فاتحة قال رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا يلدغ المؤمنُ من جُحْرٍ واحدٍ مرتين" (رواه البخارى، كتاب الأدب). حيثيات 1- ذكرنا فيما ذكرنا من قبل، أنَّ "استخراج البترول والذهب" تم تمويلهما من مصدرين لا ثالث لهما: المصدر الأول هو استقطاع 50 – 53 % من استحقاقات قطاعى التعليم والصحة (راجع: تقرير البنك الدولى ووزارة المالية 2003)؛ والمصدر الثانى هو تحويلات السودانيين العاملين بالخارج (د. عبد الوهاب عثمان)؛ أى أنَّ مَن موَّل البترول والذهب هو الشعب السودانى المقيم والمغترب. 2- حينما حان موعد توزيع عائدات البترول والذهب على القطاعات الإقتصادية والإجتماعية، قامت الإنقاذ بحجب تلك العائدات وإدارتها خارج الدورة الإقتصادية للبلد، ووزعتها حكراً وحصراً على عضوية تنظيم ما يُسمى بالأخوان المسلمين، وتنكَّرتْ لكل الشعب السودانى المقيم والمغترب؛ الذى طلع بالصفر وهى مَن معها الواحد. 3- الآن خزينة البلد خالية من العملات الصعبة، وأكُرِّر ليس من عدمِ وجود عملة، ولكن بسبب استمرار الإنقاذ فى سرقة عائدات البترول والذهب (الإحتياطى النقدى للسودان)، وتجييرها بأكملها لصالح عناصرها بعيداً عن خِزانة الدولة، بعيداً عن الشعب السودانى. أقول ما أقول، وليعلم شعبى الكريم أنَّ لدينا معلومات توضح بشكل جلى أنَّ البترول الآن قد وصل إنتاجه الفعلى مقدار ما كان يُنتج من بترول قبل انفصال الجنوب الحبيب فى عام 2011 وذلك منذ ثلاثة أشهرٍ مضت (وسوف نوافيكم لاحقاً بكل التفاصيل إن شاء الله تعالى). 4- ستكون غلطة العمر، عزيزى المغترب، لو أنَّك فتحت حساباً بالعملة الحرة أو حولت مصاريف أهلك أو مدخراتك عن طريق النظام المصرفى السودانى الذى لا يثق أهلُهُ فيه، فجعلوا نظامَهم المصرفى مطاميرَ بيوتِهم لحين إخراج مسروقاتهم من العملات الصعبة خارج البلد. والآن الآن، تشهد عملية غسل الأموال فى السودان أوسع أنواع حركتها على الإطلاق، بشكل يُوشك أن يرمى هذه الدولة على "أربعانياتها". وهناك متنفذون فى النظام خاصة من رجال الأمن يذهبون يومياً إلى شركة طباعة العملة والكل يحجز كوتته من العملة السودانية ليشترى بها أىَّ دولار حائم فى السودان (وهم الأعرف ببداية إنهيار النظام من تقاريرهم الأمنية ولذلك يفعلون هذا)؛ ويحدث هذا من وراء ظهر وزارة المالية والإقتصاد الوطنى – السادَّة واحدة بطينة والثانية بعجينة إن لَّم تكن هى الأخرى شريكة فى هذه الجرائم، والتى حول السوقُ الموازى وزارءها وموظفيها إلى مجرد ضباط علاقات عامة يعملون لصالحه كما ذكرنا لكم هذا من قبل. واسأل نفسَك عزيزى المغترب: لفائدة مَنْ هذه العملية؟ هل تريدون أن تبيضوا وجه وزير المالية المُسودَّ بكثرة الكذب؟ وهل ستتم هذه العملية من غير أنْ تدفع رسوم خدمات عليها، وكم هى هذه الرسوم مقارنة بما تدفعه من رسوم لتحويل مصاريف أهلك عن طريق السوق الموازى فى أقل من ثلاث دقائق؟ وأين ستذهب هذه الرسوم؟ للخزانة العامة! فإذا كان هذا صحيحاً، لماذا لم تذهب عائدات البترول والذهب إلى الخزانة العامة؟ وكذلك هم يطالبونك باستثمار أموالك فى السودان، فلماذا لا يستثمرون أموالهم من عائدات البترول والذهب فى السودان؟ لماذا يستثمرونها فى ماليزيا، الأمارات، أثيوبيا، كينيا، موزمبيق، موريتانيا، إلخ (هم ثانى أكبر مستثمر فى أثيوبيا بعد الصين)؟ هل يستطيع النظام المصرفى أن يوفِّر لك المبلغ المطلوب إذا أردتَ أن تسحب بعضاً من مدخراتك بالعملة الصعبة دون مماطلة؟ فحذارى أن ترسلوا مدخراتكم إلى هذه البالوعة النتنة وهى على أىِّ حال فى حالة إنهيار وستشهدون ذلك فى القريب العاجل؛ اللهم إلاَّ إذا ارعوَوْا وأدخلوا ال 486 مليار دولار المسروقة إلى خزانة البلد؛ وذلك من سابع المستحيلات. ولا تثريب عليكم أن ترسلوا مصاريف ذويكم الشهرية (وهى تساوى 440 مليون دولار فى العام) عبر السوق الموازى. وإنْ أرسلتموها عبر القنوات الرسمية سيسرقها القائمون على هذه القنوات ويوصلونها السوق الموازى فيستفيدون هم من فرق السعر لا ذويكم؛ وهنا أيضاً سيكون الصفر معكم، ومعاهم الواحد. ولنؤكد لكم (وللمستثمر الأجنبى الذى يستقفله النظام السودانى) حالة الإنكشاف الإقتصادى التى يعانى منها البلد منذ وقت طويل، والتى لا ينفع معها أى استثمار منتج من الداخل أو الخارج بسبب سرقات الإنقاذ المستمرة لكل مدخرات البلد من العملات الصعبة التى تعجز معها بالإيفاء بإلتزاماتها تجاهكم وتجاه الغير، فإنَّهم قد باعوا معظم أراضى الولاية الشمالية للسعوديين والقطريين، باعوا مشروع الجزيرة للصين، باعوا ضفاف مجمع البحرين (الأنهر الثلاثة: الأزرق والأبيض والنيل الرئيس) لخاصتهم من أهل تنظيمهم وأحبابهم الماليزيين والقطريين. وبعض الأراضى قد بيعت لشركات أمريكية وبريطانية. وهذا البيع قد تمَّ لما فوق الأرض وتحت الأرض؛ بمعنى أنَّهم (كمثال) باعوا مشروع الجزيرة كمشروع زراعى، ولكن الشركات المشترية - لأنها تعلم بما تحت أرض مشروع الجزيرة من بترول (قرية الفخاخير مثالاً) - اشترت المشروع بما فى باطن الأرض (راجع تقرير السودان للبيع التالى: http://acdemocracy.org/the-sudan-for-sale/). والمحصلة أنَّهم أكلوا أموال السودان وباعوا أراضيه، والآن جاء دور أكل أموال العالم. فالأشخاص والدول المشترية منهم لأراضينا يطالبون بمشترواتهم من الأرض الآن، أو إرجاع الأموال (مشترى جامعة الخرطوم فضل محمد خير مثالاً). وهم يعلمون أنَّ نظامهم سيسقط يوم يجبرون الناس على التخلى عن الأرض؛ ودونكم جامعة الخرطوم التى ضربت أروع البطولات فى الأيام الفائتة. إذاً، ما يفعله ضباط العلاقات العامة فى وزارة المالية وبنك السودان هو محض مصيدة لمدخراتكم من أجل الإسلاطفيليات إنْ ألحَّ مشترو الأراضى على إرجاع أموالهم ولم يتحلوا بالصبر. وانظروا إلى خسة هؤلاء القوم أنهم لا يأخذون من ما سرقوا البتة ليدفعوا للمشترين، ولكنَّهم دائماً يبحثون عن صيدٍ جديد وهكذا دواليك الديالكتيك الإسلاطفيلى. خاتمة ننصح كل المغتربين والمستثمرين الأجانب، ألاَّ يشتروا أىَّ أرض من حكومة الإنقاذ الفاقدة للشرعية والفاقدة للأهلية (ومن يبيع وطنه، إلاَّ الزَّنيم الرخيص التافه)؛ فشعب السودان لن يردَّ لكم فِلْسَاً واحداً بعد زوال هذا النظام المتسخ المتهافت. ويجب ألاَّ تدعموا هذا النظام بأىِّ أموال، لأنَّها ببساطة سوف تُسرق وتذهب حيث ذهبت أموال البترول والذهب خارج الدورة الإقتصادية للبلد (إى إلى مطامير البشير للعملات الصعبة)، ولن يستفيد منها شعب السودان، وسوف تتحول إلى مجرَّد ديون تكسرون بها ظهرنا؛ فارحمونا يرحمكم الله. بل نطالبكم جميعاً، خاصةً الصينوماليزيا، أن ترصدوا معنا أين تذهب أموال الأخوانويين خارج السودان، لكى ندفع منها ديون السودان الخارجية وأثمان ما باعوه لكم من أرض؛ فبيع الأرض عار عند أهل السودان سيموتون دونه لو تعلمون. حسين أحمد حسين، باحث إقتصادى مقيم بالمملكة المتحدة. [email protected]