بشكل دوري يظهر على شاشات الفضائيات السورية المحللون السياسيون الذين يدورون في فلك النظام السوري ليقولوا إن «عصابات مسلحة اندست بين المتظاهرين، مما استدعى تدخل قوى الأمن للسيطرة على الأمور». ويضيفون أن مطالب المتظاهرين «محقة لكن الدولة لا يمكن أن تسمح بالفوضى». وقد بدأ النظام السوري بالتحدث عن العصابات المسلحة مباشرة بعد أحداث درعا وامتدادها إلى اللاذقية؛ حيث يؤكد أحد الناشطين ل«الشرق الأوسط» أن «النظام اضطر في مدينة اللاذقية نتيجة الأحداث الطائفية التي جرت هناك إلى الإيحاء أن هناك من يضرب الطائفتين المنازعتين ليزرع الفتنة». وقد عمد النظام إلى هذا السيناريو كما يقول الناشط «لتحقيق هدفين؛ الأول تخفيف حالة الاحتقان الطائفي التي صنعها النظام نفسه، لكنه لا يريدها أن تنفجر كي لا تنقلب ضده، والثاني ترهيب الناس والإيحاء أن أي بديل عنه سيكون الفوضى. فقام بتسيير سيارات يركبها رجال من الأمن والمخابرات، يرتدون لباسا مدنيا، يجوبون الشوارع المحسوبة على كلا الطائفتين، ويطلقون الرصاص عشوائيا، فسقط من جراء ذلك الكثير من القتلى والجرحى»، ويضيف: «الناس سرعان ما اكتشفوا اللعبة؛ حين لاحظوا أن السيارات التي تدخل إلى بعض الأحياء على أنها من الأمن هي ذاتها تدخل أحياء أخرى وتطلق النار لتوحي بأنها عصابات». ويسخر الناشط وهو يسرد بعض القصص التي حدثت مع الناس الذين يعيشون في المدينة، ويقول: «شاهد سكان أحد الأحياء شخصين مسلحين يدخلان إلى أحد الأبنية، فاتصلوا بأجهزة الأمن ليعلموها بوجود عصابة مسلحة، وحين حضرت سيارة الأمن كان فيها أربعة عناصر دخلوا إلى البناء ليخرجوا بعد قليل وقد صار عددهم ستة، ويخبروا السكان أنه لا يوجد أحد ربما تكون العصابة قد هربت». ويؤكد الناشط وجود الكثير من القصص المضحكة السيئة الإخراج التي شاهدها السوريون بأعينهم فيما يخص العصابات المسلحة، واكتشفوا زيفها. وكان التلفزيون السوري عرض اعترافات الكثير من الأشخاص، مؤكدا أنهم أعضاء في عصابات مسلحة تعمل لحساب أطراف لبنانية وخارجية. إلا أن سكان المدن التي ينتمي إليها هؤلاء الأشخاص الذين يتهمهم الإعلام الرسمي بالقيام بأعمال قتل وحرق وسلب وتخريب. يؤكدون أن بعض هؤلاء المتهمين كانوا في السجن يقضون أحكاما جنائية نتيجة ارتكابهم لجنح وجرائم، قام النظام باستخدامهم لهذه المهمة؛ حيث أصبح أبو نظير، الذي ظهر على التلفزيون الرسمي ليدلي باعترافات تشير إلى قيامه بأعمال تخريبية، محط تندّر السوريين خاصة أهالي حي الصليبة في اللاذقية، الذين يعرفون جيدا أنه يتعاطى المخدرات، وهو مخبر للأمن يقدم خدمات لهم مقابل الإفراج عنه كلما قبضوا عليه. ويؤكد شهود من مدينة درعا أن الأشخاص الذي عرضهم التلفزيون السوري وقال إنهم عصابات مسلحة هم في الحقيقة سائقو شاحنات يعملون على طريق الأردن، تم القبض عليهم وإجبارهم على الظهور على التلفزيون الرسمي والإدلاء باعترافات محددة. ويرى هؤلاء أن النظام يستخدم هذه الذريعة، إضافة إلى ذرائع أخرى، لتبرير قمعه المحتجين المطالبين بالحرية والديمقراطية، مشيرين إلى «أن إحدى الدراسات التي أجريت عن المجتمع السوري، وقام بإعدادها الدكتور رضوان زيادة، تبين أن لكل مائة وخمسين مواطنا عنصر أمن يراقبهم ويقدم التقارير عنهم؛ كيف لبلد كهذا ممسوك أمنيا إلى هذه الدرجة أن تظهر فيه فجأة عصابات مسلحة تجوب البلاد من درعا إلى اللاذقية وحمص وحماه وجسر الشغور، دون أن يعترضها أحد». الشرق الاوسط شبكة الإنترنت في سوريا إما خارج الخدمة.. وإما تعمل ببطء قاتل سألت أماني، وهي تسدد فاتورة هاتفها المحمول، الموظفة في شركة الاتصالات: «متى يتم تشغيل خدمة الإنترنت على الجوال؟»، لكنها لم تتوقع أن تقول لها الموظفة بكل ثقة: «إن الخدمة لم تنقطع يوما»، لتتبعها بسؤال عن مكان إقامتها، لتوضح لها أن «الخدمة متواصلة في بعض أحياء العاصمة، وهي مقطوعة فقط في ريف دمشق والمحافظات». فردت أماني بغضب: «شكرا للتوضيح، ومن الجيد أن الشبكة شغالة». أماني يئست من تشغيل خدمة (3G) و«المخدم السريع ADSL» وحتى «Dial - up»، شأنها شأن سائر المشتركين السوريين في شبكة الإنترنت، فعدا انقطاع الإنترنت لأيام وحتى أسابيع من دون تبرير من شركات الاتصال الخاصة ولا حتى من المؤسسة العامة للاتصالات سوى التذرع بخلل فني، فإن الإنترنت حتى لو تم توصيلها فتكون بسرعات بطيئة إلى درجة تسبب الإصابة بالملل والسأم. يقول هاني على صفحته في موقع «تويتر»: «إن الحكومة بهذا التصرف تعطي سببا للناس كي تخرج إلى الشارع وتحتج». وتعاني شبكة الإنترنت في سوريا منذ أيام من بطء شديد وعدم استقرار في السرعات، مما زاد من انزعاج مستخدمي الشبكة في سوريا؛ إذ اشتكوا من بطء السرعة وعملية التصفح والتحميل. ولا يجيب أي من موظفي خدمة المشتركين على هواتف الشكاوى التي تصلهم، وإذا حصل وردوا فيكون أن هناك «عطلا فنيا»، بينما الواقع أن العطل ليس بفني بقدر ما هو إجراء لتعطيل دخول السوريين إلى الإنترنت، وتقول رولا ساخرة: «أشعر بأن هناك قرارا بإبادة مستخدمي الإنترنت في سوريا، فهي لا تفتح إلا بشق الأنفس أو بطلوع الروح»، وتضحك: «لا شك أنها وسيلة فعالة وآمنة أكثر من استخدام الرصاص للتخلص من السوريين المزعجين.. على الأقل لن تكون هناك إدانة دولية للقتل بهذه الطريقة». أما محمد (طالب كلية الطب) فهو يعتبر أعطال الإنترنت (قطع، بطء، تفاوت السرعات) «وسيلة لمنع تحميل مقاطع الفيديو، وأيضا لإعاقة مشاهدتها في الداخل، فالتصفح صعب جدا سواء باستخدام البروكسي أو من دونه» ومنذ يوم الأربعاء كانت هناك مشكلات في الوصول إلى مواقع معينة مثل «فيس بوك» و«جي ميل» و«تويتر» و«يوتيوب»، وفي بعض الأيام تقطع 24 ساعة. ويقول محمد بعد أسئلة ملحة وشكاوى كثيرة «قالوا لي في مؤسسة الاتصالات: إن هناك مشكلة ويعملون على حلها». ويتابع محمد: «طبعا المشكلة هي الاحتجاجات في البلد، وهي تضاف إلى المشكلات المزمنة المتعلقة بالفساد والبنية التحتية الرديئة لخدمة الإنترنت في بلدنا»، ولا يتوقع محمد أن يتم حل هذه المشكلات قريبا؛ لذا ينصح المستخدمين «بتناول حبوب مهدئة للأعصاب قبل كل محاولة لدخول الإنترنت». كانت شركتا الاتصالات الخلوية «سيرياتيل» و«إم تي إن» قد وعدتا مشتركيهما بتعويضهم عن الخسائر المالية التي دفعوها مقابل خدمة لم يستفيدوا منها، من خلال تخفيض الأسعار، لا تحسين الخدمة.