دخلت الأحداث التي تشهدها سورية منذ عدة أشهر مرحلة خطيرة ومتقدمة بعد أن باتت المواجهات العنيفة والثأرية بين المؤيدين والمناهضين للنظام جزءأ من الأحداث ذاتها بعد أن كانت تلك الأحداث مقتصرة على صراع بين الشارع المحتج وأجهزة الأمن والسلطة. وتقيد المعلومات الواردة من مدينة حمص وسط البلاد واحدى أكثر المناطق توتراً واشتعالاً إلى أن الروح الانتقامية هي السائدة حالياً على المستوى الشعبي هناك بين شارعي المؤيدين للنظام من جهة والمعارضين له والمطالبين بسقوطه من جهة أخرى بعد سلسلة حوادث متفرقة واعتداءات متبادلة بين الطرفين خلال الساعات الماضية وخلفت 30 قتيلا وعددا من الجرحى وفق شهود من قاطني أحياء الخالدية والزهرا والنزهة وغيرها من الأحياء التي شهدت هذه الحوادث. وقال رامي عبد الرحمن مدير المرصد السوري لحقوق الانسان الاثنين ان الاشتباكات بين موالين ومعارضين لنظام الاسد بدأت بعد ظهر يوم السبت بعد مقتل ثلاثة شبان مؤيدين للنظام كانوا خطفوا الاسبوع الماضي واعيدت أشلاؤهم الى ذويهم. وقال المرصد في بيان 'اكثر من 30 شهيدا مدنيا قتلوا خلال الاربع والعشرين ساعة الماضية في مدينة حمص'. واضاف ان هذا الاقتتال 'هو تحول خطير يمس بسلمية الثورة ويخدم اعداءها. وقال محمد صالح وهو ناشط مقيم في حمص ان الهدوء عاد الى المدينة لكن السكان يشعرون بتوتر. وأضاف ان مجموعة من الرجال العلويين فقدوا يوم الخميس وتم العثور على جثث اربعة منهم يوم السبت، وقد اقتلعت اعينهم ثم عثر على ستة جثث جديدة بينهم اربعة من رجال الشرطة. ولا يزال عدد الذين فقدوا غير معروف حتى الآن. وقال صالح عبر الهاتف 'بعض الناس من حيهم (في المنطقة العلوية) خرجوا الى الشارع واحرقوا ونهبوا ودمروا 12 متجرا على الاقل اصحابها من السنة'. واضاف 'القوى الامنية كانت تراقب ولم تفعل اي شيء. لقد رأيت ذلك. ثم بدأ اطلاق النار ولم نعرف من اين اتى وبدأ الناس يموتون من كلا الجانبين'. وقال صالح ان سكان حمص يلقون باللائمة على 'الشبيحة' من العلويين والسنة في اعمال العنف، مضيفا 'هذا امر خطير جدا ونحن نحاول تهدئة الامور. لا احد في حمص يقبل ذلك. الناس لا يريدون هذه الانقسامات (الطائفية)'. هذا وقد قامت تنسيقيات الثورة في حمص بانكار الرواية كما اشاعها الاعلام الرسمي السوري، وظهر ذلك في صفحات 'شبكة العاصي لحمص وحماة'، و'ائتلاف شباب الثورة السورية في حمص'، حيث ذكرت انه تم تسريب خبر وفاة 30 شخصا من قبل الجهات الامنية السورية زاعمة حصول ذلك جراء اعمال عنف طائفية، واعتبرت التنسيقيات هذا الكلام بعيدا عن الصحة. وذكرت ان الأمن حاول اجتياح حمص يوم السبت من خلال 'شبيحته' لكن المواطنين من كافة الطوائف في حمص دخلوا الى بيوتهم ولم يصطدموا مع الشبيحة، مما زاد من غضب الجهات الامنية حيث قاموا بحرق محلات وسيارات في مناطق من كافة الطوائف. ميدانيا، دخل الجيش الاحد الى مدينة الزبداني (جنوب) التي شهدت تظاهرات ضخمة ضد النظام كما قال عبد الكريم الريحاوي. واشار رئيس الرابطة السورية لحقوق الانسان الى ان الجنود قاموا 'بتفتيش المنازل واعتقلوا اكثر من 50 شخصا' في هذه المدينة الواقعة على بعد 50 كلم الى شمال غرب دمشق والقريبة من الحدود اللبنانية. وقام الجنود ايضا بتوقيف حوالى مئتي شخص بينهم خصوصا الكاتب علي العبد الله احد الوجوه البارزة في المعارضة، في قطنا على بعد 25 كلم الى جنوب العاصمة دمشق كما قالت الرابطة. وفي البوكمال الى الشرق على الحدود العراقية يتمركز الجيش عند اطرافها حيث جرت عملية انزال لمظليين لكن لم يجر اي اتصال بين العسكريين والسكان بحسب المصدر نفسه. وذكرت صحيفة 'الوطن' القريبة من السلطة امس الاثنين ان الوضع في مدينة البوكمال التي يستعد الجيش لدخولها 'على صفيح ساخن'. وقالت الصحيفة ان 'التوتر استمر في البوكمال بعد أن عاشت المدينة أحداثا مؤسفة تسببت بها مجموعات من المحتجين الذين تحولوا الى مجموعات مسلحة قامت بأعمال حرق وتكسير وترهيب لحياة المواطنين الذين نزح بعضهم الى القرى المجاورة والى مدينة دير الزور' التي تبعد 125 كيلومترا الى الشمال الغربي. وفي دير الزور في الشرق ايضا اعتقل حوالى مئتي شخص الاحد كما اعلن ناشطون. اما على الصعيد الدولي فقد دعا عدد من وزراء الخارجية الاوروبيين الاثنين الى تغيير النظام في سورية مع استمرار القمع، مؤكدين تأييدهم لتشديد العقوبات على الرئيس الاسد والمقربين منه. وذهب وزير الخارجية البريطاني وليم هيغ الى حد المطالبة باستقالة رئيس الدولة ان لم يجر اصلاحات في بلاده. واعلنت وزارة الخارجية الفرنسية 'ان فرنسا تدين مرة اخرى بأقسى العبارات استمرار التجاوزات ضد المتظاهرين المسالمين' ودعت نظام الرئيس بشار الاسد الى 'البدء دون تأخير بعملية انتقالية ديمقراطية' في بلاده. من جهته غادر سفير قطر في دمشق زايد الخيارين سورية مؤخرا وقامت السفارة 'بتجميد اعمالها' كما قال مسؤول في البعثة القطرية في سورية لوكالة فرانس برس بدون ان يذكر تاريخ مغادرة السفير ولا اسبابها. وقد انتقدت دمشق بحدة قناة 'الجزيرة' الفضائية القطرية لتغطيتها المبالغ فيها للتحركات الاحتجاجية في سورية منذ منتصف آذار (مارس).