الكذب هو صنعة اسحق أحمد فضل الله التي يعيش عليها. لو كان الرجل صادقاً في محاولة تمجيده للترابي وحاول كعادته ان يستعين ببعض الأكاذيب لإضفاء نكهة علي مقاله لوجدت له تبريراً وتجاهلت أكاذيبه، فهو من نحلة عقيدتها الكذب. لكنني واثق أن إسحق منافق في تمجيد الترابي. وما قاله عن الترابي بعد أن أطاح به حواريوه وخلصاؤه لم يقله مالك في الخمر. وقد نقلت الي هذا المنبر مقاله الذي ذم فيه الترابي بسبب أصوله التشادية. اسحق بالاضافة الي كذبه فهو كاتب غير مدقق، ضعيف الذاكرة، لا يقرأ ولا يبحث، معلوماته مصدرها القيل والقال والظن والخيال. لا يوجد مستشفي في أوتاوا اسمه "لندن كلينك" والترابي في يوم 25 مايو 1992 نقل من المطار الي مستشفي "أوتاوا سيڤيك" ولم يكن فيه طبيب سوداني واحد ولا في كل مستشفيات كندا في ذاك الوقت. اكتفي بهذا القدر لدحض مسرحية اجتماع الأطباء السودانيين. يشهد الذين زاروني في أوتاوا مهنئين، أو اتصلوا هاتفياً مناصرين أنني كنت أقول لهم أتمني أن لا يموت الترابي حتي لا يصلي عليه من يجهل حاله. والحمد لله عاش الترابي ربع قرن بعد الحادث وعرف الناس حقيقته، خصوصاً من حولنا من الأعراب الذين يتبعون كل ناعق، وكانوا قد خُدعوا بالاعلام الإخواني وظنوا أن الترابي علي شئ. حادث أوتاوا كان سانحة لأتباع الترابي لسب التصوف والمتصوفة في صحفهم وممارسة الغمز واللمز وترديد عبارة (أصحاب العقائد المنحرفة). في هذا المقال تحرك العقل الباطني لإسحق احمد فضل الله وأخرج ما يكنه من كراهية للصوفية ناسباً إساءته التي كالها لهم الي الترابي، ووصفهم بأنهم يحبون الدين ويجهلونه. الدين يجهلة الصوفية ويعلمه الترابي والبشير ونافع وعوض الجاز والمتعافي وبقية عصابة النهب المسلح. يالها من نكتة. موت الترابي لم يعني شيئاً بالنسبة لي، كما ان حياته لم تكن مشكلة لي بعد خروجه من السلطة ومحاولاته المستميتة للعودة إليها. رأيِّ في الترابي لم ولن يتغير: هو زنديق مغرور متأله عابدٌ لنفسه كذاب ومنافق. لا مبدأ له ولا يحركه غير طموحه الشخصي والرغبة في التسلط والعلو. قال تعالي ( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض) الترابي من (الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا) والذين قال الله في حقهم (واذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون) وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم ( يخرج قوم من أمتي في آخر الزمان أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من قول خير البرية، يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم - قال عبد الرحمن: لا يجاوز إيمانهم حناجرهم - يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فإذا لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرا لمن قاتلهم عند الله يوم القيامة ». رواه البخاري ومسلم والإمام مالك في الموطأ والإمام أحمد في مسنده وأصحاب السنن بطرق عديدة من حديث سعد بن مالك. الترابي خرج من الدنيا ولم يجني فيها غير الخزي كما قال الله تعالي (لهم في الدنيا خزي). كان أمله أن يصبح خليفة يبايعه المسلمون عربهم وعجمهم و تخضع له رقاب الخلق في طول الارض وعرضها. فعاش فوق الثمانين ولم يصبح حتي رئيساً للسودان. تعزز باتباعه فأذله الله بهم. فتح أبواب السودان لجماعات الاسلام السياسي من إخوان ووهابية، وأوهمهم وأوهم نفسه بانه سيكون لهم ملاذاً وناصراً وسوف ينطلق معهم في جيوش جرارة كأن مسار النقع في رؤوسهم وأسيافهم ليل تهاوي كواكبه. ليحرر بلدانهم من حكامها وينصبهم أمراءاً وعمالاً له علي بلدانهم. وانتهي به الحال طارداً لبعضهم ومسلماً للبقية مكبلين بالقيود لينقلوا الي سجون مصر والسعودية وغوانتانمو. ظن أنه قائداً له أتباع في مشارق الارض ومغاربها لكن عندما أودعه تلاميذه السجن لسنوات لم تخرج مظاهرة واحدة في أي مكان في العالم تطالب بإطلاق سراحه. كتبه خاوية وليس لها قراء. ناظرت أتباع الترابي أغلب حياتي عندما أريد أن أناقش كتبه أكتشف ان مناظري لم يقرأ منها واحدا. يقول أتباعه انه مفكر ومجدد. لكن ما هو الجديد في فكرة استخدام الأغبياء من العسكر للاستيلاء علي السلطة. وما هو الجديد في اتخاذ الكذب والنفاق عقيدة ومبدأ الغاية تبرر الوسيلة واذهب انت الي القصر وأنا الي السجن. وما هو الجديد في إلغاء الأحزاب ومصادرة الحريات وتشريد الخصوم السياسيين وقطع أرزاقهم والزج بهم في السجون وتعذيبهم والتنكيل بهم. ما الجديد في استخدام الدين وسيلة للسلطة! وإعلان الجهاد علي الأقليات كوسيلة لحشد قاعدة شعبية عنصرية للنظام. ما هو الجديد في دولة بوليسية يحكمها جهاز أمن هي اليوم واحدة من أفسد خمس دول في العالم. من يعتقد أن الترابي عالم أو فقيه فليقرأ كتب الشيخ العلامة محمد أبو زهرة وكتاب الموافقات للشاطبي ليعرف من أين يأتي الترابي بأفكاره. فالترابي يفتقر الي الأمانة العلمية ومن أراد ان يتأكد فليقرأ كتبه. فهو يقتبس آراء محمد أبو زهره وآراء الشاطبي ولا ينسبها إليهما. الترابي زعم انه كان عميداً لكلية الحقوق جامعة الخرطوم. قد سألت البروفسور محمد ابراهيم خليل عن هذا الموضوع ونفاه تماماً وقال لي بالحرف الترابي لم يعمل بالجامعة سوي أربعة أشهر كمحاضر بعد عودته من فرنسا، وقامت ثورة أكتوبر . قال فقدمت استقالتي لدكتور النذير دفع الله مدير الجامعة لأخوض الانتخابات، فطلب مني دكتور النذير إرجاء مناقشة الاستقالة بعد تناول إفطار رمضان معه في منزله في ذاك اليوم. وفي الإفطار جاء الترابي باستقالته ليخوض الانتخابات أيضاً فقبلها المدير. لكن الترابي عرف لاحقاً أن بروفسور محمد ابراهيم خليل قدم استقالته في نفس الإفطار وانه لو تأخر باستقالته بعض الوقت ربما حل محله كعميد موقت لان كل السودانيين بالكلية لم تكن خدمتهم تتجاوز بضعة أشهر، والقانون الذي ابتدعه السودانيون بعد الاستقلال يقضي بسودنة الوظائف الإدارية في الجامعة حتي وان كان بصبية في العشرينات من عمرهم. لكن الترابي منذ السبعينات أخذ يزعم انه كان عميداً لكلية الحقوق جامعة الخرطوم. وصدق أتباعه الفرية وأخذوا في ترديدها. هاشم بدرالدين [email protected]