عبدالجبار: من دلالات البوري رد التحية أو إبداء الزهج! أبوعروض.. حكاية سائق سوداني منحته السعودية تأشيرة دخول مدى الحياة الخرطوم: محمد أحمد الدويخ كابينة القيادة محيط يتطلب درجة عالية من التحكم والإنتباه، وقد شاعت العبارة الشعبية الأكثر رواجاً (القيادة فنٌ وذوقٌ وأدب)، فالقيادة تحكمها شروط وواجبات يجب إحترامها والإلتزام بها، فالبوري مثلاً له دلالات حسب درجة الصوت أو نغماته الطويلة والمتقطعة والعالية والمنخفضة، وهذا بدوره يؤدي لاثارة بالآخر دون قصد أو بقصد، فهنالك مصطلحات ومعانٍ تقبع خلف كابينة القيادة ولغات يعرفها السائقون المدركون فقط لهذا الفن. اللوري عجاجو رابط! عن الرجوع بالذاكرة إلى زمن اللواري السفرية التي تطوف الريف الحبيب، وقرى الوطن المترامي الأطراف، ويرسم غبارها معاني ومعاناة الذين يتخذون أسطحها ملاذاً، تجد أن السائق هو الفتى المدلل الذي تكتب عنه المواويل والأغاني، وتعتبر أغنية د. عبدالقادر سالم (اللوري حل بي ودلاني في الوادي) من أبرز الأغنيات عن اللوري، بل أن سائق اللوري يعتز بمهنته تلك وهو يختال في هندامه الأنيق، وقد أكسبته الخبرة إمكانية عزف الأغاني الشعبية عبر (آلة البوري)، ويردد مع أطفال المنطقة وبعض الركاب أغانيهم المفضلة، وكذلك العاشقين يقول الشاعر الشعبي الكردفاني (المرضي ود الهدي) وهو يصف محبوبته: راسية رضية ما (ميليخيمة).. ما بتهبش حقوق الغير تسوي جريمة اللوري وقفتو تحت النيمة.. عارفو بشيلها ما خليت (بنية) قيمة فهو يخشى عليها من السفر ويرى أن من الضرورى زيارة (البنية) بفتح الباء وهي ضريح الولي الصالح لزوم تأخير السفر أو إلغائه تماماً. عبدالجبار وخوجلي.. البوري والاشارات! في الشارع العام تلفت إنتباهك إشارات مبهمة من السائقين أو الكماسرة قد تبدو غريبه بعض الشيء بأن يرفع أحدهم سبابته للأعلى أثناء مرور الحافلة، أو يعكسها للأسفل، ولكن في الواقع تكون هذه الإشارات لغة معروفة بين الكماسرة و (السواقين)... يقول رئيس السواقين بصحيفة "السوداني" عبدالجبار مصطفى المأمون، إن هنالك لغة متعارف بين السواقين فقط تستخدم فيها لغة الاشارة، أما فيما يخص لغة البوري فيواصل عبد الجبار إفاداته (البوري له دلالات ومعاني قد لا يدركها كل من يجلس على كابينة القيادة، الجهل بها ربما يؤدي لاندلاع مشكلة في الشارع العام، فهناك بوري لرد التحية للمعارف والزملاء من السائقين، وهنالك بوري لإبداء الزهج)... ويقول السائق بجريدة (السوداني) العم خوجلي -كما يحلو للبعض مناداته- على السائق أن يكون حكيماً يتجنب المشاكل والإحتكاك مع الآخرين في الطريق أو عبر الألفاظ الحادة وهي سبب كل المشاكل بين السائقين. أبوعروض.. سائق كرمته السعودية على التوم محمد (أبو عروض)، يعتبر شيخ السائقين بولاية النيل الأبيض، وهو من المؤسسين لإتحاد شعبة اللواري السفرية عام 1972 م، مع زميله الجيلي بله، غير أن الموقف الذي جعل من (أبو عروض) السائق الأشهر بالمنطقة، بعد أن أصبح من التجار المعروفين في الثمانينيات، أنه لم يرد (مندوب) الأمير السعودي (متعب ابن عبدالعزيز) وزير الخارجية السعودي حينها،عندما طلب منه وقود جازولين في رحلته عن الصيد بالسودان مطلع الثمانينات في وقت كان فيهو الوقود معدوماً، وشهامة التاجر والسائق أبوعروض جعلته يمنح رسول الأمير عدد (36) برميلا، ورفض ثمنها من المال، فطلب منه الأمير مقابلته قبل مغادرة السودان ومنحه وثيقة دخول للمملكة العربية السعودية ظلت معه حتى الآن وهي موثقة بالصورة مع هذه المادة وعند زيارة أبو عروض إلى السعودية تم إكرام وفادته تقديراً لدوره الأنساني تجاه ضيوف بلاده، فقد ذهبت البراميل والجازولين وبقى التأريخ يحفظ ل(أبو عروض) موقفه الذي يفتخر به أبناؤه حسين ومعز وهو ما زال أمام ضجة السيارات وشغب السائقين بمتجره بالسوق الشعبي أم درمان، بل أن البعض ينادي أبو عروض ب(ود الجبل) للشبه البائن بينهما