تحتفل اليوم دولة جنوب السودان «احدث دولة في العالم» بميلادها ، وسيرقص طربا على انغام معزوفات السلام الجمهوري للدولة الوليدة من يرقص،وسيلوح بالعلم ذي النجمة الصفراءاولئك الذين سعوا حثيثا لقسمة الوطن الى اثنين وقسمة كل ما في باطن الارض وظاهرها من اصول الممتلكات والناس والارض حتى ، وسيذرف دموع المر اولئك الذين يربطهم بالشمال والجنوب ما لا يقبل القسمة على اثنين» الدم» فحلمهم لن ينتهى في هذا اليوم . الدم الذي جرى في عروقهم ليكونوا نواة لكل ما هو انساني وجميل فتعارفوا وتحابوا وتآلفوا ، وامتزجت الوانهم بالابنوس والنخيل والليمون الا انهم سقطوا من قائمة المقسومات ، واليوم لم يبق لهم غير امل ممدود بين الارض والسماء بين عسى ولعل ، ان لا يغدوا غرباء في ديارهم في الشمال او في الجنوب بعد ان تجاوزتهم قسمة الاشياء فتأرجحت بهم الأقدار بين الشمال والجنوب. .السيدة عائشة قاي من بين هؤلاء (العشمانين) في مد جذور الود رغما عن اي حد مصطنع وفاصل قد يكون بعد الانفصال ،ففي خريف العام (1972)التقت (عائشة قاى) القادمة من مقاطعة يرول من ولاية البحيرات ب(هاشم حسن محمد على) الذي قطع الفيافي من مدينة شندى شاقا طريقة جنوبا الى مدينة واو وطاب له المقام بها، والتقى هناك ب(عائشه) وتزوجا ورزقا بالبنين والبنات ،بعضهم كان ميلادهم بالجنوب ، وبعضهم ولد بالشمال بعد ان استقر رحال الاسرة بمنطقة الديم وسط الخرطوم قبيل استشهاد رب الاسرة بالجنوب في العام (1995).بالنسبة للسيدة عائشة قاى قالت في حديثها مع (الرأي العام) انها جنوبية تنتمي لقبيلة الدينكا وهى أم للشماليين فزوجها جعلى من جهة الاب وام زوجها شايقية من الزومة وبناتها متزوجات من تلك المناطق كما ان احدهن متزوجة من غرب السودان ، وبالتالى حسب عائشة ان منزلهم الصغير يمثل نموذجا للتعدد والتنوع .وافادت عائشة بانها ومنذ مجيئها للشمال لاول مرة لم ينتابها ادنى احساس بالغربة «اذ لا تكون المرأة غريبة في بيت زوجها اينما سكنت واينما كان»كما ان زوجها(هاشم) لم يكن غريبا عن دياره طوال فترة اقامته بالجنوب . واعتبرت عائشة ان اليوم التاسع من يوليو تاريخي في حياة كل سوداني ووجدانه وعلى الجميع التعامل معه من واقع ان التى « تأتي من السماء يجب ان تستحملها الارض» باعتبا ر ان ارادة حكومتي الشمال والجنوب باركت ذلك وارتضته ويصبح الانفصال حدا جفرافيا لن يقطع الاوصال والصلات والعلاقات الاجتماعية التي تشكلت بالعشرة الطيبة وامتزجت بالدم في كثير من الاحيان . ولم تخف عائشة بكاءها حين رجحت نتيجة الاستفتاء الانفصال وقالت انها حين ذهبت للادلاء بصوتها كانت متفائلة وصوتت للوحدة وخالت ان كل الناخبين صوتوا للوحدة تماما مثلها الا ان املها خاب حين اعلنت النتيجة .هذه هى قصة عائشة اما الحاج محمد سعيد الشامي السبعيني من جهات النيل الابيض وبعد ما قضى اجمل سني عمره بالجنوب الذي سافر اليه وهو في العشرين من عمره وتزوج من منطقة يامبيو لم يشفع له شافعا للمشاركة في الاستفتاء ورفض طلبه تماما وقلبه اليوم منفطر بين المكانين وقال ان كل شئ انتهى فقد فقد تجارته ابان الحرب ولم يتم تعويضه ورغم من انه اختار ان يقيم وسط الناس الذين قاسمهم الحياة بحلوها ومرها طوال اربعين عاما وسكن معهم بمنطقة دار السلام بدلا عن الاقامة وسط اهله الا ان ذلك لم يبدد مخاوفه مما قد يكون. وبعد ان اصبح الانفصال حتما لم يبق لكليهما (عائشة) و( الشامي)غير التنمى وجواز السفر لمواصلة الاهل والاصدقاء وقالت عائشة ان خيالها لم يسع يوما ان تسافر بين الشمال والجنوب بجواز سفر واستدركت قائلة ان الامر اليوم بيد القانون لذا لسنا ضد القانون وقالت عائشة انها باقية هنا في الشمال ومتى ما رغبت في السفر الى الجنوب ستسافر وفق ما تقرر الدولتان وقالت بالنسبة للاسر الشمال جنوبية او الجنوب شمالية ما يربطهم بدولة السودان اقوى لانه متعلق باللحم والدم وهم اصحاب الحق الاكبر (لا ظهرهم هنا وبطنهم هناك)حسب تعبير عائشة واعتبرت ذلك بذرة لفرش ارضية طيبة بين الدولتين ولن نكون الاسر المختلطة خصما على اى من الدولتين كون الصلات التى تربطهم صلات ربانية لن يستطيع احد تغييرها على الارض. السيدة اميرة وليم من بور حائرة ما بين الذهاب والبقاء قالت في حديثها ل(الرأي العام) انها ولدت بالخرطوم ومقيمة بمنطقة شرق النيل وقبل ثلاث سنوات تزوجها السيد مجذوب البطحاني ولها ابن وحيد ولها اخت متزوجة من شمالي ايضا وهي بسبب ابنها لن تغادر الى الجنوب لان ابنها شمالى وحتما ان والده لن يقبل ان يعيش بعيدا عن كنفه وقالت اميرة التى تتنازعها الاشواق بين البقاء والرحيل قالت انها تحت رحمة الاجراءات التى ستجري على كل الجنوبيين المتواجدين بالشمال . الرأي العام