ما يتعرض له الفرد طوال ساعات الدوام، في العمل، من إجهاد وتوتر ومشاكل، علاوة عن انتقال مخلفاته السلبية إلى خارج المكتب، يظل ملتصقا بذهنه ويتفاعل معه، باطنيا، في حالة من اللاوعي تجد في النوم فرصة للتنفيس والإفصاح والتعبير. العرب القاهرة - يعتبر التحدث أثناء النوم أحد الظواهر الشائعة جدا لدى الكثيرين وعلى الرغم من كونه سلوكا غير طبيعي فهو لا يعتبر مشكلة طبية وإنما كل ما في الأمر أنه يسبب الكثير من الإحراج لأن النائم قد يفصح عن بعض المواضيع التي يمتنع عن قولها في حالة اليقظة أو قد يكشف بنفسه، لا إراديا، ما يعتبره أسرارا شخصية. وأفادت دراسة طبية حديثة أجريت في معهد بريطاني متخصص في أبحاث النوم وأمراض التخاطب أن التحدث أثناء النوم يحدث عادة خلال الاضطرابات الانتقالية في النوم أي عندما لا يتحرك الجسم بسلاسة من مرحلة ما في النوم إلى مرحلة أخرى. وأرجع الباحثون الأمر إلى أسباب كثيرة من أهمها التوتر والإرهاق الذهني، حيث أن هذه العوامل تجعل العقل الباطن غير قادر على التحمل، فيتكلم للتخفيف من هذا التوتر، حيث يفقد الدماغ السيطرة على بعض أجزائه التي يتوجب عليها الراحة. وتشير الدراسة إلى ضرورة ممارسة الرياضة للحد من الكلام أثناء النوم. وتوصل باحثون فنلنديون إلى أن معظم مشاكل النوم والأرق التي تواجه الفنلنديين تتسبب بها الضغوطات التي يتعرضون لها في أعمالهم. وقالت الدراسة التي أجراها (المعهد الفنلندي للصحة المهنية) إن معظم من يعانون من مشاكل في النوم لديهم مشاكل في العمل وهو ما يؤدي بدوره إلى تعرضهم لمشاكل صحية جمة تنجم عن نقص في عدد ساعات النوم. وأكدت أن هناك خطرا كبيرا يواجه الذين يعملون في نوبات عمل ليلية لأنهم يضطرون خلالها إلى السهر طوال الليل من أجل العمل ولكنهم لا يحصلون على القسط الكافي من النوم خلال ساعات النهار. وأشار الأطباء إلى أن "أهم المشكلات الصحية التي يتعرض لها قليلو النوم هي البدانة والسكري وسرطان الثدي والأزمات القلبية وأن قلة النوم كانت سببا رئيسيا في حوادث السير". وإلى جانب التأثيرات الصحية وجدت الدراسة أن قلة النوم تؤثر على القابلية للتعلم حيث اعتبرت أن عدم الحصول على كمية كافية من ساعات النوم يؤثر على قابلية الشخص لتعلم مهارات جديدة أو طرق جديدة لحل المشكلات. ودعت الدراسة إلى الإقلال من التعرض لضغوط العمل بقدر الإمكان لأن ذلك يؤدي بدوره إلى الدخول في دائرة تبدأ بقلة النوم بسبب التعرض للضغط وتصل إلى حد أن مشكلة الأرق تسبب ضغوطا شديدة ومشاكل صحية تؤدي بدورها إلى ازدياد مشكلة النوم غير الصحي. والكلام أثناء النوم هو أحد أنواع اضطرابات النوم الشائعة والذي قد يتخذ عدة أشكال منها التمتمة والنطق غير واضح للكلمات أو التحدث بصوت عال وكأن النائم يتشاجر مع أحد. وهناك من يقوم بإجراء محادثات كاملة أثناء النوم يتأوه ويصدر ضجيجا غير مفهوم. وجميع هذه الأعراض تتم دون دراية أو وعي من النائم. الكلام أثناء النوم هو أحد أنواع اضطرابات النوم الشائعة وقد يتخذ عدة أشكال منها التمتمة ونطق غير واضح للكلمات وقد أوضح كثير من علماء النفس أن هذا الاضطراب ينجم عن شعور الفرد بعدم الثقة بالنفس والشعور بالرهبة في التحدث مع الآخرين، فتخرج هذه الأحاديث أثناء النوم لا إراديا. كما أن الاحتفاظ بكثير من الأسرار والخوف من أن يعرفها أحد تكون سببا في قيام النائم بإفشائها دون أن يعلم. وأحيانا يكون السبب أن الشخص يعاني اضطرابات الخوف والقلق. وقد نصح كثير من الأطباء النفسيين باتباع بعض الخطوات للتخلص من هذه المشكلة المزعجة، ومنها المحاولة قدر الإمكان عدم التفكير في مشكلات الحياة قبل النوم مباشرة وتصفية الذهن واسترجاع الذكريات السعيدة. ويوصي خبراء بتجنب ممارسة واجبات العمل قبل ساعات النوم مباشرة خاصة إذا كان هذا العمل مليئا بالمشكلات والضغوطات النفسية وتجنب تناول المشروبات المنبهة مثل القهوة أو الشاي واستبدالها بالمشروبات المهدئة للأعصاب كالينسون والنعناع. ويحذر الأطباء من تناول الأطعمة الدسمة قبل النوم مباشرة والتي تسبب عدم الشعور بالراحة. ويحثون على التخلص من الإضاءة القوية في الغرفة وحجب الضوء كي يستطيع الفرد أن ينعم بنوم هانئ ومريح. وترى أستاذة الطب النفسي بجامعة عين شمس، الدكتورة هبة العيسوي، أن الكلام أثناء النوم هو إحدى المشكلات الشائعة في مجال علم النفس، والذي يحدث نتيجة مرور الفرد بخبرات ومواقف مؤثرة على مدار اليوم فتظهر في النوم على شكل كوابيس. كما أن أحيانا يكون الانشغال بالتفكير في قضية أو مشكلة ما أحد أسباب التحدث أثناء النوم، حيث تترسخ هذه المشكلة في العقل الباطن فيقوم الشخص دون إدراك بالتحدث مع نفسه أثناء نومه بشأنها وكأنه يبحث عن حل لها، بل في كثير من الأحيان يستيقظ الشخص ويفاجأ بأنه توصل إلى حل لها. وتنصح العيسوي بضرورة أن يفصل الفرد تفكيره عن مشكلات الحياة قبل النوم مباشرة ويجعل الوقت السابق للنوم مخصص للاسترخاء والراحة وعدم التفكير مطلقا في أي مشكلات أو هموم حياتية، كذلك من الممكن تناول مشروبات تهدئ الأعصاب قبل النوم مثل الينسون والنعناع وغيرهما، وقراءة بعض أذكار النوم والتي تحصن النفس وتهدئ بشكل كبير الأعصاب. وتضيف أن هذا الاضطراب غير مرتبط بعمر معين، فهو يصيب الكبار والأطفال أيضا. وعلى الأم مراجعة المواقف التي مر بها الطفل أثناء يومه وأن تحاول إبعاده عن متابعة أو مشاهدة أي مواقف مؤلمة بما فيها المواد التي يشاهدها في التلفزيون.