مع اطلالة شمس اول ايام اعلان استقلال جنوب السودان او انفصاله كان اللافت هو ظهور علم الكيان الصهيوني في المقدمة . كان العلم جاهزا ومجهزا وفي انتظار سانحة ( استقلال ) او انفصال جنوب السودان – ليخفق في سماء جوبا . المؤلم أن الحضور كان من البداية يؤشر على احتفالية شارك فيها السودان – الشمال – وكأن الانفصال عيد وطني للشمال ايضا . لا ننسى العلم الامركي – ولا ننسى ما نسيته المحكمة الدولية ومذكرة اوكامبو بشأن اعتقال البشير ، فالأهم هو ان السودان اصبح اثنين – وان علم الكيان الصهيوني يخفق في جوبا ولذا وجب ان تحفظ المحكمة الدولية الملف وكان الله بالسر عليما ليتأكد العالم من جديد ان هذه المحكمة مسيسة بامتياز، وهي ليست في حقيقة الأمر معنية بجرائم اقترفت ضد الإنسانية او بجرائم حرب . هي وسيلة ضغط علينا نحن دول العالم الثالث – وبصورة اخص علينا نحن العرب والمسلمين . وهي – أي المحكمة - اصدرت مذكرة ممائلة بحق العقيد القذافي – ولسنا ندري من سيكون الثالث من حكامنا العرب الذي ستصدر المحكمة مذكرة ضده – في التعبير عن الاستهانة بنا وبحقوقنا وتحت شعار الحرية والديمقراطية . ويبدو جليا مما يجري ان ( كل الحركات الانفصالية او التقسيمية العربية) انما يراد لها ان تزاوج بين (سايكس بيكو ) و ( وعد بلور ) اكراما لبني صهيون ومخططي تمزيق الممزق وتقسيم المقسم من وطننا العربي بحيث يغدو الكيان الصهيوني هو الأكبر مساحة وتأثيرا وقوة وهيمنة بعد ان يتمزق العرب وتتحول دولهم الى كانتونات متصارعة ومتطاحنة – كما هو التخطيط القديم – للتقسيم – ما بين الفرات والنيل وما بيم نواكشوط والبحرين . السؤال هو : اليست الأحداث الجارية في عدد من الأقطار العربية هي محل شك وخاصة ان الولاياتالمتحدة والغرب يحاولان احتواءها من تونس ومصر الى ليبيا واليمن و الى سوريا والبحرين – والباقى ادهى وامر ؟ هل يراد لأعلامنا ( العربية ) ان يرتفع عددها الى ستين وتتقلص مساحاتنا الى ان تصبح دولنا شبه مجهرية – لكي يكبر ويرتفع العلم الاحتلالي في تلك الخرائط الموضوعة منذ عامي 1916 و1917 وأين ستذهب احلامنا النبيلة والمشروعة في الحرية وفي الوحدة العربية؟ – مهما كان شكل هذه الوحدة – المهم ان تكون دولنا عربية وواحدة وموحدة لا ان تتمزق وتتهشم وتتقسم ليرتفع علم الكيان الاحتلالي. حين ربطنا ونحن شباب بين الوحدة العربية وتحرير فلسطين هل كنا على خطأ ؟ ان الاحداث والمرارات والآلام تؤكد لنا اننا كنا على صواب وان المنهج العربي القومي هو وحده الكفيل بتقليص المساحات التي يمكن أن يتربع عليها العلم الاحتلالي . وان كثرة دولنا تفتح شهية التقسيم والتمزيق وتقرب العدو من عواصمنا الحالية كلها الى حد انه يطوقها . فالخرطوم لم تكن مطوقة بالعلم الصهيوني حين كان السودان واحدا وحين اصبح اثنين طوقه العلم من الجنوب بعد ان حاصره ثوار مصر من الشمال . من الضروري ان نفهم الدرس الآتي : كلما تضخمت شهية التقسيم والتمزيق كلما افاد المحتلون والأعداء من ذلك وكلما نمت الرغبة بالوحدة وبالحرية كلما تقلصت مساحة الحلم الصهيوني وتم تطويقه تمهيدا لإنهائه .