في كل يوم تدخل فيه قضية، محمد حاتم سليمان مدير التلفزيون السابق الذي يواجه بتهم تتعلق بالفساد المالي والإداري بالتلفزيون وتبديد المال العام، مرحلة جديدة من كشف الحقائق، تسحب القضية في جلساتها واعترافات الشهود، المزيد من الأسماء الجديدة ممن لهم صلة بالقضية، فيعمد الاتهام إلى استدعائهم وطلبهم للإدلاء بشهاداتهم، ليتكشف بين الخبايا ما هو جديد في مسار القضية، التي إن جاز وصفها بأنها قضية "رأي عام". القضية يواجه الاتهام فيها نائب رئيس المؤتمر الوطني بولاية الخرطوم، والمستشار السابق برئاسة الجمهورية، فالقضية بين تفاصيلها بحسب تقرير المراجع القومي ووقائع الاتهام، كشفت للرأي العام ما يدور داخل دهاليز التلفزيون، ووجود جسم تبعيته حزبية بحتة بحسب إفادات غالبية الشهود تحت مسمى مشروع التدريب الاستراتيجي الإعلامي مخصص لتدريب كوادر المؤتمر الوطني إلا أنه في ذات الوقت يرأس مجلس إدارته "المتهم" محمد حاتم سليمان ويديره معه أشخاص على صلة بالعمل في التلفزيون، بل إن المستندات المقدمة من الاتهام بينت أن للمشروع حسابا في بنك أمدرمان الوطني فرع الصناعات بحري، به أكثر من 27 مليون جنيه، سلطة التوقيعات فيه لمدير التلفزيون"المتهم" والذي كان يشغل في نفس الوقت منصب مدير وكالة السودان للأنباء جنباً إلى جنب مع إدارة المشروع، ليواصل في رئاسة المشروع الذي ولد بفكرة منه حتى بعد عودته لتولي منصب مدير التلفزيون فيما بعد وحتى الآن، صحائف الاتهام وشهادات الشهود والمستندات المقدمة من المراجع القومي وغيرها من الإفادات في التحريات، كشفت طيلة جلسات المحكمة التي تخطت 6 جلسات، التجاوزات المالية والإدارية ومخالفة عقودات الشراء والتعاقد مع شركات وجهات وتبني تخفيضات مالية بنسب مخالفة للائحة أسعار الإعلانات والعمل التجاري. ولكن رغم أن القضية تسحب في كل يوم من جلساتها مزيدا من الشخصيات ممن وردت أسماؤهم بين ثنايا اعترافات الشهود وربما ينتظر المتابعون للقضية سماع شهاداتهم وإفاداتهم، إلا أن المفاجأة جاءت في طلب الاتهام ممثل النائب العام بوزراة العدل المستشار "المعز" للمحكمة والالتماس من القاضي صلاح عبد الحكيم قاضي المال العام بمحكمة الخرطوم شمال إغلاق قضية الاتهام، الأمر الذي استجاب له القاضي وقرر تحديد جلسة لاستجواب المتهم"محمد حاتم" بنفسه مطلع نوفمبر المقبل. الاتهام في القضية خلال جلسة أمس وقبل إغلاق الاتهام استمع إلى آخر الشهود في القضية، "بدر الدين سيد محمد" بوصف الشاهد من الذين وردت أسماؤهم في مشروع التدريب الاستراتيجي الإعلامي، وفي ذات الوقت يشغل منصب مدير الشؤون المالية والإدارية السابق بالتلفزيون القومي إبان فترة تولي محمد حاتم "المتهم" مدير قطاع التلفزيون، كما أن اسم الشاهد ورد من بين الأسماء التي وردت في تقرير المراجع القومي ومستندات الاتهام بارتكابه مخالفات لتوقيعه على فتح حساب مشروع التدريب الاستراتيجي الإعلامي وهو شخص منتدب من شركة شيكان للتأمين المحدودة للعمل في التلفزيون، الشاهد أفاد بأنه لم يوقع بصفته مدير الشؤون المالية والإدارية وأن هنالك خطأً في الخطاب الذي تم بموجبه فتح الحساب لأنه يحمل ترويسة التلفزيون، وقال إن توقيع المدير العام فيه خطأ إجرائي من موظف لأن المتهم لم يوقع في المشروع بصفته مديراً لقطاع التلفزيون، الشاهد طعن في صحة بعض المعلومات الواردة في تقرير المراجع القومي الذي بني عليه الاتهام، وقال إنه غادر التلفزيون في 2011، الشاهد كشف عن أنه بدأ العمل في المشروع بصفة منسق تدريب، ومازال حتى الآن، وأن المشروع خاص لا تربطه علاقة بالتلفزيون البتة، فقط قام المشروع بتسليف التلفزيون مبالغ مالية في حدود 5 ملايين جنيه وأن إجراءات التسليف يقوم بها رئيس مجلس إدارة المشروع المتهم "محمد حاتم" بمذكرة بالتصديق بتسليف التلفزيون مبلغ كذا " كما أن الحساب يتعامل مع جهات أخرى مثل أمانة الإعلام بالمؤتمر الوطني. الشاهد رغم قربه في التعاملات المالية التي تتم بين المشروع والتلفزيون إلا أنه أكد أن قرار التسليف جاء من رئيس مجلس الإدارة "المتهم" ومتبق منها ديون في حدود 2.600 ألف جنيه مديونية على التلفزيون لم يتم سدادها وأنهم قدموا طلبات لسدادها، ولكن التلفزيون يقول إنه لم تتوفر لديه سيولة، الرجل دحض للمحكمة أن حساب مشروع التدريب الاستراتيجي ليس حساباً مخصصا لتجنيب أموال التلفزيون بل على العكس التلفزيون يقوم بالاستلاف من الحساب، وأكد أنه لم تقم وزارة المالية بتغذية الحساب، بينما كان أبو قراط عبد الله خضر المستشار القانوني بوزارة العدل المتحري في القضية كشف للمحكمة عن توريد رئاسة الجمهورية أموالا في حساب المشروع "شيكات" لتغذية حساب ببنك أمدرمان الوطني، لإنشاء مشروع التدريب الاستراتيجي الإعلامي لتدريب الكوادر الإعلامية للمؤتمر الوطني الذي يرأس مجلس إدارته المتهم محمد حاتم. الشاهد بدر الدين سيد، أكد أمام المحكمة إبرام عقودات مع شركة نازو للدعاية والإعلان بمنحها إعلانات على الشريط التلفزيوني، في فترة توليه إدارة الشؤون المالية والاستثمار بالتلفزيون ولكن التفاوض على التخفيضات في العقود تم في الإدارة المالية وليس للمتهم علاقة بها، ولكن حجز الإعلانات لصالح شركة نازو لم يتم كما هو متعارف عليه بطرحها في عطاءات للشركات المعلنة، الشاهد دافع عن ذلك بأن المساحات الإعلانية أصلا لا يتم طرحها في عطاء لأنها صعبة، وأن المقترح جاء من شركة نازو ولم تكن لدى التلفزيون فكرة الشريط الإعلاني فتقدمت الشركة لإدارة البرامج والإعلان التجاري وتم الاتفاق معها، فكان التلفزيون القومي أول من بدأ تقنية الشريط الإلكتروني، بحسب إفادات الشاهد، الرجل قال إن الفكرة طورت في نوعية الإعلان نصاً، وحققت إيرادات مالية للتلفزيون، كما أن الشركة دفعت مبالغ مالية مقدما مليون جنيه، فقام التلفزيون بحجز المساحات لها ثم حصلت فيما بعد على تخفيض بنسبة 50%، قال الشاهد للمحكمة إن التلفزيون منحها للشركة لأنه لم تقدم أي شركات أخرى مبالغ مالية مقدما لذلك منحت تخفيضاً، رغم أن الشاهد أكد للمحكمة أن هنالك لائحة تحدد نسب وأسعار الإعلان والتخفيض وأن أقصى نسبة تمنح هي 40% إلا أنه كشف عن منح نازو 50%، وقال إنه باللائحة ما زاد في التخفيض عن صلاحيات الإدارة المالية تحيله إلى المدير العام الأمر الذي تم ووافق على التخفيض "المتهم". مدير الشؤون المالية والإدارية السابق بالتلفزيون بدرالدين سيد كشف عن عدم تأثر إيرادات التلفزيون بنسب تخفيض الإعلانات بالتلفزيون حتى وإن وصلت نسبة التخفيض ل(95%) مشيرا إلى أن مديونيات التلفزيون التي حدثت في فترة تولي محمد حاتم سليمان مديرا للتلفزيون، كانت نتيجة لديون مرحلة منذ الثمانينات رغم تأكيداته للمحكمة بأن التلفزيون واجه نقصاً في التزام سداد استحقاقات العاملين ما اضطره للاستلاف من حساب المشروع اليوم التالي