بتعادل جنوني.. لايبزيج يؤجل إعلان تتويج بايرن ميونخ    منظمة حقوقية: الدعم السريع تقتل 300 مدني في النهود بينهم نساء وأطفال وتمنع المواطنين من النزوح وتنهب الأسواق ومخازن الأدوية والمستشفى    التلفزيون الجزائري: الإمارات دولة مصطنعة حولت نفسها الى مصنع للشر والفتنة    السودان يقدم مرافعته الشفوية امام محكمة العدل الدولية    وزير الثقافة والإعلام يُبشر بفرح الشعب وانتصار إرادة الأمة    عقب ظهور نتيجة الشهادة السودانية: والي ولاية الجزيرة يؤكد التزام الحكومة بدعم التعليم    هل هدّد أنشيلوتي البرازيل رفضاً لتسريبات "محرجة" لريال مدريد؟    "من الجنسيتين البنجلاديشية والسودانية" .. القبض على (5) مقيمين في خميس مشيط لارتكابهم عمليات نصب واحتيال – صورة    دبابيس ودالشريف    النهود…شنب نمر    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    "المركز الثالث".. دي بروين ينجو بمانشستر سيتي من كمين وولفرهامبتون    منتخب الضعين شمال يودع بطولة الصداقة للمحليات    ندوة الشيوعي    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    د. عبد اللطيف البوني يكتب: لا هذا ولا ذاك    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    المرة الثالثة.. نصف النهائي الآسيوي يعاند النصر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صفقة زين لاستحواذ كنار ، ما وراء الأكمة ، تساؤلات للمعرفة .
نشر في الراكوبة يوم 26 - 05 - 2016

أثار المقال السابق عن صفقة كنار تساؤلات من مختصين في مجالات الإستثمار والإتصالات و غيرها ، قضايا آثرت أن تناقش بإستفاضة .
يمكن إجمال التساؤلات في مجموعات :
أ- غياب سوق الخرطوم للأوراق المالية عن الصفقة .
ب- تدخلات بنك الخرطوم في الصفقة عبر (حق الشفعة). ج- طريقة التمويل التي يمكن أن تنتهجها زين لتوفير دولارات الصفقة ، بل و طريقة تحويل الأرباح أصلا ، و تأثير ذلك على الطلب على الدولار بصورة عامة .
د- علاقة الصفقة بالإرتفاع المتسارع لسعر الدولار في السوق الموازي قبيل الإعلان عن الصفقة أواخر أبريل 2016 .
أ- غياب سوق الخرطوم للأوراق المالية عن الصفقة .
كشفت الصفقة التي تخص إستثمارات في السودان بينما تتم معاملاتها خارج السودان عن القصور الكبير الذي تعانيه سوق الخرطوم للأوراق المالية . إدراج أسهم الشركات العاملة بالسودان في سوق الخرطوم للأوراق المالية بلا شك يضيف الكثير للسوق ، لكن يجب أن نعي تماما أن هذه العبارة صحيحة فقط في الحالات الطبيعية ، أما في حالة السودان فإن الحظر المالي ( بما اقترف النظام بأيديه من تمويل إرهاب و غسيل أموال و غيره ) يجعل النظام المالي نفسه في حاجة إلى منافذ خارجية تمكنه من التعامل مع الخارج ، فهو في أزمة و لا يعقل أن يجر الشركات التي نجحت أن تكون أسهمها متداولة في بورصة ما بالخارج إلى الرجوع لحظيرة الأزمة . من ناحية أخرى فإن معظم الشركات العاملة في الإستثمارات الكبيرة لها أذرع خارجية إن لم تكن هي نفسها شركات أجنبية في الأساس . هناك عامل آخر يجعل سوق الخرطوم لا يحظى بالموثوقية المطلوبة هو ما يتعلق بالاختلاف الكبير في تقدير سعر الدولار بين السعر الرسمي و سعر المصارف و السعر الموازي ، مع النقص الحاد في وجود الدولار نفسه بغض النظر عن السعر .
ب- تدخلات بنك الخرطوم في الصفقة عبر (حق الشفعة).
معلوم أن دخول المصارف كمساهم غير رئيسي في مختلف الشركات التجارية لهو نوع من الإحترازات التي تقلل المخاطر بوضع جزء من مقدراتها في مجالات بعيدة عن نشاطات التمويل الذي هو النشاط الأساسي للمصارف ، و ما عداه محض تنويع لا يؤثر في العمليات المعتادة للمصارف . و علية فإن إحتجاج بنك الخرطوم بحق الشفعة لا يمكن فهمه على أن بنك الخرطوم له الحق في تشغيل شركة إتصالات بعيدة عن مجال عمله الأساسي . هذا من جانب ، و من جانب آخر فإن الحقيقة الكبرى هي أن بنك الخرطوم مملوك بصورة مؤثرة لبنك دبي الإسلامي الإماراتي، فالوقوف في مجابهة و في تضاد مع التوجهات الاستراتيجية للإمارات و مصالحها أو مصالح الشركات ذات الصبغة السيادية كمؤسسة إتصالات الإمارات أمر غير منطقي ، مما يستوجب تفسير العملية بأنها مناورة محدودة التأثير و ربما لأغراض الإبتزاز للحصول على مكاسب تخص أفراد فقط .
لكن - و لأغراض التحليل فقط - دعنا نتصور أن بنك الخرطوم جاد في مسعاه لتملك كنار ، أو أنه حصل على ضوء أخضر من بنك دبي الإسلامي للمضي في مسعاه . هناك وجهان لهذه العملية أولهما بإفتراض حسن النية . و ثانيهما بإفتراض سوء النية .
1- أولهما ، بإفتراض حسن النية ، فإننا سنقول أن بنك الخرطوم يسعى - ضمن آخرين - لتحويل كنار إلى شركة مساهمة عامة سودانية ، و ذلك يستوجب أولا موافقة الهيئة القومية للإتصالات صاحبة التصديق الأساسي ( الرخصة ) على هذه الخطوة الكبيرة . و من ثم الخطوات القانونية و التنظيمية حسب قانون الشركات ، أي شركات المساهمة العامة . و حتى في هذه الحالة فإن بنك الخرطوم سيكون فقط شريك عادي حتى لا يكون هناك إنحراف عن طبيعة عمل بنك الخرطوم كبنك تجاري . و بعد تذليل كل هذه العقبات التنظيمية و القانونية تأتي بعد ذلك مشاكل التمويل المطلوب للصفقة و تأمين السيولة اللازمة بالدولار، فضلا عن صعوبة استقطاب مساهمين آخرين في ظل إستعداء زين التي هي المشتري الرئيسي لخدمات كنار !
2- ثانيهما ، بإفتراض سوء النية ، فإن المناورة برمتها تهدف لإبتزاز زين لدفع عمولات لأفراد مقابل السماح لزين بتملك كنار و التنازل عن ما يعرف بحق الشفعة . و لو مددنا سوء الظن إلى اقصاه ، أي إلى سوء الظن العريض ، فسنقول بوجود إتفاق لسيناريو الإنتفاع المزدوج لصالح أفراد في الطرفين ، أي زين السودان و بنك الخرطوم ، يقوم على إختلاق الأزمة و تأجيجها إعلاميا ، حتى يمكن إقناع زين الكويت بضرورة تفادي الصراع و الدفع بتسوية مالية ( عمولات ) تدفعها زين السودان ، ظاهريا لأفراد محسوبين على بنك الخرطوم و فعليا مشاركة مع أفراد محسوبين على زين السودان . و في هذه الحالة فإن تقاسم العمولات لن يكون مناصفة !
ج- طريقة التمويل التي يمكن أن تنتهجها زين لتوفير دولارات الصفقة ، بل و طريقة تحويل الأرباح أصلا ، و تأثير ذلك على الطلب على الدولار بصورة عامة .
حتى نلج لهذة القضية يجدر بِنَا أن نفهم - بطريقة مبسطة - ما يعرف بحساب ( عائد الصادر ) الذي يمثل حجر زاوية في فهم التعاملات المالية لشركات الإستثمار متعددة الجنسيات.
حساب عائد الصادر هو حساب لكل شركة أو مؤسسة تجارية تعمل في مجال التصدير و الإستيراد . الغرض منه هو ضمان دخول العائد فعليا للأموال الحرة مقابل السلع التي تم تصديرها، و بالتالي تخصيص جزء منها لمقابلة إحتياجات السلع الضرورية التي يتم إستيرادها من الخارج و هي طيف من السلع يمتد من الأدوية الطبية و حتى المعدات و الذخائر العسكرية . هذا الجزء المخصوم يدفع للمؤسسة ما يقابله بالجنيه السوداني ، و يظل الباقي من العملة الحرة في حساب المؤسسة لفتح إعتمادات لإستيراد السلع التي تتاجر فيها المؤسسة .
نفرض مثال ، شركة ( كهروماشي ) تعمل في مجال تصدير المواشي و إستيراد أجهزة كهربائية ،، نفرض أن الشركة أشترت بالجنيه السوداني مواشيا بقيمة 130000 جنيه ( يعني مائة و ثلاثون مليون بالقديم ) أي 10000 دولار ، و صدرت المواشي و باعتها للسعودية بما قيمته 12000 دولار . يجب في هذه الحالة أن تودِع الشركة السعودية الشارية للمواشي مبلغ 12000 دولار في حساب عائد الصادر لشركة كهروماشي . نفترض خصم فقط 10% من دولار عائد الصادر لصالح الحكومة . إذن تقوم الحكومة بخصم 1200 دولار من حساب كهروماشي و تعويضها بدلا عنها ما يعادلها بالجنيه السوداني حسب سعر المصارف التجارية . يتبقى لكهروماشي مبلغ 10800 دولار في حسابها لعائد الصادر ، و هو المبلغ المسموح لكهروماشي الإستيراد في حدوده ( فتح إعتمادات مالية ) . و في هذه الحالة و إكمالا للدورة المالية فان كهروماشي تستورد أدوات كهربائية بما قيمته 10800 دولار أو أدنى من ذلك و تلزم الحكومة عبر المصارف التجارية أن تفتح لها إعتمادات في حدود المبلغ ، أي ترسل الأموال للشركة البائعة للأجهزة الكهربائية بالدولار ،، تستلم كهروماشي الأجهزة الكهربائية و تبيعها في السوق السوداني بالجنيه السوداني لتشتري من جديد مواشي و تصدرها و هكذا دواليك ،،،،،
هناك شركات للتصدير فقط ( شركة مواشي ) ، أي أنها لا تستورد أي سلعة ، و هنا يكون لها الحق في التصرف في بيع دولار عائد الصادر الخاص بها ،أي لها الحق في بيع مبلغ ال 10800 دولار لمن يدفع بسعر المصارف التجارية .
و هناك شركات تستورد فقط ( شركة كهرومان ) ، أي ليس لها عائد صادر لأنها لا تصدر . هنا تشتري الشركات المستورِدة مثل كهرومان دولار الشركات المصدِّرة مثل مواشي حسب السعر التجاري للدولار .
و لأن دولار عائد الصادر دولار رسمي و داخل المنظومة المصرفية للدولة و نظرا للإختلاف الكبير بين سعر الدولار الرسمي و سعره الموازي تقوم الدولة بتسعير دولار الصادر بسعر ( مختلف ) يغري المصدرين بالبيع للمستوردين الذين يدخل من ضمنهم المصارف نفسها إذ لها عمليات تجارية عالمية أحيانا .
و لتكتمل دورة النظام المصرفي يجب تحقيق دخول السلع التي تم تحويل مبالغها للخارج إلى داخل البلد لضمان توفر السلع نفسها .
في حال قلت الأموال الحرة في حسابات عائد الصادر لنا أن نتخيل الطلب العالي و المتصاعد علي هذا الدولار من قبل شركات الإستيراد ، و تبدأ المضاربة للحصول على أكبر حصة ، مما يرفع سعر دولار الصادر . و هناك نظرية اخري هي أن يتقدم جميع المستوردين بطلباتهم ، و يقارن ذلك بجملة عوائد الصادر، فإذا افترضنا ان الموجود 60% من المطلوب ، فإن كل مستورد سيحصل على 60% فقط من حوجته من الدولار ، و عليه أن يتدبر الباقي من مكان آخر . و لنا أن نتخيل الهجوم على الدولار في السوق الموازي ( الأسود ) و أزدياد الطلب الذي يرفع سعره .
هذا الوضع هو نتيجة طبيعية لإختلال ميزان التجارة العالمية للسودان بين الصادرات و الواردات . فنحن نصدر أقل مما نستورد . و إذا إستمر الحال هكذا فإن سعر الدولار سيكون في تصاعد و لن يوقفه إلا الإنتاج و التصدير .
و الحال هكذا فلنفترض ( لزيادة الطين بلة ) دخول شركة مثل زين لها سيولة ضخمة بالجنيه السوداني في الطلب على دولار الصادر أو على الدولار المخصوم من عائد الصادر أو بالهجوم على السوق الموازي إذا سمحت لها السلطات . اطلق لخيالك العنان لإدراك المتوالية التي سيرتفع بها الدولار خصوصا و شركة مثل زين ستشتري مهما ارتفع سعر الدولار إذا أطمأنت إلى سلامة الإجراءات الشكلية ، و السعر العالي له ما يبرره من شُح في موارد النقد الأجنبي واضعين في الإعتبار أن شركات الإتصالات تعمل في دائرة الخدمات و ليس دائرة الإنتاج ، و بالتالي فإن مساهمتها الكبيرة في الإقتصاد السوداني تأتي في شكل ضرائب للدولة بالعملة المحلية، لكنها لا تستجلب أي عملة حرة على الإطلاق .
و لأن زين شركة أدخلت أموال طائلة بالدولار عند شرائها لشركة موبيتل ( أو هذا ما يفترض ) ، و لانها أدخلت أجهزة و معدات و برمجيات مشتراه بالدولار إلى السودان على مدار السنوات التي اعقبت شراء موبيتل لتوفير و تطوير خدمات الإتصالات فلها الحق في تحويل أرباحها المجباة بالجنيه السوداني إلى دولار و تحويله إلى حساب الشركة الأم المالكة في الكويت .
نظريا فإن أرباح زين يجب ان توفر الحكومة المقابل الدولاري لها من واحد من ثلاث خيارات ، نوردها مع الصعوبات العملية :
1- من الدولار الذي تملكه الحكومة و العائد من تصديرها للسلع التي تتولى الحكومة حصريا تصديرها مثل البترول أو الذهب أو الصمغ العربي أو القطن كأمثلة .
و هذا قد يصح فقط حتى لحظة توقف النفط أو لحظة انفصال جنوب السودان ، أي حتى العام 2011 .
2- من ال 10% المخصومة لصالح احتياجات الدولة مثلها مثل الأدوية و السلاح و غيرها باعتبارها استحقاق أساسي لأي استثمار اجنبي . و هذا لا يسمن و لا يغني من جوع مع تراجع الصادرات نفسها.
3- من عائد الصادر المعروض للبيع من قبل الشركات المصدرة فقط . و هذا أصبحت تحرص علية الشركات المصدرة نفسها بخلق أذرع مستوردة لها .
هذا من ناحية النظام المصرفي الرسمي حصريا ، و بغض النظر عن السوق السوداء.
فإذا وضعنا في الإعتبار شح الصادرات الحكومية و غير الحكومية ندرك بسهولة أن كل الخيارات مرة بالنسبة للحكومة ، و سيزداد مرارة لأن طلب زين عالي جدا جدا نسبة لتراكم المبالغ الواجبة التحويل و لم تحول و تطاول عليها الامد من جهة ، و لكثافة الأرباح نفسها بالجنيه السوداني من جهة اخرى.
و يتزايد البؤس اذا أفترضنا أن شركة مثل زين سوف تشتري دولارا من تجار العملة مهما ارتفع السعر . لكن هذا السيناريو لا يحدث لما نرجحه من تكهنات بوجود تفاهمات بين الحكومة و زين تمنع زين من دخول السوق الموازي في مقابل تيسير قنوات أخري للحصول على الدولار سنستعرضها لاحقا . و يمكن تفسير شراهة زين و أمثالها للحصول على الدولار عبر القنوات المتفق عليها لتفادي الخسائر الفادحة كتلك التي أعقبت قرار بنك السودان تخفيض قيمة العملة السودانية مما جعل زين تفقد قيمة كبيرة جدا من أموالها المودعة بالعملة السودانية في المصارف . لإدراك حجم الكارثة على زين نورد المثال البسيط الآتي ؛ أفرض أن زين لها رصيد بقيمة 100 جنيه سوداني و أن سعر الدولار الرسمي من بنك السودان هو 2.5 جنيه لكل دولار ، إذن فإن زين تدرج في حساباتها رصيد بقيمة 40 دولار و تخطر رئاستها في الكويت بالمبلغ . عند إصدار قرار بنك السودان تخفيض قيمة الجنية إلى 4.5 جنية لكل دولار ، فان رصيد زين إنخفض إلى 22.2 دولار بين عشية و ضحاها ! فتأمل !!! و إذا إستمر بنك السودان في تخفيض قيمة الجنيه إلى 6 جنيهات لكل دولار ، فإن رصيد زين يتضاءل إلى 16.7 دولار . هذا على الصعيد الرسمى لسعر الدولار . فإذا أخذنا السعر الموازي -الذي هو أقرب للحقيقة - و قدرنا له بالتقريب 13 جنيه لكل دولار ، فإن رصيد زين يتضاءل مجددا إلى 7.8 دولار فقط .
لا يمكن أن نعتقد أن زين وقفت مكتوفة الأيدي حيال خطر تآكل قيمة جنيهاتها السودانية و هي قابعة في المصارف . حاولت زين تحويل بعض الأموال إلى عقارات ( غير ما لها من قطعة مشتراه سلفا في مشروع السهل الذهبي ) و لكنها تواجهت بعقبة قانونية في الترخيص الأساسي تمنعها من التعامل في غير مجال الإتصالات ، فلجأت إلى محاولة الإيجار طويل الامد ( 25 عام ) لأبراج التأمينات الإجتماعية في قلب الخرطوم ، ثم توقف الأمر - بعد أن قطع شوطا - بصورة مفاجئة بعد أن ثارت تساؤلات عن السعر العالي جدا جدا بالمقارنة مع أغلى بقاع الأرض ، و عزي السبب إلى محاذير أمنية تتعلق بموقع المبنى جوار عدد من السفارات الغربية ! و من ثم إكتفت زين بشراء أرض و تشييد ( بيت ضيافة ) و إيجار كامل مبنى الشركة العربية للإستثمار الزراعي و الحيواني المملوكة لطرف كويتي ، و ذلك بعد خروج شركة بترودار و إنتقالها إلى مبناها الجديد . بعدها تم قفل ملف العقارات بصورة نهائية . و لا يمكن إعتبار ما تم ( بيت الضيافة ) نشاطا عقاريا لإمتلاك أصول بغرض درء المخاطر ، إذ يعد فقط في إطار معينات العمل لأي نشاط إستثماري.
إذن كيف تحل شركات مثل زين مشكلتها في توفير دولار للصفقة ؟؟ و اكبر من ذلك كيف تحول الأرباح للمالكين ؟؟
ذكرنا ضرورة وجود تفاهمات مع الحكومة تراعي مصالح زين و حصولها على دولار رسمي ، في مقابل إلتزام زين بالإبتعاد عن السوق الموازي .
هناك عدة طرق غير الطرق التقليدية المذكورة آنفا، نذكر أهمها :
1- الذهب كعملة : هنا يمكن السماح من السلطات لزين بشراء حصة معلومة و متفق عليها بين الطرفين من الذهب المستخرج - عبر التعدين الأهلي غالبا - و ذلك بالعملة السودانية طبعا. و يحدد الاتفاق ايضا ما إذا كان الذهب سيسمح له بالخروج أو بقائه كرصيد بدلا عن الجنيهات السودانية .
2- طريقة الخصم من القروض الدولية : تحتاج هذه الطريقة في الأساس إلى دولة لها نية لإقراض حكومة السودان مقابل مرهونات من الدولة كالأراضي مثلا و لها أيضا إستثمارات بالسوق السوداني . تقوم الفكرة على عمل شركات الإستثمار كالمعتاد و جباية عوائدها بالجنيه السوداني ، ثم تطلب من البنك المركزي تبديل الجنيهات السودانية إلى دولارات حسب سعر بنك السودان المركزي نفسه . لا سبيل لبنك السودان المركزي أن يعترض على السعر بالطبع ، لكنه سيجيب بعدم توفر السيولة . عندها ستطلب الشركة المستثمرة إيداع الجنيهات السودانية و تثبيت المبلغ المقابل لها بالدولار على الورق ، و أنها غير مستعجلة على السيولة و ستنتظر توفرها .
فعلا ستنتظر الشركة حتى تحين لحظة القرض من دولتها للسودان . تكون الشركة قد أخطرت دولتها من قبل بحجم الأموال الواجبة السداد من بنك السودان المركزي . عندها تخصم الدولة المبلغ من القرض المتفق عليه لصالح الشركة المستثمرة و كأن بنك السودان المركزي قد سدد الدولارات المطلوبة . بل و حولها للخارج . لنأخذ مثال خفيف لذلك ،،،، الخطوط القطرية مثلا باعت تذاكر طيران بالجنيه السوداني بقيمة 1000 جنيه سوداني . و طبت شراء دولار من بنك السودان حسب السعر المعلن ( افرض 6 جنيهات لكل دولار ) . تعلل بنك السودان بعدم وجود سيولة ، و لكن الخطوط القطرية ذكرت انها لا تحتاج سيولة بل تحتاج فقط لصك يثبت ملكيتها ل 166.7 دولار . يقوم البنك باستلام المبلغ بالجنيه السوداني و تحرير صك بقيمة 166.7 دولار لصالح الخطوط القطرية . يبشر بنك السودان المواطنين بتسلم قرض قطري في القريب العاجل بقيمة 500 دولار مع رهن لارض زراعية ما . الخطوط القطرية تعلم المصرف المركزي القطري من قبل بقيمة الصك . عند تسليم القرض تخصم قطر قيمة الصك 166.7 دولار و تسلم بنك السودان المركزي 333.3 دولار زائدا الصك الذي حرر لصالح الخطوط القطرية و الذي هو بمبلغ 166.7 دولار . يوقع بنك السودان المركزي على استلام قرض بمبلغ 500 دولار . و بذلك تكون الخطوط القطرية قد حولت ارباحها بالدولار الى بلادها .
يمكن تعميم الطريقة علي جميع الدول التي تقرض النظام في الخرطوم من الصين و حتى الخليج .
3- طريقة شركات التصدير الصديقة و الصرافات الصديقة : هذه الطريقة تعتمد على المنفعة المتبادلة و تلتف التفافا لطيفا على القيود القانونية المصاحبة للرخصة المقيدة بالنشاط في مجال الاتصالات فقط . تتلخص الفكرة هنا في توفير سيولة بالجنيه السوداني للحصول على دولار صادر أو دولار وارد للصرافات من الخارج .
في حالة شركات الصادر الصديقة ،، مثلا ، تساعد زين شركة ( مواشي ) في تذليل عقبات التمويل و السيولة بالجنيه السوداني لشراء المواشي . عند نهاية الدورة المالية تقوم شركة مواشي بتفضيل زين لبيع دولار عائد الصادر. تشتري زين دولار عائد الصادر الخاص بمواشي ، و بذلك تكون حصلت على دولار رسمي يمكن تحويله أو لأغراض الصفقة . اما في حالة الصرافات الصديقة فيتم التعاون على نفسس الأسس من تذليل لعقبات السيولة السودانية مقابل دولار أصلا موجود خارج السودان .
تصلح هذه الطرق لتوفير دولارات للصفقة ، كما تصلح ايضا في تمرير جزء من الأرباح بما يجعل إستمرار الإستثمار ممكنا في الفترة بعد إنفصال جنوب السودان . بالمناسبة تجربة زين مع إنفصال جنوب السودان مثال ساطع للقول المأثور ( مصائب قوم عند قوم فوائد ) ، إذ مثلت مخرجا ممتازا كحل جزئي لمشكلة تحويل الأرباح .
و تلك قصة يطول شرحها.
د- علاقة الصفقة بالإرتفاع المتسارع ليعر الدولار في السوق الموازي قبيل الإعلان عن الصفقة أواخر أبريل 2016 .
لا أعتقد أن ما حصل له علاقة بالزيادة المتتابعة و السريعة لسعر الدولار أواخر أبريل 2016 إلا بما تحدثه الشائعات عموما . أي ليس هناك عمليات فعلية . صفقات مثل هذه تنفذ بصورة مغايرة لسيناريو جمع العملة الصعبة عبر السوق الموازي . 95 مليون دولار رقم كبير جدا و يتجاوز بكثير قدرة السوق الموازي . بل إن جمع مليون واحد من الدولارات خلال أسبوع يمكن أن يحدث إرتباك عظيم في السوق الموازي . لكن ما حصل يمكن النظر إليه من واقع آخر يحصل عند ظهور بوادر هزة سياسية و إحتمال فلتان أمني أو أقل إحتمالات للتغيير السياسي الشامل . عندها لن يكون للجنيهات قيمة ، و لذلك يسعى أي شخص لديه جنيهات سودانية بتبديلها إلى عملة حرة و بأي سعر خوفا من فقدان قيمتها إذا حصل تغيير . و إذا لم يحصل يكون الشخص قد حافظ على أمواله بحسبان أن الإنخفاض في سعر الدولار نادر الحصول . يمكن الإستدلال على ما حدث بما جاء في صحيفة الإنتباهة بتاريخ 17 مايو 2016 : { علي محمود ( وزير المالية السابق ) يدعو لإحكام قبضة البرلمان على مطبعة العملة } . و ذلك يعكس أن هناك طباعة للجنيهات السودانية تحدث بصورة غير مضبوطة . و معروف لكل الإقتصاديين و المتعاملين بالقطاع المالي الآثار الكارثية لهذه التصرفات .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.