هيئة شؤون الأنصار للدعوة والإرشاد خطبة الجمعة التي ألقاها: *الحبيب حمدان آدم عبد الله عضو أمانة الدعوة والإرشاد *بمسجد الهجرة بود نوباوي بتاريخ 18 ديسمبر 2015م. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي خلق الإنسان من طين وأخصه بالتكريم والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحابته الغر الميامين قال تعالى: (لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ{128}). أحبابي في الله *في هذه الأيام نعيش ذكرى ميلاد الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي أرسل رحمة للعالمين قد أجاب بولادته دعوة إبراهيم عليه السلام إذ قال (رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ{129}) وصدق به بشارة عيسى عليه السلام، (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) فبميلاده صلى الله عليه وسلم ولدت الحرية والكرامة والعدل والمساواة بعد أن كان العالم يعيش في الظلمات والقسوة والضلالة فبعثه الله تعالى لهداية الخلق أجمعين وألف به بعد الفرقة فأصبح الناس بنعة الله إخواناً وفي دين الله أعواناً فدانت الأمم لهذا الدين فالنقف مع أنفسنا وقفت تأمل وتفكر ما هو المقصد من قيام المولد؟ ... هو إتباع سنته صلى الله عليه وسلم وتطبيقها على أرض الواقع وتوحيد الأمة الإسلامية والسير على ما كان عليه من آداب وأخلاق وعقائد وأعمال (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ). أحبابي في الله بمجرد ولادته صلى الله عليه وسلم جاءت حرية النفس من الرق وذلك عندما ولد صلى الله عليه وسلم إنطلقت ثويبة جاريت أبي لهب إلى سيدها تبشره بمولد إبن أخيه محمد صلى الله عليه وسلم فسره ذلك الخبر فأعتقها وقيل أن أبي لهب يخفف عنه العذاب كل يوم إثنين بسبب فرحه بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال في ذلك الحافظ شمس الدين: إن كان هذا كافراً جاء ذمه * * بتبت يداه في الجحيم مخلدا * أتى أنه في يوم الإثنين دائماً * * يخفف عنه بالسرور بأحمدا * فما الظن بالعبد الذي كان عمره * * بأحمد مسروراً ومات موحدا * **فالفرح بمولد النبي صلى الله عليه وسلم جاء بنص القرآن (قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ{58}). وقال تعلى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ{107}). عن أنس بن مالك رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ثلاثة من كن فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلاَّ لله وأن يكره أن يعود إلى الكفر كما يكره أن يقذف في النار. أحبابي في الله هذه الأمة اصطفى الله سبحانه وتعالى لها رسولاً من خيارها وأوسطها نسباً ومكانةً فبعثه فيها نبياًً ورسولاً ولكن الأمة في العصر الحديث إبتعدت عن منهج الإعتدال والتوسط الذي رسمه القرآن الكريم وممارسته في حياة سيد المرسلين، فإن المتدبر في واقع الأمة الذي تعيشه اليوم يرى فرقاً شاسعاً في أهدافها وإختلافاً في منطلقاتها وغايتها يرى الإفراط والتفريط والغلو والجفاء مما أدى إلى ضياع المسلمين بين تيارين تيار الإلحاق والتغريب وتيار التطرف والتكفير وبين هؤلاء وأولئك وقفت فئة تقتضي الأثر وتصحيح المنهج وتقود الناس إلى الصراط المستقيم ينفون عن هذا الدين غلو الغالين وإنتحال المبطلين فوسط هذا الواقع المؤلم والإضطراب المهلك تشتد الحاجة إلى إرشاد الأمة إلى الصراط المستقيم قال تعالى: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ{153}). أحبابي في الله *إن التحديات والتعقيدات التي ظهرت في الأمة الإسلامية المعاصرة توجب سرعة العمل لمواجهة هذه التحديات بالعمل الدؤوب وتقديم حلول بديلة للقضايا الفكرية والإجتماعية والاقتصادية الملحة لتحسين حياة الإنسان وصولاً لرؤية واضحة تهدف للعمل العلمي والفكري المنشود خدمة للمسلمين بتعليم الإسلام الصحيح وفق المنهج الوسطي السديد بعيداً عن التحريف والتشويه وإسهاماً في التقريب بين قوى العالم المختلفة الدينية والحضارية إيماناً منه بمبدأ الحوار والتعارف بين الإديان والثقافات والحضارات والأمم فعلى الدعاة إنتاج خطاب إسلامي مستنير لتعميم الفهم السليم للإسلام وقيمه وتشريعاته وحشد الطاقات الفكرية والعلمية لعلماء المسلمين للتوسط فكراً وممارسةً لإشاعة منهج التوازن والإعتدال الإسلامي والدعوة إليه بإعتباره التيار الأصيل في ثقافة الأمة الإسلاميةوبإعتباره تيار الحاضر والمستقبل، إن توضيح رسالة الإسلام ونشر رسالة الإعتدال في فهم الإسلام ديناً وحضارةً ومواجهة مفاهيم التطرف والغلو وبث روح التسامح وثقافة الحوار وتوسيع دائرة التواصل مع الآخر المختلف ديناً وثقافةً هو عمل إسلامي واجب على الأفراد والجماعات. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أنا سيد ولد آدم ولا فخر*". أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين. * * * * * * * * الخطبة الثانية الحمد لله الوالي الكريم والصلاة على المبعوث رحمةً للعالمين قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ{30}). ولهذا خشيت الملائكة من إفساد الأرض عندما أخبرها الله سبحانه وتعالى بأنه جاعل في الأرض مخلوقات من البشر يخلف بعضهم بعضاً* والمتأمل في حديث القرآن عن الفساد والفاسدين سيجد أن إيقاع الفساد من قبل البشر يأتي على مراتب: .*أولاً:*إفساد أنفسهم بالإصرار على المعاصي وما يترتب عليها من مفاسد أخرى، قال تعالى عن فرعون: (آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ{91}). .*ثانياً:*ما يلحق بالذرية والأبناء والأتباع قال تعالى: (إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِراً كَفَّاراً{27}). .*ثالثاً:*إفساد الدائرة المحيطة بالمفسدين حتى يتعدى أثرها إلى غير أصحابها قال تعالى: (وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ{151} الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ{152}). .*رابعاً:*إفساد الدائرة الأوسع في المجتمعات عن طريق إشاعة الأمراض الإجتماعية قال تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ{11} أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ{12}). .*خامسا:ً الإفساد الناشئ عن فساد الحكام والقادة والزعماء وهو الفساد الأكبر لأن الكبراء إذا فسدوا في أنفسهم فإنهم ينشرون الفساد بقوة نفوذهم وإستخدام سلطاتهم وقوتهم وقد ذكر القرآن الكريم عن بلقيس قولها (قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ{34}). أحبابي في الله ذكرت ذلك لأقول إن هذا النظام منذ مجيئه عرف بالإفساد فأصبح الفساد يتكشف يوماً بعد يوم وما حدث بولاية سنار يؤكد ذلك. أحبابي في الله *في 25 ديسمبر الجاري سوف يكمل الحبيب الإمام العقد الثامن من عمره ومنذ تخرجه من جامعة أكسفورد في عام 1956م قد إلتحق الحبيب الإمام بالسلك الوظيفي بالدولة إلاَّ أنه قدم إستقالته إحتجاجاً على إنقلاب 17 نوفمبر ومنذ تلك اللحظة لم يغمض للإمام جُفنُُ ولم يهدأ له بالاً فقد ظل على صهوة جوابه ممسكاً برمحه ومنتشقاً سيفه مدافعاً عن الديمقراطية التي وُئِدت في مهدها وقد كان حظه من ذلك السجون والمعتقلات والمنفى طيلة فترة الدكتاتوريات الأولى والثانية والثالثة والتي تعاقبت على البلاد ... الحبيب الإمام نذر عمره في الدفاع عن الحرية وكرامة الإنسان وإعادة الديمقراطية إلى وطننا الحبيب ونذر عمره لتنقية الإسلام من الشوائب التي ألحق بها المتنطعون والمتشددون والمنكفؤون الذين لا يعرفون من الإسلام إلاَّ اسمه ومن القرآن إلاَّ رسمه. فجعلوا من الإسلام مؤسسة عقابية إذا كانوا حاكمين وبؤرة إرهابية إذا كانوا معارضين فشوهوا ديباجة الإسلام الوضاءة وهكذا قدموا الإسلام بعبعاً يخيف الناس أجمعين كلا الإسلام دين الرحمة ولله در الحبيب الإمام الذي قال "لا تسمعوا من يقول لكم إن الإسلام خطته الدماء ... زورُُ ذلك الكلِمُ إنما الإسلام خطته الحسنى وغايته أن الشعوب تلتئمُ فأرفعوا علم الإسلام مصطحباً حرية الشعب يسموا ذلك العلمُ فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يمد في عمر الحبيب الإمام حتى يقدم للإسلام والسودان ما ينفع البلاد والعباد.