لم يستبعد محللون سياسيون سودانيون أن تحتضن دولة جنوب السودان المرتقبة متمردي دارفور لتكون منطلقا لعملياتهم ضد حكومة الرئيس عمر البشير, وهو احتمال شكك محللون آخرون في تحققه. وفي حين أن بعض هؤلاء المحللين يستبعد نجاح أي مخطط لجعل دولة الجنوب البديل الأول عن تشاد وليبيا لكثير من حركات التمرد في دارفور، يرى بعض آخر أن استضافة الجنوب للمتمردين مؤكدة لاعتقاد الجنوبيين استضافة الخرطوم ودعمها مليشيات جنوبية تقاتل حكومة الحركة الشعبية الحالية. غير أنهم اتفقوا على أن الدولة الوليدة في الجنوب ستخسر إذا تعاملت الخرطوم بالمثل مع متمردي الجنوب ل"خبرتها الطويلة" في دعم حركات التمرد بدءا بإريتريا, ومرورا بأوغندا, وانتهاء بتشاد. محفّزات وموانع وأشار قسم منهم إلى أن الدعم الجنوبي لمتمردي دارفور بدأ قبل إعلان الدولة المرتقبة رغم تحجج حكومة الجنوب بأنها كانت تحاور المتمردين لقبول الحل السلمي مع الخرطوم, مستبعدا أن يصبح المتمردون أدوات تستغلها جوبا. أما القسم الثاني من الخبراء فيرى أن دولة الجنوب ربما ولدت بمشكلات داخلية تمنعها من دعم أي مجموعة متمردة، مشيرا إلى عدم قدرة الاقتصاد الجنوبي على تحمل مثل هذا النوع من النشاط الذي يحتاج إلى أموال كبيرة. ورهن مستشار السلام الأسبق آدم الطاهر حمدون احتمال دعم دولة الجنوب لمتمردي دارفور بتعامل الخرطوم مع ملف المليشيات الجنوبية، مشيرا إلى أن موقف الخرطوم ربما حدد كيفية رسم السياسات الجنوبية تجاه دارفور وكل القضايا المشتركة. وقال للجزيرة نت إن تغافل الخرطوم عن بعض المواقف المؤثرة في الجنوب ربما دفعه لانتهاج سلوك يتسم بالكيد السياسي مثلما دعمت أوغندا الحركة الشعبية من قبل, ودعم السودان جيش الرب الأوغندي, مستبعدا استغلال الجنوب لمتمردي دارفور. علاقات وطيدة أما الخبير السياسي محمد الأمين خليفة فتوقع أن يستفيد متمردو دارفور من دولة الجنوب مثلما أن الأخيرة ستستفيد منهم بالنظر إلى العلاقات القائمة بين الطرفين. ورأى خليفة أن احتواء جوبا لأولئك المتمردين هو مقدمة للتعاون معهم, واستضافتهم. واستبعد في هذه الأثناء أن ينفصل إقليم دارفور على منوال الجنوب "لاقتناع الأغلبية في دارفور بالوحدة"، مشيرا إلى أن رفع سقف مطالب الحركات المسلحة في المفاوضات مع الخرطوم يأتي فقط من باب المعارضة. من جهته, توقع أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم محمد نوري الأمين أن تعمل دولة الجنوبالجديدة على استضافة ودعم متمردي دارفور، مشيرا في حديث للجزيرة نت إلى وجود جهات تقود هذا الخط حسب قوله. واتهم في هذا السياق مجموعات ضغط يهودية والأعضاء السود في الكونغرس الأميركي باستهداف الشمال العربي المسلم، مؤكدا أن اعتراف رئيس حركة تحرير السودان عبد الواحد نور للقادة الجنوبيين بعلاقاته بإسرائيل, "ربما ساعد في فتح الجنوب لحركات التمرد بدارفور". وأكد الأمين أن التوافق في الرؤى بين المتمردين السابقين "والمتمردين الجدد" سيجعل بعضهم يساند بعضا "لاعتقادهم أنهم حركات تحرر وطني". المصدر: الجزيرة