بينما يبدأ العد التنازلي على استقلال الجنوب تفكر القيادة السياسية الشمالية في مستقبلها تحت وطاة تراجع الثروة النفطية وارتفاع التضخم ، خاصة في ظل الاحداث المثيرة التي ضربت منطقة الشرق الاوسط واطاحت بزعماء كانوا يتمتعون بقدر كبير من الاستقرار مقارنة بالوضع السوداني ، فعلى البشير ان ان يمعن النظر ليرى حدث ماذا حدث في مصر وتونس وتوابعها في ليبيا وسوريا واليمن . ورغم تعدد حركات التمرد المتنوعة الا انها تشترك في شكوى واحدة وهي هيمنة نخبة صغيرة من الشماليين على السلطة والثروة في السودان. وعلى ذلك فمن الممكن لهذه الحركات ان تتحد وتعمل على تصعيد عملياتها خاصة بعد انفصال الجنوب طمعا في الحصول على المزيد من المكاسب من حكومة الخرطوم الضعيفة . وانطلاقا من ان حزب المؤتمر الوطني الحاكم في الشمال يتعامل مع حركات التمرد المختلفة بطريقة الحملات الأمنية والمحاولات لشق الصف بين المتمردين بعرض صفقات على بعض قادتهم ، وهو ما يعرضه لنفس مصير الرئيس المصري والتونسي واخوانهم من الحكام العرب ويقول فؤاد حكمت من المجموعة الدولية لمعالجة الازمات ان حكومة الشمال لا تستطيع ان تواصل دفع رواتب قوات الامن والجيش فحسب وتتناسى الموظفين الحكوميين وهو ما سيدفع البشير الى البحث النشط عن حلول سياسية. واكد حكمت انه اذا لم يتغير حزب المؤتمر الوطني خلال عام واذا لم ينتهج نهجا جديدا يقوم عن الاحتواء لا على السيطرة الامنية فساعتها سيواجه السودان مشكلات بالغة الخطورة. يقول محللون ان السودان يكابد نفس الظروف التي أشعلت فتيل الاحتجاجات في دول عربية أخرى خاصة شكاوى القمع السياسي وغلاء أسعار الغذاء. وتوقع باحثون ان تتطور الامور في السودان لتصل الى شبيهتها في مصر وليبيا ، حيث اكد روجر ميدلتون الباحث بمركز تشاثام هاوس للابحاث انه من غير الواضح الان اذا كانت هذه الحركات والاستياء سيترجم الى ثورة شعبية على غرار ما حدث مصر وتونس ام لا . ومن اجل مواجهة هذه السيناريوهات فان حكومة البشير سوف تعتمد على حصتها من اتفاق تقسيم النفط الذي ستحصل بموجبه على اقل من 50% من الدخل البترولي ، ولذلك سوف تلجا حكومة الشمال الى التعدين في مناجم الذهب والزراعة والصناعات الاخرى وجذب المزيد من الاستثمارات الاجنبية الى السودان وقد تكون زيارات البشير الاخيرة الى ايران والصين توطئة لذلك بينما يسعى الى خطب ود الزعماء الاجانب الذين قد يساعدون في دعم اقتصاد بلاده الضعيف