تباينت وجهات النظر حول المُشاركة، وعدمها في حكومة الوفاق الوطني المُنتظر إعلانها فور الفراغ من الحوار الوطني، قال حزب المؤتمر، إن الوقت ما زال مُبكراً للحديث عن شكل ومكونات الحكومة التي سيقرها مؤتمر الحوار الوطني، وذلك بالرغم من توافق لجنة قضايا الحُكم على تشكيل "حكومة وفاق وطني" برئاسة الرئيس عمر البشير، لإدارة البلاد في الفترة المقبلة. وراجت توقعات بأن يصل مؤتمر الحوار الذي انطلق في أكتوبر الماضي وسط غياب قوى المعارضة والحركات المسلحة الرئيسية، لخيار الحكومة القومية، بعد أن أبدى حزب المؤتمر الوطني الحاكم رفضاً شديدا لمبدأ الحكومة الانتقالية. لكن لجنة قضايا الحُكم وتنفيذ مُخرجات الحوار تخطت الأسبوع الماضي كل التوقعات وأقرت مبدأ التداول السلمي للسلطة عبر حكومة وفاق وطني. وبالنسبة لعمار السجاد، وهو قيادي بالمؤتمر الشعبي، وفي ذات الوقت رئيس تيار الإسناد في الحوار الوطني، فإن حزبه لن يُشارك في حكومة الوفاق الوطني، لإفساح الفرصة للآخرين من صفوف المُعارضة، وإبعاد شبهة الغرض من المؤتمر الشعبي بدعمه للحوار، والتأكيد على أن أولوية الحزب لا تتمثل في المشاركة في الحكومة، وإنما الاستعداد للانتخابات المقبلة، فضلاً عن انصراف الشعبي لبناء حزب سياسي كبير. في الأثناء يقول كمال عمر عبد السلام، وهو الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي، إن الحزب لم يتخذ أي قرار في هذا الشأن، مُبيناً أن الحزب مُهتم بحل قضايا البلاد لكنه لا يزال فاعلاً في الحوار الذي لم تتضح مُخرجاته حتى الآن. لكن ياسر يوسف وهو المتحدث الرسمي باسم المؤتمر الوطني، وزير الدولة بالإعلام، يقول إن حزبه أسند مُهمة التوافق على شكل ومكونات الحكومة المقبلة لما يتم إجازته من قبل الجمعية العمومية للحوار. وقال يوسف في تصريحات صحفية، "الاثنين"، الماضي إن الوقت ما زال مُبكراً للحديث عن شكل ومكونات الحكومة المقبلة رغم حرص وترحيب الحزب الحاكم بتوسيع المُشاركة، مشيرا إلى أن مُخرجات لجان الحوار سيتم رفعها للجنة الموفقين الخمسة للتداول حولها والدفع بها للجمعية العمومية للحوار الوطني. وتابع: "بما أن هذه الجمعية العمومية هي الجهة الوحيدة التي تقرر فمن المبكر أن نقول إنه تم الاتفاق على حكومة قومية أو غير ذلك وحتى إن وردت على مستوى اللجان فهي مبدئية ستقرر فيها الجمعية العمومية بالتصويت عليها حيث تجاز أي توصية بتوافق 90% من أعضاء الجمعية وفي حال عدم التوافق يتم الإبقاء على ما هو قائم". يقول عمار السجاد، إن تأكيد عدم المشاركة في الحكومة المقلبلة صدر من ممثل المؤتمر الشعبي في لجنة قضايا الحكم محمد أحمد العالم، بعد أن تم تثبيت الحكومة القومية كخيار وتقديمه لمقترح وفاقي باسم حكومة الوفاق الوطني التي وافق عليها الجميع بأن يتم تعيينها بواسطة لجان الحوار وأن يكون رئيسها رئيس الجمهورية، المشير البشير، بصفته من دعا للحوار وبادر به، مبيناً أن العالم وفور تضمين المقترح الجديد في توصيات اللجنة والموافقة عليه أعلن عدم مشاركة المؤتمر الشعبي فيها. لكن في موازاة ذلك قال كمال عمر، إن حزبه لم يعقد أي اجتماع خلال الأيام الماضية ولم يقم باتخاذ أي قرار بعدم المشاركة في الحكومة المقبلة، مُشيراً إلى أن همهم بالفعل لا ينحصر في المشاركة بقدر المساهمة في حل مشكلات السودان، بيد أنه أشار إلى أن مخرجات الحوار لم تتضح معالمها حتى الآن حتى يمتنع حزبه عن المشاركة فيها، مشيراً إلى أن السجاد ربما استنتج ما قاله من واقع متابعته للحزب غير أن ذلك لم يصدر من الحزب إطلاقاً. في الضفة الأخرى، كشف تقرير صادر عن أحزاب في مؤتمر الحوار الوطني عن نتائج حوارات أجرتها مع أحزاب ممانعة ورافضة للحوار، على رأسها حركة "الإصلاح الآن" بقيادة غازي صلاح الدين العتباني، ومنبر السلام العادل بزعامة الطيب مصطفى. وبادرت مجموعة من الأحزاب المحاورة برئاسة سليمان حسن، رئيس الجبهة الإسلامية القومية وضمت وفد مجموعة المنافي بقيادة تراجي مصطفى، وحزب مؤتمر البجا القومي، وبعض الشخصيات القومية، بالاتصال بالأحزاب غير المشاركة. وأكد تقرير صادر من المجموعة أنهم وجدوا تفهما لفكرة الحوار من هذه الأحزاب، إلا أن لدى البعض منها تحفظات، حيث قال التقرير إن الحزب الشيوعي رحب بالمبادرة ووعد الوفد بدراستها في مؤسساته الحزبية. وحسب التقرير فإن حزب حركة "الإصلاح الآن" أبلغهم بأن الحوار هو الطريق الصحيح والناجح لحل الأزمات غير أن للحزب تحفظات تتعلق بأن يكون الحوار شاملا وحقيقيا تشارك فيه كل الكيانات السياسية ويفضي إلى سلام عادل. أما حزب منبر السلام العادل فقد طالب بحسب التقرير أصحاب المبادرة بضمانات واستحقاقات الحوار، لافتاً إلى أنه كان من الداعمين للحوار وشارك في خارطة الطريق. وأشار التقرير إلى أن المجلس القومي لحزب التضامن السوداني الديمقراطي أقر بأنه ليس مقاطعا للحوار، إنما علق مشاركته وهو في انتظار ضمانات واستحقاقات الحوار. سبق وأن أعلن المؤتمر الشعبي ضرورة تشكيل حكومة انتقالية لمدة عامين يقودها الرئيس البشير، ودعا زعيم الحزب، حسن عبد الله الترابي، في تصريحات نشرتها صحيفة "الشرق" القطرية، مؤخراً، إلى حل الأزمات وإشاعة الحُريات وضمان الحقوق الأساسية، واعتبر أن الحوار هو السبيل الوحيد لكل السودانيين للحفاظ على وحدة البلاد، وحث على مراجعة تجارب الحكم الماضية، وتأسيس حكم رشيد أساسه القانون واحترام كرامة الإنسان والالتزام بالحقوق والواجبات. لكن مواقف المؤتمر الوطني، والشعبي تعارضت على طاولة الحوار حول موضوع تشكيل حكومة انتقالية يرأسها الرئيس عمر البشير، ونقل سُلطاته في ما بعد إلى رئيس مجلس الوزراء وإجراء انتخابات مبكرة. وكان المؤتمر الشعبي طرح ورقة على طاولة الحوار تدعو إلى تشكيل حكومة انتقالية بداية العام المقبل برئاسة البشير، وإنشاء منصب رئيس وزراء وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية بعد نهاية الفترة الانتقالية يُحظر من خوضها شاغلو المناصب الدستورية في مؤسسات الحكم، وذلك لتحييد أجهزة الدولة، وانتخاب جمعية تأسيسية تتولى إقرار دستور دائم للبلاد وأن تكون الرئاسة دورية في مجلس سيادة يراعي التنوع في السودان. الترابي يدعم فكرته بتحذيره من من خطر"الصوملة"، والتفتت، والاحتراب، والانزلاق إلى حرب أهلية، على غرار ما تشهده كل من سوريا وليبيا واليمن، ويقول إن كيان السودان ليس قويا، وإن البلاد تواجه مُهددات داخلية وخارجية اليوم التالي