معتصم اقرع: لو لم يوجد كيزان لاخترعوهم    الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    محمد وداعة: الجنجويدي التشادى .. الأمين الدودو خاطري    وكالة الفضاء الأوروبية تنشر صورا مذهلة ل "عناكب المريخ" – شاهد    شركة توزيع الكهرباء تعتذر عن القطوعات وتناشد بالترشيد    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    بايدن يعين"ليز جراندي" مبعوثة للشؤون الإنسانية في الشرق الأوسط    مصادر: البرهان قد يزور مصر قريباً    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    إقصاء الزعيم!    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    الجيش يقصف مواقع الدعم في جبرة واللاجئين تدعو إلى وضع حد فوري لأعمال العنف العبثية    الحلم الذي لم يكتمل مع الزعيم؟!    أحلام تدعو بالشفاء العاجل لخادم الحرمين الشريفين    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    في أول تقسيمة رئيسية للمريخ..الأصفر يكسب الأحمر برعاية وتألق لافت لنجوم الشباب    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



واشنطن تدعم شبكات «إنترنت سرية» للمساعدة في تقويض الحكومات القمعية
نشر في الراكوبة يوم 13 - 06 - 2011

تتزعم إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما مسعى عالميا يهدف إلى استخدام نظم تليفونات محمولة وإنترنت «غير رسمية» يمكن لمعارضين استخدامها لتقويض حكومات قمعية تسعى لإسكات هؤلاء المعارضين من خلال مراقبة شبكات الاتصالات أو تعطيلها.
ويضم هذا المسعى مشاريع سرية لإنشاء شبكات محمول مستقلة داخل دول أجنبية، إلى جانب عملية مستوحاة من قصة تجسس داخل متجر بالطابق الخامس داخل شارع «إل ستريت» في واشنطن؛ حيث يقوم مجموعة من رجال الأعمال الشباب بتجميع معدات تبدو بريئة في ظاهرها لعمل نموذج أولي من «إنترنت داخل حقيبة سفر».
وبالاستفادة من منحة قدمتها وزارة الخارجية الأميركية وتبلغ قيمتها مليوني دولار، يمكن إخفاء حقيبة السفر في مكان سري عبر الحدود وتجهيزها سريعا لتسمح بتبادل اتصالات لا سلكية عبر مساحة واسعة مع الاتصال بشبكة الإنترنت العالمية.
ويتنوع المسعى الأميركي، الذي تم الكشف عنه من خلال مقابلات شخصية ووثائق تخطيط وبرقيات دبلوماسية سرية حصلت عليها صحيفة «نيويورك تايمز»، في المدى والتكلفة ومستوى التقدم التقني.
وتتضمن بعض المشاريع تقنية تعمل الولايات المتحدة على تطويرها، بينما تعتمد مشاريع أخرى على وسائل ابتكرها قراصنة فيما يعرف باسم حركة تكنولوجيا التحرر التي تجتاح العالم.
وتقوم وزارة الخارجية الأميركية، على سبيل المثال، بتمويل إنشاء شبكات لا سلكية سرية من شأنها أن تمكن النشطاء من التواصل خارج نطاق سيطرة حكومات داخل دول مثل إيران وسوريا وليبيا، وذلك بحسب ما أفاد به أفراد مشاركون في المشاريع.
ويقول مسؤولون أميركيون: إنه في إحدى المحاولات الطموح أنفقت وزارتا الخارجية والدفاع الأميركيتان 50 مليون دولار على الأقل من أجل إنشاء شبكة محمول مستقلة داخل أفغانستان باستخدام أبراج موجودة داخل قواعد عسكرية تتمتع بحماية جيدة. ويهدف ذلك إلى مواجهة قدرة حركة طالبان على إغلاق الخدمات الأفغانية الرسمية وقتما ترغب.
وقد حصل هذا المسعى على دفعة منذ قيام حكومة الرئيس حسني مبارك بإغلاق شبكة الإنترنت داخل مصر في الأيام الأخيرة من حكمه للبلاد. وفي الأيام القليلة الماضية قامت الحكومة السورية أيضا بتعطيل مؤقت للكثير من خدمات الإنترنت، علما بأن هذه الخدمات تساعد في تعبئة المحتجين.
من ناحية أخرى، تعتبر مبادرة إدارة أوباما بمثابة جبهة جديدة في مسعى دبلوماسي طويل الأجل يهدف إلى الدفاع عن حرية التعبير ودعم الديمقراطية. ويشار إلى أن الولايات المتحدة قامت، على مدار عقود، ببث برامج إذاعية داخل دولة تعاني حكم أنظمة استبدادية عبر إذاعة «صوت أميركا» ووسائل أخرى. وفي وقت قريب، قامت واشنطن بدعم تطوير برامج تحافظ علي سرية هوية المستخدمين داخل أماكن مثل الصين، بالإضافة إلى توفير التدريب لمواطنين يرغبون في تمرير معلومات عبر خدمة الإنترنت المملوكة للدول من دون أن يتم رصدهم.
لكن المبادرة الأخيرة تعتمد على إنشاء وسائل منفصلة تماما للتواصل. وقد شملت تحالفا غير محتمل يضم دبلوماسيين ومهندسين عسكريين ومبرمجين شبابا ومعارضين من 12 دولة على الأقل، ويرى الكثير منهم هذا المنحى الجديد أكثر جرأة وذكاء.
وفي بعض الأحيان تستفيد وزارة الخارجية، ببساطة، من معارضين مغامرين توصلوا إلى وسائل يمكنهم من خلالها التحايل على رقابة الحكومة. ويجتمع دبلوماسيون أميركيون مع عملاء كانوا يضعون تليفونات محمولة صينية داخل التلال بالقرب من كوريا الشمالية؛ حيث يمكنهم إخراجها وإجراء مكالمات خلسة، وذلك بحسب ما تفيد به مقابلات وبرقيات دبلوماسية.
وقد وجدت المبادرات الجديدة مناصرا يتمثل في وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، التي تتزعم الجهد الأميركي. وقالت كلينتون، في رسالة عبر البريد الإلكتروني، ردا على تساؤل حول الموضوع: «نرى أعدادا متزايدة بمختلف أنحاء العالم يستخدمون الإنترنت والتليفونات المحمولة وتقنيات أخرى من أجل توصيل أصواتهم أثناء احتجاجهم ضد الظلم وسعيهم لتحقيق تطلعاتهم». وأضافت: «توجد فرصة تاريخية لإحداث تغيير إيجابي، وهو التغيير الذي تدعمه الولايات المتحدة؛ لذا نركز على مساعدتهم في القيام بذلك والحديث مع بعضهم ومجتمعاتهم وحكوماتهم والعالم».
ويحذر مطورون من أن الشبكات المستقلة لها عيوب؛ حيث يمكن للحكومات القمعية استخدام نظم مراقبة من أجل تحديد مكان النشطاء الذين يستخدمون التقنية وإلقاء القبض عليهم، أو إلقاء القبض عليهم أثناء إدخال المعدات عبر الحدود. لكن يعتقد آخرون أن المخاطر أقل كثيرا من الأثر المحتمل.
ويقول ساشا مينراث، رئيس مشروع «إنترنت داخل حقيبة سفر» بحكم عمله كمدير لمبادرة «التقنية المفتوحة» بمؤسسة أميركا الجديدة البحثية غير الحزبية: «سوف نبني بنية تحتية منفصلة سيكون من المستحيل تقريبا إغلاقها أو السيطرة عليها أو مراقبتها». ويقول مينراث: «الفكرة هي سلب السلطات المركزية سيطرتها ومنعها من التعدي على حق جوهري من حقوق الإنسان يتمثل في حق التواصل».
وداخل مبنى مكتبي غير معروف في شارع «إل ستريت» بواشنطن، جلس 4 متعهدين غير محتملين من وزارة الخارجية حول طاولة. تعلم جوش كينغ البرمجة بالاعتماد على نفسه أثناء علمه كنادل بأحد المقاهي. وكان توماس جيدون قرصانا إلكترونيا متمرسا. وساعد دان ميرديث، وهو من محبي بولو الدراجات، شركات في عمل برامج لحماية أسرارها الرقمية.
ثم كان هناك مينراث، الذي يبلغ من العمر 37 عاما، وبدا بربطة عنقه رئيسا للمجموعة. حصل مينراث على درجة الماجستير في علم النفس وساعد في بناء شبكات لا سلكية داخل مجتمعات لا تحظى بخدمات جيدة في ديترويت وفيلادلفيا.
وسيعتمد مشروع حقيبة السفر، الخاص بالمجموعة، على نموذج من تقنية «الشبكات المتداخلة»، التي يمكنها تحويل أجهزة مثل التليفونات المحمولة أو أجهزة الكومبيوتر الشخصية لإنشاء شبكة لا سلكية غير مرئية من دون الحاجة إلى نقطة مركزية. وبصورة أخرى، يمكن انتقال الصوت أو الصورة أو رسالة عبر البريد الإلكتروني بصورة مباشرة بين أجهزة لا سلكية معدلة، ويعمل كل منها ك«برج» محمول مصغر وتليفون، من دون الحاجة إلى الشبكة الرسمية.
ويقول مينراث: إن حقيبة السفر يمكن أن تتضمن أجهزة استشعار لا سلكية تزيد من مساحة التغطية، وجهاز كومبيوتر محمول لإدارة النظام وفلاشات وأسطوانات مدمجة لنشر البرنامج إلى المزيد من الأجهزة وتشفير الاتصالات ومكونات أخرى مثل كابلات إيثرنت. وسيعتمد المشروع أيضا على ابتكارات الإنترنت المستقلة ومطوري اتصالات.
ويقول أرون كابلان، الخبير النمساوي في أمن الإنترنت الذي سيستخدم علمه في مشروع حقيبة السفر: «الشيء اللطيف في هذا السياق السياسي هو أنه لا يمكن السيطرة عليه بسهولة». وقام كابلان بإنشاء شبكة متداخلة فعالة في فيينا، ويقول إن نظما ذات صلة استخدمت داخل فنزويلا وإندونيسيا وأماكن أخرى.
وقال مينراث إن فريقه ركز على جعل النظام يمكن استخدامه داخل حقيبة سفر رقيقة المظهر، وجعل ذلك من السهل القيام به – باستخدام «صور توضيحية» في دليل الاستخدام.
وإلى جانب مبادرات إدارة أوباما، توجد نحو 12 شركة مستقلة تسعى إلى تمكين المستخدمين غير الماهرين من استخدام الأجهزة الموجودة مثل أجهزة الكومبيوتر المحمولة والتليفونات الذكية لبناء شبكة لا سلكية. وقد تم إنشاء شبكة متداخلة حول جلال آباد بأفغانستان، قبل 5 أعوام باستخدام تقنية طورها معهد ماساتشوستس للتقنية.
ويقول كولين أندرسون، وهو باحث فيما يعرف باسم تكنولوجيا التحرر، يبلغ من العمر 26 عاما، من داكوتا الشمالية ومتخصص في الشأن الإيراني: إن عمل خطوط اتصال بسيطة خارج الرسمية يعتبر أمرا حيويا. يُشار إلى أن الحكومة الإيرانية قامت تقريبا بإغلاق الإنترنت خلال احتجاجات عام 2009. ويقول إن إبطاء الإنترنت يجعل معظم تقنيات «التحايل» - وهي البرامج التي تساعد معارضين في نقل بيانات خلسة عبر الشبكات الخاضعة لسيطرة الدولة – شيئا غير مفيد تقريبا.
ويضيف أندرسون: «بغض النظر عن مقدار عمليات التحايل التي يستخدمها المتظاهرون، فإنه إذا قامت الحكومة بجعل الشبكة بطيئة فلن يمكنك تحميل ملفات (يوتيوب) أو نشر رسائل على موقع (فيس بوك)». ويتابع: «يحتاجون إلى وسائل بديلة لتبادل المعلومات أو وسائل بديلة لإخراجها خارج حدود الدولة».
وتعتبر هذه حاجة ملحة، ويبحث مواطنون عن وسائل خاصة لبناء شبكات بدائية. ويقدر مهدي يحيى نجاد، وهو مغترب إيراني ومطور تقنية شارك في تأسيس موقع إلكتروني شائع باللغة الفارسية، أن قرابة نصف الأشخاص الذين زاروا الموقع من داخل إيران يتبادلون الملفات باستخدام البلوتوث – المعروفة داخل الغرب بتشغيل السماعات اللاسلكية وما شابه ذلك. وفي المجتمعات الأكثر انغلاقا، يستخدم البلوتوث لنقل المعلومات بصورة سرية ومباشرة من تليفون محمول إلى آخر.
ويقول يحيى نجاد: إنه كان من المقرر أن يتسلم مع زملائه الباحثين تمويلا من وزارة الخارجية لمشروع سيعدل تقنية البلوتوث حتى يمكن نقل ملف يحتوي، مثلا، على فيديو لمتظاهر يتعرض للضرب، بصورة تلقائية من تليفون إلى آخر في إطار «شبكة من المواطنين موثوق فيها». وسيكون النظام محدودا بدرجة أكبر من حقيبة السفر، ولكن يتطلب فقط تعديل البرنامج في أجهزة التليفون العادية.
وبحلول نهاية 2011، ستكون وزارة الخارجية قد أنفقت قرابة 70 مليون دولار على وسائل تحايل وتقنيات ذات صلة، بحسب ما تشير إليه أرقام الوزارة.
وقد جعلت كلينتون من حرية استخدام الإنترنت قضية مهمة بالنسبة إليها، لكن الوزارة تحرص على جعل دعمها في إطار ترويج حرية التعبير وحقوق الإنسان، وليس على أنها سياسية تهدف إلى زعزعة حكومات مستبدة.
ويقول كلاي شيركي، أستاذ مساعد بجامعة نيويورك يدرس الإنترنت ووسائل الإعلام الاجتماعية: «من الصعب الحفاظ على هذا الفارق. لا يمكن أن تقول: (كل ما نحتاج تحقيقه للمواطنين هو التعبير عما يدور في خلدهم وليس الإطاحة بأنظمة استبدادية)، إنهما الشيء نفسه». وأضاف أن الولايات المتحدة يمكن أن تعرِّض نفسها لتهمة النفاق إذا أبقت وزارة الخارجية على دعمها لحكومات استبدادية داخل بعض الدول، وفي الوقت نفسه استخدام تقنية يحتمل أن تقوضهم.
وفي فبراير (شباط) 2009، كان ريتشارد هولبروك وليفتنانت جنرال جون آلان يستقلان مروحية فوق جنوب أفغانستان ويلقيان نظرة شاملة على أبراج تليفونات محمولة منتشرة في المناطق الريفية، بحسب ما ذكره مسؤولان كانا على متن الطائرة. وحينها كان ملايين من الأفغان يستخدمون تليفونات محمولة، بالمقارنة مع آلاف قليلة بعد غزو عام 2001. وانتشرت الأبراج التي قامت ببنائها شركات خاصة في مختلف أنحاء أفغانستان. وقد روجت الولايات المتحدة للشبكة كوسيلة لتعزيز النوايا الحسنة ودعم شركات محلية في دولة لا تبدو في أشياء أخرى أنها تغيرت كثيرا على مدار عدة قرون.
كانت هناك مجرد مشكلة واحدة، وفق ما قاله آلان لهولبروك، الذي كان قد عُين قبل أسابيع قليلة مبعوثا خاصة داخل المنطقة. من خلال مزيج من التهديدات لمسؤولي شركة التليفون وهجمات على الأبراج، كانت حركة طالبان قادرة إلى إغلاق الشبكة الرئيسية داخل المناطق الريفية وقتما تحب. وقال سكان محليون إن الشبكات تكون غالبا خارج نطاق الخدمة في الفترة من السادسة مساء حتى السادسة صباحا، ومن المتوقع أن ذلك يمكن حركة طالبان من تنفيذ عملياتهم من دون إرسال تقارير إلى القوات الأمنية.
وسرعان ما تعاونت وزارتا الدفاع والخارجية الأميركية في مشروع من أجل بناء شبكة تليفون محمول «بديلة» داخل دولة تسيطر فيها قوات قمعية على الشبكة الرسمية.
ولا تتوافر تفاصيل الشبكة، التي سماها الجيش مشروع «الحواجز»، لكن يقول مسؤولون مدنيون وعسكريون حاليون وسابقون: إنها اعتمدت بصورة جزئية على أبراج شبكة محمول وُضعت داخل قواعد أميركية وتتمتع بالحماية. واستُخدم برج كبير في قاعدة قندهار الجوية كقاعدة أساسية أو نقطة تجميع بيانات للشبكة، بحسب ما ذكره مسؤولون.
وقال مسؤول أميركي بارز: إن الأبراج كانت محصورة على الاستخدام داخل الجنوب، ووصف المحاولة بأنها من نوعية نظام «911» الذي سيكون متاحا لكل من يمتلك جهاز تليفون محمول. ومن خلال إغلاق خدمت التليفون المحمول، وجدت حركة طالبان وسيلة استراتيجية قوية في معركتها غير المتماثلة مع القوات الأمنية الأفغانية والأميركية.
ومعروف أن الولايات المتحدة تستخدم شبكات الهواتف الجوالة في أفغانستان والعراق والدول الأخرى على نطاق واسع في أغراض جمع الاستخبارات. كانت القدرة على إسكات الشبكة تذكارا قويا للسكان المحليين بأن طالبان لا تزال تسيطر على بعض أكثر المناطق حيوية في البلاد.
وعندما سُئل عن النظام، قال الكولونيل جون دوريان، المتحدث باسم قوة المساعدة الأمنية الدولية (إيساف)، التي تقودها الولايات المتحدة: إن ذلك أكد أهمية إنشاء مشروع لبناء ما سماه خدمة اتصالات جوالة خاصة بالحملة العسكرية. وأشار إلى أن «المشروع تم تنفيذه بالتعاون مع الحكومة الأفغانية لاستعادة خدمات الهواتف الجوالة على مدار الساعة».
وقال دوريان: «حتى الآن لا يعمل البرنامج بشكل كامل؛ لذا سيكون من السابق لأوانه تقديم المزيد من التفاصيل». ورفض دوريا الحديث عن التكلفة. بيد أن مسؤولين في الإدارة أشاروا إلى أن التكلفة المتوقعة تتراوح بين 50 و250 مليون دولار. وأشار مسؤول بارز إلى أن المسؤولين الأفغان الذين توقعوا السيطرة على القواعد الأميركية في أعقاب رحيل الجنود الأميركيين عنها، أصروا على ضرورة الحصول على نظام قوي. وقال المسؤول: «الأفغان يرغبون في الحصول على خطة كاديلاك، بالغة التكلفة».
وفي مايو (أيار) 2009 التقى معارض كوري شمالي هارب، يدعى كيم، مسؤولين في القنصلية الأميركية في شنيانغ، المدينة الصينية التي تبعد 120 ميلا عن كوريا الشمالية، بحسب برقية دبلوماسية.
كان المسؤولون يرغبون في معرفة كيف يستطيع كيم، الذي كان ناشطا في تهريب الأشخاص من كوريا الشمالية، إجراء الاتصالات عبر الحدود. وتقول البرقية: «لم يتطرق كيم إلى مزيد من التفصيل، لكنه تحدث عن دفن هواتف جوالة على جوانب التلال حتى يتمكن الكوريون الشماليون من استخراجها أثناء الليل». وأكد كيم أن داندونغ والصين وإقليم جيليان كانت نقاط تجمع طبيعية بالنسبة لاتصالات الهاتف الجوالة العابرة للحدود ومصادر التجمع. وتشير ليبي ليو، مديرة راديو «فري آسيا»، الإذاعة التي تمولها الولايات المتحدة، والتي أكدت وجود هذه الاتصالات وقالت إن منظمتها تستخدم هذه الاتصالات لجمع المعلومات للإذاعات أيضا: «إن الهواتف الجوالة قادرة على جمع الإشارات من الأبراج في الصين».
وتشير الجهود، فيما قد تكون أكثر الدول انغلاقا في العالم، إلى أن الكثير من النشطاء المستقلين مشتركون في أنشطة تخريبية، وأن الجميع، بدءا من الناشطين في إل ستريت في واشنطن إلى المهندسين العسكريين في أفغانستان، يتوافر لديهم شغف عالمي بالتكنولوجيا يشير إلى رغبة ملحة في إجراء اتصالات مفتوحة.
وفي حديث مع مراسل ال«تايمز» على صفحة «فيس بوك»، أكد مالك إبراهيم ساهاد، ابن المنشق الليبي الذي نشأ في ضواحي فيرجينيا، أنه ينشر على الإنترنت باستخدام قمر صناعي تجاري في بنغازي. وكتب ساهاد، الذي لم يزُر ليبيا قبل الانتفاضة ويعمل على دعم مسؤولي الثورة: «الإنترنت أمر مهم للغاية هنا، والأفراد يفتقرون إلى هذا. لكني لا أعتقد أن هذه الثورة كان مقدرا لها أن تحدث لولا وجود هذه الشبكة العالمية».
* شارك في التقرير ريتشارد أوبل وأندرو ليهرن من نيويورك وإليسا روبين وسانغر رحيمي من كابل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.