ما ترك لي الدخان المتصاعد في عز النهار- أن الطباخين وهم يعدون «50» كيلو من «الأقاشي» دفعة واحدة، في اكبر محل للأقاشي بالسودان والذي يقع في فسحة مسرح عروس الرمال بالابيض بحي السكة الحديد- لم يترك لي فسحة للتنفس دائرة كبيرة ونيران تشتعل وتستعر بينما يتساقط الدهن من اللحم ظننته من على البعد ملعباً لكرة قدم يشعل جماهيره نيرانا على الورق.. (فججت) الدخان لألتقي بعبد الستار محمد عبد الله - هو من ابناء أم روابة قدم الى الابيض ليحترف اعداد الأقاشي لمدة سنتين ولكنه ظل ل «25» عاماً يمتهن اعداد الاقاشي التي تعلمها من أخوه موسى محمد عبد الله الذي له فروع للشغلة في ام روابة وكوستي وربك.. فتح الله لهم رزقاً عظيماً من شواء (الفليتو).. يقول (عبد الستار) أن لهم خلطة خاصة يمتازون بها عن سواهم.. لا يفصح عن مكوناتها فهي سر المهنة، وعلى قوله أقاشي من أقاشي يفرق. يبدأ عماله (احمد الشيخ وخليل هارون وعلي محمد) في عزل اللحم (الفليتو) من سلخانة الابيض مباشرة، أنها (50) كيلو يومياً يشترونها ومن ثم تضرب بعد تقطيعها لشرائح حتى تصير في سمك «3» سنتمترات وتضاف لها التوابل وخليط الثوم المذاب وتوضع حتى تجف، فتأتي مرحلة غرز الخشب السميك في اللحم منذ الثانية عشرة ظهراً لتشتعل النيران في دائرتها الكبيرة وحولها الأقاشي المعد للشواء في حلقة وكأنه رجال ذكر يتحلقون، ثم يتلحق الزبائن من رسميين وشعبيين، أقاشي الضأن الخشبة او «السيخة» بجنيه، وهناك أقاشي الفراخ فسيخته بجنيه ونصف الجنيه وقبل أن (تديه خشمك) عليك أن تغشى (طشت) فحل البصل و (طشت) الليمون، ثم بالهناء والشفاء. عبد الستار قال ل «الرأي العام» ان (الأقاشي) مستجلب من الثقافة الغذائية الافريقية من غربها تحديداً، دخل إلى كردفان منذ اكثر من نصف قرن ويزيد ومن ثم أنتشر وعم القرى والحضر، انا أعده بطريقة (اللهيب) وأسمها (الرمَّس)، خلطتي المصاحبة لن أفصح عنها فهي ميزتي في السوق ما جعل نصف الابيض عشاءها وغداءها من هنا. الرأي العام