ردا على الدعاوى المثارة مؤخرا ، أكد د. فاروق أبو زيد عميد كلية الإعلام بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا أن النوبة لن تصبح قنبلة موقوتة أبداً، شأنها في ذلك شأن أي مشكلة طائفية لأن سمة مصر هي الوحدة والتجانس، بشريا وجغرافيا. مضيفا في حديثه ل"محيط" أن مصر جابهت شتى صنوف الاستعمار بصمود، فلماذا حين تتجه إلى الديمقراطية سيحدث انقسام ؟. وتعليقا على التقرير الصادر حديثا عن المجلس القومي للثقافة والفنون حول قضايا النوبة، رأى أبوزيد أن أهل النوبة جزء أصيل من النسيج الوطني المصري منذ تاريخ هذا الوطن الممتد لأبعد من عشرة آلاف سنة . وحين تم عمل مشروع بحيرة ناصر والسد العالي، وهو مشروع قومي استفاد منه كل المصريون، ولكن وقع بسببه ضرر على أهل النوبة الذين اضطر بعضهم للتهجير من أرضه، وعوضتهم الحكومة عن ذلك، وكذلك تضرر بعض أهل الصعيد، بعد أن تحول أسلوب الري من النظام الدائم الأكثر إفادة للتربة لأسلوب ري الحياض. ويرى أبوزيد أن مطالب مثقفي النوبة ليست كلها مقبولة، فمثلاً الكاتب النوبي حجاج أدول يطلق وصف "الاستعمار المصري" على مصر، فضلاً عن مطالبات بعض النوبيين بجعل اللهجة النوبية هي اللغة الثانية لمصر. ومن المطالب غير المنطقية برأيه استقلال أهل النوبة بحكم فيدرالي، ويتساءل أبو زيد: في أي منطقة سيستقلون؟ أرض النوبة القديمة غطتها بحيرة ناصر، وهم يعيشون الآن في أرض الصعيد، ومعروف أن مصر تاريخيا موحدة لا يمكن تفتيتها . مضيفا : مثل هذه المطالب تشجع دعاوى انفصال أخرى مثل الأقباط، وأهل سيناء، وهو ما يهدد مصر، كذلك من غير المعقول اقتطاع جزء من ميزانية الحكومة المصرية لأهل النوبة، لأنه لا يمكن تقسيم الميزانية على جماعات. ويشير الخبير الإعلامي إلى أن بعض المطالب النوبية تضر بصالح الوطن، من ذلك ما نشرته صحيفة "الأهرام" المصرية في صفحة البيئة بالتزامن مع هذا التقرير، من اعتراض علماء البيئة على توطين أهالي النوبة حول بحيرة ناصر، لأنها مخزن مائي نحفظ به المياه للزراعة والشرب، والحفاظ على نقائه مهمة قومية، لأن تلويثه يعني تلويث الغذاء ومياه الشرب، ولذلك فإن الصيد المسموح به هناك تقليدي، دون استخدام للآلات حتى لا يُخرج مخلفات. ورغم خصوبة الأراضي وصلاحيتها للزراعة هناك إلا أنها لا تزرع، حتى لا تخرج عنها مخلفات تصب في البحيرة، لأن تلوث البشر يفسد ويلوث المياه. قائلاً: هذا ما يحدث أيضاُ مع المنطقة الممتدة من أسوان حتى السودان والتي تبلغ 350 كيلو، وهي أرض سوداء صالحة للزراعة، ومع ذلك لم تُزرع أبداً، لأن هذه المسافة هي التي تحمي مصر من كل أوبئة إفريقيا، وتعد حماية طبيعية لمصر. ورداً على الدعاوى التي تنادي بضرورة تدويل قضية أهل النوبة للحصول على حقوقهم، يرفض أبو زيد الاستقواء بالخارج لحل المشكلات بطريقة تضر بالبلد، مشيراً إلى دور الإعلام في هذه النقطة، وضرورة الكشف عن الحقائق للرأي العام المحلي والعربي والدولي، فمطلوب من الإعلام كما يقول كشف أعداد النوبيين، وأسلوب حياتهم، ومشاكلهم، حتى يتم حلها بوصفهم جزء من المصريين. يواصل: الظلم الذي وقع على أهل النوبة كان جزء من ظلم مصريين كثيرين في ظل النظام السابق، في ظل غياب الرؤية والتخطيط، ويجب رفع الظلم عنهم مع عدم استغلال مشاكلنا لحدوث انقسامات فئوية أو عرقية أو كوسيلة استقواء بالخارج مثلما يفعل بعض أقباط المهجر ، وفي إطار تذكرنا لأننا نعيش مرحلة انتقالية لا يمكن أن تحل خلالها جميع مشاكلنا دفعة واحدة . أما أهم المشاكل التي يجب على الدولة الإلتفات لحلها بشكل عاجل فهي توفير فرص عمل للشباب العاطل، وحل مشكلة العشوائيات، والبلطجة والإجرام، والأمية التي بلغت 38%. ويتفق د. فاروق مع ما جاء بالتقرير بخصوص سيناء، وأهمية إعمارها لأننا في جوار مع دولة العدو الصهيوني إسرائيل التي خضنا معها حروب انتهت باتفاقية السلام، ولكن المصالح تتغير واحتمالات الصراع تظل قائمة . ويشير أبوزيد إلى أن إعمار سيناء لا يعني أن الأمور استقرت فيها، لأن علينا إجابة تساؤلات منها : هل يمكن استخدام المصريين فيها كرهائن وقت الحرب، وخاصة أن مصر اضطرت عام 1967 إلى تهجير ثلاث مدن في حربنا مع إسرائيل!