من الصعوبة بمكان لدرجة أنًه من الوارد أن يعصف بكل شئ....فالحركة تحتاج إلى اتخاذ قرار بالعمل لامركزياً حتًى تضمن استمراريتها عند اعتقال المؤسسين البارزين (تجربة صربيا)..، كيف يتم صنع قرارها... .. مثلاً في حالات و مستويات معينه نحتاج الدمج بين المركزية و اللامركزية ، قد تعني المركزية جانباً من الانضباط ، أو قد يكون من الحكمة التحول على مدار الصراع اعتمادا على الفرص المتاحة للحركة ومستوى القمع وعوامل أخرى....، لذلك تحتاج الحركة أن تمتلك المقدرة على الاتفاق بشأن معايير اختيار المؤسسين ثمً القيادات، و طريقة صنع القرار وهيكل القيادة بحيث تسمح لها بالحفاظ على الوحدة، التي تسمح للكل بالعمل معاً باستمرار، و يجب أن تكون مرنة بحيث تستوعب النمو والتوسع، وتتكيف مع الظروف المفروضة عليها..(هنالك الكثير حول هذا سأتحدث عنه في الفصل الثالث).
التخطيط:
توجد الكثير من الخيارات....ففي الأزمات المعقدة كما هو حالنا يكون من الصعب تحديد العوامل الأكثر أهمية ، و سنكون مضطرين لعدم النظر في العديد من الفرص المتاحة...أن نقرر عدم اختيار فرصة علينا تحمل تكلفة الفرصة البديلة ، و ما يترتب عن اتخاذ قرار بعدم الدخول في فرص متوفرة يمكن أن يكون خياراً يصعب التخلي عنه بنظر البعض...، لذلك تأتي أهمية التخطيط الاستراتيجي لأنًه يوفر طريقة واحدة، مجموعة متكاملة من الأدوات، إطار واحد لفهم الفرص و التحديات ، وأهمً من ذلك تبيان السبب و الحكمة و التأكد من أنً النًاس يتفهًمون هذا الأمر..
تبدأ عملية التخطيط بتحليل مفصل للظروف التي نعمل فيها... تحدثنا في البداية عن أنواع الظروف و المجموعات المختلفة من الناس، و معرفة الأشياء الدقيقة التي تحرك الناس للمشاركة..، هذه يجب التركيز عليها و التخطيط لها...، فعندما ننظر للنظام من الحكمة أن لا نتعامل معه على أساس أنًه كتلة واحدة...، نريد تحديد المجموعات التي يسهل تخليها عنه ، و تحديد نقاط ضعفه القاتلة من خلال تحليل ركائز الدعم نفسها و النخب المكونة لها و الأفراد ....، كذلك من المهم أن نطرح نفس الأسئلة على أنفسنا و نجيب و نحل المشكلات....، تحديد الأطراف المحتمل لعبهم دوراً مؤثراً و الاستماع لرأيهم و تحليله...و كذلك الأطراف المحايدة لتحديد أسباب حيادهم.. (سواء كانت الأطراف داخلية أو خارجية) .. كيف و من أين نكسب حلفاء جدد ، ما هي مصلحتهم، وكيف نلفت انتباههم..أو نطمئنهم بشأن مصالحهم التي بسببها دعموا عدونا..، الملاحظ هنا أنً التحليل الاستراتيجي لبيئة الصراع غالبا ما يخرج تهديدات معينة ولكن أيضا يخلق الكثير من الفرص و التحديات التي تساعد المقاومة على تحديد أولوياتها والتفكير استراتيجياً حول ما نريد القيام به وكيف سيكون تسلسل حملاتنا.
هناك نموذج بسيط عبارة عن مثلث مقسم على ثلاثة أجزاء... في الجزء العلوي رؤية الحركة التي تحدثنا عنها..،و هذا يحدد و يجيب على السؤال ما هي حركتنا بالاعتماد على القيم والتطلعات والآمال والتظلمات من مجموعة واسعة من الجمهور...
المستوى التالي هو مستوى الحملة.... الحملات مراحل رئيسية في مسيرة المقاومة لتحقيق أهداف وسيطة لذلك تصبح الحملة نقطة محورية للكثير من التكتيكات المختلفة اللاحقة..، يتم اختيار حملات عندما تقرر الحركة أن هدفاً محدداً يمكن تحقيقه من الحملة، ..لن يتم اختيار الحملة عشوائياً..تحديد الحملة و الهدف يكون على أساس التخطيط الاستراتيجي و العمل المدروس و ليس مجرد التخمين و التجربة و الخطأ..
في المستوى السفلي من المثلث منطقة التكتيكات ، عندما نفكر في تكتيكات المقاومة المدنية، الكثير من الناس يفكرون في المظاهرات و الاحتجاجات.. هذه هي الصورة التي تتبادر لأذهان غالبيًة الناس العاديين..، و هي نفس الصورة لدى وسائل الإعلام المستقلة للحديث عن حركات المقاومة المدنية... ، في حين أنً الاحتجاج هو في الحقيقة مجرد واحدة من مئات الأساليب المختلفة المتاحة لحركة المقاومة المدنية اللاعنفية، و أكثرها مخاطرة ، لدينا الدليل في هبًة سبتمبر..، الأمر الذي يقودنا للعديد من التساؤلات : إذا كان هناك مئات من الأساليب المتاحة، أي منها ينبغي أن نختار؟ على أي أساس؟ كيف سيكون تسلسل الأساليب التي حددنا اختيارها؟ كيف يتم عملها ؟ هل ستعمل بالتزامن أم التسلسل؟ على أي واحد سنركز..أي الفئات تستبعد و أيها تكون أساسيًة لأسلوب محدد؟ ... حتى الاحتجاجات نفسها يمكن أن تكون قصيرة، يمكن أن تستمر طويلاً.. ، من هم المستهدفون بالمشاركة فيها ؟..يمكن أن تحدث في يوم معين، يمكن أن تستهدف مجموعة معينة، وهكذا.. حتى ضمن التكتيك هناك الكثير من الأسئلة المختلفة حول كيفية أداء تكتيك محدًد ، بخلاف النظر في مجموعة أوسع من التكتيكات...
تساعد عملية التخطيط الاستراتيجي في توفير خطوط الدعم اللازمة لاستمرار المقاومة و تحديد منهج العمل..، عندما ننظر إلى المثلث، ونرى أن التكتيكات ضمن النموذج، فمن المفترض أنها تبرز عمل الحملات لوسائل الإعلام والتي من المفترض أن تعزز هذه الرؤية... الطريقة التي يعمل بها النموذج يجب تصميمها بحيث تساهم في دفع الحركة إلى الأمام وتحقيق أهدافها ورؤيتها.....
الالتزام بنهج اللاعنف:
إستراتيجية وخطط الحركة تكون أكثر فعالية بمراحل إذا تم عملها وتنفيذها بطريقة منضبطة، واحدة من أكبر المخاطر التي تهدد عمل المقاومة المدنية هى الانزلاق إلى العنف...، لماذا؟ ..العنف والمقاومة المدنية الناجحة لا يعملان معاً على الإطلاق...، واحدة من أهم العوامل في نجاح حركات المقاومة المدنية تتمثل في المشاركة واسعة النطاق و هذه لن تتحقق دون الانضباط بنهج اللاعنف، .. من البديهي و بمجرد ممارسة العنف ستنخفض المشاركة بشكل كبير جدا... عندما نتحدث عن المشاركة، فإننا نتحدث عن الناس من مختلف مناحي الحياة، الرجال والنساء، والشيوخ، والشباب، والناس في منتصف العمر، المرضى و ذوو الاحتياجات الخاصة..، من طبقات اجتماعية واقتصادية مختلفة...، عند استخدام العنف سنفقد مشاركة الغالبيًة التي تمتلك التأثير الحاسم على فرصة النجاح.
العنف أيضا يعني المزيد من القمع و التنكيل ضد الحركة.و يعطي مبررا لخلق عداء للحركة من أطراف محايدة..،كذلك بالتجربة ثبت أنً النظام سيجد الفرصة سانحة لممارسة التخريب و العنف و محاولة الصاقه بالمقاومة، و كذلك يقلل من التكلفة على الخصم...( خلال هبة سبتمبر قام مرتزقة النظام بحرق خرد البصات المتكدسة في مواقف الولاية و حرقوا طلمبات بنزين اويليبيا و خربوا الكثير من الممتلكات و اتهموا المتظاهرين بذلك ليجدوا مبرراً لقتل النًاس"الخطًة ب التي زعمها رئيس النظام").. واحدة من عناصر قوًة حركات المقاومة المدنية هو أنها تزيد من احتماليًة أن يعود القمع بنتائج عكسية على الخصم ..و فتح فرصة كبيرة لها لتسويق عنف الخصم لصالحها.. و تعزيز المشاركة... مما يعني فرض التكلفة الحقيقية على الخصم، لكن عندما تصبح الحركة عنيفة، ينظر إليها باعتبار أنًها تشكل تهديدا للسلامة الشخصية و العامة ، و هنا يكون حدوث نتائج عكسية على الخصم أقل احتمالا.
حين تكون المقاومة غير عنيفة، تكون أكثر حظا للفوز بحلفاء جدد وخلق تحولات في الولاء بين أطراف محايدة ..سيكون أنصار الخصم على وجه التحديد أكثر عرضة للانفضاض من حوله عندما تظل الحركة لاعنفية. ..أمًا عندما تمارس العنف فهذا يزيد من تماسك معسكر الخصم ... لماذا ؟ عندما تمارس الحركة العنف،فإنً أنصار الخصم يشعرون بالتهديد الذي لا يميز بينهم، ستزداد مخاوفهم بأنًهم أكثر عرضة للخطر، لذلك لا خيار آخر أمامهم سوى التوحد معا في محاولة لمواجهة هذا التهديد.
السؤال المهم.. كيف يتم تحقيق الانضباط غير العنيف؟ مجموعات مختلفة وبطرق مختلفة مغبونون و كل منهم لديه ثأر يريد أن يأخذ به..، لذلك مرًة أخرى.. التدريب جزء مهم جدا، حيث يتم التأكد من الأعضاء الرئيسيين في الحركة (أنشط المشاركين في البداية، ومن ثم المشاركين الآخرين)... التدريب حتًى يتسنى لهم فهم المنطق و الأساس المنطقي لعمل اللاعنف، يجب أن يفهموا دراسات الحالات التاريخية،ماذا عملت و كيف نجحت..و كيف أنً العنف يمثل تهديدا كبيرا (ليس العنف من قبل الخصم، ولكن العنف من قبل الحركة نفسها).
ثمً أنً اللجوء إلى العنف يحصر الخيارات التكتيكية. هناك الكثير من التكتيكات قوية جدا لا تحدث فيها مواجهات.. لا توجد فيها مخاطرة كبيرة مثل الاحتجاج العام و التظاهرات. .. فمثلاً التكتيكات اللامركزية مثل المقاطعة يكون من الصعب جدا على النظام قمعها بالعنف .. كما أنها تقلل من احتمالات أن تصبح الحركة نفسها عنيفة لأن التكتيك اللامركزي لا يعرض للمخاطر..، فمن يقاطع مؤسسة أو شركة أو متجر بعينه لا خطر عليه، و من يجلس في داره عاصياً لا خطر عليه..، ومن يتوقًف عن ممارسة عمله مضرباً لا يستطيع أحد إرغامه على العودة..، و من يجلس في ميدان عام معتصماً ليس كمن يتظاهر من حيث حجم المخاطر التي يواجهها..و هكذا.
جانب آخر مهم من جوانب بناء والحفاظ على الانضباط اللاعنفي ..منذ البداية ينبغي بناء ثقافة عامًة ضمن قواعد الحركة في كيفية اتخاذ القرارات، وكيف تتم الإجراءات، وكيف يحدث التخطيط...و لأنً المقاومة أمر طوعي.. في نهاية المطاف ، ليس هناك قيادة تستطيع السيطرة على كل شئ، فالناس لا ينفذون تعليمات عسكريًة.، لا يوجد زعيم يمكنه السيطرة على كل فرد في الحركة، إنًما أقرانهم الذين يكون تأثيرهم مهم جدا في إبقاء الناس في إطار إستراتيجية المقاومة دون اللجوء للعنف.
عدسة الحركة، أخلاقيات تنظيم المجتمع ، و إستراتيجية العمل
تحتاج حركة المقاومة المدنية لثلاث أمور أساسيًة تشمل الإستراتيجية الرئيسية و تقوم بإعدادها فرق القيادة ، وطريقة اتخاذ القرارات،و الالتزام بأخلاقيات اللاعنف، ورؤية الغد... لذلك من الضروري أن تمتلك الحركة عدسة تستطيع أن تنظر من خلالها للمستقبل، فالناس العاديون يرون جبلاً منتصباً يحول دون تحقيق أحلامهم، لكنهم لا يدركون أنً خلف هذا الجبل تقع أحلامهم و ما يفصلهم منها فقط اجتياز الجبل..، أمًا النشطاء و منظمي الحركة فهم أكثر إدراكاً لهذه الحقيقة، لذلك يحتاجون أن ينقلوا هذه الرؤية للناس، فعدسة الحركة تعني المستقبل و مساعدة الناس ليكونوا أكثر ادراكاً للهدف المشترك و الطريق إليه.
الأمر الثاني:أخلاقيًات تنظيم المجتمع غاية في الأهمية لحركة المقاومة الناجحة ..تمكين الآخرين من أسلحة النضال اللاعنفي، مما يخلق المزيد من الموارد، المزيد من المهارات، والمزيد من الأساليب التي يمكن استخدامها لبناء واستخدام القوة... لذلك، تنظيم المجتمع أمر ضروري والقيادة أمر ضروري لبناء القدرات القيادية، وهو أمر ضروري للبناء النهائي لمنظمات مجتمع مدني و مؤسسات ديمقراطيًة مستدامة تستطيع أن تسد الفراغ في السلطة و الحيلولة دون الفوضى المحتملة من جانب الجماعات الفوضويًة التي يوجدها النظام بعد استشعاره للسقوط الوشيك و بعد سقوطه..(سنخصص الفصل السادس و الأخير كاملاً للحديث عن هذا الأمر).
ثالثاً: إستراتيجية العمل.. الحملات هي الطريقة التي تبني الإستراتيجية و هذا يعني أنك تقوم بإنشاء طرق للناس ليسلكوها وصولاً للهدف... عدسة الحركة، أخلاقيًات تنظيم المجتمع، والحملات و الإجراءات هي مكونات أساسيًة في أي حركة مقاومة ناجحة... من المهم أن تبنى لها القواعد اللازمة لعملها.
الفيديو أدناه دراسة حالتان في غاية الأهميًة.. النصف الأول منه يتحدث عن مقاومة الدنماركيون للغزو النازي إبان الحرب العالميًة الثانية و كيف تمكنوا من تنظيم أنفسهم و تنفيذ اضرابات و الدخول في اعتصامات حتًى التحرر، أمًا النصف الثاني فهو الأهم و يتطابق في كثير من الأحيان مع واقعنا إذ يحكي عن المقاومة التشيليًة لنظام بينوشيه و كيف تضرر الثوار في البداية من الانزلاق للعنف، ثم كيف أنًهم تمكنوا من إسقاطه في النهاية عن طريق انتهاج اللاعنف، أيضاً يعطي دروس عن خطورة الخلط بين العنف و اللاعنف، كذلك يجيب على سؤال مهم: كيف يمكننا عدم تعريض حياة الناس للخطر و في نفس الوقت نقاوم النظام..أترككم مع الفيديو.
.
تطبيق عملي : إدراك طريقة عمل ركائز الدعم:
تحدثنا في المقال السابق عن ركائز الدعم...إذا علمنا بأنً "ركائز الدعم" الرئيسية هي: الجيش ، الخدمة المدنيًة ، النقابات و الاتحادات العمالية ،المؤسسات المالية، والمؤسسات الدينية والثقافية، النظام التعليمي ووسائل الإعلام والشرطة وقوات الأمن...، بالتفكير في بنية السلطة التي تؤثر في حياتك اليومية ، والمكان الذي تعمل فيه،و أسرتك.. هل تعتبر نفسك جزءا منها ؟ إذا كانت الإجابة بنعم..ما هو مدى تأثيرك في دعم النظام كفرد من أفراد ركيزتك؟ ماذا تتصور أن يحدث إن توقف 30% منكم عن المشاركة فيما تقدمه ركيزتك من دعم للنظام؟ ماذا إن توقف 50% منهم؟ و ما هو دورك أنت في حدوث ذلك؟الغرض من السؤال هو تحديد إجابتك التي تعكس مدى رؤية أو فهم الانتماء الخاص بك ، و تعميمه على باقي الركائز ، هذا أيضاً يساعد على كشف طبيعة العادات والأعراف وأنماط السلوك التي تحتاجها الحركات اللاعنفية من أجل الاستماع للناس و تحفيز التغيير الاجتماعي والسياسي والاقتصادي ...، بالإمكان أن يعمل من يعرفون بعضهم خلال مجموعات سواء كانت على الأرض أو اسفيريًة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.