توصلت اللجنة الاقتصادية للحوار الوطني إلى إن القضية الأكثر إلحاحاً هي قضية الاقتصاد وزيادة الإنتاج ومعاش الناس. وكانت لجنة الاقتصاد على مستوى الحوار السياسي، ولجنة قطاع الإنتاج ومعاش الناس على مستوى الحوار المجتمعي، درست هذه القضايا باستفاضة، وأديرت الحوارات مع المنتجين، وتم الاستماع للمستهلكين، ودون رأي العلماء والمختصين، ونظر في برنامج إصلاح الدولة لدعم الإيجابيات وسد الثغرات. وكانت النتيجة النهائية توصيات عديدة منها العاجل الذي لا يتحمل التأخير ومنها ما يمكن اعتباره خططاً متوسطة أو استراتيجية. ومن التوصيات العاجلة الاهتمام بالبحث العلمي وزيادة المخصص له في موازنة الدولة واستكمال خطة تطوير السكة الحديد كأولوية قصوى واستكمال خطة التوليد الكهربائي والاهتمام بسلعة الصمغ العربي ومعالجة مشكلاته. وشملت أيضاً إفساح المجال للقطاع الخاص وتقليص دور الدولة والشركات الحكومية التي تزاحم القطاع الخاص في الاستثمار والقطاعات الإنتاجية، وانتهاج سياسات دعم الخصخصة وتحرير الأسعار وتشجيع أنشطة القطاع الخاص. ووضع خطة استراتيجية للشراكة الفعالة بين القطاعين العام والخاص وإصدار التشريع الذي ينظم هذه الشراكة. وأشارت إلى تكوين قوة أمنية متخصصة لحماية الاستثمار وتمكين المستثمرين من الأرض التي تمنح لهم. ويكون من مهام القوة إزالة نقاط التحصيل غير القانوني بالطرق القومية. وتشير وثيقة التوصيات إلى تشجيع الاستثمار في مجال التخزين المبرد والمجمد وصوامع الغلال تأهيل المسالخ الكبرى المتعطلة والاهتمام بصناعة اللحوم والاهتمام بالسياحة لتحويلها إلى مورد اقتصادي مهم وذلك بتحسين بيئة الموارد الطبيعية والمناطق السياحية في البلاد وتهيئة مناخ السياحة لجذب السياح للبلاد. أما في مجال معاش الناس فإن أهم التوصيات تشمل تقوية وتنشيط التعاون كقطاع اقتصادي مهم تكفل آلياته المختلفة تخفيف العبء المعيشي عن المواطنين استكمال وإنفاذ التشريعات المتعلقة برعاية المنافسة ومنع الاحتكار والمواصفات القياسية لحماية المستهلك وتخفيف أعباء المعيشة عليه. ولكن بعض الخبراء دعوا إلى مراعاة عدم ترهل هيكل الحكومة التشريعي والتنفيذي المرحلة المقبلة ودعوا في ذات الوقت الى تقليل حجمها الحالي، وقال آخرون إن المشاكل في السودان حدثت بسبب الفشل في الوصول إلى نموذج ناجح للتنمية. واختتمت فعاليات الحوار الوطني السوداني والذي استمر لمدة عام كامل أجاز من خلالها توصيات اللجنة الاقتصادية تختص ب 634 توصية لمعالجة الشأن الاقتصادي ومعاش الناس في السودان تسلم من خلالها رئيس الجمهورية عمر البشير توصيات اللجنة الاقتصادية. إلا أن بعض المختصين يرون أهمية الاستقرار السياسي الذي يعتبر ضامناً أساسياً لتفعيل المنظومة الاقتصادية ولا يمكن له أن يتحرر في ظل وجود القوانين المعيقة للتطور والتحديث. ورهن آخرون حل الأزمة الاقتصادية الحالية وعودة الروح للاقتصاد السوداني بحل الإشكالات السياسية والالتزام بمبدأ الفصل بين السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية والعمل بمبدأ الرقابة المتبادلة. وتباينت رؤى المشاركين في المؤتمر ومقترحاتهم لتحسين الوضع الاقتصادي حيث تشير بعض الآراء إلى أن أزمة الاقتصاد السوداني تتمثل في ضعف الاستفادة من الطاقات البشرية وضعف توجيهها نحو مواكبة المستجدات المتسارعة في سوق العمل. فالسودان لم تستفد من الثروات الطبيعية والبشرية لذلك لا يزال النمو الاقتصادي أقل بكثير مما هو مأمول مع ضعف الاستفادة من الثروات الزراعية والحيوانية الموجودة بجانب ضعف الاستثمار الزراعي. ويقول الزين العوض عضو اللجنة الاقتصادية في الحوار الوطني: لقد اخترنا النظام الاقتصادي المختلط مع بقاء الدولة في إدارة المشاريع الكبيرة "النقل والسكة حديد, التعليم, الصحة" وتوافقنا أن الزراعة هي المخرج للاقتصاد. ولكنه يقول إن التوصيات تظل ترتبط بإيقاف الحرب وتقليل الصرف الحكومي مع أهمية إصدار قوانين تعلي من قدر تلك التوصيات في محاربة الفساد. وأبدى عدد من أعضاء اللجنة الاقتصادية تفاؤلهم بتنفيذ التوصيات، مشيرين إلى أن تعهد رئاسة الجمهورية بتنفيذها يعتبر ضامناً لتحقيق الرفاه الاقتصادي أو في أيسر الأحوال وضع القطاع الاقتصادي في الطريق الصحيح. ولكن عضو اللجنة الاقتصادية محاسن التجاني بشير ترى بوجود سياسات حكومية خاطئة أحدثت ضرراً بالغاً بالاقتصاد القومي وأن كل الحكومات المتعاقبة لها نصيب من هذه السياسات الخاطئة التي أهملت القطاع الزراعي كثيراً. وتقول في حال تطبيق التوصيات ستسهم في تعديل الوضع نحو الأفضل ولكنها ترى بوجوب مكافحة الفساد ومحاربته والتضييق عليه، وبرأيها فإنه لا يمكن تحقيق مستوى اقتصادي عالٍ مع استشراء الفساد فلا بد من تشديد أنظمة الرقابة وتفعيل قوانين المحاسبة. عضو اللجنة الاقتصادية بالحوارالوطني محمد أحمد جالب، أشار الى وجود ازدواجية اقتصادية تتمثل في هيمنة القطاع الحديث على القطاع التقليدي، وعدم وجود تناغم بينهما ويدعو إلى اتخاذ نظام الجمعيات التعاونية الإنتاجية وإيقاف النزوح من الريف إلى المدن يمثل خطوة نحو الاهتمام بالقطاعات الزراعية. ولكن الدكتور عز الدين إبراهيم وزير الدولة بالمالية الأسبق يرى أن التوصيات ذات عموميات لا تشمل تفاصيل، وقال: يمكن الاتفاق على العموميات، ولكن نختلف في التفاصيل وأن جلها مدرج في كل برامج الدولة، إلا أن العبرة هي التنفيذ. ويرى أن التوصيات ركزت على الجانب السلعي دون الخدمي الذي تتميز به السودان في مجالات متعددة مثل النقل والتجارة والطب والسياحة والتعليم . ويدعو إلى إنشاء هيئة للمخزونات، وقال: نريد هيئة على مستوى وزاري تهتم بالتخزين"دوائي وبترولي"، بلد فيه إنتاج يحتاج إلى مواعين تخزين حتى الأمطار يجب تخزين مياهها وتخزين الحبوب والبذور واللحوم مؤكداً أن العاصمة الخرطوم تنعدم فيها مواعين التخزين التي تعتبر السبب المباشر في عدم استقرار الأسعار، وقال إن الوثيقة لم تهتم بالخدمات ما يؤكد إهمالنا لقدراتنا البشرية وإننا نمتلك معلومات عن عدد الأبقار، ولكننا لا نملك معلومات عن عدد المهندسين أو الأطباء. الصيحة